الضحايا قد يتورطون فى تمويل جماعات إرهابية بمجرد التبرع لتلك الكيانات الوهمية
«روزاليوسف» تكشف عصابات دولية منظمة تجمع أموال المصريين تحت ستار «صك الأضحية» بدول إفريقيا
مروة عمارة
«لو نفسك تؤدى فريضة الأضحية المؤكدة عن النبى محمد.. فرصتك تعمل الخير ده معنا بتكلفة يسيرة جدًا فى أفريقيا لفقراء المسلمين.. فبادروا بحجز أضحياتكم من الخراف والماعز والأبقار والعجول.. ويتم الذبح والتوزيع والطبخ والتقديم فى أفريقيا لفقراء المسلمين.. وللمصداقية نقوم بإرسال فيديو الذبح والتوزيع.. كمان هتاخد ثواب تثبيت إسلام الفقراء وتأليف قلوبهم وتحقيق كفايتهم من الطعام.. وعشان تتأكد شاهد الفيديوهات المتواجدة بصفحتنا الإلكترونية.. واتواصل معانا عبر رقم الهاتف من خلال تطبيق الواتس».. بتلك العبارات أعلنت إحدى المؤسسات المجهولة، عن قيامها بتلقى أموال من المصريين مقابل ذبح الأضاحى بدول أفريقيا.
إعلانات عبر «الفيس بوك»
انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعى مئات الإعلانات لأشخاص وجمعيات مجهولة تعلن عن إمكانية دفع صكوك الأضاحى بالدول الإفريقية.. مع التأكيد على انخفاض أسعارها مقارنة بأسعار الأضاحى داخل مصر، ولا تحمل تلك الصفحات الإلكترونية أى معلومات تفيد رسمية تلك المؤسسات أو رقم للترخيص أو رقم ضريبى، ويديرها مجموعة من الأشخاص بعضهم داخل البلاد وآخرون خارجها، وتتولى جمع الأموال عبر التواصل من خلال تطبيق «الفيس بوك» أو «الواتس آب» وتحويل الأموال عبر محفظة الهاتف المحمول.
طرق النصب على المصريين
واختلفت آراء المصريين حول تلك الإعلانات، فعلى سبيل المثال وجد محمد كمال، مواطن مقيم خارج مصر، ضالته فى تلك الإعلانات، خصوصًا أن تلك الجمعيات المجهولة تتداول فيديوهات عديدة لأوضاع مواطنى بلاد أفريقيا بلا مياه أو طعام «سعر الأضحية تقريبًا ربع الثمن... وديه بلاد مسلمة ومجرد ما أحول الفلوس على الرقم.. بيتم إرسال فيديو بمحتوى الذبح والتوزيع، وبكده أكون عملت السنة وكمان لناس محتاجة» حسبما يقول محمد.
قلة الوعى لدى المتبرعين
وحول مدى مصداقية تلك الجمعيات ومعرفته بشروط ترخيص تلك الجمعية أوضح: «أنا اتعاملت بنيتى ودفعت ثمن الصك ولو نصبوا فذنبهم عند ربنا.. وديه قرى كاملة بيصورهم لنا أن عندهم مجاعات وجفاف وحالتهم صعبة ودا نشر لتعاليم الإسلام كمان، وفى نفس الوقت بتضحى بمبلغ لا يتعدى الألفى جنيه، لكن لو فى مصر ممكن يعدى عشرة آلاف جنيه».
أغراض مجهولة وجهات غير رسمية
أما دكتور محمد حلمى، طبيب بشرى، فيرى أن تلك المنشورات وراءها أغراض مجهولة وربما تكون تابعة لجهات غير رسمية أو إرهابية، وكالعادة تتاجر بمفاهيم الإسلام وتحارب المصريين تحت ستار الدين.
«مش بس عشان تقليعة عيد الأضحى المبارك.. الجمعيات ديه بتاخد فلوس المصريين لعمل آبار ووصلات مياه أو بناء منازل أو عقيقة أو كفارة طوال العام.. بحجة أن ديه دول مسلمة.. الجمعيات ديه عارفة هى بتعمل إيه وازاى تستغل المصريين، دا غير إنها بترسل نفس الفيديوهات لكل الناس مع تغيير الاسم فقط، وللأسف الضحايا بتكتشف دا بعد ما يكونوا حولوا الفلوس لهم».. حسبما يقول دكتور محمد.
الأضحية لمن استطاع والمصريون أولى
وتابع: «الأضحية لمن استطاع وليست لمن لا يستطيع، وأول المحتاجين فى بلدى، ودي ضلالات بيتم استغلال قلة الوعى لدى البعض، وياريت المصريين يفكروا كويس أن الأضحية الغرض منها التكافل مع الأهل والجيران وإنها فرحة ومينفعش حد يغير من عاداتنا وتقاليدنا، ولو مش معاك ثمن الأضحية، اشترى لحمة ووزعها بنفسك على المحتاجين، وكمان فيه جمعيات أهلية مصرية مضمونة ممكن تشارك من خلالها لو أنت مش حابب فكرة الدبح ومهامه».
خطة ممنهجة لخروج أموال المصريين
وانتقدت روح داود، طالبة، تلك الظاهرة ووصفتها أنها «غريبة ومنتشرة وخطة ممنهجة لخروج صدقات وزكاة المصريين لخارج مصر»، وتابعت أن كثيرًا ممن تعرفهم بدافع الرغبة فى فعل الخير والتعاطف مع سكان تلك الدول، قاموا بدفع أموال طائلة لتلك الجمعيات المجهولة».
«طيب باللى بيحصل دا فقراء مصر اتحرموا من الأضحية والزكاة، والله أعلم مين وراء تلك المؤسسات والجمعيات، ولو الفكرة فى كده لماذا لا يتم عمل تلك الجمعيات بدول أوربا مثلًا، وليه التركيز على المصريين، واحنا عندنا جمعيات أهلية ومستشفيات ومراكز طبية بحاجة ملحة لأموال الصدقات والزكاة، والمفروض أعرف فلوس الأضحية أو الصدقة هتروح لمستحقيها ولا لأ».
التواصل مع تلك المؤسسات
رصدت «روزاليوسف» مئات الإعلانات لتلك الجهات المجهولة، وتدعى أنها جمعيات خيرية، وتنتشر عبر شبكة الإنترنت فى مصر للترويج لأنشطتها فى ذبح وتوزيع لحوم الأضاحى على الفقراء فى العديد من الدول الأفريقية مثل تنزانيا وكينيا وبوركينافاسو وغيرها.
وتواصلنا مع بعض تلك الجمعيات المجهولة، لمعرفة آلية وطرق التحايل على راغبى شراء صك الأضحية ودبحه بالدول الإفريقية وتعلن إحدى تلك المؤسسات عن نفسها تحت مسمى «مؤسسة الرحمة»، وعبر تطبيق «الواتس آب» تواصلنا مع أحد العاملين بتلك المؤسسة ويدعى «أحمد صبري»، وأوضح لنا «أن الأضحية ستكون فى دولة تنزانيا، لأن فيها %85 مسلمين، ومفيش عندهم أبسط ضروريات الحياة من الأكل والمياه».
وحول الأسعار أكد لنا عبر تطبيق «الواتس آب» أن الخروف بـ 2100 جنيه مصرى فقط، وصك البقرة بـ 12500 جنيه مصرى.
العمل على مدار العام بلا ترخيص
وبسؤاله عن المؤسسة وترخيصها أكد قائلًا: «المؤسسة كيان غير ربحى، إحنا متطوعين مع المؤسسة، وسافرنا بنفسنا نتابع الأضاحى، ولينا موقع على الفيس بوك، وفيه آراء كافة العملاء اللى اتعاملوا معانا، وفيديوهات الدبح والآبار، وبعد التحويل بترسلى لى اسم صاحب الأضحية وإيصال التحويل، ويوم العيد يقوم بعمل لوحة كبيرة عليها اسم المتبرع وبياناته وتصوير الذبيحة حية، وإرساله إلى المتبرع، للتأكد من إصابته للسنة النبوية من خلال أضحيته التى يشاهدها بنفسه».
التبرع أون لاين
مؤسسة أخرى تواصلنا معها، وكان سعر الأضحية 2200 جنيه مصري، والماعز 1600 جنيه، والبقرة بـ11 ألف جنيه، والعجل بـ12 ألف جنيه، وسهم العجل بـ 800 جنيه، وسهم البقرة بـ 1800 جنيه، والدفع عبر محفظة الهاتف المحمول وإرسال إيصال التحويل عبر تطبيق الواتس آب للمؤسسة.ولكثرة عدد أصحاب الأضاحى، حسبما أعلنوا، سيتم عمل توثيقات مجمعة للذبح والنشر على الصفحة الإلكترونية، والتبرع أون لاين عبر الموقع الإلكترونى للمؤسسة.
تحذير الإفتاء المصرية
ولم تكن دار الإفتاء المصرية، بعيدة عن تلك المحاولات التى تستهدف أموال الزكاة والصدقات والأضاحى للمصريين، ومنذ عدة أيام أعلنت دار الإفتاء المصرية أنَّها رصدت مؤخرًا انتشارَ العديد من الدعوات على منصات التواصل الاجتماعى التى تدعو المصريين إلى ذبح أضاحى عيد الأضحى المبارك فى عدد من الدول الإفريقية من خلال بعض الجمعيات المجهولة بدعوى رخص ثمنها عن الأضاحى فى مصر.
وأكَّدت دار الإفتاء أنَّ انتشار مثل هذه الجمعيات المجهولة أصبح يمثل ظاهرة خطيرة فى ظل غياب الرقابة عليها، بما يجعلها مثار شبهات، خاصةً مع وصول العديد من الشكاوى للدار عن عمليات نَصَب تمت تحت اسم ذبح الأضاحى والعقائق أو حفر الآبار، وهو ما تمَّ إثباته من قِبل عدد ممَّن تعرضوا للنَّصْب.
الأضحية سنة لمن استطاع
وأوضحت دار الإفتاء أن الأضحية سُنَّة مؤكَّدة فى حقِّ مَن يستطيع، وأمَّا مَن لا يستطيع القيام بها فإنها تسقط عنه بالعجز عنها وعدم القدرة، فلم يعد الأمر فى حقِّه سُنَّة، ومن ثَمَّ فلا يلزم مَن لا يستطيع الأضحية فى بلده أن يوكِّل مَن يذبح عنه فى بعض الدول الإفريقية التى ترخص فيها أسعار الماشية، لأن أداء شعيرة الأضحية مرتبط بالقدرة والاستطاعة.
كما بيَّنتِ الدارُ أنَّ مثل هذه الجمعيات قد يشوبها عدم الالتزام بالمعايير الشرعية التى يجب توافرها فى الأضحية وعملية الذبح أو التوزيع غير العادل؛ ممَّا لا يتم معه تحقيق الكفاية للفقراء والمساكين والمحتاجين، فضلًا عن نقص عمليات الرصد والتقييم لمعرفة الاحتياجات الحقيقية للمناطق المستفيدة؛ وبالتالى توجيه المساعدات للأماكن غير الصحيحة.
الأقربون اولى بالمعروف
وأهابت دار الإفتاء بالمصريين عدم الانسياق وراء هذه الدعوات التى تعد فرصة لنهب أموال من يرغبون فى أداء شعيرة الأضحية وفعل الخيرات، مؤكدة أن من يستطيع الأضحية فى بلاده هو من عليه أداؤها، والأقربون أَولى بالمعروف، وهناك العديد من الفقراء والمحتاجين فى مصر، مما يجعلها فرصة عظيمة للتكافل الاجتماعى بين أبناء الوطن.
الاتحاد العام للجمعيات الأهلية
وسعت «روزاليوسف» لمعرفة ماهية تلك المؤسسات والجهات المجهولة، ومصير تلك الأموال وسهولة استغلال الأموال فى أنشطة مشبوهة أو تمويل جماعات غير شرعية، وهو ما صرح به دكتور طلعت عبدالقوى، رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، أن هناك جمعيات مصرية منوطة بتلقى التبرعات من خلال إيصالات صكوك الأضاحى، بفئات مالية مختلفة بحسب الاتفاق وطبيعة الأسعار فى كل موسم، وفق نماذج رسمية مختومة بختم وزارة التضامن، ويتم العمل عبر تلك النماذج أو التبرع للحسابات البنكية وكل تلك الإجراءات مراقبة من قبل الجهات الرسمية للدولة كوزارة التضامن الاجتماعى والجهات الرقابية.
«الصكوك التابعة للجمعيات الأهلية تكون بأختام رسمية لمجلس إدارة الجمعية ولوزارة التضامن، والحسابات البنكية مراقبة من قبل البنك المركزى المصرى، وكل تلك الإجراءات وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية».. حسبما أوضح «عبدالقوي» خلال تصريحاته لـ «روزاليوسف».
جمعيات مشبوهة وأجندة خارجية
وكشف رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية: «للأسف منصات التواصل الاجتماعى أصبحت مليئة بجمعيات مشبوهة تعمل لأهداف وأجندة خارجية، لجمع أموال المصريين تحت ستار الدين، ومساعدة الدول الإفريقية المسلمة، وهى جمعيات غير مرخصة، وطبقًا لقانون الجمعيات الأهلية، رقم 149 لسنة 2019، قد حدد مسميات الجهات الرسمية لتلقى التبرعات من المواطنين، سواء جمعية أو مؤسسة أو اتحاد نوعى أو مؤسسة دولية، ولا يوجد ما يعرف بجمعية مصرية تجمع أموالًا لذبح الأضاحى خارج مصر، ولا توجد قانونًا لائحة تحدد النشاط خارج مصر، القانون المصرى قد حدد إمكانية وجود فروع للجمعيات خارج مصر، على سبيل المثال جمعية الهلال الأحمر لمساعدة الدول المنكوبة، وتقديم مساعدات لدول كفلسطين وليبيا وغيرهما من الدول».
طرق الرقابة على أموال التبرعات
«لدينا بنك الطعام المصرى وجمعية الأورمان، وصك الأضحية لوزارة الأوقاف، وجمعيات أهلية مصرية داخل مصر، حاصلة على موافقة من وزارة التضامن بترخيص جمع المال، وقبول التبرعات، ولديها حسابات بنكية، يتم مراقبتها بصفة دورية، كما يتم تحديد آلية صرف التبرعات سواء مساعدات أو علاج أو غير ذلك، ويخضع الحساب الختامى المصروفات والإنفاق للجمعية للرقابة من الجهات المعنية كوزارة التضامن والبنك المركزى المصرى، وفى حال حدوث تجاوز، يتم متابعة الخلافات المالية أو الإدارية، والعقوبات جنائية وإدارية، تصل للغرامات وحل الجمعية».. موضحًا طرق الرقابة على أموال التبرعات التى يتم تحصيلها من قبل الجمعيات الأهلية المصرية المرخصة من قبل وزارة التضامن.
طرق التأكد من التبرعات
ونصح رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية «لو هتتبرع بجنيه واحد لازم تاخد إيصال، ولازم تتأكد من رقم الترخيص، ولو لقيت إعلان لجمعية وبدون رقم ترخيص، فهى غير رسمية، وإذا أردت التأكد يمكنك التواصل مع فروع مديريات التضامن الاجتماعى للتأكد من رسمية تلك الجمعية التى ستقوم بالتبرع لها، ولو جمعية تعلن عن حساب بنكى لابد من وجود رقم ضريبى ورقم للترخيص، وإذا لم تتوافر تلك البيانات فهى جمعية مشبوهة الأغراض».
منظومة الجمعيات الأهلية
جدير بالذكر أن وزارة التضامن الاجتماعى، كشفت عن إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لتنظيم العمل الأهلى بتكلفة قدرها 14 مليون جنيه لعام 2023، حيث بلغ عدد الجمعيات والمؤسسات الأهلية المقيدة فى الوزارة على المنظومة نحو 52 ألف جمعية ومؤسسة أهلية.
أشارت وزارة التضامن الاجتماعى، إلى أنّ حجم التمويل الوارد للجمعيات الأهلية والمؤسسات بلغ 16.3 مليار جنيه لـ1288 جمعية ومؤسسة أهلية من خلال 1832 جهة مانحة.
ضوابط جمع التبرعات
كما حظر قانون تنظيم العمل الأهلى رقم 149 لسنة 2019، على الجمعيات الأهلية التصرف فى أموال التبرعات إلا بتصريح من الجهة الإدارية، حيث نص على أنه يجوز للجمعية بترخيص من الجهة الإدارية، جمع التبرعات من داخل الجمهورية من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو أجنبية مرخص لها بالعمل داخل مصر.
ووفقًا للقانون، لا يجوز التصرف فى التبرعات الناتجة عن تلك الدعوة إلا بعد الحصول على تصريح بذلك من الجهة الادارية وموافاتها ببيان إجمالى بما تم جمعه من تبرعات وأوجه ومستندات الصرف.
جمعيات مصرية طرحت «صك الأضحية»
وتتبعت «روزاليوسف» الجهات المصرية التى ترعى فكرة صك الأضحية من سنوات عديدة، ولعل أبرزها بنك الطعام المصرى، وهو ما كشف عنه أحمد لبيب، رئيس قطاع العمليات ببنك الطعام، خلال تصريحات لـ«روزاليوسف» أن بنك الطعام المصرى أول من أطلق فكرة صك الأضحية، منذ أكثر من 18 سنة، ويوفر نوعين من الصكوك، الصك البلدى بـ 9700 جنيه مصرى، ويتم تسليم 9 كيلو من لحوم صك الأضحية البلدى للمتبرع، وهو ما لا تقوم به المؤسسات المشبوهة التى تجمع أموال المصريين بغرض ذبح الأضاحى خارج مصر، وهناك أيضًا الصك المستورد بـ 6300 جنيه، ويتم تسليم 7 كيلو من لحوم صك الأضحية المستورد للمتبرع، ويتم تحصيل التبرعات من المنازل عبر التواصل برقم الخط الساخن، أو عبر الحساب البنكى، ومتاح التبرع من خارج مصر أيضًا، وهناك فروع على مستوى المحافظات لبنك الطعام لتوصيل نصيب المتبرعين من الصكوك».
كما أفاد «لبيب» فى حديثه لـ«رواليوسف» أن الجمعيات الأهلية والتابعة للتحالف الوطنى للعمل الأهلى لديها قاعدة بيانات بالمستحقين والأسر الأولى بالرعاية، وبالطبع المصريون أولى بلحوم الأضاحى، وعليهم توخى الحذر لأن تلك الأموال تخرج من البلاد لمؤسسات مجهولة وعصابات منظمة، وقد تستغل تلك الأموال فى أعمال إجرامية أو إرهابية.
«كما أنه بالجمعيات الأهلية المصرية، يتم العمل على تطبيق أعلى معايير الجودة وضمان سلامة الغذاء، فى لحوم الأضاحى التى سيتم توزيعها على المحتاجين».. حسبما أوضح رئيس قطاع العمليات ببنك الطعام المصرى.
صكوك الأضاحى بالتقسيط
وبالمثل تقوم جمعية الأورمان، عضو التحالف الوطنى بدورها فى توزيع الأضاحى، وهو ما أوضحه اللواء ممدوح شعبان، مدير عام جمعية الأورمان، خلال تصريحات صحفية، أن صكوك الأضاحى من الجمعية لهذا العام 2024 بلغت قيمة الصك فى العجل المستورد الصغير 6700 جنيه، والصك بقيمة 7900 جنيه للعجل المستورد الكبير، وقيمة الصك 11.700 جنيه فى العجل البلدى، ويمكن تقسيط قيمة الصك على 12قسطًا، وتقوم أيضًا الجمعية بتوزيع لحوم صدقة بقيمة 500 جنيه وذلك لتوفير أكبر كمية من اللحوم».
وكشف أيضًا، أنه يتم التعاون مع قرابة 5 آلاف جمعية خيرية صغيرة، وتحت إشراف مديريات التضامن الاجتماعى بالمحافظات من خلال قوائم بيانات معتمدة بعد إجراء أبحاث ميدانية عليهم للتأكد من أحقيتهم وبما يتفق مع شروط الجمعية، ويمكن شراء الصك لجمعية الأورمان من خلال تطبيقات محفظة الهاتف أو من خلال جميع البنوك باسم جمعية الأورمان، أو عن طريق رقم الجمعية.
صكوك الأضاحى من وزارة الأوقاف
فيما أعلنت وزارة الأوقاف عن طرق سريعة، لشراء صكوك أضاحى عيد الأضحى المبارك، فى ظل مواصلة الوزارة سنويًا توزيع لحوم الأضاحى على الأسر الفقيرة والمحتاجة فى جميع قرى ومحافظات الجمهورية، وذلك من خلال حسابات الوزارة بالبنك المركزى، وخدمة التحصيل الإلكترونى فورى، أو الدفع مباشرة لمندوب الوزارة بعد إرساله رسالة نصية للخط التابع للوزارة.
أسعار أضاحى «الأوقاف»
وعن الأسعار الخاصة بشراء صكوك الأضاحى يختلف سعر الصك للأضاحى ما بين اللحوم البلدى أو اللحوم المستوردة، سعر صك الأضاحى من اللحوم البقرى المستورد 6000 جنيه، ومن اللحم البقرى البلدى 8500 جنيه.
صكوك الأضاحى للمصريين بالخارج
كما قررت وزارة الأوقاف إتاحة صكوك الأضاحى للمصريين بالخارج، بعد فتوى دار الإفتاء التى أوضحت أن الأضحية سُنَّة مؤكَّدة فى حقِّ مَن يستطيع، وأمَّا مَن لا يستطيع القيام بها فإنها تسقط عنه بالعجز عنها وعدم القدرة، فلم يعد الأمر فى حقِّه سُنَّة، ومن ثَمَّ فلا يلزم مَن لا يستطيع الأضحية فى بلده أن يوكِّل مَن يذبح عنه فى بعض الدول الإفريقية التى ترخص فيها أسعار الماشية، لأن أداء شعيرة الأضحية مرتبط بالقدرة والاستطاعة.
ستارة «مندوب الله» على الأرض
وحول تلك المخططات التى تستهدف المصريين، أوضحت دكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسى، أن المصرى اعتاد دائمًا أن يتعرض للخطر والاعتداء والهجوم على المعتقدات والعادات، وهو ما يحدث من قبل تلك الجمعيات المشبوهة، ويديرها جماعات تسعى للنصب وجمع الأموال تحت ستارة «مندوب الله» فى الأرض، محاولين ترسيخ فكرة الإمارة الإسلامية، ومحو الأفكار الوطنية وأنه لا وجود لما يسمى الوطن أو مصر، مثلما كانت تسعى الجماعة الإرهابية، محاولين ترسيخ فكرة التبرع للدول الإسلامية.
وكشفت أستاذ علم الاجتماع، أن المصريين أصبح عندهم خبرة حياتية من واقع ما مروا به عبر التاريخ، وأن من يخضع لتلك الجهات المشبوهة، هم فئة ليس لديهم وعى وطنى بخطورة تلك التبرعات والأموال التى تخرج من البلاد، وأن التبرعات من المفترض أن تتم بين الدول بعضها البعض، أو بين مؤسسات دولية، ولهذا لا بد من التوعية والتحذير والتأكيد على أن فكرة الأضحية قائمة على التكافل ما بين الأهل والجيران والمصريين، وتلك الجماعات تعى أن مصر هى قلب العالم، وتريد هدمها، ولهذا يدّعون أن تلك الأموال لنصرة الإسلام والمسلمين الجدد وهى نفس أفكار الجماعات الإرهابية التى حاولت السيطرة على المصريين لولا ثورة 30 يونيو التى حافظت على الهوية المصرية».
تراث شعبى للمصريين
للمصريين تراث شعبى مرتبط بالأضاحى، وهو ما كشف عنه دكتور مصطفى جاد، أستاذ التراث بالمعهد العالى للفنون الشعبية، أن الأضحية لها معارف وممارسات شعبية مصرية، وليس فقط أبعاد دينية «فرحة اختيار الأضحية وعلاقة الأضحية والمصريين قبل الذبح من حيث رعايتها ولعب الأطفال معها، لازم يتابعوا السن والشكل قبل الشراء، دا غير ذبح الأضاحى بالمدبح واحتفالية بعد صلاة العيد أمام محلات الجزارة وساحات الذبح، وكأنه عرس شعبى، يشارك فيه الجزارون والأهالى والأطفال، والتركيز على مهارات الذبح والتقطيع وتقسيمها، وأيضًا رسم كفوف بدماء الأضاحى على جدران المنازل، لمعتقدات منع الحسد والشر عن أهل المنزل».
محاولات طمس الهوية المصرية
وتابع أستاذ التراث والعادات «لا يمكن طمس الهوية المصرية واختصار فكرة الأضحية بأنها أمر دينى، المصريون لديهم عادات وتقاليد ارتبطت بكل المناسبات الدينية، وتلك الجمعيات التى تقتصر فكرة الأضحية فى الدبح خارج مصر، تريد أن تمحو التاريخ والعادات والتقاليد المصرية».
وأضاف: من المعارف الشعبية أيضًا، التعامل مع جلود الأضاحى وتمليحها لاستخدامها كمفارش أرضية، أو التبرع بها للمساجد والزوايا، وفطور عيد الأضحى لا بد أن يكون الفتة ولحوم الذبيحة، وتراث الأغانى «بكرة العيد ونعيد وندبح خروف الشيخ سيد»، ودا تراث دال أن ذبح الأضحية احتفال شعبى لدى المصريين منذ مئات السنوات، كما أن لدينا أمثالًا ما زالت حية حتى الآن، اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع، والجار أولى بالشفعة، والمنهج النبوى أيضًا (خيركم خيركم لأهله) والقاعدة الفقهية (الأقربون أولى بالمعروف)».. يشرح أستاذ التراث خصوصية الشعب المصرى وتراثه فى التعامل مع الأضاحى والفرحة والبهجة بها.
عقوبة تلك المنظمات المشبوهة
وخلال السطور السابقة حاولت «روزاليوسف» تتبع تلك المؤسسات المشبوهة التى تتولى جمع أموال المصريين تحت ستارة «صك الأضحية بدول أفريقيا»، رغم أن المادة 23 من قانون جرائم المعلومات بشأن جرائم الاحتيال والاعتداء على بطاقات البنوك والخدمات وأدوات الدفع الإلكتروني: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر والغرامة التى لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، فى الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الالكترونية.
العقوبات طبقًا للقانون
فإن قصد من ذلك استخدامها فى الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير.
عصابات لجمع تبرعات «غزة»
ويتم ذلك من خلال التواصل مع مباحث جرائم المعلومات، للإبلاغ عن تلك العصابات الدولية المنظمة، وهو ما أكد عليه المهندس أحمد طارق، خبير أمن المعلومات، بوجود جمعيات خارج مصر تخاطب المصريين لجمع تبرعات لأهل غزة، وهناك ما يعرف بالاستعطاف التكنولوجى، وانتشر أيضًا من قبل مجموعة من النصابين أنشأوا صفحات إلكترونية تخاطب المصريين لطلب تبرعات لأهل غزة، والتبرع لحسابات بنكية خارج مصر، ويتم النصب باستخدام صور لأهل غزة ورفح وصور من المخيمات «من الأمور الحديثة أن التبرعات أصبحت أيضًا بعملات البتكوين، والعديد من المصريين وقعوا فريسة وتبرعوا لجماعات مجهولة وربما تكون جماعات إرهابية».
وكشف خبير أمن المعلومات: «تلك المؤسسات لها تابعون داخل مصر، ولديهم فيديوهات متكررة، وتراقب وزارة الداخلية ومباحث الإنترنت تلك المؤسسات، ويمكن للضحايا الإبلاغ عنها بالاتصال بالرقم 108، وينطبق عليهم أيضًا قانون الابتزاز الإلكترونى والنصب الإلكترونى، لأن الضحايا من الممكن أن يتورطوا فى تمويل جماعات إرهابية بمجرد التبرع لتلك الكيانات الوهمية، أو بتعرض سرقة البطاقات الائتمانية عن طريق المواقع الإلكترونية المزيفة».