ربع تون.. التفكير داخل الصندوق.. سر نجاح «تووليت»
محمد شميس
مفهوم «التفكير خارج الصندوق»، والسعى وراء التميز والتفرد أصبح مسيطرًا على الكثيرين فى الآونة الأخيرة، وذلك بعد أن ساهمت وسائل التواصل الاجتماعى وشبكة الإنترنت فى سهولة ترويج الجميع لأفكارهم ومشاريعهم فى مختلف المجالات، وصارت المنافسة صعبة للغاية.
هذا المفهوم قد يظن البعض أنه مسيطر علينا فى أوساطنا المحلية والعربية فقط، ولكن الحقيقة أنه أصبح مفهومًا عالميًا لدرجة أن هناك كتبًا أصبحت تؤلف خصيصًا ومنها على سبيل المثال لا الحصر «Out of the box thinking for successful managers».
ولكن على طريقة الفنان القدير «توفيق الدقن» فى فيلم (الشيطان يعظ)، عندما قال «الناس كلها بقت فتوات أمال مين اللى هينضرب»، فإذا كان كل الفنانين والمغنين يريدون أن يصنعوا أعمالهم بأفكار خارج الصندوق.. فمن إذن سيبقى بداخله؟!
وهذا ما فعله «تووليت» بكل بساطة، عندما قرر أن يقدم للجمهور «موسيقى» بأفكار تقليدية للغاية ومن قلب الصندوق وليست فقط من داخله.
«تووليت» فى أول ألبوماته (غريب) قدم نفسه كـ«رابر» فى أغلب الأعمال، وما أكد هذا التصنيف هو تعاونه مع الرابر المتميز «ليجى سي»، ولكنه لم ينتشر بشكل يجعله ينافس زملاءه الرابرز، وخاصة أن سوق الراب تأسس منذ فترة، وأصبح له رموزه ونجومه، وبات من الصعب أن يظهر «رابر» جديد، يستطيع خطف الأنظار، ولذلك قرر «تووليت» أن يقدم نفسه كمغنى أشبه بمغنى الـ«بوب».
تسابق الرابرز على تقديم أفكار خارج الصندوق، جعل أغانيهم شبه معقدة، وهذا التعقيد يجذب إليه شرائح محدودة جماهيريًا، ولذلك انتشرت ظاهرة محللى أغانى الراب على منصات يوتيوب وتيك توك وإنستجرام، لتفسير الـ«بارات» والـ«نكش» فى الكلمات، أما فى سوق موسيقى الـ«بوب» وبعد أن شعر الجمهور برتابة ما يقدمونه من أفكار عاطفية، فكان الاتجاه لتجديد مفردات الأغانى والاستفادة من جرأة ما يقدم فى المهرجانات من أفكار ومصطلحات، بل إن صناع المهرجانات أنفسهم أصبحوا صناع الكثير من أعمال أهم مغنى الـ «بوب» مثل «عمرو دياب وأنغام وهانى شاكر».. إلخ
وبكل بساطة جاء «تووليت» ليقدم نفس الأشكال الموسيقية التقليدية من داخل الصندوق، ويعيد تقديمها للجمهور بطريقة غناء وسط ما بين الـ«بوب»، والـ«راب»، وبمواضيع أغلبها عاطفى، بكلمات مباشرة وسهلة الفهم من المرة الأولى للسماع، وبعيدًا عن المصطلحات أو الإفيهات، فنجح.
والدليل على ما أقول سنجد أن أشهر أغانيه (حبيبى ليه)، هى أغنية عاطفية، ومبنية على شكل الـ«مقسوم»، وأغنية (ماتيجى أعدى عليكي) تنتمى إلى موسيقى الـ«فلامنكو»، وهذان النوعان بنى عليهما «عمرو دياب» أسطورته كأيقونة من أيقونات الـ«بوب» العربى، ولذلك فما يقدمه «تووليت» ليس بجديد على الإطلاق كما يروج الكثيرون.
وبمناسبة «عمرو دياب»، فالكليب الأشهر «لتووليت» هو محاكاة لبعض مشاهد «عمرو دياب» فى فيلم (آيس كريم فى جليم)، وهذا ما ضمن لهذا المغنى الشاب القبول من قبل الجمهور الأكبر كثافة على الساحة المنتمى للهضبة، وهذا فيما يخص أسلوبه الفني.
ولكن فيما يخص الدعاية، فـ«تووليت» قدم نفسه للجمهور بأفكار «خارج الصندوق»، فهو أول مغن «مقنع» فى الوطن العربى، صحيح أن ظاهرة المجهولين فى الغناء ليست بجديدة ولدينا نماذج أجنبية شهيرة مثل sia، وMarshmello، ولكن فى الوطن العربى فالوضع جديد علينا.
والقناع ساهم بشكل كبير فى زيادة شعبيته، لأنه فتح باب التكهنات عن من هو هذا الفنان، ولماذا يغنى متخفيًا؟ بالإضافة إلى اسمه أيضًا الذى يزيد من علامات الغموض.
ويبقى التحدى الحقيقى الآن لهذا الفنان هو الاستمرارية، خاصة أنه نجح بسبب توجه أغلب الفنانين إلى التجديد، فعندما قام هو بإعادة تدوير ما ابتعد عنه أغلب الفنانين على الساحة فنجح، وعليه أن يدرك، أن نفس الجمهور الذى أجبر أغلب المغنين على البحث «خارج الصندوق»، ربما سينصرفون عنه أيضًا لاحقًا إذا شعروا بالتشبع من محتواه، وربما هذا هو السبب الرئيسى فى سعيه إلى تقديم أغنية على طريقة «المهرجانات» كإمعان فى التنوع وإرضاء أغلب الأذواق.>