
عمرو أحمد
مصرعه طرح سيناريوهات مختلفة تحمل فى طياتها نظرية المؤامرة رئيسى.. فى معادلة حكم إيران
انشغل العالم بحادث سقوط مروحية الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، وتجاوز الاهتمام- قبل الإعلان عن وفاته بشكل رسمى وبعدها- البحث عن أسباب سقوط المروحية وما بين سقطت وأسقطت حرف فى الكلمة ودلالات سياسية وسيناريوهات محتملة قد تصل ربما لإعلان حرب بين الدول.
ورغم وجود رواية واحدة رسمية تقر بالسقوط الاضطرارى للمروحية نظرًا لظروف الطقس فى منطقة ورزقان شمال تبريز على الأقل حتى الآن، وخضوع الأمر لجهات التحقيق، تسابقت وسائل الإعلام العربية منها والدولية، وكذا رواد مواقع التواصل الاجتماعى من الإيرانيين وغيرهم على طرح سيناريوهات مختلفة تحمل فى طياتها نظرية المؤامرة.
ربما وفاة الرئيس الإيرانى والوفد المرافق له تركت مجموعة من الإجابات غير المرضية والمشبعة للمتابعين للحادث، وهى أن إيران بلا رئيس، وبلا وزير خارجية، وبلا خليفة محتمل لخامنئى، وهنا كان السؤال الأجدر بالتمعن هو: كيف سيؤثر اختفاء رئيسى على المشهد الداخلى فى إيران؟.. خصوصًا أن الرئيس الإيرانى الراحل كان رقمًا ليس هينا فى معادلة الحكم فى نظام الجمهورية الإسلامية. موعد انتخابات خليفة رئيسى حددته إيران يوم 28 يونيو 2024 خلال اجتماع لرؤساء السلطة القضائية والحكومة والبرلمان، وفقًا لما نص عليه الدستور الإيرانى فى المادة 131 بتولى النائب الأول للرئيس الإيرانى وهو محمد مخبر منصب القائم بعمل رئيس الجمهورية حتى تحديد موعد الانتخابات خلال خمسين يومًا، وتبعتها المادة 132 لتحجيم نفوذ تلك الصلاحيات بعدم عزل أو استجواب الوزراء أو حتى الدعوة لاستفتاء عام بالبلاد.
يبدو أن محمد مخبر يتم مهامه بنجاح، قرار تحديد موعد الانتخابات كان سريعًا، ويبدو أيضًا أن الدولة الإيرانية تريد تجاوز تلك المرحلة فى أسرع وقت ممكن، الشغور الرئاسى، إضافة إلى حقيبة الخارجية بعد وفاة حسين أمير عبداللهيان لا يحدد بوصلة إيران الخارجية فى تلك المرحلة، هذا بخلاف الحالة الصحية للمرشد الإيرانى ومن قد يخلفه.
ثلاث إجابات تركها رئيسى وترك معها ثلاثة أسئلة، الإجابة فى حد ذاتها سؤال والسؤال بلا إجابة عليه، الخطوة الأولى فى الإجابة هى تحديد موعد الانتخابات، وبقدوم رئيس للحكم من بين عدد من المرشحين المحتملين- الذين سيتقدمون بأوراق ترحشهم يوم 8 يونيو المقبل- سيأتى رئيس للبلاد يتوافق مع أهداف المرحلة المقبلة للجمهورية الإسلامية، وبلا شك سيشكل حكومة تعبر عن استراتيجية المرحلة فى ظل الظروف المختلفة الداخلية والخارجية لإيران، بل سيتضح أيضًا من شخصية وزير الخارجية المرتقب أولوية الاهتمامات الخارجية لإيران، مثلما كان واضحًا مع تولى الراحل عبداللهيان، الذى تولى منصب وزير خارجية إيران بهدف خلق مساحة تقارب ما بين إيران والبلدان العربية، وبالفعل نجح بشكل كبير فى ذلك، لكن ما زال الغموض يكتنف مرشح خامنئى المحتمل الأسماء محدودة وأبرزها أية الله علم الهدى ممثل الولى الفقيه بمحافظة «خراسان رضوى» وإمام الجمعة فى مدينة مشهد.
قبل الخوض فى طبيعة المرشحين الذين قد يتقدمون لخوض الانتخابات الـ14 للرئاسة، لا بد من إدراك أن قرار مجلس صيانة الدستور فى أهلية مرشح من عدمه هو قرار سياسى بالأساس يعود لأولويات القيادة فى إيران، من بين من تم استبعادهم من قبل للترشح للانتخابات كلٌّ من حسن روحانى ومحمود أحمدى نجاد، وكانا بالفعل رئيسين لإيران أى توافرت فيهما من قبل الأهلية لخوض الانتخابات كمرشحين.
خلال الأيام التى تسبق الانتخابات سيظهر على الإعلام الإيرانى العديد من المرشحين الراغبين لخوض هذا السباق، لكن هناك عددًا من الأسماء إذا حظيت بموافقة مجلس صيانة الدستور سيكون لها دور فى السباق الانتخابى.
من بين هؤلاء على رضا زاكانى، عمدة طهران- الذى حصل على 18 صوتًا من أصل 21 عضوًا فى مجلس العاصمة طهران، وهو برلمانى إيرانى 4 دورات وهو من الوجوه الأصولية المتشددة، وعمل خلال السنوات الماضية على انتقاد حكومة حسن روحانى، وتربطه علاقات وثيقة بالحرس الثورى.
زاكانى ترشح من قبل لخوض الانتخابات السابقة وانسحب فى آخر المطاف من السباق لصالح رئيسى.
أيضًا من ضمن الأسماء التى ستكون بارزة حال أجاز مجلس صيانة الدستور أهليتها، محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان، والآن مع غياب رئيسى، قد يرى نفسه أقرب من أى وقت مضى إلى منصب الرئيس.
قاليباف تولى تقريبًا جميع المناصب المهمة فى البلاد فى الجيش والشرطة وكذلك عمدة طهران، ربما عليه أن يعد نفسه لنقطة ضعفه وهى المناظرات الرئاسية.
هناك وجوه اعتاد الشارع الإيرانى على مشاركتها فى الانتخابات من وقت لآخر، مثل على شمخانى الذى تقلد العديد من المناصب فى الحرس الثورى منها وزير الدفاع فى عهد الرئيس الإصلاحى الأسبق محمد خاتمى، لكن تكاد تكون فرصة منعدمة خاصة بعد إجباره على تقديم استقالته من منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومى.
أيضًا محسن رضائى، نائب رئيسى لشئون الاقتصاد، والذى تقلد العديد من المناصب العسكرية والسياسية، وكان منافسًا لرئيسى فى الانتخابات الثالثة عشر وحصل على أكثر من 13 % من نسبة الأصوات مقابل أكثر من 70 % لرئيسى، لكن هذه النسبة تعكس ضعف شعبية رضائى فى الشارع، وكذلك عبدالناصر همتى الذى حصل فى نفس الانتخابات على نحو 9% من إجمالى الأصوات، وكذا على لاريجانى عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام ورئيس البرلمان السابق الذى رفضت أهلية للترشح فى الانتخابات السابقة.
هناك أيضًا بعض الأسماء المحسوبة على التيار الإصلاحى التى يتوقع أن تتقدم بطلب الترشح مثل الرئيس الأسبق حسن روحانى ومحمد جواد ظريف وزير خارجيته الذى اتهم الولايات المتحدة بعدم مد إيران بقطع غيار الطائرات ما تسبب فى مقتل رئيسى، ومجيد أنصارى عضو مجمع علماء الدين المجاهدين، لكن دخول إصلاحيين فى هذا السباق يتوقف على رغبة المرشد الإيرانى فى إشراك هذا التيار الذى نجحت حكومة رئيسى فى القضاء عليه بتوجيه من خامنئى.