الجمعة 21 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ولنا فى مدينة هامترامك أسوة حسنة

ولنا فى مدينة هامترامك أسوة حسنة

مدينة أمريكية صغيرة لكنها قامت بعمل كبير وعظيم، تحدت اللوبى الصهيونى المسيطر على المؤسسات فى أمريكا وعلى رأسها حكومة بايدن والكونجرس، منذ أيام أصدرت مدينة هامترامك الواقعة فى ضواحى ديترويت بولاية ميشيغان قرارا يؤيد حركة تدعو إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وإنهاء الدعم لها بسبب هجماتها الوحشية على الفلسطينيين فى غزة، الخبر الذى لم يحظ باهتمام إعلامى عربى كبير رغم أهميته، يؤكد على أن كفاح وتضحيات الفلسطينيين لم تذهب سدى ، وأنه مع كل اعتداء وحشى على غزة تتزايد أعداد مؤيدى الدولة الفلسطينية ما يشير إلى تغير كبير فى موقف شعوب العالم الغربى تجاه القضية الفلسطينية، على أن الخبر يوجه رسالة قوية لمن يقللون من أهمية الدعوة لمقاطعة منتجات الشركات الداعمة لإسرائيل والذين يتذرعون بحجج واهية، ويكفى للرد على هؤلاء أن أنقل بعض تفاصيل قرار مجلس مدينة هامترامك.. فحسب ما ذكرته صحيفة ميدل إيست آى البريطانية أن أعضاء مجلس المدينة قالوا خلال الاجتماع الذى اتخذ فيه القرار «إن الفكرة هى إرسال رسالة دعم قوية للفلسطينيين وإنهاء الإبادة الجماعية فى غزة» وأضافوا: «نحن بحاجة إلى كل زاوية يمكننا استخدامها لمساعدة الفلسطينيين، ولا يمكن أن نستخدم أموال دافعى الضرائب لدينا لقتل الناس»، وقال رئيس مجلس المدينة عامر غالب وهو من أصل يمنى إن «معظم الشعب الأمريكى يعارض الحرب، لكن حكومتنا بالطبع لا تستمع إلى مخاوف ومطالب الناس، ويبدو أننا فى هذا البلد نُحكم من قبل أقلية لا تسمع صوت الشعب»، ما قاله غالب يكشف عن الفارق بين موقف الشعوب والحكومات ليس فى أمريكا فقط ولكن فى كثير من الدول الغربية التى تقف حكوماتها مع العدوان الإسرائيلى فى حين تتظاهر الشعوب طلبا لوقف العدوان والإبادة الجماعية للفلسطينيين فى غزة.



الخطوة غير المسبوقة لمدينة هامترامك تحظى بدعم عدد غير قليل من اليهود هناك وهو ما يحمى مجلس المدينة من تهمة معاداة السامية وهى التهمة التى توجه فى أمريكا لكل من يقف مع الحق الفلسطينى، بل إن هناك ولايات تعاقب الشركات والأفراد المشاركين فى مقاطعة إسرائيل، ولم يكن هذا هو الموقف القوى الوحيد الذى اتخذه مجلس مدينة هامترامك، ففى أكتوبر الماضى دعا المجلس إلى وقف إطلاق النار وتسمية أحد شوارع المدينة الرئيسية بـ«شارع فلسطين» كجزء من التضامن الرمزى مع الفلسطينيين، ولكن ما هى حكاية هذه المدينة التى اتخذت هذا القرار الشجاع؟

هى المدينة الوحيدة فى الولايات المتحدة التى تضم أغلبية مسلمة منذ عام 2013، وفى عام 2021 أصبحت أول مدينة أمريكية بإدارة مسلمة بالكامل، وذلك بعد انتخاب مجلس مدينة كامل من المسلمين، بحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، فإن هامترامك، «مدينة نموذجية للتعايش، فالسير فى طرقاتها بمثابة جولة حول العالم، حيث يسمع فيها الأذان وأجراس الكنيسة، وذلك كله لسكان يبلغ تعدادهم 28 ألف نسمة فقط، ولكنهم يتحدثون أكثر من 30 لغة»، كما أنها لفتت الأنظار منذ سنوات بسبب مطالبتها الكونجرس والرئيس الأمريكى بتحويل مبالغ كبيرة من ميزانية الدفاع إلى برامج الخدمات الإنسانية والاجتماعية.

ما فعلته مدينة هامترامك من أجل فلسطين كان البداية فهناك مدن أمريكية أخرى تسير على نفس الدرب، فقد وافقت مدينتا هايوورد وريتشمنت فى ولاية كاليفورنيا على سحب استثماراتهما من شركات تعمل فى إسرائيل، ما يعكس التوجه المتزايد بين المجتمعات المحلية فى الولايات المتحدة والعالم لدعم حقوق الفلسطينيين وتحقيق عدالة دولية، كما أن العديد من المدن الأوروبية اتخذت خطوات مشابهة، ففى سبتمبر الماضى ألغت برشلونة اتفاقية توأمة المدن مع تل أبيب، رغم أنه تم التراجع عن هذا القرار لاحقًا.. أما فى أبريل من هذا العام أعلنت العاصمة النرويجية أوسلو أنها لن تتاجر فى السلع والخدمات المنتجة فى المناطق المحتلة بشكل غير قانونى مثل المستوطنات والضفة الغربية ومرتفعات الجولان، كما أن مدينة دبلن الأيرلندية دعت إلى طرد السفيرة الإسرائيلية من أيرلندا.

الشعوب فى العالم كله تنتفض لنصرة الفلسطينيين وحركة المقاطعة لدينا يجب أن تظل متوهجة، والدعوة لاستمرارها ضرورة، ودعمها واجب، ولنا فى المدن الأمريكية وعلى رأسها هامترامك اسوة حسنة.