السبت 18 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

السفير د. سامح أبوالعينين يكتب.. دليل الدبلوماسى المعاصر لثقافة السلم والأمن الدوليين

فى ظل ما يحيط بعالمنا المعاصر، من احتدام الصراعات وتشابك المصالح والأطماع، لم يعد من السهل التنبؤ بالخطوات التالية، خاصة مع التهديدات المستمرة بالتصعيد غير المتوقع، الأمر الذى يثير توترات دولية فى ظل امتلاك بعض الدول المتصارعة أسلحة نووية.



ومن هذا المنطلق، يستعرض السفير د. سامح أبوالعينين فى كتابه دراسة تتضمن عدة محاور تستهدف التأكيد على ضرورة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وأن نشر ثقافة السلم والأمن الدوليين أصبح ضرورة ملحة على المجتمع الدولى، إضافة للرسالة الثقافية المهمة التى تضطلع بإيضاح مصطلحات ومفاهيم تمس أمن الإنسان وحضارته.

 

 الباب الأول مفهوم الأمن البشرى ونزع السلاح

 أمن المعلومات والأمن السيبرانى

أولاً: التعاون الدولى فى مجال الأمن السيبرانى:

أعادت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تشكيل البيئة الأمنية الدولية لصالح التنمية والتطوير الصناعى مؤخرًا، غير أنه رغم ما تحققه من فوائد اقتصادية واجتماعية عديدة، فقد تزايدت على نحو ملحوظ فى السنوات الأخيرة مخاطر استخدامها لارتكاب جرائم وغير ذلك من الأنشطة التخريبية.

أكدت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة الحاجة إلى عمل تعاونى يتصدى للتهديدات المترتبة على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدوافع تخريبية؛ حيث إنه لا مناص من هذا التعاون الدولى ليتسنى الحد من المخاطر وتعزيز الأمن، وذلك من خلال الخطوات التالية:

- إجراء دراسات للتوصل إلى تفاهم مشترك بشأن سبل التعاون فى استخدام الدول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

- تدابير لبناء القدرات بالتعاون الفعلى (القطاع الخاص والمجتمع المدنى).

إن من الأهمية بمكان أن تطبق الدول المعايير المستمدة من القوانين الدولية المتعلقة باستخدام الدول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للحد من المخاطر التى تهدد السلام والأمن والاستقرار على الصعيد الدولى.

- تطبيق المبادئ التى تحكم الاستخدام المسئول من جانب الدول، والتدابير الطوعية لزيادة الشفافية والثقة بين الدول.

- سريان القانون الدولى؛ وبخاصة ميثاق الأمم المتحدة على استعمال الدول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو مطلب أساسى للحفاظ على السلام والاستقرار.

- إجراء حوار مؤسّسى منتظم بشأن هذه المسائل تحت رعاية الأمم المتحدة، وفى غيرها من المحافل. ثانيا: عناصر التفاهم الدولى فى مجال تكنولوجيا المعلومات:

- أهمية مواصلة الحوار بين الدول لمناقشة المعايير المتعلقة باستخدام الدول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ للحد من المخاطر الجماعية وحماية الهياكل الأساسية الحيوية الوطنية والدولية.

- تبادل المعلومات عن التشريعات الوطنية والاستراتيجيات الوطنية لأمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيات والسياسات وأفضل الممارسات.

- أهمية بناء القدرات فى الدول التى قد تحتاج إلى المساعدة فى معالجة أمن تكنولوجيتها للمعلومات والاتصالات، واقتراح ما يجب القيام به من أعمال إضافية لوضع مصطلحات وتعاريف مشتركة.

- التوصل إلى تفاهم مشترك بشأن المعايير والقواعد والمبادئ التى تنطبق على استخدام تكنولوجيا المعلومات وإلى تدابير طوعية لبناء الثقة فى النهوض بالسلم والأمن الدوليين.

ثالثا: تصديق التهديدات والمخاطر الإقليمية والدولية:

هناك ازدواجية فى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات باعتبار أنها يمكن       استخدامها لأغراض غير مشروعة، فأى جهاز يستخدم هذه التكنولوجيا قد يتحول إلى مصدر أو هدف لإساءة استخدامها، وربما يزيد تفاقم هذه المشكلة أن شبكات التكنولوجيا موصولة ببعضها البعض فى جميع أنحاء العالم. فإذا اجتمعت عوامل العالمية وقلة القدرة على التصدى مع بقاء هوية الفاعل مجهولة؛ يصبح من السهل استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لارتكاب أنشطة غير مشروعة.

ازدادت مؤخرًا حدة وأضرار التهديدات المعلوماتية الموجهة للأفراد والشركات والهياكل الوطنية، وتشمل هذه التهديدات جهات حكومية وغير حكومية على حد سواء.

ويضاف إلى ذلك احتمال أن يكون هؤلاء الأفراد أو الجماعات، أو المنظمات؛ وبخاصة المنظمات الإجرامية، وكلاء لدول يستخدمون لحسابها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدوافع تخريبية.

تستخدم الجماعات الإرهابية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتتصل فيما بينها وتقوم بأنشطة جمع المعلومات، والتجنيد، وتنظيم الهجمات وتخطيطها وتنسيقها، والترويج لأفكارها وأنشطتها، والحصول على التمويل.

أتاح توسيع نطاق استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ليشمل الهياكل الأساسية الحيوية وأنظمة التحكم الصناعية فرصًا جديدة للقيام بأعمال تخريبية ضدها، فالزيادة السريعة فى استخدام أجهزة الاتصالات النقالة. وخدمات الإنترنت، والشبكات الاجتماعية، وخدمات الحوسبة السحابية يوسع نطاق التحديات الأمنية والاجتماعية عبر الإنترنت.

رابعًا: الجهود الدولية للتعاون المعلوماتى:

ينبغى أن تضطلع الأمم المتحدة بدور قيادى فى تعزيز الحوار بين الدول الأعضاء للتوصل إلى تفاهم مشترك بشأن أمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها، وأن تشجع الجهود الإقليمية وبناء الثقة وتعزيز تدابير الشفافية ودعم بناء القدرات.

وبالإضافة إلى العمل المضطلع به فى منظومة الأمم المتحدة، هناك جهود قيمة تبذلها منظمات دولية وهيئات إقليمية كالاتحاد الإفريقى، والمنتدى الإقليمى لرابطة أمم جنوب شرق آسيا، ومنتدى التعاون الاقتصادى لآسيا والمحيط الهادئ، ومجلس أوروبا، والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والاتحاد الأوروبى، وجامعة الدولة العربية، ومنظمة الدول الأمريكية، ومنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا.

خامسًا: المرجعيات القانونية والقواعد الدولية:

القانون الدولى؛ وبخاصة ميثاق الأمم المتحدة، ينطبق على استخدام الدول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو عنصر لا بُدَّ منه لحفظ السلام والاستقرار وتهيئة بيئة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تكون منفتحة ومأمونة.

تنطبق سيادة الدولة والقواعد والمبادئ الدولية المنبثقة عنها على سلوك الدول فيما يتعلق بالأنشطة المتصلة بموضوع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وعلى ولاياتها القضائية بشأن هياكلها الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل أراضيها.

ينبغى أن تكثف الدول تعاونها ضد استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأغراض إجرامية أو إرهابية، ولمواءمة النهج القانونى عند الاقتضاء، وتعزيز التعاون العلمى بين وكالات إنفاذ القانون وهيئات النيابة العامة المعنية.

ينبغى أن تنظر الدول الأعضاء بالأمم المتحدة فى أفضل سبل التعاون على تنفيذ القواعد ومبادئ السلوك المسئول، مراعية فى ذلك الدور الذى يقوم به القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدنى، فهذه القواعد والمبادئ تكمل عمل الأمم المتحدة والمجموعات الإقليمية، وهى الأساس المستند إليها لمواصلة العمل على بناء الثقة.

الخلاصة:

- أهمية تبادل وجهات النظر والمعلومات على أساس طوعى بشأن الاستراتيجيات والسياسات الوطنية، وأفضل الممارسات، وعمليات صنع القرار، والمنظمات الوطنية ذات الصلة. واتخاذ تدابير لتحسين التعاون الدولى المعلوماتى.

- أهمية إنشاء أطر تشاورية ثنائية وإقليمية وأخرى متعددة الأطراف لبناء الثقة، من شأنها أن تؤدى إلى عقد حلقات عمل وندوات وإجراء تمارين لتحسين المداولات الوطنية بشأن سبل منع وقوع حوادث تخريبية جراء استخدام الدول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

- تعزيز تبادل المعلومات بين الدول بشأن حوادث الأمن الناشئة عن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك من خلال زيادة فعالية استخدام القنوات القائمة أو تطوير قنوات آليات جديدة مناسبة لتلقى وجمع وتحليل وتبادل المعلومات المتصلة بحوادث الأمن الناشئة عن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

- دعم الجهود التى تبذل فى المستويات الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف لبناء قدرات لتأمين استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهياكلها الأساسية وتعزيز الأطر القانونية الوطنية وقدرات واستراتيجيات إنفاذ القانون، والتصدى لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأغراض إجرامية وإرهابية، والمساعدة فى التعرف على أفضل الممارسات ونشرها.

- دعم تطوير واستخدام التعليم الإلكترونى، والتدريب، ورفع مستوى الوعى فيما يتعلق بأمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمساعدة فى تذليل الفجوة الرقمية ومساعدة البلدان النامية على مواكبة التطورات السياساتية الدولية.

 الإطار النظرى لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل

تعتبر فكرة إنشاء منطقة خالية من «أسلحة الدمار الشامل» فكرة لم يسبق لأى منطقة فى العالم أن مرت بها، إذ أن إخلاء المنطقة من ثلاثة أنواع رئيسية من الأسلحة لهو أمر على درجة بالغة من التعقيد، وفى البداية نقدم التعريف الخاص بالخطط الإرشادية والأهداف الرئيسية لأى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وإلقاء الضوء على دور جميع الأطراف بما فيها الأطراف الخارجية، وكذلك على التدابير والالتزامات الواجبة لتحقيق المنطقة بالإضافة للوظائف الرئيسية لأى نظام رصد مستقبلى.

أولا: الخطوط الإرشادية للمناطق؛ منزوعة السلاح النووى:

صاغت الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1975 مجموعة من المبادئ، التى ينبغى أن تسترشد بها الدول فى إقامة المناطق الخالية من السلاح النووى، ثم جرى بعد ذلك توسيع هذه المبادئ فى تقرير صدر بتوافق الآراء عن لجنة الأمم المتحدة لنزع السلاح عام 1999، وذلك على النحو التالى:

- أن تقام المناطق الخالية من الأسلحة النووية على أساس ترتيبات تتوصل إليه الدول الموجودة فى المنطقة المعنية.

- تصدر المبادرة لإقامة مثل هذه المنطقة عن الدول داخل المنطقة وحدها وأن توافق عليها كل الدول فى تلك المنطقة.

- تقديم المساعدة إلى الدول المعنية، بما فى ذلك مساعدتها عن طريق الأمم المتحدة، فى إطار الجهود التى تبذلها من أجل إقامة المنطقة.

- تشارك كل الدول فى المنطقة المعنية فى المفاوضات حول المنطقة وفى إقامتها.

- احترام وضع المنطقة الخالية من الأسلحة النووية من جانب كل الدول الأطراف فى معاهدة إقامة المنطقة، وكذلك من جانب كل الدول خارج المنطقة، بما فى ذلك الدول النووية الخمس.

- استشارة الدول النووية الخمس أثناء التفاوض حول المعاهدة وبروتوكولها من أجل تسهيل عملية التوقيع أو التصديق عليها.

- تأخذ عملية إقامة المنطقة فى الاعتبار جميع الخصائص ذات الصلة للمنطقة المعنية.

- تحييد التزامات الأطراف بوضوح وأن تكون ملزمة قانونًا.

- تكون الترتيبات متقدمة مع مبادئ القانون الدولى وقواعده بما فى ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

- تنص معاهدة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية على الحظر الفعال لتطوير أو صنع أو السيطرة على امتلاك أو تجربة أو وضع أو نقل الدول الأطراف فى المعاهدة لأى نوع من المتفجرات النووية لأى غرض، وأن تنص على أن الدول الأطراف لا تسمح لأى دولة بأن تضع أى متفجرات نووية داخل المنطقة.

- تنص معاهدة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية على التحقق الفعال من الوفاء بالالتزامات التى التزمت بها أطراف المعاهدة.

- وتشكل المنطقة كيانا جغرافيا تحدد حدوده بوضوح من جانب الأطراف المحتملة للمعاهدة وذلك عن طريق المشاورات مع الدول الأخرى المعنية.

ثانيا: الأهداف الرئيسية من الناحية النظرية لمنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل:

- تخفيف حدة التوتر وحدة النزاعات الدائرة فى المنطقة والتى تهدد السلام العالمى.

- تسوية الخلافات بالطرق السلمية والحوار والتفاهم.

- نشر الاستقرار والأمن على المستويين الإقليمى والدولى وذلك عن طريق المساهمة فى منع الانتشار الأفقى للأسلحة النووية والعمل على تعزيز الثقة والشفافية وتحسين العلاقات فيما بين دول المنطقة. - تسهيل وتشجيع التعاون فى مجال تنمية الطاقة النووية واستخدامها فى الأغراض السلمية سواء فى المنطقة أو بين دول المنطقة والدول التى تقع خارجها.

ثالثا: دور الأطراف الخارجية فى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل:

- لا يمكن أن يتحقق إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وفى مقدمتها السلاح النووى؛ إلا إذا لعبت الدول الحائزة لأسلحة نووية دورًا محوريًا فى ذلك، ويمكن تلخيص دورها فيما يلى:

- تشجيع إزالة الأخطار النووية من المنطقة؛ وذلك بمعارضة إجراء تجارب نووية أو معارضة عدم الامتثال لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

- اقتراح تدابير عملية لتخفيف حدة التوتر وبناء الثقة والتحكم بمختلف أشكال سباق التسلح فى المنطقة.

- الدعم الخارجى للأنشطة النووية السلمية فى المنقطة والمشروعات ذات الصلة.

- تنظيم الدعم والتعاون الفنى مع دول المنطقة بما يعزز شفافية الأنشطة، ويشمل ذلك البرامج الثنائية للمساعدة الفنية والبرامج التى تقدمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

رابعًا: ينبغى على الدول النووية الخمس أن تسهم بشكل فعال يدعم إنشاء المنطقة الخالية، وذلك من خلال:

- التصديق على المعاهدات الخاصة بإنشاء المناطق الخالية بذلك والالتزام بمتابعة تنفيذ أحكامها.

- احترام جميع الشروط المحددة فى معاهدات أو اتفاقيات إنشاء المناطق الخالية من أسلحة الدمار الشامل.

- الامتناع عن القيام بأى أفعال فى المنطقة تنطوى على انتهاك للمعاهدة أو الاتفاقية، وعن استعمال الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها ضد دول المنطقة.

- التعهد باحترام أهداف ومقاصد إنشاء المنطقة.

- التعهد بألا توضع فى المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل أسلحة قد تستخدم أو تهدد باستخدامها ضد بلدان المنطقة.

خامسًا: التدابير والالتزامات الأساسية لتحقيق أهداف المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل:

- عدم حيازة دول المنطقة لأسلحة دمار شامل.

- عدم وضع أى دولة لأسلحة نووية وأسلحة دمار شامل أخرى فى نطاق المساحة الجغرافية للمنطقة.

- عدم استخدام أسلحة الدمار الشامل أو عدم التهديد باستخدامها ضد أهداف تقع داخل المنطقة.

- عدم حيازة أجهزة متفجرة نووية وتشغيلها لأغراض سلمية، ولقد تم تنظيم مثل هذا الالتزام فى معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.

- إضفاء القانونية على التدابير المتعلقة بحظر استخدام الأسلحة ضد أطراف ثالثة، ولقد أعلنت الدول الخمس الكبرى الحائزة على أسلحة نووية من طرف واحد أنها لن تهاجم أو تهدد بالهجوم بأسلحة نووية دولاً غير حائزة على أسلحة نووية، وأن تضع شروطا وتحفظات تتصل ببعض الدول الموجودة فى منطقة خالية من الأسلحة النووية أو فى حلف عسكرى مع دولة حائزة للأسلحة النووية.

- اعتماد نظام حظر الاعتداء على المفاعلات النووية وما يرتبط بها من منشآت نووية؛ وذلك لتجنب انبعاث المواد المشعة وانتشارها على مساحات واسعة.

سادسًا: الوظائف الرئيسية لنظام الرصد المرتبط بإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل:

- مراقبة تفكيك وتدمير المخزونات الموجودة من أسلحة الدمار الشامل والصواريخ (التى يتجاوز مداها 150 كم) والتحقق من ذلك.

- تفكيك مرافق الإنتاج ذات الصلة أو تحويلها للاستخدامات السلمية.

- مراقبة الأنشطة الكيماوية والبيولوجية والنووية والمتعلقة بالصواريخ، حتى يمكن فى مرحلة مبكرة اكتشاف أى انحراف للبدء فى تطوير وإنتاج وتخزين المواد المذكورة أو استئناف الأنشطة المتعلقة بذلك.

- القيام بأعمال البحث والتطوير لتحسين تقنيات التحقق من أسلحة الدمار الشامل.

- إنشاء آلية لمراقبة التصدير والاستيراد للتقنيات مزدوجة الاستخدام ذات الصلة.

- إنشاء قاعدة معلومات فيما يتصل بانتشار مواد أسلحة الدمار الشامل أو الاتجار غير المشروع فيها.

- اتخاذ تدابير الحماية وغيرها من التدابير للرقابة على المواد النووية والأجهزة غير المشروعة.

الخلاصة:

بالإمكان تلبية المتطلبات الضرورية لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط كما يمكن التغلب على العقبات عن طريق تكثيف الجهود الدولية لمنع تهديد الأمن والسلام الدوليين وضرورة الالتزام وأهداف نظام منع الانتشار النووى؛ خصوصًا أن إنشاء هذه المنطقة أصبح يحظى بتأييد المجتمع الدولى، وكذلك الدول الأعضاء الدائمة فى مجلس الأمن؛ استنادًا إلى التجارب المماثلة التى أدت إلى إقامة منطقتين خاليتين فى أمريكا اللاتينية والكاريبى وفى إفريقيا.

وبناء على ذلك؛ فإن لا بُدَّ من أجل إنشاء تلك المنطقة أن تتحقق العناصر الآتية:

- إزالة أسلحة الدمار الشامل حتى يمكن تعزيز المصالح الأمنية والحيوية لدول المنطقة.

- ضرورة أن تعلن دول المنطقة عن رغبتها فى إزالة أسباب التوتر والنزاع فى المنطقة لتحقيق السلام العادل والشامل وفقًا لقرارات الأمم المتحدة.

- ضرورة انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع جميع مرافقها للتفتيش الدولى وفقًا لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

- عدم السماح لأى دولة من خارج المنطقة باستخدام أراضى المنطقة أو الأراضى التى تقع تحت سيطرتها فى وضع أسلحة الدمار الشامل أو مكوناتها.

- ضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بموضوع إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.

- ضرورة التعهد بوقف إنتاج أو الحصول على المواد الانشطارية أو أى مواد تستعمل فى إنتاج أسلحة الدمار الشامل.

- ضرورة الامتناع، لحين إنشاء هذه المنطقة، عن استحداث أسلحة نووية أو إنتاجها أو تجربتها أو الحصول عليها على أى نحو آخر، والامتناع عن السماح بوضع أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية فى أراضيها. - ضرورة أن تقدم إسرائيل لوائح وقوائم بمخزونها من المواد الانشطارية للوقاية من الأسلحة النووية للطاقة الدولية وللطاقة الذرية، بالإضافة إلى القيام بإتلاف تلك الأسلحة وفى برنامج زمنى يتفق عليه دوليًا، والاستهداء بتجربة جنوب إفريقيا فى هذا الصدد.

 مخاطر إرهاب أسلحة الدمار الشامل

أولا: مخاطر الأسلحة النووية:

1 - خطر الاستخدام غير المقصود أو العارض للأسلحة النووية باقٍ طالما بقيت الأسلحة، وقد توصلت لجان دولية عديدة منها لجنة كانبرا (1996) واللجنة المعنية بأسلحة الدمار الشامل (2006) واللجنة الدولية المعنية بعد انتشار الأسلحة النووية ونزع السلاح النووى (2009) إلى توافق آراء مفاده أنه ما دامت الأسلحة النووية فى حيازة البعض فسيرغب البعض الآخر فى حيازتها، وإنه ما دامت الأسلحة موجودة فستكون هناك فرص لاستخدامها مرة أخرى يومًا ما، سواء بصورة عارضة أو بقصد، أى استخدام من هذا القبيل ستكون له آثار كارثية.

2 - لا يمكن لتطوير وحيازة الأسلحة النووية أن يعالجها التهديدات والتحديات المعاصرة، فلا يمكن للأسلحة النووية أن تتصدى للأسباب الجذرية للإرهاب، كما لا يمكنها ردع الأعمال الإرهابية، وإن الاستمرار فى تطوير ونشر الأسلحة النووية يحول وجهة الموارد الحكومية والمجتمعية التى يمكن استخدامها فى التصدى للأخطار الأمنية والاقتصادية الأخرى.

3 - تحتفظ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقاعدة بيانات للاتجار غير المشروع وغيرها من الأنشطة غير المأذون بها التى تقع بقصد أو بغير قصد والتى تنطوى على عبور الحدود الدولية.

4 - بلغ عدد الدول التى تشارك فى برنامج قاعدة بيانات الاتجار غير المشروع 111 دولة وفى بعض الحالات قدمت دولة غير مشاركة أيضًا معلومات إلى قاعدة البيانات، وهناك بالفعل نحو ثلاثمائة حالة أدرجت فى قاعدة البيانات على مدار الخمس سنوات 2010 - 2015، وخلال هذه الفترة وقعت عدة حوادث استخدم فيها اليورانيوم عالى التخصيب أو البلوتونيوم وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

5 - ما زال إطلاق أسلحة نووية على سبيل الخطأ احتمالا حقيقيًا يدعمه أن آلاف الأسلحة ربما لا تزال على درجة استعداد عالية وجاهزة للإطلاق خلال دقائق، حتى مع افتراض عدم حدوث السرقة أو الإطلاق على سبيل الخطأ، فإن التكاليف المتصلة بالأسلحة النووية (وهى التكاليف المتعلقة بالبحث والتطوير والتعزيز والصيانة والتفكيك والتنظيف) هى تكاليف هائلة، وتنفق الولايات المتحدة 30 بليون دولار سنويًا لمجرد المحافظة على مخزوناتها.

وتفيد وزارة الطاقة بالولايات المتحدة أن الأنشطة المتعلقة بالأسلحة أفضت إلى إنتاج أكثر من 104 ملايين متر مكعب من النفايات المشعة.

ثانيا: حظر الأسلحة النووية:

1 - هناك إدراك متزايد لإسهام تواجُد الأسلحة النووية فى إيجاد بيئة أمنية غير مستقرة وأنه ينبغى التماس حل لهذه المسائل وفقا لإطار قانونى شامل يحظر تطوير الأسلحة النووية واستخدامها وتخزينها يدعمه نظام تحقق قوى.

2 - إن استخدام الأسلحة النووية سيكون غير قانونى؛ فقد حكمت محكمة العدل الدولية فى عام 1996 بأن التهديد باستخدام الأسلحة النووية أو استخدامها سيكون بوجه عام منافيا لقواعد القانون الدولى؛ وبخاصة القواعد المنطبقة فى حالة النزاع المسلح وأى استخدام للأسلحة النووية يمكن أن تترتب عليه عواقب إنسانية كارثية؛ لاسيما أن آثار الأسلحة هى بطبيعتها عشوائية (نظرًا لناتجها الهائل) ولا يمكن السيطرة عليها (بسبب استمرار وجود الإشعاع).

3 - إن استخدام الأسلحة النووية سيكون غير أخلاقى، فالآثار الناجمة عنها ستكون عشوائية؛ حيث من غير الممكن أن يتم احتواؤها داخل ميدان أى معركة، بالإضافة لأنها كارثية حيث إن آثارها ستكون ملموسة فى مساحات شاسعة حول موقع الانفجار وربما لآلاف السنين فى المستقبل.

ثالثا: مخاطر الإرهاب البيولوجى والكيميائى:

1 - على الرغم من أن عوامل الحرب البيولوجية نادرا ما تستخدم فى الآونة الحديثة ومحظور استخدامها فإن المجتمع العالمى تواجهه تحديات عديدة بشأن هذه الأسلحة، وهناك عدة أسباب لاعتبار أن أكبر تهديد تمثله عوامل الحرب البيولوجية اليوم قد يأتى من احتمال استخدامها من جانب الإرهابيين والأطراف الفاعلة الأخرى من غير الدول.

2 - يعتبر صنع عوامل الحرب البيولوجية رخيصا نسبيا إذا ما قورن بصنع أسلحة الدمار الشامل الأخرى، والحقيقة أن الأسلحة البيولوجية يطلق عليها أحيانا اسم «القنبلة الذرية للرجل الفقير».

3 - وقد استخدمت أطراف فاعلة من غير الدول فى الولايات المتحدة عوامل بيولوجية فى مناسبات متعددة - عام 1984 (السالمونيلا)، وفى عام 2001 (الجمرة الخبيثة) وفى عامى 2003 و2004 (الريسين) - مما أدى إلى قتل عدد من الأفراد.

4 - على الرغم من أن الدول كانت هى المستخدم الرئيسى للأسلحة الكيميائية؛ فإن الشواغل الأمنية الحالية تركز بالدرجة الأولى على الاستخدام المحتمل لهذه الأسلحة من جانب الإرهابيين، وفى عامى 1994 و1995 استخدمت جماعة أوم شينريكيو اليابانية غاز السارين فى هجمات شنتها على المدنيين فى اليابان، وعلى الرغم من التمويل الواسع النطاق واجهت جماعة أوم شينريكيو صعوبة فى تثبيت كميات كبيرة من غاز السارين.

الخلاصة:

1 - إن نظام منع الانتشار النووى فى حالة هشاشة متزايدة إذ تظل الشواغل الأمنية والنزاعات السياسية وعدم عالمية المعاهدات الدولية الرئيسية مصدرًا لعدم الثقة فى الأمن والسلم الدوليين.

2 - وقد أدت الجهود المبذولة لتعزيز التوسع الحالى فى الطاقة النووية إلى ظهور شواغل جديدة معقدة بشأن كفاية الإطار الحالى لمنع انتشار الأسلحة النووية.

3 - لا تزال التزامات الدول الحائزة للأسلحة النووية المتعلقة بنزع السلاح النووى دون تحقق، كما لا تزال نظرية الردع النووى نظرية معمول بها بشكل خطير.

4 - يشكل الاختلال الناجم عن ذلك وفى الالتزامات بين الدول الحائزة للأسلحة النووية والدول غير الحائزة لها؛ عائقًا أمام وضع المعايير اللازمة لكفالة تنفيذ أهداف عدم انتشار الأسلحة النووية.