أحمد الطاهري
وسط تحذيرات مصرية من اتساع دائرة الصراع فى الشرق الأوسط.. انفجار مجلس الحرب الإسرائيلى.. ونتنياهو يواجه شبح السقوط
شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية الأسبوع الماضى، على ضرورة إزالة كل العراقيل أمام إنفاذ أو دخول المساعدات الإنسانية لأهالى قطاع غزة، بالإضافة إلى حتمية وقف هذه الحرب ووقف إطلاق النار ومنع توسيع دائرة الصراع، والمضى قدمًا فى حل الدولتين، وهذا هو الخطاب المصرى الذى استمع إليه أنتونى بلينكن وزير الخارجية الأمريكى خلال زيارته للقاهرة الأسبوع الماضى، والذى شهد تطورات كثيرة ومتلاحقة، تخللتها زيارة بلينكن بالجولة الثانية له منذ أكتوبر الماضى، ومقابلة الرئيس السيسى والاستماع إلى المحددات المصرية الواضحة التى عكسها بيان رئاسة الجمهورية.
وقال الصحفى والإعلامى أحمد الطاهرى رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة ورئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» خلال برنامج «كلام فى السياسة» والذى يعرض على شاشة قناة «إكسترا نيوز» إن بيان رئاسة الجمهورية شهد التشديد على إزالة كل العراقيل أمام دخول المساعدات الإنسانية لغزة، وإن حلقة البرنامج ستتوقف بالرصد والتحليل أمام آخر التطورات فى قطاع غزة والحرب الشنعاء التى تقودها إسرائيل فى القطاع.
صفعة قوية لـ«نتنياهو»
عرض «برنامج كلام فى السياسة»، تقريرًا تليفزيونيًا بعنوان «انفجار مجلس الحرب الإسرائيلى.. الدلالات والسيناريوهات».
صفعة قوية تعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بعد استقالة 4 من قادة معسكره الحربى فى يوم واحد، ليجد نتنياهو نفسه أمام شبح سقوط حكومته فى وقت تشتد فيه نداءات عالمية لوقف الإبادة الجماعية فى غزة.
واستقال كل من بينى جانتس زعيم حزب الوحدة الوطنية، وآيزنكوت العضو فى حكومة الحرب، وحيلى تروبير الوزير الإسرائيلى من حزب معسكر الدولة، وكذلك آفى رونزفيلد قائد فرقة غزة فى الجيش الإسرائيلى.
وجاءت هذه الاستقالات بعد ساعات من مجزرة مخيم النصيرات التى وُصِفت بأنها الأكثر دموية فى الحرب الدائرة منذ 8 أشهر على قطاع غزة، إذ أكد قادة الجيش الإسرائيلى أن نتنياهو يسعى إلى عرقلة القرارات الاستراتيجية لخدمة أهدافه السياسية.
وجاءت هذه الصفعة فى وقت يحاول فيه نتنياهو تسجيل أى مكاسب تذكر منذ بداية اجتياح رفح الفلسطينية، ورغم عثوره على 4 من المحتجزين الإسرائيليين؛ فإن شبح الاستقالات فى حكومته أصبح ينذر بسقوطه فى شباك أقرانه بصورة مسرعة، بعد أن اتحدت أصوات حزبه الليكود مع الشارع الإسرائيلى لإنهاء حكم نتنياهو.
انكشاف القدرات الإسرائيلية
قال الإعلامى والكاتب الصحفى أحمد الطاهرى، إن إسرائيل حدث لها أكبر حالة انكشاف فى الفترة الماضية، موضحًا: «هذا الانكشاف حدث فى قدراتها وتكتيكاتها وحالات التعبئة وأمور لوجستية كثيرة».
وأضاف «أحمد الطاهرى»: «سقطت الكثير والكثير من الأوهام، وإسرائيل تعوض ذلك بجرائم، وهناك احتفال وهمى بتحرير رهائن، والعالم يصمت أمام قتل 200 إنسان فى النصيرات»، متابعًا: «حدثت حالة انكشاف فى 7 شهور لهذه القدرات بشكل أو بآخر، وحدث خلاف فى مسألة التجنيد والتعبئة.. ماذا بعد؟».
أهداف زيارة بلينكن للمنطقة
قال عزت إبراهيم، رئيس تحرير الأهرام ويلكى، إن هناك هدفين رئيسيين قبل زيارة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن للمنطقة، الهدف الأول هو الترويج لخطة الرئيس الأمريكى جو بايدن الخاصة بوقف إطلاق النار، بعد أن تعثرت هذه الخطة فى ظل اعتراضات إسرائيلية، وتحفظات حماس التى أبلغتها للمفاوضين والوسطاء، والثانى هو مسألة وقف التصعيد فى المنطقة الذى وصل إلى مستوى خطير، ويمكن أن يزداد هذا التوتر بعد إحكام اليمين قبضته على الحكومة الإسرائيلية، متابعًا: «بلينكن حاول أن يوجه بعض الرسائل لكنه قوبل بالموقف المصرى الواضح، والولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل بشأن المساعدات نتيجة أن حجم ما يدخل من مساعدات حتى بحسب أرقام الأونروا اليوم حوالى أقل من %20 من المفترض أن يدخل القطاع».
تحفظات على الخطة الأمريكية
ويرى عزت إبراهيم أن هناك عدة بنود بالخطة الأمريكية تواجه عدة تحفظات من المجموعة العربية بمجلس الأمن، مشيرًا إلى أن المجموعة العربية ترى ضرورة أخذ بعض التحفظات للحسبان، لأن المرحلة الثانية من الاتفاق أو الخطة الأمريكية إن حدث وتم إطلاق سراح كل الرهائن ولم تخرج إسرائيل من القطاع بالتالى يمكن لإسرائيل أن تستأنف العمليات من جديد، وتعيد الكرة لاستمرار عمليات القتل للمدنيين فى القطاع، بالتالى بلينكن يواجه صعوبة فى تمرير الأفكار الأمريكية فى هذه المرحلة.
تحميل المسئولية لحماس
وأضاف عزت إبراهيم إن المجموعة العربية متفقة فى نيويورك على مسألة أن تكون اللغة متساوية بين الأطراف وألا يكون هناك تمييز، لأن الولايات المتحدة تحمِّل حركة حماس بشكل واضح المسئولية عن عدم التوصل لوقف إطلاق النار، لافتًا إلى أن هناك استراتيجية أمريكية لـ«الجري» فى المكان، وأن بلينكن يريد الحصول على أى مكسب قبل الانتخابات الأمريكية سواء قبلت حركة حماس فهذا شيء جيد بالنسبة للإدارة الأمريكية، وإذا لم تقبل فسيقدم عذرًا بأن حركة حماس هى السبب فى عدم وقف إطلاق النار وليست إسرائيل هى المتعنتة.
تجاهل جانتس فى مجلس الحرب
قال السفير عاطف سالم سفير مصر السابق لدى إسرائيل وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن بينى جانتس انضم لحكومة الطوارئ الإسرائيلية فى 11 أكتوبر 2023 بعد 14 يومًا من «طوفان الأقصى»، وانضمت معه مجموعة من حزبه بواقع 10 شخصيات، مضيفًا: «منذ 11 أكتوبر تم تجاهل جانتس فى أمور ومواقف كثيرة، وكان يتم التعامل معه على أنه منافس لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وكان يحصل على أعلى عدد من الأصوات فى استطلاعات الرأى وكان ملحقًا عسكريًا فى الولايات المتحدة».
وتابع سفير مصر السابق لدى إسرائيل: «هذه الخلفية العسكرية لم يُستَفد منها بشكل معين، ويمكن القول بأن الحكومة الإسرائيلية هى السابعة والثلاثون، وفى انتخابات الحكومة الرابعة والثلاثين فاز جانتس مع نتنياهو على أن يكون جانتس نائبه وأن يحصل كل منهما على رئاسة الحكومة لمدة سنتين».
وواصل: «بعد مرور سنتين على تشكيل الحكومة حلّ نتنياهو الحكومة ومنع جانتس من الاستمرار رئيسًا لها، ورغم بعض الاختلافات بينهما، فإنه لا اختلاف بين اليمين الليبرالى واليمين المتطرف، فالأولويات لليمين ثابتة، من حيث القضاء على حماس وعدم جعل غزة مصدر تهديد واستعادة الرهائن، ولكن الاختلافات بينهما تكمن فى ترتيب هذه الأولويات، والخلاف الأساسى يكمن فى تجنيد الحريديم لأن نتنياهو يصر على عدم تجنيدهم وجانتس يرى أنه يجب تجنيدهم».
05% من ضباط جيش الاحتلال لا يريدون استكمال الخدمة
أضاف السفير عاطف سالم سفير مصر السابق لدى إسرائيل وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن التنافس بين جانتس ورئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى هو عبارة عن تنافس بين الجناحين العسكرى والسياسى، متابعًا: «الجيش الإسرائيلى كان له وضعية معينة، وبخاصة بعد الحروب التى خاضها فى الفترة الماضية بصرف النظر عن انتصار مصر فى حرب أكتوبر، وكان الجيش يعتمد على فكرة الحملات بين الحروب، وهو فكر آيزنكوت من أجل عمل ردع»، مواصلا: «تم عمل إحصاء فى الفترة الماضية وجاء فيه أن 50 % من ضباط الجيش الإسرائيلى يرفضون استكمال الخدمة، وهناك 20 ألف مصاب بإعاقة تامة ويتلقون العلاج بالمستشفيات وخرجوا من الجيش، وهناك إسرائيليون لا يرغبون فى التجنيد، وظهرت جمعيات تساعد الإسرائيليين على عدم التجنيد».
نتنياهو يحظى بدعم المتطرفين
أكد السفير عاطف سالم سفير مصر السابق لدى إسرائيل وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن الجيش الإسرائيلى انكشف وكان يتم الزعم بأنه جيش أخلاقى، وجرى وضعه فى قائمة العار، وهذا أصعب شيء لجيش نظامى، مضيفًا: إن وضع إسرائيل فى هذه القائمة سيستخدم فى المنظمات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية.
إلى ذلك، تحدث سفير مصر السابق لدى إسرائيل، عن بلوغ التطرف المجتمعى فى إسرائيل حدًا غير مسبوق، قائلاً: «نتنياهو يسمى بمحبوب الحريديم ويحظى بدعم المتطرفين، فقد كان يحرص على الاستفادة منهم فى تشكيلات حكومته، كما أن التشكيل الحكومى الحالى يتكون من 5 أحزاب شديدة التطرف وحزب الليكود اليمينى المتطرف، وهذا التطرف يخلق تطرفًا، كما أن الحاخامات يجعلونهم يقتلون باسم الدين».
الداخل الإسرائيلى ودعم
صفقة التبادل
أجاب السفير عاطف سالم سفير مصر السابق لدى إسرائيل وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، عن سؤال نصّه «هل يدعم الداخل الإسرائيلى صفقة تبادل، خاصة بعد عملية تحرير الأربع رهائن؟» قائلًا: «ثمة مجموعة تدعم الصفقة، وهى صفقة ملغومة، فاليوم التالى لإعلان الصفقة جرت إدانة دونالد ترامب، والمشكلة الفلسطينية - الإسرائيلية دخلت فى السياسة الأمريكية، ووصل تأثيرها للانتخابات الأمريكية، متابعًا: «الصفقة بها 4 مشكلات، فلا توجد آلية لإزالة حكم حماس، وفى المرحلة الثانية قد تنهار المفاوضات بسبب عدم وجود شيء فى المفاوضات يؤكد أنه سيتم التوصل إلى وقف دائم وملزم لإطلاق النار، ولم يحدد عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، والأمر الرابع هو تعنت نتنياهو ورغبته فى عدم وقف الحرب، كما أن اليمين يزداد تطرفًا، وتوجه الإسرائيليين نحو التطرف عالٍ جدا، فالشعب الإسرائيلى لا يريد دولة فلسطينية ولا يريد وقف الحرب».
إسرائيل غير مستعدة لحرب جديدة
فى جنوب لبنان
قال جمال الكشكى، رئيس تحرير الأهرام العربى، إنه لا يمكن فصل التوقعات بشأن الوضع فى لبنان عما يحدث فى الساعات القليلة، ولا يمكن استثناء جولة «بلينكن» لإسرائيل على جدول أعماله بشكل رئيسى وهو الملف المتوقع باشتعال الوضع ما بين إسرائيل وجنوب لبنان، مضيفًا إنه لا يمكن فصله عن موضوع التهدئة وملف المفاوضات حول غزة، ولا يمكن فصله عن قوى ومحاور المقاومة بشكل عام فى المنطقة، فى ظل وجود دولة إقليمية تعيش مرحلة الانتخابات الآن ولها حساباتها وهى إيران، لافتًا إلى أنه لا يمكن فصل ذلك أيضًا بالتدخل الروسى فى المنطقة بشكل عام، وبالتالى حالة الغليان مرشحة للانفجار، ولكن هل إسرائيل مستعدة الآن لهذا الانفجار؟ وهل حزب الله ولبنان مستعدان لذلك؟، متابعًا: «إسرائيل غير راغبة فى هذه الحرب وغير جاهزة مهما كانت رغبتها فى إطالتها، خاصة أنها فى غزة، وبالتالى فتح جبهة جديدة فى ظل الانهيار المتلاحق فى الداخل الإسرائيلي».
الرئيس السيسى حذر من اتساع رقعة الصراع
وأضاف «الكشكي»، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى حذر منذ اللحظة الأولى من اتساع الحرب على غزة والمنطقة والإقليم، مردفًا: «نعيش الآن أصداء هذا التحذير المستمر، وإسرائيل وأمريكا تعرفان خطورة ما بعد هذا الانفجار واتساع الحرب»، متابعًا: إسرائيل تستخدم مصطلح «الوقت المستقطع» للمناورة، وتستخدم أهم سلاح لديها وهو الإعلام، وهو إعلام كاذب ومخادع، لافتًا إلى أن تصريحات حسن نصر الله منذ اللحظة الأولى كانت واضحة بالتعامل مع الحرب الإسرائيلية على غزة بضبط النفس، والظرف المتمثل فى جولة بلينكن للمصلحة الأمريكية فى المقام الأول والإسرائيلية يوضع بجانب التحرك الفرنسى، الذى يحرص على عدم تصعيد الأمر لما ينشره الإعلام من انفجار، متابعًا: «لكن فى حالة الانفجار أوراق الإقليم كلها وخرائطها ستتداخل، ويدخل فى مشهد جديد ربما سيناريوهاته مفتوحة لا يمكن التنبؤ بها الآن، لكن فى كل الأحوال ستكون سيناريوهات سوداء».
شطب القضية الفلسطينية من الخريطة
وأكد «الكشكى»، أنه مهما حدث من تباين وجهات النظر بين المستقيلين فى الحكومة الإسرائيلية وأقصى التطرف فى إسرائيل لكن الهدف واحد، فهم لديهم مخطط قديم يتجدد بشطب القضية الفلسطينية من على الخريطة، مضيفًا إن «بن جوريون» قال فى 1919 قبل أن يكون رئيس وزراء لإسرائيل إنه لن تكون هناك دولة فلسطينية ونحن نعلم أن العالم العربى لا يقبل بهذا، وبالتالى هذه الاستقالات هى صراع على أماكن وسلطة سياسية وتحالفات جديدة ومستقبل جديد، لكن المخطط والعقيدة والإيمان الكامل الصهيونى قائم ومستمر مهما تبدلت الأشخاص.
الإعلام الإسرائيلى يخضع للرقابة العسكرية
قالت الأميرة رشا يسرى باحثة فى الشأن الإسرائيلى، إن الإعلام الإسرائيلى يخضع للرقابة العسكرية منذ عشرات السنوات، وهذا ليس أمرًا سريًا، فمن المعروف أن ما يخص الجنود الإسرائيليين المشاركين فى الحروب وكل المعلومات ذات الصلة بالحروب تخضع للرقابة العسكرية وكذلك بعض الأخبار المهمة، مضيفة: «الخبر الذى يخرج من الإعلام الإسرائيلى موجه بطريقة لا يلتفت إليها العامة، ولكن، ربما يفهم محتواها المتخصص والمعنى بالخبر».
وتابعت الباحثة: «ألمس أخبارًا إسرائيلية كثيرة يتم تمريرها من أجل أفكار واتجاهات معينة داخل الحكومة الإسرائيلية لأنها تريد مَن يدعمها ويقف بجانبها، وبالتالى، فإن الإعلام الإسرائيلى يسعى إلى تقديم معلومات دقيقة ومهمة للداخل الإسرائيلى، ولكن محتوى الخبر يتم توجيه الرأى العالمى به».
إيران لن تدخل حربًا ضد إسرائيل
وأضافت الباحثة فى الشأن الإسرائيلى، إنّ بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى، يعلم أن تهديدات اليمين المتطرف له حاسمة، فإذا تم وقف الحرب فإن اليمين سينسحب من الحكومة، ما يعنى انهيارها.
وأجابت «يسري»، على سؤال نصّه «فى حال اشتعال الموقف على الجبهة اللبنانية وقيام إسرائيل بعمليات ضد لبنان.. ما حدود التدخل الإيراني؟»، قائلة: «لا أعتقد أن إيران ستتدخل إن نفذت إسرائيل عمليات فى لبنان، فالإسرائيليون فى الداخل يقولون لا نريد فتح جبهات أخرى، ويعلمون جيدًا أن العالم ينظر إليهم ويراقب كل تصريحاتهم، يقولون لا نريد عقد صفقة، لكنهم قد يكونون يتفاوضون الآن من أجل التوصل لصفقة، ويقولون لا نريد أن نحتل، لكنهم يحتلون».