الجمعة 18 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الهجرة وحرب أوكرانيا فى الصدارة مــا خطـــوط الصــدع الرئيسيــة فى انتخابات الاتحاد الأوروبى؟

نشرت مؤسسة جالوب الأمريكية مقالا للكاتبين بنديكت فيجرز وزاك ريتر تحدثا فيه عن خطوط الصدع الرئيسية فى انتخابات الاتحاد الأوروبى والتى تتمحور حول الاقتصاد وملف الهجرة والحرب المستمرة فى أوكرانيا المدعومة من الاتحاد الأوروبى. ويقول الكاتبان إنه توجه ملايين المواطنين فى 27 دولة أوروبية للتصويت فى انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبى الفريد، المؤسسة الوحيدة فى العالم العابرة للحدود الوطنية والمنتخبة بشكل مباشر من الشعب، ما يمنحها سلطة تشريعية واسعة النطاق ومؤثرة للغاية فى حياة  سكان الدول الأوروبية وعيشهم.



سجلت موافقة الأوروبيين على قيادة بروكسل بين الدول الأعضاء نموا كبيرا على مدى العقد الماضى، رغم تعرضها لنكسة فى عام 2012، بعد وقت قصير من الانهيار المالى العالمى وأزمة الديون فى منطقة اليورو، إذ تراجعت الموافقة على قيادة بروكسل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق ووصلت إلى نسبة 40%.

الآن، يوافق ما يقرب من ثلثى سكان دول الاتحاد على زعامة بروكسل الأوروبية، تقدمتها 3 دول حافظت على تأييد مستقر هى لوكسمبورج، وسلوڤاكيا، وبلغاريا، حيث جدد سكان هذه البلدان فى عام 2013 موافقتهم على هذا الأمر. وفى العام الماضى، تمت الموافقة بأغلبية شعبية فى 22 دولة من أصل 27 دولة عضوا، وقد ارتفعت نسبة الدول المؤيدة من بعض الدول الأكثر تضررا من الأزمة المالية العالمية فى عام 2008، من ضمنها أيسلندا وإسبانيا والبرتغال وأيرلندا واليونان. ومع ذلك، لم تنخفض نسبة الرافضين لقيادة بروكسل، وحافظت على ثباتها بحوالى 30%، مشيرة إلى أن ارتفاع نسبة المؤيدين يعود إلى انخفاض عدد الأشخاص الذين لا يعبرون عن رأيهم. ومنذ عام 2018، انخفض معدل المصوتين الحائرين، أو من غير المؤيدين إلى أقل من 10%، وانخفض إلى النصف فى العام الماضى، فما يقرب من ثلث سكان البلدان الأوروبية الأعضاء فى الاتحاد لا يوافقون على التخلى عن السيادة الوطنية لزعامة بروكسل.

وتزايد أعداد المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبى فى السنوات الأخيرة، حث البرلمان الأوروبى مؤخرا على تشريع ميثاق اللجوء والهجرة، الذى من شأنه تشديد القواعد ويلزم الدول الأعضاء بتقاسم المسئولية عن طالبي اللجوء، على أن يدخل حيز التنفيذ فى عام 2026. ومن المؤكد أن الأحزاب اليمينية المتطرفة ستجعل من الهجرة جزءا أساسيا فى حملاتها الانتخابية طمعا بتحقيق مكاسب إضافية بعدد المقاعد فى البرلمان الأوروبى. وأجرت مؤسسة جالوب الإحصائية دراسة جديدة، حول ما إذا كان الأوروبيون يعتقدون أن المهاجرين الذين يعيشون فى  بلادهم، ويصبحون جيرانهم ويتزوجون من عائلاتهم، هى أحداث جيدة أم سيئة، وهل مسألة قبول المهاجرين تؤشر على قوة الاتحاد الأوروبى أم العكس. وقد جاءت  النسب متفاوتة بين بلد وآخر، لكن بشكل عام، يتراوح تقبّل المهاجرين بين المتوسط والضعيف، ويرتبط أيضا ارتباطا وثيقا بأعداد المهاجرين القدامى، فكلما ارتفعت نسبة مواطنى دول الاتحاد المولودين خارج الكتلة الأوروبية، كان تقبل تلك الدولة للمهاجرين أكثر، وسجلت أيرلندا أعلى النتائج فى مؤشر قبول المهاجرين فى حين سجلت كرواتيا أدنى مستوى.

وتحظى مسألة الهجرة بمكانة مهمة فى انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي، والمواقف العامة تجاهها ترتبط أيضا بعدم التعاون الوثيق وتحمل المسئوليات بشكل عادل بين الدول الأوروبية. انتعشت الأسواق الأوروبية فى العامين الماضيين لكنها لا تزال أقل من مستويات ما قبل انتشار جائحة كورونا، فى حين أن الاقتصاد لا يشكل سوى عامل واحد فى هذه الانتخابات، من بين مجموعة كاملة من العوامل الأخرى من التحالفات السياسية المحلية أو الأوروبية الأخرى، مع ذلك يشكل الاقتصاد خلفية مهمة للتصويت، بعد سنوات الاضطراب وعمليات الإغلاق حيث بلغ التضخم 11.5% فى العام 2022، وهو أعلى مستوى له منذ سنوات، ومن ناحية أخرى، أدت الحرب فى أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة فى العالم عموما وفى أوروبا خصوصًا.

فى العام الماضى، أعربت الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى عن أن اقتصادها المحلى يتحسن مع بداية تراجع التضخم الذى بلغ ذروته فى العام الذى سبق. ومع ذلك، فإن الأمور لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الوباء، ففى عامى 2018 و2019، شعر 45% فى جميع الدول الأعضاء أن اقتصاداتها المحلية تتحسن، وهو الشعور الأكثر تفاؤلا منذ عام 2007، وقبل الأزمة المالية العالمية مباشرة. إن الانتخابات البرلمانية فى الاتحاد الأوروبى مهمة ليس فقط فى كيفية إدارة الاتحاد الأوروبى والتوجه السياسى للكتلة على مدى السنوات الخمس المقبلة، بل وأيضا فى ما تكشفه من مشاعر سياسية ووطنية داخل الدول الأعضاء. وتقع خطوط الصدع الرئيسية فى هذه الانتخابات فى الاقتصاد، والهجرة، والحرب المستمرة فى أوكرانيا، التى يدعمها الاتحاد الأوروبى بمليارات اليورو. وبمجرد إعلان نتائج التنافس الانتخابى، سيظهر كيف ستغير من مشاعر الجمهور تجاه القضايا التى تعنى الكتلة فى السنوات المقبلة.

لكنه يعتقد أن الأمر سيستغرق العديد من الانتصارات القومية فى انتخابات الدول الأعضاء على مدى السنوات القادمة لبناء قوة جديدة يمكن أن تعيد تشكيل بروكسل، وفق ما نقلت وول ستريت جورنال. وعقبت الصحيفة على هذه المعطيات قائلة إن أجندة اليمين القومى تواجه عقبتين كبيرتين فى أوروبا، لأن الاتحاد الأوروبى عبارة عن تجمع لـ27 دولة ذات سيادة، وليس دولة فيدرالية واحدة مثل الولايات المتحدة، للتوصل إلى قرارات بشأن معظم القضايا الكبرى، يجب على الحكومات أن تتوصل إلى حلول وسط. وما يزيد الأمر تعقيدا، وفق الصحيفة، هو أن القادة يفوزون بمقعد على طاولة الاتحاد الأوروبى من خلال انتخاباتهم الوطنية وليس الانتخابات على مستوى الاتحاد الأوروبى فيما الضغوط السياسية المحلية تجعل من الصعب صياغة أجندة الاتحاد الأوروبى. ويكتسب المعطلون من أقصى اليمين زخما فى جميع أنحاء أوروبا، مستفيدين من موجة الاستياء التى ولدت من جائحة كورونا وأزمة تكلفة المعيشة والخسائر الاقتصادية من الحرب فى أوكرانيا. وشهدت الدول الأوروبية صعودا ملحوظا لأحزاب أقصى اليمين بصبغات مختلفة، من بينها أحزاب قومية وأخرى قومية شعبوية، وكذلك محافظة متشددة ذات جذور فاشية جديدة، وغيرها من الأحزاب اليمينية التى باتت تحظى بشعبية.

وفى وقت سابق، تحدث خبراء سياسيون عن إجراء الانتخابات الحالية مع تنامى نفوذ أحزاب اليمين وأقصى اليمين، التى تؤيد الأجندات المعارضة للمهاجرين والعولمة والمشككة فى الاتحاد الأوروبى، ما قد يعقد تبنى القوانين الأوروبية وإقرار ميزانية الاتحاد الأوروبى، بما فى ذلك النفقات على دعم أوكرانيا. وأشار الخبراء إلى أن هذا الاستحقاق الانتخابى يحسم مصير رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا، فون دير لاين، التى ستحتاج إلى ما لا يقل عن 361 صوتا فى البرلمان الجديد، والحصول على موافقة رؤساء دول الاتحاد من أجل إعادة انتخابها فى المنصب الذى تشغله منذ عام 2019. ويتوجه ما يصل إلى 370 مليون ناخب فى الاتحاد الأوروبى إلى صناديق الاقتراع من الخميس حتى الأحد لاختيار نواب البرلمان الأوروبى. وعادة ما تكون نسبة الإقبال متواضعة، ولكن الانتخابات تقدم مقياسا للمزاج السياسى فى أوروبا مرتين فى العقد.

وقد أشارت بعض استطلاعات الرأى الأخيرة إلى أن الأحزاب القومية قد تفوز بما يقرب من 200 مقعد من مقاعد البرلمان البالغ عددها 720 مقعدا، بزيادة %50 عن نتيجة عام 2019. الانتخابات التى أنطلقت اليوم من هولندا لانتخاب 31 نائبا، فى كل من إ رلندا (14 نائبا) وجمهورية التشيك (21 نائبا)، على أن يبدأ التصويت فى لاتڤيا (9 نواب) ومالطا (6 نواب) وسلوڤاكيا (15 نائبا) وإيطاليا (76 نائبا).