الخميس 26 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رُغم سيطرة الرجال عليها.. النساء ينجحن فى التواجد فى مجال التكنولوجيا قصص مُلهمة لسيدات احترفن العمل فى مجال التكنولوجيا

انطلقت نسخة جديدة من ملتقى «هى تستطيع» «she can» لرائدات الأعمال، التى تنظمها مؤسسة Enterprenelle فى الحرم اليونانى بالجامعة الأمريكية بمنطقة وسط البلد تحت شعار «النسخة التقنية». وسلط الملتقى الضوء هذا العام على دور النساء فى التكنولوجيا باعتبارهن رائدات أعمال، وأصحاب شركات تقوم على التكنولوجيا، أو يعملن فى شركات تكنولوجية رائدة. 



وجمع الحدث عددًا من الرؤساء التنفيذيين والمؤسسين وأصحاب الأعمال ورواد الأعمال لمشاركة القصص الملهمة من خلال إشراك حلقات النقاش والمحادثات المثيرة للتفكير، مع التركيز على تمكين المرأة فى مجال التكنولوجيا ودعم ريادة الأعمال.

وبحسب تقرير صادر عن البنك الدولى فإن النساء يُشكلن أقل من ثلث القوى العاملة فى العالم فى المجالات المتعلقة بالتكنولوجيا. وهو ما يوضح هيمنة الرجال على عالم التكنولوجيا ،حيث إن معظم شركات التكنولوجيا يديرها رجال، ونماذج الأدوار النسائية فيها قليلة جدًا ومتباعدة. وبحسب دراسة أعدتها مؤسسة «ديلويت غلوبال» (Deloitte Global)، فإن %23 فقط من النساء يعملن فى هذا القطاع، وهو ما يوضح تخلفًا واضحًا للنساء فيه مما يستوجب البحث عن إجابات وعليه روزاليوسف التقت عددًا من رائدات الأعمال صاحبات مشاريع تكنولوجية واستمعت إلى قصصهن فى محاولة للبحث عن الأسباب الكامنة وراء هذا التمييز ضد المرأة فى عالم التقنية..وإلى نص التحقيق.

 

 

 

 

منصة الحريفة

 

بدأت الحديث نيرمين النمر وهى إحدى رائدات الأعمال التكنولوجيات فى مصر والمؤسس والرئيس التنفيذى لمنصة الحريفة. لها خبرة حوالى 13 عامًا فى مجال التسويق والعلاقات العامة مع شركات متعددة الجنسيات. تقول نيرمين إنها كانت تعمل فى مجال التسويق لما يقرب من 12 ساعة يوميًا من 9 صباحًا وحتى 9 مساءً. ثم جاءت نقطة التحول عندما تعرّفت على فجوة فى سوق العمل للعاملين بالأعمال الحرة فى مصر والعالم العربى. وكانت تلك الفترة نفسها التى تعانى فيها من احتراق وظيفى وشعرت بحاجتها لبدء مشروع خاص بها، وقررت أن تستقيل من عملها وتعمل فيما تجد أنه سيكون أكثر تأثيرًا فى الناس. وعندما همت نيرمين بالاستقالة من مكان عملها تفاوض معها القائمون عليه أن تعمل معهم بشكل جزئى. وبالفعل عملت معهم بشكل جزئى وفى ذات الوقت أطلقت منصة الحريفة للعمل الحر للأشخاص غير الراغبين فى الوظيفة. على أن تكون وسيط مالى وإدارى بين الطرفين. واستطاعت نيرمين من خلال تجربتها أن تتعرف أكثر على عالم العمل بكل أشكاله «الوظيفة، والعمل الجزئى، وريادة الأعمال» ولاحظت أن كل شكل وله طريقة العمل الأنسب. 

وبحسب كلام نيرمين كان من أكبر الصعاب التى واجهتها هى فكرة أن الناس كانت تحاصرها دومًا بالسؤال عن مقر العمل، وعندها فقط بدأت فى تجهيزات مكتب العمل. وبعد مرور فترة من الوقت تدهورت الأعمال وكادت أن تبيع الشركة؛ لكنها استطاعت الوقوف على أقدامها مرة أخرى واستكمال طريقها.

بدأت منصة الحريفة فى العمل منذ عام 2018 بمجهودات ذاتية، وهى الآن تخدم أكثر من 50 ألف فرد فى مختلف المجالات، بما فى ذلك التكنولوجيا والتصميم والتسويق. ووسعت نطاق وصولها إلى السعودية والكويت والإمارات والأردن. وحصلت مساهماتها على اعتراف كواحدة من أفضل 50 رائدة أعمال فى مصر، وواحدة من أكثر 100 رائد أعمال الأكثر تأثيرًا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى عام 2023. وخلفًا لمنصة الحريفة أطلقت منصة الحريفة للناشئين فى عام 2022 وهو مجتمع تعليمى تقنى يُقدم دروسًا عبر الإنترنت للأطفال والمراهقين فى المجالات ذات الطلب العالى. 

تؤكد نيرمين أن النجاح لا يكمن فى مقارنة نفسك بالآخرين؛ وإنما فى مقارنة نفسك بنفسك. وشددت على أهمية وجود أشخاص داعمين خلال رحلة العمل الحر حتى ولو شخص واحد فقط.

 

 

 

 

Gateway Financials

 

ومن القصص المُلهمة فى مجال ريادة الأعمال التكنولوجية قصة السيدة نورهان الطور المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة Gateway Financials وهى أم ورائدة أعمال وأستاذة بالجامعة. تعمل نورهان فى مجال التحليل المالى منذ 12 عامًا ،حيث تخرجت فى  كلية التجارة عام 2011 ومنذ ذلك الحين عملت فى أعلى المناصب الإدارية مع كبرى الشركات مثل السويدى للكابلات، وشنايدر إليكتريك، وبعد سنوات فى قيادة الشركات سعت فى تحقيق حلمها بإطلاق شركتها الخاصة فى الاستشارات المالية. وهى الخطوة التى كانت غاية فى الصعوبة بالنسبة لها، حيث كانت ستتخلى عن المبالغ الهائلة التى تحصل عليها كمرتب من الوظيفة المستقرة فى مقابل تحقيق حلمها؛ لكنها قررت المجازفة والتخلى عن حياة الراحة الوظيفية والبدء فى المشروع الخاص. وبالفعل فتحت شركتها الخاصة مع الإغلاق العالمى عام 2020 وبدأت بالفعل فى عمل قاعدة من العملاء لابأس بها.

 وفى تلك الأثناء وبينما كانت الأمور تسير بشكل جيد انحرفت فجأة، ووقعت لنورهان حادثة ودخلت فى غيبوبة لمده 4 شهور تاركة زوجها، وأولادها، وبالطبع شركتها الخاصة. كانت تلك الفترة التى غيرت مسار حياتها، فبعد أن استيقظت كانت شركتها قد انهارت ورحل عنها جميع العملاء حتى إنها بدأت فى التفكير فى العودة للوظيفة مرة أخرى؛ لكنها بعد بعض الوقت من التفكير قررت أن تستكمل التجربة التى بدأتها وقضت عامًا ونصف العام وهى تحاول مع زوجها فى دفع حياتهم للأمام. 

كان البدء من الصفر مرة أخرى أصعب من التجربة نفسها؛ لكنها كانت تجربة تستحق أن يتم خوضها. ورُغم خوفها فى البداية على دخلها إلا أنها حققت من شركتها الخاصة بحسب أقوالها نجاحًا أكبر مما كانت تتخيل. فاليوم شركة نورهان استشارت أكثر من 400 مشروع وصفقات اندماج وشراء، كما قامت بخدمة 92 عميلًا فى خمسة بلدان. تؤكد نورهان أن وجود مرشد مهنى فى حياة الشخص الذى يُقدم على ريادة الأعمال هو أمر غاية فى الأهمية لأنه هو من يضع الشخص على الطريق الصحيح بشكل مناسب. 

 

 

 

 

كيدزكيت

 

بينما كان للسيدة مريم الشبوكش مؤسس والرئيس التنفيذى لشركة كيدزكيت kidskit لتأجير مُعدات الأطفال ومؤسس مُشارك لشركة UXit وخريجة كلية الفنون الجميلة قصة مختلفة بدأت من الحمل فتقول «عندما كنت حاملًا بابنتى جاءنى مرض يأتى لـ٪2 من نساء العالم، وعلى عكس جميع الكائنات الحية كنت أفقد الوزن طوال فترة الحمل. وفى أحد الأوقات كنت مكتئبة ومتعبة جدًا. حينها كنت أعمل مع أشخاص فى إنجلترا وكانوا ينتظروننى. فدعوت الله أن يجعلنى أتعافى وفى المقابل سأفعل شيئًا ينفع الأمهات لا أعلم ماهو؛ لكننى سأفعل.

فكرت قليلًا بعد ولادة ابنتى كيف أن منتجات الأطفال مُكلفة جدًا، لما لا أقوم بإيجار أغراض الأطفال لأسر جديدة لأنها مًكلفة وتنتهى فترة استخدامها سريعًا. ومن هنا بدأت فكرة منصة كيدزكيت. حينما بدأت المشروع كان ذلك خلال فترة كورونا 2020 ومع طبيعة تلك الفترة الحرجة كان الجميع يخشى انتقال الأمراض؛ وبالتالى كانت فكرة إيجار منتجات للأطفال فى تلك الفترة صعبة جدًا. أنا شخصيًا كنت أخشى المرض؛ ولذلك كانت الانطلاقه الحقيقة لنا فى عام 2022.

تستكمل مريم حديثها قائلة «كانت الأعمال تسير بشكل جيد فى البداية حتى إن الأمر تخطى التوقعات. وبينما نسير فى نصف الرحلة حدثت لى أزمة مادية. واضطررت أن أضع كل المنتجات عندى فى البيت، حتى أننى تخليت عن فريق العمل لأننى لم يكن لديّ نقود لتوظيف أحد. وكنت أقوم بتوصيل المنتجات بنفسى، وكنت أقابل العملاء بنفسى، وحينما كانوا يروننى متعبة كانوا يحضوننى ويهونون عليّ التعب. كانت الأمور تتدهور وتقع منا أحيانا لكننا كنا دائمًا نعود مره أخرى ونتماسك. 

أحد أسباب نجاح المشروع هى أن هذا المشروع لم يكن له تواجد فى السوق المصرية؛ لكنه كان متواجدًا فى الخارج منذ فترة وذلك يرجع لطبيعة ثقافتنا فى مصر نريد أن نحضر لأولادنا كل شيء جيد وجديد؛ ولكن مع الأوضاع المادية الصعبة فى الوقت الحالى أصبحنا نفكر فى كل قرش يخرج وعندها بدأت فى التفكير بشكل اقتصادى يناسب الفرد والمجتمع.

 

 

 

 

شفاء لتكنولوجيا المعلومات

 

من جانبها تقول دعاء عارف مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة شفاء لتكنولوجيا المعلومات أنها بدأت مشروعها هى وصديقتها المُقربة رشا مدرس طب الأطفال بجامعة القاهرة، وأستاذ زراعة النخاع قسم الأطفال بمستشفى أبو الريش بعد تشخيصها بسرطان الغدة الدرقية عام 2017، وخضوعها لعملية استئصال للورم ثم خضوعها لبرتوكول علاجى بالكيماوى والإشعاع. تقول دعاء إنها كانت تواجه مشكلة فى إمكانية الحصول على أدوية علاجها. وبينما كانت تبحث عن الدواء باعتبارها مريضة سرطان وكانت تبحث معها صديقتها كونها طبيبة أورام عندها لمعت فى أذهانهن فكرة المشروع، وبعد 11 شهرًا من حصولها على العلاج شُفيت تمامًا وعندها بدأت مشروع شفاء عام 2018 بشكل فعلى.

وبالحديث عن تواجد النساء فى مجال التكنولوجيا توضح دعاء أن النساء خلال الأعوام الأخيرة تحديدًا من عام 2020 أصبح لهن تواجد فى مجال التكنولوجيا بشكل عام؛ لكن هذا التواجد لايزال ضعيفًا مقارنة بالتواجد الرجالى. فتقول «هناك إحصائيات عالمية تقول إنه من بين كل 100 شركة ناشئة يكون منها حوالى 3 أو 4 فقط للسيدات وهى نسبة قليلة جدًا. وصعوبتها تكمن فى فكرة أن هناك تصورًا ضمنيًا أنه لكى تصنع شركة ناشئة ناجحة لابد أن تكون قد تخطيت سن التلاتين أو على أعتاب الأربعين. وفى تلك الفترة تكون أولويات النساء مختلفة، فهى إما تستعد للارتباط وتكوين أسره أو متزوجة بالفعل وغارقة فى مسئوليات الأسرة والأولاد؛ وبالتالى فالتحديات التى تواجه النساء عندها ستكون قاتلة لأنها لا تُقارن وظيفة بأخرى؛ ولكنها تُقارن بين وظيفة وحياة؛ وبالتالى يساهم هذا بشكل أكبر فى أن يكون عدد النساء أقل. 

ولكن لو ألقينا نظرة على السوق التجارية وريادة الأعمال يُمكن القول إن النساء خلال الأعوام السابقة من بعد عام 2020 أصبح لهن دور كبير فى عالم العمل وريادة الأعمال، وتواجدن بأعداد كبيرة. فبعد الإغلاق العالمى الذى حدث خلال فترة كورونا أصبح الجميع لديه استعداد لتحويل أى مشكلة تواجهه لبيزنس. وبدلًا من الاستفادة منها بشكل فردى، تحويل تلك الاستفادة لشكل جماعى يُفيد أكبر قدر من الأشخاص. علاوة على التسهيلات التى تُقدم للنساء فى عالم ريادة الأعمال مؤخرًا.

وتستشهد دعاء بوضعها قائلة: «نحن اثنتان من الفتيات أسسنا الشركة، وأغلب العاملين بالشركة من الفتيات، ومجلس الإدارة ٪75 منه سيدات.» وتواصل حديثها قائلة: «السيدات لهن أدوار مُلهمة فى المجتمع فهن قادرات على التفكير بشكل أوقع وبالتالى عمل عدد من الأمور فى نفس الوقت».

وتُرجع دعاء تواجد النساء فى عالم التكنولوجيا إلى كونهن بطبيعة الأمر يوجدن الحلول للمشكلات علاوة على أن ظروف الحياة الضاغطة لم تعد تسمح لهن أن يجلسن فى البيت بدون عمل. ولأن العمل المتوافر فى القطاع الخاص أغلبه يكون بمواعيد عمل غير مرنة وغير مناسبة للنساء؛ لذلك توجهت النساء إلى المشاريع الخاصة من موقعهن فى المنزل. وبينما تبحثن عن فكرة تخدمن بها المجتمع من حولهن تجدن أن أغلب الأفكار تتوجه إلى الناحية التكنولوجية.