الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ملفات بيبى

ملفات بيبى

المتأمل لشخصية المجرم بنيامين نتنياهو يتأكد أنه عاشق لفن التمثيل، فأداؤه وتصرفاته تنم عن شخصية ممثل، لكنه للأسف ممثل باهت الحضور وغير مقنع للجماهير التى تشاهده، رغم أنه يحاول جاهدا إقناع المتلقى بكل السبل بجودة ما يقدمه، ولكن هيهات لأنه وبمقاييس فن التمثيل يعد ضعيف المستوى والأداء، وبالكثير يصلح أن يكون كومبارس صامت (مع احترامى لمن يقومون بأداء هذه الأدوار)، ولكننى أقر وأعترف بأن هذا المجرم يصلح وبجدارة أن يكون عاشقًا لفن آخر ليس له أدنى علاقة بفن التمثيل المحترم، وهو فن الكذب والنصب والاحتيال المقترن بعشق القتل والدماء. وهذا تحديدا ما فطنت له مخرجة أمريكية تدعى أليكسيس بلوم التى حاولت تعويضه عن فشله الواضح فى التمثيل، فقررت من جانبها تقديم فيلم وثائقى عن بطولاته ومغامراته فى عالم الفساد والرشاوى حمل اسم (ملفات بيبى)، الفيلم يتضمن التحقيقات التى أجريت معه فى هذا الشأن بين 2016-2018، ومدى تأثيرها على قراراته السياسية وما تسببت فيه من ضرر على عملية السلام وعلى حقوق الإنسان فى فلسطين. وهى ذات التحقيقات التى كشفت عن حجته فى إطالة أمد حربه المدمرة على قطاع غزة، والتى نتج عنها إلى أكثر من 41 ألف قتيل، حتى يتجنب السجن المحتمل الناجم عن اتهامات الفساد التى تلاحقه، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية.. الفيلم من إنتاج أمريكى إسرائيلى يدعى إليكس جينى ويعتمد على تسجيلات مصورة حصل عليها من الصحفى الإسرائيلى رافيق دوكر الذى يعمل فى القناة 13 الإسرائيلية بخصوص التحقيقات مع هذا المجرم باعتبارها جزءا من الأدلة ضد فساد رئيس الوزراء الإسرائيلى. ووفقا للفيلم الوثائقى الذى يثير غضب إسرائيل، تقدم محامى نتنياهو بطلب لتأجيل المحاكمة المقرر لها الثانى من ديسمبر القادم، مستشهدًا بالحرب الجارية فى غزة كسبب للتأجيل، (ملفات بيبى) يحتوى على العديد من مقاطع الفيديو التى من خلالها تستجوبه أجهزة الشرطة الإسرائيلية الشرطة قبل أن تقدم له رسميا تهم الفساد الموجهة ضده، معتمدا فى ذلك على مئات الساعات من التسجيلات التى سُرِّبت للمخرج. وتضمنت مقابلات لعدد من الشهود، الذين أكدوا بدورهم حصول رئيس الوزراء وزوجته على هدايا مقابل الحصول على خدمات، من بينها تمديد الإعفاء الضريبى لأفراد بعينهم، كما تتضمن لقطات لرئيس الوزراء وهو يتطرق إلى مزاعم مفادها أنه وزوجته قبلا الشمبانيا باهظة الثمن والسيجار الكوبى والمجوهرات من المنتج الهوليودى أرنون ميلشان الذى انتهت فترة إقامته فى أمريكا لولا توسطه شخصيا فى هذا الأمر. التسجيلات وضحت أيضا كيف قلل نتنياهو من شأن الشمبانيا والسيجار باعتبارهما مجرد هدايا من صديق، بينما أنكر معرفته تماما بالمجوهرات.



بالطبع أثار خبر عرض الفيلم ضمن برنامج مهرجان تورنتو السينمائى بكندا العديد من ردود الفعل الغاضبة سواء من قبل الشعب الإسرائيلى الذى عرف حقيقة رئيس وزراء دولتهم الذى تبين مدى فساده، أو من غضبه هو شخصيا، لذلك حاول بشتى السبل منع عرض الفيلم، وهذا ما لم تستجب له إدارة المهرجان، فلجأ إلى المحكمة لمنع العرض ولكن لم يتحقق له ذلك أيضا بعد أن رفضت طلبه. الفيلم ( غير المكتمل) عرض ضمن فعاليات المهرجان فى التاسع من سبتمبر الحالي، على مدار ساعتين مثيرتين تتضمن مشاهد من التحقيقات مع نتنياهو وعائلته وأصدقائه وفريق عمله، إضافة إلى وزير المالية الإسرائيلى السابق، تبين من خلالها كم التنازلات الأخلاقية التى يتم إبرامها على مستوى قمة السلطة السياسية، ومدى تأثيرها على الوضع الجيوسياسى للمنطقة برمتها، ووضحت تأثير هذا الفساد القائم على تلقى الهدايا والمجوهرات والسيجار الفاخر والشمبانيا على ما يحدث الآن فى الشرق الأوسط،، وعلاقة هذه الهدايا بمد فترة الحرب على قطاع غزة وسكانه الذين يعانون من ويلات حرب الإبادة، هذا من جانب ولكن من جانب آخر، أوضح الفيلم عدم اهتمام مجرم الحرب الفاسد ماليا وأخلاقيا بمعاناة العائلات الإسرائيلية التى لا تزال تأمل فى استعادة ذويها، ولكنه وبمشاركة عصابته لا يلتفتون لمثل هذا الأمر.

فيلم (ملف بيبى) وضع أمام المجتمع الدولى الكثير من الألغاز التى يجب كشفها عن حقيقة هذا الممثل الفاشل، الذى يدعى أنه رجل دولة، ويكشف أيضا مدى بجاحته وعدم اللياقة التى يتميز بها هو وعائلته، بداية من زوجته التى وصفت اتهامات لجان التحقيق بأنها مجرد (ترهات) ولا تستحق عناء الرد، وصولا إلى ابنه الذى أتهم ضباط الشرطة بأنهم أعضاء فى (الجستابو) البوليس السرى أثناء فترة الحكم النازى، تعريفات وأوصاف صدرت عن عائلة تبالغ فى تقدير نفسها، حتى ولو جاء ذلك على حساب شعب الكيان، ويكفى أن نتنياهو نفسه يرى أن ادعاءات الفساد الموجهة ضده لا أساس لها من الصحة وأن منافسيه يحاولون اضطهاده هو وعائلته. ولذا يعتبر أن هذا التحقيق لا يخصه من قريب أو بعيد، ثم عاد وادعى بأن التحقيق موجه ضد إسرائيل والديمقراطية (على حد قوله) حتى يفلت من قبضة العدالة، التى حاول الالتفاف حولها، حين قرر هو وعصابته إجراء تعديلات على سلطة المحكمة العليا وتعيين قضاتها حتى يضمن سلامته، وهو الأمر الذى كشفه أيضا فيلم ملف بيبى، والذى من المنتظر أن نرى أفلام أخرى من هذه النوعية، لأن الفاسدين فى دولة الكيان كثر.