باستراتيجية مختلفة عن 2017 خطة الديمقراطيين لمواجهـة تسونامى ترامب
مرڤت الحطيم
يعتقد الكثيرون فى الولايات المتحدة الأمريكية، أن الديمقراطيين الذين تلقوا الهزيمة فى الانتخابات الرئاسية على يد المرشح الجمهورى دونالد ترامب، سيبعدون عن السلطة مع بداية العام الجديد، ويعكفون حاليًا على صياغة خطة مضادة لسياسات الرئيس المنتخب المحافظة، لا تشبه أبدًا استراتيجية المقاومة الليبرالية التى انتهجوها ضده عام 2017.
بدا الديمقراطيون أميل لتجاهل ترامب منه إلى محاربته، غير أن واشنطن مختلفة تمامًا اليوم، فالجمهوريون الذين أعاقوا بعض أجندة ترامب فى ولايته الرئاسية السابقة، لم يعودوا موجودين الآن، إما بفعل الموت أو التقاعد أو التحول إلى الحزب الديمقراطى، وأظهرت المحكمة العليا التى تضم 3 قضاة عيّنهم الرئيس السابق نفسه، إلى أى مدى ستخضع لإرادته.
تقول نيويورك تايمز الأمريكية، بأنه فى هذا المشهد السياسى الصعب، يسعى المسئولون والناشطون والسياسيون الديمقراطيون إلى إنشاء نسخة جديدة من معارضتهم لترامب انطلاقًا من الولايات التى لا تزال تحت سيطرتهم.
ويتوخى الديمقراطيون استعراض قوتهم فى تلك الولايات الزرقاء لعرقلة بعض سياسات ترامب، بالامتناع عن تطبيق قوانين الهجرة مثلًا، والمضى قدمًا فى تصورهم للحكم من خلال إجازة قوانين ولائية تكرس الحق فى الإجهاض، وتمويل الإجازات مدفوعة الأجر، ووضع قائمة مفصلة من أولويات الحزب الأخرى، وهو ما يعد أسلوبًا جديدًا للمعارضة.
ووفقًا للعديد من الديمقراطيين المشاركين فى جهود مختلفة، فقد بدأ التخطيط العام الماضى فى الولايات التى يسيطرون عليها، وذلك تحسبًا لفوز محتمل لترامب.
وأضفى الحزب تكتمًا على تحضيراته إلى حد كبير، حتى لا يثير شكوك العامة بشأن قدرته على الفوز فى الانتخابات.
ونقلت الصحيفة عن كيث إليسون، المدعى العام لولاية مينيسوتا، أن مكتبه كان يستعد منذ أكثر من عام لاحتمال عودة ترامب إلى سدة الحكم، وسيعتمد الديمقراطيون فى جهودهم على مئات المحامين الذين استعين بهم لمقاومة سياسات إدارة ترامب الجديدة المتعلقة بأولويات الحزب الديمقراطى.
وشرعت جماعات مناصرة للديمقراطيين فى تنظيم ورش لمناقشة بعض القضايا، واستقطاب متظلمين محتملين للطعن فى اللوائح والقوانين والإجراءات الإدارية المتوقع أن يسنها الرئيس المنتخب، منذ اليوم الأول من بدء رئاسته.
ومن بين تلك الجماعات، واحدة تسمى ديموكراسى فوروورد أو الديمقراطية إلى الأمام، وهى مجموعة قانونية تشكلت بعد فوز ترامب فى عام 2016، وأنشأت صندوقًا ماليًا بملايين الدولارات، وحشدت أكثر من 800 محام من أجل الضغط بقوة للحصول على ردود قانونية من الإدارة الجديدة، على تشكيلة واسعة من دعاوى المتظلمين.
كما بدأ الموظفون الذين عينهم الحزب فى البحث عن أى معلومات سرية تنال من إدارة ترامب فى المستقبل، وفى هذا الشأن يقوم باحثون فى اللجنة الوطنية الديمقراطية، وأمريكان بريدچ، وهى لجنة ضغط ديمقراطية بارزة فى الحزب بتجميع ملفات عن أول من سيختارهم لتولى مناصب فى البيت الأبيض وحكومته.
ولن تكون لدى الديمقراطيين وفقًا لنيويورك تايمز قدرة كبيرة على تمرير القوانين أو إيقاف أچندة ترامب، لذا فإن كل تركيزهم سينصب على حكام الولايات التابعة لحزبهم وعددها 23، يتبارى الكثير منهم ليكونوا واجهة الحركة المقبلة المناهضة لترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن خلافات قد برزت بالفعل حول كيفية التصدى لترامب، وما إذا كان ذلك ضروريًا، ومن الأمثلة على ذلك، أن حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، وحاكم ولاية إيلينوى چيه بى بريتزكر، آثرا تبنى موقف أشد عداوة، حيث حشدا الهيئات التشريعية التى يسيطر عليها الديمقراطيون فى ولايتيهما، بهدف تحصينهما ضد إدارة ترامب المستقبلية. لكن آخرين، بمن فيهم حاكم ولاية نيوچيرسى فيل ميرفى، أفادوا بأنهم سيبحثون عن المجالات التى يمكنهم العمل فيها مع الإدارة الجديدة.
ومع ذلك، يظل النهج الجديد للديمقراطيين وفقًا للصحيفة غير مستقر، وستقدم التنظيمات الليبرالية استراتيجياتها فى اجتماع لتحالف الديمقراطية، وهو تجمع خاص لبعض أغنى المتبرعين للحزب.
وطبقًا لنيويورك تايمز، فإن لدى الديمقراطيين اعتقادًا متزايدًا بضرورة أن تمتد جهودهم إلى ما هو أبعد من المجال السياسى ومحاولة الانتقال إلى الهجوم فى بيئة إعلامية منقسمة على نفسها، حيث استحوذ المحافظون على مزيد من النفوذ.
وتشبه الاستراتيجية الجديدة للحزب الديمقراطى فى بعض جوانبها، ما فعله الجمهوريون أثناء إدارة الرئيس چو بايدن، عندما درج الحكام والهيئات التشريعية فى الولايات الواقعة تحت سيطرتهم على الاستهزاء بالإدارة، من خلال اتخاذ خطوات لتقييد حقوق الإجهاض، والحد من حقوق المتحولين جنسيًا، وحظر برامج التنوع، ومتابعة أولويات محافِظة أخرى.
وتتوقع إدارة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترمب عراقيل كبيرة من أجل تمرير أجندتها فى مجلس الشيوخ الذى شكل تاريخيًا عقبة كبرى أمام رؤساء الولايات المتحدة لتمرير خططهم، وذلك رغم سيطرة الحزب الجمهورى عليه عقب انتخابات 5 نوفمبر الجارى بأغلبية 53 مقعدًا مقابل 47 مقعدًا للديمقراطيين.
ويعود ذلك إلى قواعد التصويت بالمجلس التى تتطلب فى بعض الحالات أغلبية الثلثين من الأصوات أى 60 صوتًا على الأقل، لتفادى إجراء تعطيل التصويت، وهو ما يعنى أن إدارة ترمب ستحتاج إلى إقناع ديمقراطيين بالتصويت معها لتمرير بعض التشريعات.
ويدرس الديمقراطيون فى مجلس النواب الأمريكى بعض الاستراتيجيات التى يمكنهم من خلالها عرقلة خطط الرئيس الجمهورى المنتخَب ترمب الواسعة، بينما لا يزال حزبهم يحتفظ ببعض السيطرة فى واشنطن، وفق موقع أكسيوس.
ويخشى العديد من الديمقراطيين أن تؤدى السيطرة الكاملة المحتملة للحزب الجمهورى على البيت الأبيض، ومجلسى الكونجرس - النواب والشيوخ- فى يناير القادم للسماح لترمب بالتراجع عن العديد من المكاسب التشريعية التى حققوها فى ظل إدارة الرئيس جو بايدن.
وأشار أكسيوس إلى أن زعيم الأقلية الديمقراطية فى مجلس النواب حكيم جيفريز، بات يخبر حلفاءه بالفعل كيف يستعدون لقيادة المقاومة ضد ترمب.
ونقل أكسيوس عن النائبة الديمقراطية ديليا راميريز قولها: نحن كديمقراطيين يجب أن نشمر الآن عن سواعدنا، وننتقل إلى وضع الدفاع والحماية.
وقالت رئيسة الكتلة التقدمية فى الكونجرس الديمقراطية براميلا جايابال: الجمهوريون يمكنهم التراجع عن الكثير من الأشياء، لكن يمكننا إطالة أمد الوقت الذى سيستغرقونه للقيام بذلك، وهو ما سيجبرهم على إعطاء الأولوية لما يريدون التركيز عليه.
وذكر الموقع أن المحادثات الحالية تدور بشكل أساسى بين أعضاء كتل التقدميين والسود وذوى الأصول اللاتينية والآسيوية، وفقًا لما نقله عن العديد من المشرعين المشاركين فيها.
وأضافت راميريز: المناقشات تركز على تحديد الأشياء التى يمكننا استخدام صلاحياتنا فيها لحماية المجتمعات التى نعلم أنها ستتضرر بشكل أكبر نتيجة لانتخاب دونالد ترمب.
وذكر النائب الديمقراطى إيمانويل كليفر لأكسيوس، أن هناك محادثات تجرى فى الوقت الحالى يحاول النواب من خلالها معرفة الخطوات التى يمكن اتخاذها لتقليل حجم الضرر.
ولفتت رئيسة الكتلة اللاتينية، الديمقراطية نانيت باراجان فى بيان إلى سياسة الهجرة باعتبارها محط تركيز رئيسى فى المناقشات، وذلك بالنظر إلى تعهدات الجمهوريين ببدء عمليات ترحيل جماعى.
وأضافت رئيسة الكتلة التقدمية جايابال، أن إحدى الخطط المطروحة تتمثل فى مجموعة من الأوامر التنفيذية التى يمكن للرئيس بايدن إصدارها لحماية الهياكل القائمة، وذلك لحماية موظفى الخدمة المدنية ومسئولى وزارة العدل، مشيرة إلى أن المشرعين يعملون أيضًا على صرف الأموال لصالح قوانين الحد من التضخم، والبنية التحتية التى تم تمريرها بموافقة الحزبين، وقانون الرقائق الإلكترونية CHIPS Act فى أسرع وقت ممكن.
وقال النائب الديمقراطى جريج كاسار، وهو خليفة جايابال المحتمل فى رئاسة الكتلة التقدمية، إن المشرعين يريدون ضمان أن تبدأ هذه الأموال فى خلق الوظائف، قبل أن يجد ترمب طريقة ما لإرسالها إلى أصدقائه، مضيفًا أن الديمقراطيين يخططون أيضًا للضغط على إدارة بايدن لتسريع إجراءات الحصول على الجنسية والإقامة للمهاجرين.
وتسابق إدارة بايدن الزمن لإتمام اتفاقيات بموجب قانون الرقائق الإلكترونية مع شركات مثل إنتل وسامسونج إليكترونيكس، بهدف تدعيم إحدى مبادراتها الرئيسية قبل أن يدخل ترمب البيت الأبيض.
وخصصت وزارة التجارة بالفعل أكثر من 90 % من المنح التى تبلغ قيمتها 39 مليار دولار بموجب قانون الرقائق والعلوم لعام 2022، وهو قانون مفصلى يهدف إلى إعادة بناء صناعة الرقائق المحلية، لكنها لم تعلن سوى عن اتفاقية ملزمة واحدة حتى الآن.
وسعى المسئولون على مدى فترة طويلة إلى إتمام أكبر عدد ممكن من الصفقات بحلول نهاية عام 2024، مما يسمح ببدء تدفق الأموال على الشركات التى تحقق إنجازات محددة.
وتقول النائبة الديمقراطية سيدنى كاملاجر دوف: إن الديمقراطيين يحاولون أيضًا تطوير استراتيجيات إعلامية لتعزيز إرث بايدن، مضيفة: ترمب سيرث اقتصادًا جيدًا، ولذا فإننا نريد مساعدة الناس على فهم هذه الحقيقة.
ووفقًا لأكسيوس، فإنه غالبًا ما واجهت أوامر بايدن التنفيذية عراقيل فى المحاكم الفيدرالية التى يهيمن عليها المحافظون، كما أن القدرات التشريعية للديمقراطيين ستكون محدودة خلال مرحلة البطة العرجاء، بسبب سيطرة الحزب الجمهورى على مجلس النواب.
ويقول كليفر: نحاول أن نظهر كيف يفترض أن تتصرف الولايات المتحدة كل أربع سنوات عندما يتولى شخص جديد مقاليد السُلطة.. أعتقد أن هذا أمر مهم، أريد أن يرى الجمهور الأمريكى كيف يجب أن تسير الأمور.
وقال العديد من المشرعين لأكسيوس: إن الكتل التى تقود هذه المناقشات من المقرر أن تجتمع هذا الأسبوع مع عودة مجلس النواب إلى الانعقاد.
وقالت باراجان: تحسبًا للإجراءات التى قد يتخذها ترمب ستجتمع الكتلة اللاتينية لمناقشة أفضل السبل لحماية مجتمعاتنا، ومحاسبة الإدارة القادمة، فيما قالت راميريز: ستعقد الكتل التقدمية واللاتينية، والعديد من الكتل الأخرى عدة اجتماعات الأسبوع القادم لمناقشة ما القضايا التى سنقرر إعطاءها الأولوية، وتلك التى سنطلب من الكتلة الديمقراطية إعطاءها الأولوية أيضًا.