إذا لم يتصرف العالم بشكل حاسم لإنهاء زواج الأطفال اليونيسيف يتوقع وجود أكثر من 9 ملايين فتاة معرضة للزواج فى مرحلة الطفولة فى عام 2030
نعمات مجدى
رغم الخطوات الجادة التى خطاها العالم للحد من انتهاك حقوق الإنسان، ما زالت هناك أبواب لم تغلق بعد، ويأتى من ضمنها حرمان الفتيات من التمتع بحقوقهن كأطفال، وتزويجهن بشكل قسرى فى مرحلة طفولتهن.
فعلى الرغم من وجود هدف أممى للتنمية المستدامة يدعو إلى «تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات»، من خلال عدة طرق منها ضرورة القضاء على جميع الممارسات الضارة من قبيل زواج الفتيات القُصَّر، جاء تقرير لمنظمة اليونيسف ليوضح أن العالم على بعد 300 عام على الأقل من إنهاء زواج الأطفال، مع توقع وجود أكثر من 9 ملايين فتاة معرضة لزواجها فى مرحلة الطفولة فى عام 2030، إذا لم يتصرف العالم بشكل حاسم لإنهاء زواج الأطفال.
تقرير اليونيسيف لعام 2023 الذى حمل عنوان «هل نهاية زواج الأطفال فى متناول اليد؟»، أوضح أن زواج القاصرات ظاهرة عالمية تتراجع ولكنها ما زالت مصدر قلق عالمى، فهناك نحو 640 مليون فتاة وسيدة على قيد الحياة تزوجن فى سن الطفولة أى أقل من 18 عامًا، يتركز معظمهن فى جنوب آسيا بنسبة 45 % من الإجمالى العالمى، ثم فى إفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 20 % من الإجمالى العالمى، ثم شرق آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 1 5 %، أما دول منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبى فقد استحوذت على نسبة 9 % عالميًّا، فيما كانت النسبة متراجعة كثيرًا فى أوروبا وأمريكا الشمالية، كما انخفض الانتشار العالمى لزواج الأطفال فى العقدين الأخيرين؛ حيث إن نحو 56 % من المتزوجات قبل سن 18 عامًا يتمركزن فى الفئة العمرية فوق سن 40 عامًا حاليًّا، مقابل 3 % فى الفئة العمرية أقل من 18 عامًا.
سرعة التحرك العالمى
فإن ظاهرة زواج القاصرات ستتطلب وقتًا طويلًا حتى يتم القضاء عليها، وأن هناك حاجة ماسة إلى سرعة التحرك العالمى للقضاء على هذه الظاهرة، فإنه يقترح تسارع كل الدول التى تنتشر بها تلك الظاهرة لتعديـل قوانيـن الأحـوال الشـخصية بها؛ بحيث يضمن تجريم كل المشاركين فيها، مع الالتزام بتنفيذ القانون والحد من وجود أى ثغرات ومحاولات للالتفاف عليه، وتكثيف الحملات التوعويــة للمناطق التى تنتشر بها حالات زواج القاصرات بالتوازى مع تركيز عمليات التنمية وزيادة الدعم الاقتصادى للأسر والاهتمام بالتعليم بها لتحسين مستويات الأهالى المعيشية وغلق المبررات أمامهم لتزويج الفتيات، وتكثيف حملات تنظيم الأسر والاهتمام بصحة المرأة الإنجابية من أجل مكافحة مشكلة الحمل المبكر.
التعاون المشترك فى مجال حماية الفتيات
وفى السياق ذاته استقبلت د.سحر السنباطى رئيسة المجلس القومى للطفولة والأمومة، وفداً من صندوق الأمم المتحدة للسكان، وذلك لبحث سبل التعاون المشترك فى مجال حماية الفتيات من الممارسات التى تلحق بهن والتى على رأسها زواج الأطفال.
ومن جانبها، أشادت «السنباطى» بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، كونه شريكًا أساسيًا لدعم قضايا الطفولة، لافته أن الشراكة اثمرت بتنفيذ العديد من البرامج الناجحة على مدار عقود مضت.
وأكدت رئيسة المجلس، أن زواج الأطفال يعتبر انتهاكًا لحقوق الطفل، ويحرم الفتيات من حقهن فى حياة آمنة ومن حقهن فى التعليم ويؤثر على صحتهن النفسية والجسدية.
وقالت «السنباطى» إن المجلس القومى للطفولة والأمومة سيعمل على إيجاد حلول سريعة وعاجلة فى مواجهة هذه المشكلة وذلك من خلال تنفيذ برامج متكاملة وأنشطة مع الفتيات وأسرهن لمناهضة العنف بكل صوره وأشكاله، وأن هذه الأنشطة سيتم ربطها بتعليم بعض الحرف لتمكين الفتيات اقتصاديًا فى المستقبل والتى تساهم فى احياء تراث بعض الحرف والفنون اليدوية، على أن يتم التنفيذ فى المدارس المجتمعية وفى قرى حياة كريمة، والمجتمعات العمرانية الجديدة.
وأوضحت «السنباطى» أنه سيتم العمل على خطة عمل طموحة بمؤشرات واضحة وقابلة للقياس مع اختيار المحافظات التى تتضمن أعلى نسب فى التسرب من التعليم، مشيرة إلى أن هذه البرامج والأنشطة سيتخللها حملة توعوية قوية لرفع وعى الآباء والأمهات بكل ما يخص الأطفال من الممارسات الضارة التى تلحق بالفتيات أو القضاء على العنف مع دمج الرسائل الصحية أيضا.
ومن جانبه، أعرب وفد صندوق الأمم المتحدة للسكان عن سعادته باستكمال مسيرة الانجازات التى بدأها مع المجلس القومى للطفولة والأمومة، مؤكدًا دعمه الكامل لأنشطة المجلس التى تعمل على تحقيق مصلحة الطفل الفضلى.
مصر رائدة فى الحد من زواج الأطفال
ولقد بذلت مصر جهودًا كبيرة للحد من زواج الأطفال فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ فعلى الرغم من وجود فتاة من كل ست فتيات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متزوجة قبل سن 18عامًا، كان هناك فى الـ25 عامًا الماضية تقدم كبير فى الحد من تلك الظاهرة، وكانت مصر رائدة فى الحد من زواج الأطفال خاصة بين الأسر الفقيرة، من خلال تبنى عدة مبادرات تستهدف هذا الأمر منها تفعيل الاستراتيجية القومية لمناهضة الزواج المبكر (2015 – 2020) التى ركزت على المناطق الجغرافية التى تنتشر فيها الظاهرة.
كما تم إطلاق برنامج وعى للتنمية المجتمعية، من خلال عدة محاور، منها: الاتصال المباشر مع الأهالى فى القرى التى تشهد ارتفاعًا كبيرًا فى زواج القاصرات لتوعيتهم بمخاطر ذلك، وتفعيل الجهد الاستباقى لوقف الزواج قبل حدوثه عبر قيام وحدات تكافؤ الفرص فى جميع المحافظات برصد حالات الخطوبة المبكرة مع العمل على تحسين الأحوال المعيشية للأسر الفقر؛ لبتر الأسباب التى تدفع الأسر الفقيرة لتزويج بناتها فى سن مبكرة، وتلعب المبادرة الرئاسية حياة كريمة دورًا رئيسًا فى ذلك الأمر، وكذلك اشتراط تعليم الأطفال للحصول على معاش الحماية الاجتماعية للأسر الفقيرة، المعروف باسم «برنامج تكافل»، الذى اشترط أن تكون الأسرة المتقدمة له لديها أبناء من سن السادسة لسن الثمانية عشر عامًا بمراحل التعليم المختلفة.
فضلا عن مبادرات لتعديلات قانون الطفل والأحوال المدنية؛ لتجريم هذه الظاهرة ووضع نصوص تشريعية رادعة للأهالى والمشتركين فى تلك الجريمة.