السبت 9 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بين السياسة التقدمية.. واليمينى المتطرف هل يمكن أن تشهد الولايات المتحدة انتقالًا سلميًا للسلطة؟

فى لقاء مع الرئيس الأمريكى جو بايدن على شبكة «سى. بى. إس» أعرب فيه عن «عدم ثقته» فى حصول انتقال سلمى للسلطة إلى كامالا هاريس فى حال خسارة دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية.



وأكد بايدن- البالغ من العمر 81 عامًا،  الذى أعلن انسحابه من السباق الرئاسى فى يوليو الماضى لدعم ترشيح نائبته كامالا هاريس للرئاسة عن الحزب الديمقراطى - أن تلميحات ترامب بعدم تقبل الخسارة يجب أن تؤخذ بجدية.

وأشار بايدن إلى تهديدات ترامب السابقة بإحداث «حمام دم» فى حال خسارته، مشيرًا إلى أن أحداث الكونجرس فى 2020 ما هى إلا «بروفة» لما قد يحدث فى بلاد الديمقراطية.. ترامب الذى وعد أعداءه داخل الولايات المتحدة وخارجها بالانتقام فور وصوله للكرسى البيضاوى ما زال يحذر ويؤكد: «أنا القادم.. استعدوا».

>حمام الدم

فى حوار بايدن مع الشبكة الأمريكية، استشهد مرارًا   بواقعة  اقتحام الكونجرس فى السادس من يناير 2021، وتصريحات ترامب التى تضمنت تحذيرًا حرفيًا من «حمام دم» إذا خسر الانتخابات، موضحًا أن ترامب كان يتحدث فى سياق استيراد السيارات الكهربائية من الصين، لكنه يعلم جيدًا أن هذا التحذير لن يتخذ فى هذا السياق.

ومع إصرار ترامب على أن انتخابات 2020 سرقت منه، اتهم بايدن الرئيس السابق بالسعى لتعيين حلفاء له فى مناصب أساسية بلجان انتخابية فى ولايات أمريكية للتلاعب بنتائج الفرز إذا خسر مجددًا.

 

 

 

وقال بايدن: «لا يمكن أن يكون حبك للبلاد مشروطًا بفوزك»، مؤكدًا أن خصمه يشكل تهديدًا للديمقراطية الأمريكية. وتتبنى هاريس هذه المقولات أحيانًا، لكنها تركز أكثر على رؤية إيجابية فى حملتها التى أعادت تنشيط الديمقراطيين، وجمعت ملايين الدولارات، ما منحها تقدمًا على ترامب فى الاستطلاعات.

فى المقابل تؤكد هاريس أنها تعرف جيدًا كيفة التعامل مع «أمثال ترامب»، مضيفة أن عملها سابقًا مدعية عامة مكّنها من متابعة أنواع مختلفة من المجرمين.

تصريحات هاريس جاءت خلال تجمع انتخابى فى فيلادلفيا بعد إعلانها باختيارها تيم والز، التقدمى الديمقراطى، نائبًا لها.. ليبادر ترامب ونائبه جى دى فانس باتهام هاريس ووالز بأنهما «أعداء السامية».

وقالت المرشحة الرئاسية السابقة نيكى هايلى عن الحزب الجمهورى، إن اختيار كامالا هاريس لتيم والز نائبًا لها فى حملتها الانتخابية يؤكد على نهج الديمقراطيين لمعاداة السامية فى حملتهم الرئاسية.

معاداة السامية أصبحت التهمة الجديدة التى ينتهجها ترامب وفريقه بل حزبه ضد أى مرشح رئاسى.. كما اتهم بايدن سابقًا وكذلك كل اليهود فى أمريكا فى حال تصويتهم للحزب الديمقراطى فهم كفار.. لا يعتبرون يهودًا حقيقيين.

وبعد اختيار هاريس الذى يحظى بدعم قوى لدى مسلمى الولايات المتحدة، ولأنه حاكم ولاية مينيسوتا، التى توجد فيها جالية مسلمة كبيرة نسبيا ذات قيمة انتخابية مرتفعة، يعتبر اختيار والز ترضية للناخبين المسلمين. وفى الانتخابات التمهيدية للولاية، اختار أكثر من 18 % من الناخبين الديمقراطيين فى الانتخابات التمهيدية للولاية خيار «غير ملتزمين» بدلاً من دعم الرئيس جو بايدن كوسيلة للاحتجاج على دعمه غير المشروط لإسرائيل.

وقالت إلهان عمر، وهى من أشد منتقدى إسرائيل، إنها لم تصوّت فى الانتخابات التمهيدية الرئاسية فى مينيسوتا، رغم أنها أشادت بالناخبين غير الملتزمين لاستخدامهم الانتخابات التمهيدية لإرسال رسالة إلى الرئيس بايدن.

ونظريًا، يمكن لوالز - وبصفته حاكم ولاية مينيسوتا- أن يدعم حظوظ هاريس فى الفوز بمينيسوتا بعدما قلّ فارق تقدم هاريس على دونالد ترامب خلال الأسابيع الأخيرة، كما أنه يدعم حظوظ الديمقراطيين فى 3 ولايات متأرجحة تجاور مينيسوتا، مثل ويسكونسن، أو تقترب منها مثل بنسلفانيا وميشيغان.

وتعد الولايات الثلاث من بين ولايات «حزام الصدأ» الذى منح اختيار ترامب لنائبه جى دى فانس بعض الأفضلية فى هذه الولايات لبعض الوقت. ومن شأن اختيار والز أن يستعر السباق على الفوز بهذه الولايات التى يدعى كل منهما، (والز وفانس) أن خلفيته وخبرته تقربه من فهم المزاج العام لناخبى هذه الولايات.

>الحزام الحاسم!

ويتطلع الديمقراطيون للظفر بولايات حزام الصدأ فى الغرب الأوسط التى دعمت تاريخيًا الديمقراطيين، لكنها صوتت لترامب فى انتخابات 2016 قبل أن يسترجعهم بايدن بفارق ضئيل عام 2020، ومن المرجح أن تكون الولايات الثلاث محورية للظفر بالبيت الأبيض فى نوفمبر المقبل.

وقال والز مؤخرًا إنه يتوقع أن يكون هناك سباق رئاسى متقارب فى ولاية مينيسوتا، رغم أنه توقع أن يخسر ترامب للمرة الثالثة. وتفاخر ترامب باحتمال فوزه بالولاية أثناء حملته الانتخابية هناك فى الأشهر الأخيرة.

برز الحاكم تيم والز مرشحًا لمنصب نائب الرئيس، بسبب دعم قطاع كبير من التيار التقدمى داخل الحزب الديمقراطى لمواقفه وسياساته التقدمية. فى الوقت ذاته، يمثل اختيار والز رسالة طمأنة للناخبين التقدميين والمسلمين ممن عارضوا موقف إدارة بايدن الداعم للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وذلك على الرغم من سجله الداعم لإسرائيل، فإن هذا الدعم معتدل بمعايير السياسة الأمريكية المعاصرة.

وخلال تمثيله الولاية فى مجلس النواب، لم يعرف عن والز التطرف فى دعم إسرائيل، ونجح فى الحصول على تأييد منظمة «أيباك»، أكبر منظمات اللوبى الإسرائيلى، وقال أمام مؤتمرها العام عام 2010 إن «إسرائيل هى أصدق وأقرب حليف لنا فى المنطقة، مع الالتزام بقيم الحريات الشخصية، محاطة بجوار صعب جدًا».

>التحول الانتخابى

هاريس وترامب وفريقمها حولا الانتخابات إلى ساحة حرب لا بد من قتل فرد لإعلان انتصار الآخر، ويمكن أن تكون أيضًا اتجهت نحو اتجاه آخر، إلى معركة بين امرأة ورجل. ويحمل هذا الموقف رمزية سياسية كبيرة لها معانٍ قيمية مهمة لقطاعات عريضة من المجتمع الأمريكى. فكامالا هاريس نائبة الرئيس كريمة المهاجرين ذوى الأصول الإفريقية والهندية التى شقت طريقها التعليمى ثم كافحت وظيفيًا وسياسيًا لتصبح مدعيًا عامًا فى مدينة سان فرانسيسكو ثم ولاية كاليفورنيا تنافس رئيسًا سابقًا أبيض - دونالد ترامب- من عائلة ثرية ومتهمًًا فى عدة قضايا جنائية ومدنية وسياسية، لكنه يعى جيدًا استخدام أسلحته النارية فى قلب الموازين فى العالم كله وليس داخل أمريكا فقط.. لذا يمكن بمنتهى السهولة تحويل الولايات المتحدة إلى حمام دم فعلى حال خسارته المكتب البيضاوى.

وبذلك باتت هاريس ترمز إلى مبادئ  المساواة  السياسية  فى الحقوق والواجبات التى تنشدها جماعات المرأة والأقليات والمهاجرين والعمال أمام وجه أمريكا الآخر. ذلك الوجه الذى يتميز بالذكورية البيضاء المسيحية ويتحكم فى رؤوس أموال كبيرة وله نزعات عنصرية ضد الأقليات والمهاجرين. ومن ثم فقد أحدث اختيارها حراكًا قويًا لدى تلك القطاعات المؤيدة للحزب الديمقراطى. وبدا الحزب أكثر تحفزًا للفوز وربما تحسنت فرصه.كما بدأت سردية سياسية جديدة للحزب الديمقراطى تكتسب رواجًا وقبولًا لدى الرأى العام الأمريكى، بحيث يظهر الحزب أكثر مسئولية واحترامًا لرغبة الناخبين.