الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رسالة أمل من ليننجراد إلى غزة

رسالة أمل من ليننجراد إلى غزة

الأسبوع الماضى حلت الذكرى 83 لحصار ليننجراد وهو أحد المآسى الكبرى والملاحم الخالدة فى الحرب العالمية الثانية وفى تاريخ العالم الحديث، صمود الشعب السوفيتى وقتها ظل مضرب الأمثال حتى الآن، وهو ما نعيش مثله الآن مع الشعب الفلسطينى فى غزة الصامدة ضد العدوان والحصار الإسرائيلى، وما أكثر التشابه بين حصار المدينتين العريقتين وصمود الشعبين البطلين، حصار مدينة ليننجراد استمر لمدة 842 يوما، بدأ فى 9 سبتمبر 1941 وانتهى مع تراجع الجيش الألمانى يوم 27 يناير 1944، وخلف خسائر بشرية قدرت بنحو مليون شخص بينهم ما يقرب من 140 ألف طفل ماتوا بسبب القذائف المدمرة والجوع والمرض ونقص الأدوية والبرد القارس، أما غزة المحاصرة حتى الآن ففى خلال 330 يوما استشهد ما يقرب من 57 ألفا أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وأصيب ما يقرب من 94 ألفا بجراح، وهى أرقام تزيد يوما بعد يوم وستتوالى فى الزيادة طالما استمر العدوان والحصار الغاشم ووقوف العالم مكتوف الأيدى إزاء إسرائيل، وفى ظل تواطؤ الحكومة الأمريكية السافر معها وإمدادها المتواصل بالأسلحة ومحاولتها منع أى إدانة دولية حقيقية لها.



فى حصار ليننجراد ألقى الجيش النازى الألمانى بنحو 75 ألف قذيفة على المدينة ودمروا مخازن الغذاء والوقود، وتركوا أهل المدينة بلا طعام ولا دواء وتحت الثلوج والصقيع، ولم يكن هناك وسيلة لوصول المساعدات الضئيلة للغاية من الغذاء والوقود إلى الأهالى المحاصرين سوى عن طريق بحيرة لادوجا وبصعوبة بالغة، وفى غزة قطعت إسرائيل الخدمات الرئيسية وعلى رأسها الماء والكهرباء ومنعت دخول الوقود والدواء والمساعدات الإنسانية وهى حسب وصف منظمة هيومان رايتس ووتش أعمال عقاب جماعى ترقى إلى جرائم حرب، كما استهدفت الغارات الجوية المدارس والمستشفيات التى خرجت من الخدمة وتوقفت عن العمل خاصة مع استهداف الأطقم الطبية، ومنذ الحصار ليس هناك وسيلة لوصول المساعدات إلى المحاصرين فى رفح وغزة سوى ممر فيلادلفيا الذى تسيطر عليه حاليا قوات إسرائيلية وتمنع مرور أى مساعدات غذائية ودوائية إلا بموافقتها وعبر مناشدات من المنظمات الدولية وجهود مصرية، ولكن رغم التشابه الكبير بين حصار الجيش النازى الألمانى لليننجراد وبين حصار الجيش النازى الصهيونى الإسرائيلى لغزة فإن هناك العديد من الفوارق بينهما، فقد كانت الحرب العالمية الثانية بين جيوش نظامية وكان يدافع عن مدينة ليننجراد الجيش السوفيتى مدعوما بمساعدات من دول الحلفاء وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، وكانت إمدادات السلاح تتوالى على الجيش السوفيتى ما ساعده فى النهاية على فك الحصار عن المدينة وإيقاع الهزيمة بالجيش الألمانى وكانت هذه بداية النهاية لألمانية النازية، أما فى غزة فإن المقاومة الفلسطينية تقف وحيدة وتقاوم بأسلحة بسيطة ليس لها دعم عالمى سوى المناشدات التى لا تجدى بوقف العمليات العسكرية أو المطالبات الخجولة بعمل هدنة إنسانية مؤقتة، ورغم ذلك فإن المقاومة تضرب أروع الأمثال فى الصمود وفى مواجهة قوة غاشمة تعبث بكل القوانين الإنسانية وتجعل من الأمم المتحدة منظمة عاجزة مشلولة فقدت هيبتها وفى طريقها إلى الموت الإكلينيكى، كانت ألمانيا تستهدف ليننجراد لما لها من رمزية كبيرة لدى العالم والشعب السوفيتى وباعتبارها واحدة من أكبر المدن السوفيتية، وأن سقوطها كان سيؤدى إلى هزيمة الاتحاد السوفيتى وبعده كانت ستتهاوى كل دول الحلفاء المتعاونين ضد النازية، وأيضا غزة لها رمزيتها الكبيرة وسقوطها وهزيمة المقاومة يعنى نهاية فلسطين إلى الأبد، ولكن كما كانت ليننجراد بداية النهاية لهتلر وأعوانه فإن غزة بمقاومتها ستكون بداية الاعتراف الدولى بدولة فلسطين المستقلة ذات السيادة.

انتصار أهالى ليننجراد على النازيين يعطينا الأمل فى انتصار الفلسطينيين على النازيين الجدد، فأوجه التشابه كبير بين المدينتين، ولعل هذا ما جعل الرئيس الروسى بوتين يشبه ما يحدث فى غزة بما حدث فى ليننجراد ويتنبأ بالانتصار الفلسطينى كما حدث مع الروس منذ 83 عاما.