الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رسالة الشهيد فوزى

رسالة الشهيد فوزى

بعد 57 عاما على استشهاده ظهرت رفات شهيد مصرى كانت مدفونة تحت رمال سيناء، وأعيد دفنها منذ أيام فى بلدته بعد جنازة عسكرية مهيبة تليق بما قدمه لبلده، الجميع يقولون إن الصدفة وراء اكتشاف الرفات، وبالصدفة أيضا تم التعرف عليه، وبالصدفة كذلك تم التوصل إلى أسرته.



 

لكن هل كل هذه الوقائع مجرد صدف فقط؟ أم أن ظهور الرفات بعد كل هذه السنوات الطويلة وراءها رسالة أراد الشهيد أن يقولها لنا قبل أيام من الاحتفال بانتصار أكتوبر المجيد وفى ظل الظروف المؤلمة التى تمر بها القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة ورفح وبيروت.

الحكاية التى تداولتها وسائل الإعلام تقول إنه منذ أسابيع قليلة بينما كان فريق من إحدى المؤسسات المدنية متواجدا بمنطقة الحسنة بوسط سيناء عثروا على رفات أحد جنودنا الشهداء، ومدفون معه أوراقه الرسمية وبعض متعلقاته وصور له مع بعض أفراد عائلته، وكانت هذه اللحظة بداية رحلة لإعادة الشهيد إلى بلده وأسرته.. الوثائق التى وُجدت بجانبه أشارت إلى أن اسمه فوزى محمد عبدالمولى وأنه وُلد فى 18 يناير 1945 بمنطقة وادى القمر، وكان يبلغ من العمر 22 عامًا عندما استشهد خلال حرب يونيو 1967، ورغم مرور الزمن بقيت بطاقته الشخصية بحالة جيدة ما ساعد فى تحديد هويته، وتم نشر صورة للشهيد وأخرى له مع أفراد من عائلته على منصات التواصل الاجتماعى مرفق بها طلب للبحث عن أسرته والتوصل إليها، وشاهد ابن شقيقه الصورة وتعرف على عمه الذى لم يره من قبل من خلال صورته مع والده وباقى أقاربه، وسرعان ما ظهرت الأسرة ومعها ما يثبت قرابته التى تأكدت بعد تحليل «دى إن إى»، وبعدها أقامت له القوات المسلحة جنازة عسكرية وأعيد دفنه فى مقابر عائلته.

إننى أعتقد أن وراء كل هذه الصدف منذ العثور على الرفات وحتى التوصل إلى أسرته ودفنه رسالة أراد الشهيد أن يرسلها لنا، ويقول من خلالها إنه استشهد فى أحد أحلك فترات الظلام التى مرت ببلدنا فقد كانت الهزيمة قاسية وموجعة ومؤلمة، بل إنه نفسه كان أحد ضحاياها، ولكن البلد لم تنحنِ ولم تستسلم، وبدأت بعد قليل الاستعداد لاستعادة الأرض وهو ما تحقق فى أكتوبر 1973، جاء العثور على الرفات الطاهر فى وقت تعتدى فيه إسرائيل على غزة ولبنان وتغتال قيادات المقاومة وتدك المنازل والمستشفيات والمدارس ويستشهد بسبب غاراتها آلاف الشهداء، وكأنه يريد أن يقول لا تيأسوا ولا تستسلموا للشعور بالهزيمة مهما كانت قسوة الأحداث وفظاعة الجرائم الإسرائيلية، لقد استشهد عدد كبير من جنودنا فى حرب 67 ولكننا لم نمت، ومن عتمة الهزيمة جاء النهار بفضل الإيمان بقدرات المقاتلين وبعدالة القضية وعزيمة الرجال، وكذلك بفضل العلم الذى تمت على أساسه التدريبات للوحدات المقاتلة والتخطيط لمعركة الكرامة، لقد فقدنا خلال السنوات الست بين الهزيمة والانتصار العديد من القادة، استشهد عبدالمنعم رياض فلم نهتز رغم حزننا وكان هناك من يملأ مكانه، ورحل الزعيم جمال عبدالناصر وتخيل البعض أن مصر انتهت ولكنها حاربت وانتصرت بعد وفاته بثلاث سنوات، لا تقف القضايا الكبرى على أشخاص مهما كانت قدراتهم، ولهذا لن تنتهى القضية الفلسطينية ولا المقاومة ولا حركة حماس باستشهاد إسماعيل هنية، فقد استشهد قبله الشيخ أحمد ياسين وعماد عقل ويحيى عياش ومحمود أبوهنود وصلاح شحادة وإسماعيل أبوشنب وعبدالعزيز الرنتيسى وأحمد الجعبرى ورائد العطار وغيرهم من أبطال المقاومة، ولن ينتهى حزب الله باستشهاد حسن نصر الله وعدد من قادة الحزب، الهزيمة تحدث عندما يفقد الإنسان إيمانه بعدالة قضيته وبقدراته على الاستمرار فى المقاومة ويأسه من استعادة أراضيه المنهوبة.

القضايا باقية والزعماء مهما كانت مكانتهم زائلون، ولهذا ستبقى القضية الفلسطينية وسيستمر النضال والمقاومة وسيتحقق النصر وسيسترد الشعب الفلسطينى أرضه ويعلن دولته المستقلة وإن طال الزمن.