بعد ترشيحهما عن فئة الصوت لفيلم «الهرم المفقود»: المرشحان المصريان لجائزة الإيمى العالمية يرويان تجربتهما لـ«روزاليوسف»
هبة محمد على
لا يمكن النظر إلى الترشح لجائزة الإيمى العريقة كالترشح لجوائز أى مهرجان آخر، فالجائزة التى تمنح للإنتاجات التليفزيونية المختلفة من مسلسلات وبرامج وأفلام وثائقية هى المقابل للأوسكار الذى يمنح جوائزه للسينمائيين، والحقيقة أن المرشحين المصريين لجائزة الإيمى عددهم قليل جدًا على مدار عمر المسابقة الممتد عبر 76 عامًا.
ومؤخرًا ترشحت الفنانة «منة شلبى» عام 2021، عن دورها فى مسلسل (فى كل أسبوع يوم جمعة) كما ترشح الموسيقار «هشام نزيه» عام 2022 عن فئة أفضل تأليف موسيقى عن مسلسل (Moon Knight).
لا يمكن النظر إلى الترشح لجائزة الإيمى ال والمفاجأة أن هناك اثنين من مهندسى الصوت المصريين قد تم ترشيحهما لجوائز الإيمى لهذا العام 2024 بعد مشاركتهما فى صناعة الفيلم الوثائقى (الهرم المفقود) والذى عُرض على إحدى أهم المنصات العالمية ليروى رحلة اثنين من كبار علماء الآثار المصريين، وهما الدكتور «زاهى حواس» والدكتور «مصطفى وزيرى» اللذان انطلقا فى مغامرات شيّقة لسبر خفايا صحراء سقارة الساحرة، والغنية بالآثار والكنوز المصرية القديمة، حيث يقود الدكتور «زاهى حواس» فريقه للكشف عن الهرم المفقود منذ عهد طويل لملك مصرى مَنسِى اسمه «حونى»، بينما ينطلق تلميذه ومنافسه الدكتور «مصطفى وزيرى» مع فريق آخر فى مهمة جريئة لتحديد موقع ضريح غير مكتشف فى مقبرة قديمة، لكن ما الدور الذى قدمه مهندسا الصوت «محمد حسن» و«محمد إبراهيم» فى هذا الفيلم الوثائقى المهم، والذى رأت الأكاديمية الدولية للفنون والعلوم التليفزيونية المانحة لجوائز «إيمى» من خلاله أحقيتهما بالترشيح لهذه الجائزة؟ وإلى أى مدى سيكون هذا الترشيح نقطة فارقة فى تاريخ مسيرتهما المهنية؟
(روزاليوسف) التقت بالمرشحين بعد عوتهما من الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة، حيث حضرا حفل الدورة 76 لتوزيع جوائز الإيمى، ليضعا بصمة مصرية خالصة على ترشيحات هذا العام.
مصدر فخر
البداية كانت مع مهندس الصوت «محمد حسن» الذى تخرج فى المعهد العالى للسينما عام 2012، وعمل مساعدًا فى العديد من الأعمال الفنية المهمة مثل فيلم (لا تراجع ولا استسلام) ومسلسل (الكبير) وغيرهما، كما بدأ عمله كمهندس صوت فى العديد من الأفلام القصيرة، والإعلانات، حتى جذبه عالم الأفلام الوثائقية، حيث شارك فى الكثير من الأفلام الوثائقية، بالإضافة إلى عمله كمهندس صوت للفيلم الروائى (شرق 12) الذى عرض فى نصف شهر المخرجين بالدورة الأخيرة من مهرجان «كان».
وعن تجربته فى فيلم (الهرم المفقود) يقول: «تواصلت معى إحدى شركات الإنتاج من أجل صناعة فيلمين وثائقيين ليتم عرضهما على منصتين مختلفتين، وبالفعل بدأت فى العمل على فيلم بمناسبة مرور 100 سنة على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وعندما توقف هذا المشروع لفترة، بدأت العمل فى فيلم (الهرم المفقود) وبعد مرور خمسة أيام، تم استئناف المشروع الأول، واضطررت لترك العمل ليكمله من بعدى المهندس «محمد إبراهيم» الذى كان له النصيب الأكبر من العمل، وبعد فترة فوجئت بالمخرج الأمريكى يهاتفنى ليخبرنى أن الفيلم تم ترشيحه عن فئة الصوت، وقد كانت سعادتى غامرة بالترشيح، وبحضور حفل توزيع الجوائز الذى يتميز بالشفافية التامة، فلا أحد من الحضور كان يعلم اسم من سيحصل على الجائزة حتى الفائزين أنفسهم، وظلت حالة الترقب تسود المكان حتى أعلنت أسماء الفائزين، والحقيقة أن مجرد ترشحى وزميلى «محمد إبراهيم» عن فئة الصوت، كان مصدر فخر كبير لى».
التطلع إلى العالمية
أما المهندس «محمد إبراهيم» والذى حمل العبء الأكبر فى هذه التجربة فهو خريج معهد السينما لعام 2007، وعمل مساعد مهندس صوت للعديد من الأفلام والمسلسلات المهمة، حتى أصبح مهندس صوت وقدم العديد من المسلسلات، وعرض له مؤخرًا مسلسل (بين السطور) كما سيعرض له قريبًا مسلسل (وتر حساس) وعن تجربته فى فيلم (الهرم المفقود) يقول: «لم أشارك خلال مسيرتى المهنية فى الكثير من الأفلام الوثائقية، فقد قدمت فيلمًا فى مؤتمر الشباب قبل عامين، وفيلمًا آخر عن أبناء شهداء الشرطة، لكنى لم أعمل من قبل فى فيلم وثائقى ضخم كما حدث فى (الهرم المفقود)، وبعد اعتذار «محمد حسن» فوجئت بشركة الإنتاج تطلب منى تولى مسئولية الصوت فى الفيلم، وكان فريق الفيلم يقوم بتصوير جزء من الحكاية ثم يتوقف لعمل المونتاج ومشاهدة ما تم تصويره، ثم العودة مرة أخرى لاستكمال الأجزاء المتبقية، وبعد تصوير 30 يومًا، عاد الفريق إلى أمريكا لعمل المونتاج، وبعد عودته إلى القاهرة مرة أخرى حدث خلاف بينه وبين شركة الإنتاج، وهو ما كان يعنى رحيلى مع رحيل الشركة، لكنهم تمسكوا بى، وقرروا الإبقاء علىّ واعتبارى من الفريق الأصلى».
وعن طبيعة عمله فى هذا الفيلم واختلافه عن تجاربه السابقة يقول: «فى أى عمل فنى آخر كان النظام يعتمد على وجود فريق صوت له مهام معينة، وكان دورى تنظيم ذلك الفريق وتسجيل الصوت، والتأكد من جودته، لكن فى (الهرم المفقود) لم يكن معى فريق من المهندسين نظرًا لطبيعة المكان الوعرة التى لا تسمح بتواجد عدد كبير من الأفراد، كما أنه لم يكن لدىّ رفاهية التعديل ولا الإعادة، وبالتالى كان يجب علىّ أن أتأكد من جودة الصوت ونقائه قبل التصوير، وهو أمر فى غاية الصعوبة فى ظل الظروف المناخية المتغيرة التى كانت تشهدها مواقع التصوير، سواء عواصف رملية، أو أمطار، أو حر شديد، وكل هذا يفرض علىّ تغيير نظام التسجيل وفقًا للأجواء المناخية التى تتغير خلال اليوم، مما وضعنى فى ضغط نفسى شديد، إلى جانب أن التماثيل المكتشفة لا بد أن يتم التعامل معها بحرص شديد، لأن الرطوبة، والنفس، والصوت العالى من الممكن أن يؤثر على القشرة الخارجية لها».
وعن تأثير هذا الترشيح عليه يقول: «دائمًا ما تكون المشاركة التقنية المصرية فى أى عمل فنى عالمى تنحصر فى القيام بمهام مساعدة لفريق قادم من الخارج، أما أن يكون الاعتماد الأساسى على مهندس صوت مصرى فهذا له معنى كبير جدًا، تأكد بالترشح للجائزة، ففى مصر مهندسى صوت محترفون ولهم الحق أن يتطلعوا للعالمية، ووجود فريق صوت مصرى يتنافس مع 300 فريق آخر جميعهم من أوروبا وأمريكا هو مكسب فى حد ذاته لأنه يلقى الضوء على ما لدينا من إمكانيات».