الجمعة 9 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى اختبار أغانى أحداث 7 أكتوبر.. لم ينجح أحد!

وبعد مرور عام بالتمام والكمال على أحداث 7 أكتوبر، وخسارة غزة بأكملها وسقوطها تحت قبضة الاحتلال الإسرائيلي، بل سقوط جميع قيادات حزب الله، وتوغل إسرائيل بريًا فى لبنان، وتوجيه ضربات قوية فى أماكن تجمعات الحوثيين باليمن، وكذلك الهجوم من وقت إلى آخر على بعض مناطق دمشق، والانتصارات المتتالية التى يجنيها العدو بفضل التصرفات العظيمة للجماعات الإسلامية، نأتى إلى حال الأغنية العربية، فنشعر وكأن شيئًا لم يكن، وكأننا نمر بظروف عادية اعتيادية.



 نحن فشلنا فى تقديم أعمال بكثافة تتناسب مع حجم الأحداث التى حلت بالمنطقة على مدار عام، ولم نوثق جرائم الاحتلال الإسرائيلى الوحشي، ولم نخاطب العالم بشكل إنسانى غير أيديولوجى أو حتى أيديولوجى لزيادة الضغط الخارجى على الحكومة الصهيونية الإجرامية، ولم نحشد حتى أنفسنا داخلياً بأغانينا كما كنا نفعل قبل ذلك، ولم يقم أغلب فنانينا بالتعبير عن رؤيتهم لهذه الأحداث المهمة، سواء بالسلب أو الإيجاب!

وعندما ننظر إلى الطريقة التى تعامل معها أغلب فنانينا مع هذه الأحداث، سنجد أن منهم من سخر نفسه للكتابة على منصة إكس مثل «ويجز»، بتويتات ربما تزول بزوال حسابه، أو اختراقه، أو يقوم هو بحذف الحساب بنفسه، ولكنه فى النهاية لم يستغل موهبته فى التعبير عن القضية، أما «عمرو دياب» فقد اكتفى بالتبرع لضحايا غزة ولكنه لم يستغل موهبته أيضًا فى الاشتباك مع الأحداث، وكذلك «محمد منير» فكأنه لم يكن موجودًا طوال هذا العام، ومثلهم جميعًا أغلب الفنانين.

هناك بعض المحاولات الفردية مثل أغنية (تلك قضية) لـ «كايروكى» وهى العمل الأهم والأبرز، والتى حققت نجاحًا خارجيًا أكبر بكثير من النجاح الداخلي، وهذا بسبب ترجمة النص الذى غناه الفريق وكان عبارة عن قصيدة للشاعر «مصطفى إبراهيم»، وقام الكاتب «ولاء كمال» بترجمتها من العربية حتى تصل إلى الجمهور الأجنبى الذى ربما يقع تحت تأثير الإعلام المسيطر عليه من اللوبى الصهيوني، ولذلك هى الأبرز والأنجح.

أما باقى الأعمال الغنائية «البسيطة» فكانت مثل أحوالنا فى التعامل مع هذه الحرب، فكانت تسيطر عليها العشوائية، وعدم الإتقان والتركيز، وكأنها صنعت بغرض التواجد وليس إلا، أو أنها صنعت بمفهوم الترضية، وكأن بعض الفنانين الذين قرروا أن يعبروا عن الحدث، كانوا يشعرون بالذنب فتخلصوا من هذا الإحساس بأغانى ربما لم يتفاعل معها أسرهم أو أقاربهم المقربون إليهم!

كان حجة هؤلاء فى الماضى والتى كانت تقال بشكل غير معلن، إن الغناء السياسى لا يجوز بسبب ما يقال عن فرض الرقابة القوية من السلطة على الفن، ولكن السلطة الحاكمة المصرية تقف قلبًا وقالبًا مع ما يحدث فى فلسطين ولبنان، فلا يوجد حجة لهؤلاء الفنانين كما كانوا يدعون بالباطل قبل ذلك.

الأغنية أهميتها ليست فقط فى شحن الهمم، ولكن أيضًا من أهم أدوارها التوثيق، فأغانى «سيد درويش» وثقت مشاعر الشعب المصرى وقت ثورة 1919، ولدينا أغانى تعبر عن أفكار ثورة يوليو، وحتى وقت النكسة والانكسار، لدينا أغانى تشتبك مع الواقع المرير سواء بالنقد أو بشحن الهمم، وكذلك نصر أكتوبر موثق فى أغانينا، ثورة يناير لديها أغانيها، وكذلك ثورة 30 يونيو، حتى أوقات نصر المنتخب المصرى لكرة القدم موثقة بالعديد من الأغاني.

ولكن عندما جاء حدث جلل مثل الذى وقع فى يوم 7 أكتوبر 2023 فى غزة، لم يكن الغناء حاضرًا، ولم يهتم غالبية الفنانين، وأخشى ما أخشاه، خاصة فى ظل موالاة مواقع التواصل الاجتماعى لتوثيق الرواية الإسرائيلية والوقوف ضد الرواية الفلسطينية العربية، وإن بعد مرور سنوات كثيرة على هذا الحدث، نفاجأ أنه غير موثق بشكل تقنى على المنصات الرقمية، أو حتى على مستوى الوجدان الشعبى عن طريق الأغانى! وكأن شيئًا لم يكن!