أسامة سلامة
من يشترى ساعة عبدالناصر؟
ماذا لو اشترت إسرائيل ساعة الرئيس جمال عبدالناصر التى أهداها له الرئيس أنور السادات؟ السؤال افتراضى، لكن ممكن الحدوث، فالساعة موجودة فى صالة مزادات «سوذبيز» بنيويورك، وستكون معروضة للبيع يوم 6 ديسمبر المقبل والسعر المحدد لها ما بين 30 إلى 60 ألف دولار، الأمر مُغرٍ لهواة اقتناء مقتنيات الرؤساء، فالسعر ليس كبيرا والأسماء المقترنة بالساعة كبيرة سواء على المستوى العربى أو الدولى، أما افتراض أن إسرائيل تشتريها فهو احتمال قائم، وقد يحقق لها شراؤها عن طريق رجل أعمال إسرائيلى رغبة لها فى امتلاك شىء يحمل اسم رئيسين مصريين كانت لهما معها جولات متعددة، الأول خاض معها حروبا والثانى وقع معها معاهدة سلام، وللمفارقة فإن من يعرضها للبيع جمال حفيد عبدالناصر، حيث وصلت إليه بعد وفاة والده خالد الابن الأكبر للرئيس الراحل، والأخير حصل عليها بعد رحيل الأب حيث منحتها له والدته السيدة تحية، والمفارقة هنا أن خالد عبدالناصر ارتبط اسمه أيضا بإسرائيل من خلال وجود اسمه فى التحقيقات الخاصة بقضية تنظيم ثورة مصر والذى قام أفراده باغتيال شخصيات إسرائيلية فى مصر فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى قبل أن يتم القبض على أعضاء التنظيم بوشاية من أحد أعضائه، ووقتها سافر خالد إلى يوغوسلافيا فى ضيافة الرئيس تيتو وكانت فى ذلك الوقت دولة كبيرة تضم صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود ولم تكن قد تفتتت إلى عدة دول كما هو الوضع الآن، وقيل وقتها أن السفر جاء بإيحاء من الرئيس السابق مبارك حتى لا يُقبض على ابن الرئيس السابق ويُوضع فى السجن بتهمة اشتراكه ولو بالتحريض على اغتيال إسرائيليين، وفى يوغوسلافيا أقام خالد عدة سنوات حتى تم الحكم ببراءته وعاد إلى مصر.
قد يرى البعض أننى أبالغ فى تخوفى وأن إسرائيل لن تهتم بمثل هذه الأشياء، لكنى أردت أن ألفت النظر لأهمية أن نشترى هذه الساعة ونبقيها فى مصر، فالساعة المعروضة فى المزاد لها بريق يأتى من الأسماء إلى ارتبطت بها، فقد أهداها السادات لعبدالناصر عام 1963 وارتداها الأخير كثيرا وظهرت فى العديد من الصور ما يدل على اعتزازه بها وهى تحمل توقيع السادات حيث نقش على الجزء الخلفى: «السيد أنور السادات 26-9-1963»، وهى حسب ما أعلنته دار المزادات «ماركة روليكس ومن إصدار عام 1956 وهى موديل عرف باسم «الساعة الرئاسية»، بعد أن اقتناها عدد كبير من الرؤساء والقادة والشخصيات الرفيعة، منهم الرئيس الأمريكى الراحل كيندى الذى امتلك واحدة أهدتها له الممثلة مارلين مونرو، كما ظهر الرئيسان الأمريكيان فورد وريجان فى العديد من المناسبات وهما يرتديانها»، والساعة حسب ما ذكر جيف هيس رئيس قسم الساعات بدار سوذبيز فى تقرير صحفى نشر بجريدة الشرق الأوسط «لها مكانة خاصة لدى الشركة المصنعة، فقد كانت إصداراً مميزاً فى عام 1956 ويصنع من المعادن الثمينة فقط، وكانت أول طراز تصدره الشركة يحمل اليوم والتاريخ وتتميز ساعة عبدالناصر بأنها تعرض اليوم والتاريخ باللغة العربية وهى من الذهب وما زالت تحتفظ بالسوار الجلدى الأصلى لها وكان ثمنها وقت شرائها 700 دولار»، بعد كل هذه المعلومات التى نشرت فى تقارير صحفية عن الساعة هل تشتريها وزارة الآثار وتضعها فى متحف عبدالناصر؟ وهل تتشجع أسرة الرئيس الراحل وتشترى ما يعرضه الحفيد للبيع؟ خاصة أن لديهم ملاءة مالية تمكنهم من الشراء، فابنا الرئيس الراحل عبدالحكيم وعبدالحميد رجلا أعمال، وأختهما منى زوجة الراحل اشرف مروان وكان رجل أعمال ثريًا تنوعت نشاطاته التجارية بين أعمال كثيرة قبل اغتياله فى لندن، كما أن الأخت الثانية الدكتورة هدى حريصة على جمع مقتنيات والدها وقامت بجهد كبير فى جمع خطبه وكتاباته ومحاضر اجتماعاته وأصدرت الكثير منها فى كتب منشورة وقد يهمها اقتناء هذه الساعة وضمها إلى متحفه، وإذا تقاعست الأسرة فهل يمكن أن يقوم بالشراء رجال أعمال من الناصريين الهوى؟، وكذلك قد يهم الأمر أسرة الرئيس الراحل أنور السادات فالساعة تحمل توقيعه ويمكنهم وضعها فى المتحف الذى يحمل اسمه ويضم مقتنياته، وأسرة السادات بها العديد من رجال الأعمال، وأولهم ابنه جمال ما يعنى أنه لن يعجزهم ثمن الساعة، وإذا كان السؤال فى أول المقال افتراضيا لكن يبقى السؤال غير الافتراضى: لماذا نترك مقتنيات رؤسائنا السابقين تباع فى المزادات؟ أعرف أن الساعة ممتلكات شخصية وهى مهداة من صديق إلى صديقه وقد وصلت بشكل طبيعى إلى الحفيد، ولا أعرف الظروف التى دفعته لبيعها، ولا أحد يلومه فى بيع ما يملك، ولكن علينا أن نلوم أنفسنا ومؤسساتنا إذا تركنا الساعة تخرج من مصر إلى ملكية دولة أخرى أو متحف أو شخص أجنبى.>