الاستسهال فى الكوميديا خلق حالة الملل: إكس مراتى.. وغلطة الشاطر

سارة سراج
فن صناعة الضحك هو فن لا يجيده سوى المحترفين خاصة عندما يُقدم لشعوب تربت على قامات فنية كبيرة صنعوا مدارس كوميدية يسير على دربها الفن المصرى والعربى إلى وقتنا هذا، إلى جانب أننا شعوب ساخرة بطبيعتنا نخلق الإفيه من أى موقف ونحول أى حزن لضحك حتى نخفف عن آلامنا ولذلك من أصعب أنواع الدراما - خاصة المُقدمة للجمهور المصرى والعربى - هى الكوميديا ولذلك لجأ الكثير من المؤلفين فى السنوات الآخيرة لكوميديا الموقف وهى السائدة والأكثر ضمانة فى التأثير على الجمهور من كوميديا الإفيه لأن الإفيه يمكن أن يُضحك واحد من عشرة فلا يلقى العمل الفنى النجاح المرجو.
ذلك ما حدث بالفعل مع فيلم (إكس مراتى) الذى يُعرض على شاشات السينما فهو مبنى على فكرة مميزة، زوج فى مواجهة مع طليق زوجته المجرم فيحاول التهرب من مواجهته بالحقيقة إلى أن يأخذ القرار ويتحمل عواقب ذلك، فكرة خفيفة من الممكن أن يتم البناء عليها دراميا بمواقف كثيرة كوميدية ومفارقات يخرج منها إبداع وضحك سواء من كوميديا الموقف أو الإفيه، لكن ذلك لم يتحقق فى هذا العمل الفنى الذى اعتمد فى الأساس على كوميديا الإفيه وفشلت معظمها فى إثارة الضحك إلى جانب افتقاد العمل للإيقاع السريع للأحداث الذى من المفترض أن تتميز به تلك النوعية من الدراما الجامعة بين الكوميديا والأكشن، فخرج العمل بإيقاع بطىء ومط وتطويل فى الأحداث يبعث الملل نوعا ما أثناء المشاهدة.
ولو تحدثنا عن رسم الشخصيات فقد نجد بعض الجوانب الإيجابية التى تجعلك كمُشاهد تتعايش معها، على سبيل المثال شخصية «طه» التى يجسدها «محمد ممدوح» تجد الرسم الجسمانى للشخصية مميز جدا من حيث الملابس التى تليق بكونه مجرم وشكل الذقن وسلسلة الرقبة وأيضا طريقة الكلام والألفاظ التى يستخدمها مع الرسم النفسى للشخصية فهو مجرم خطير، قاتل ونصاب، لكنه ضعيف أمام حبيبته وزوجته السابقة، ذلك المزج جسده «محمد ممدوح» باحترافية وصدق يجعلك كمُشاهد تتعايش وتتعاطف معه، أما عن «هشام ماجد» فى دور «الدكتور يوسف» المحترم الملتزم أو الألمانى كما يصفونه فى العمل، فهو بالفعل ملتزم فى مواعيده ونظام حياته ويعكس ذلك مظهره المهندم وشكل الشعر مع النظارة، مما يُدخلك معه فى حالة الشخصية فتصدقه وتتعايش معه أيضا، ولو أن تلك التفاصيل لا تختلف نهائيًا عن شخصيته فى فيلم (فاصل من اللحظات اللذيذة) فكان من الممكن من صناع العمل إضافة تفاصيل آخرى ليُحدث بعض الاختلاف خاصة وأن العملين عرضا فى نفس الفترة الزمنية وهى موسم الصيف، ولو تحدثنا عن «أمينة خليل» فى دور «سحر» فملامح الشخصية ليست واضحة بشكل كبير فلا تستطيع أن تُجزم هل هى من مستوى اجتماعى بسيط ولذلك تزوجت سابقا من «طه» وذوقها فى الملابس أقرب لتلك الطبقة، أم أنها من مستوى اجتماعى مرتفع فتتحدث بالإنجليزية وبطريقة كلام توحى بأنها مثقفة وراقية، ذلك التناقض ظهر بشكل كبير على الشاشة وتاهت داخله دوافع الشخصية للارتباط بهذا أو ذاك وتاه المنطق الدرامى أيضا.
إلا أن الموسيقى التصويرية جسدت حالة المشاهد والشخصيات بإبداع ففى مشاهد التراچيديا سيطرت آلة الكمان أما فى المشاهد التى تسيطر عليها حالة الخطر والإجرام تسمع آلة الكونتراباص الغليظة وأحيانا يجمع مشهدان بين الحالتين كما فى المشهد الأول لبطلة العمل فى السجن، تارة تسمع آلة الكونتراباص بطيئة لتنقل لك حالة الشخصية الخطرة وبعدها تتسارع آلة الكمان لتعكس براءة وطفولة الشخصية ومن هنا جاء الإبداع.
لذلك (إكس مراتى) يجمع عددا من العناصر الفنية القوية ومنها الفكرة والممثلين والموسيقى التصويرية لكن لم يتم استغلالها فنيا بذكاء واحترافية تجعلك تتذكر المثل الشهير «غلطة الشاطر بألف».>