الأربعاء 4 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الوثائق التاريخية لا تسقط بالتقادم إعادة النشر دعمًا للقضية.. كيف بدأ «تقويم الدم الصهيونى» وثلاثية الإبادة والتهجير والنهب؟ إحسان شاهد عيان من فلسطين!

(ق.م) هو اختصار لمصطلح قبل الميلاد؛ حيث يمثل ميلاد المسيح عليه السلام- فى بيت لحم بفلسطين- خَطًا فاصلاً بين ما قبل وما بَعد هذا الحدث.



ومن فلسطين أيضًا يخرج فاصل تاريخى جديد.

(ق.ن) هو اختصار لكلمتين هما «قبل النكبة»؛ حيث يمثل اغتصاب العصابات الصهيونية لأرض فلسطين واحتلالها.. خَطًا فاصلاً بين الحياة والموت.. خَطًا فاصلاً حقيقيًا وجغرافيًا قَسّمَ بلاد الشام؛ وفَصَل الوطن العربى مشرقه عن مغربه.

خَطًا فاصلاً بين منطقة كانت تسعى لتأصيل أواصر الأخوّة فى اللغة والدين والاندماج فى وطن واحد كبير يرفع شعارات العروبة والقومية، وبين منطقة يجمع فقط بين دولها أنها ناطقة باللغة العربية وفى الخفاء تدور حرب طاحنة وتنفق المليارات لتدمر بعضها البعض؛ وبخاصة مصر حتى لو دهست فى طريقها فلسطين وقضيتها وتمّت تصفيتها باسم التضامن معها!

خَطًا فاصلاً بلون الدم الذى سال من أبناء فلسطين أولاً ثم من أبناء كل العرب الذين طالتهم نيران الحرب مع المُحتل الصهيونى حربًا تلو الأخرى ليكون هناك تاريخ وجغرافيا للمنطقة قبل النكبة يختلف تمامًا عنه بَعدها..

منذ سقطت فلسطين فى يد عصابات اليهود الإسرائيلية وأصبح هناك تقويم جديد نروى به تاريخ فلسطين الأليم.. فصارت التواريخ تعرف بأسماء المَجازر التى ارتكبت فيها. تقويم استبدل أسماء الأيام والشهور بأسماء القرى والمخيمات وحتى المدارس والمستشفيات التى أبيدت واقترن اسمها بكلمة مَجزرة. تقويم أرقامه هى تعداد لأشخاص قُتلوا بمنتهى الوحشية، فعندما يَرتكب الصهاينة مَجزرة فالجميع شهداء لا يوجد مصابون.. تقويم الدم الصهيونى الذى نرويه ونوثقه ونذكركم به الذى تجاوز فلسطين ليشمل لبنان وسوريا وحتى الأسرَى المصريين فى نكسة 1967 الذين اعترفوا بأنفسهم بقتلهم بوحشية فى فيلم وثائقى اسمه (روح شاكيد) عام 2008.

تقويم بدأ من أربعينيات القرن العشرين وليس آخره مَجازر مُخيم جباليا ومستشفى المعمدانى ومجمع الشفاء الطبى.. ما دام المجتمع الدولى فَقَدَ إنسانيته قبل أن يفقد شرعية مؤسّساته ومنظماته ولم يقف فقط عاجزًا أمام وحشية اليهود المدعومة بجنون القوة الأمريكى؛ بل راح يساند ويؤيد حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها ويرّوج لأكاذيب حديثة وقديمة.. فحتى لا يصدّق صغارنا ولا ينسَى كبارنا ما حدث نروى لكم التاريخ من بدايته، فهو لم يبدأ فى 7 أكتوبر 2023 بل من قبل حتى نكبة 1948.

نفعل ذلك من خلال نشر تحقيقات صحفية نادرة من قلب فلسطين لم يرد ذِكْرها أو أعيد نشرها من قبل حتى عثرت عليها بالمصادفة فى عدد كان مُهترئًا وفى طريقه للترميم وقمت بضمها وتوثيق إعادة اكتشافها فى العدد التذكارى الذى صدر فى 1 يناير 2022.

تحقيقات بمثابة شهادة للتاريخ كتبها شاهد العيان الذى حرص على التوقيع عليها بالاسم الثلاثى وكأنه يوقّع وثيقة للتاريخ (إحسان محمد عبدالقدوس)؛ حيث لم يوقّع إحسان أبدًا أى مادة أدبية أو صحفية بهذا الشكل سوى هذه التحقيقات.

شهادة من شاهد عيان أطلق من خلالها إحسان صافرة إنذار عن خطر العصابات اليهودية، وأن هناك شيئًا ما يُدبَّر لهذا الجزء العزيز من الوطن العربى نشرت على ثلاث حلقات فى الأعداد رقم (883 و884 و886) عام 1945 قبل 3 سنوات من النكبة.

ويؤكد بكل وضوح أن إسرائيل انتشرت فى جسد فلسطين كمرض خبيث لم يكن له وجود قبل نكبة 48، وهو الانتشار الذى بدأ ناعمًا فى البداية متودّدًا مُتقربًا بعد أن دخلوها لاجئين حاملين رواية تعرُّضهم لمَحارق جماعية على يد هتلر، فاستقبلهم الفلسطينيون وأكرموهم وعاملوهم معاملة أصحاب الأرض، ويومًا بَعد يوم انتشروا كمرض خبيث سرعان ما راح يهاجم المُضيف بشراسة ويجهز عليه!

تحقيقات الأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس ترصد مَراحل هذا الانتشار والتحول الذى بدأ عملية تغيير هوية فلسطين بنشر لافتات تحمل لغتهم فى كل مكان وسيطرتهم على كل شىء استعدادًا للتحول الأكبر بحمل السلاح وبدء عملية النهب المنظم والقتل المُمنهج على مدار 75 عامًا.

يليها وتحت عنوان الملف الرئيسى (تقويم الدم الصهيونى) ترصد وتوثق زميلتنا داليا طه أبرز مَجازر المُحتل الصهيونى فى فلسطين ضد النساء والأطفال والعجائز، شعب كان أعزل تمامًا قبل أن تصبح لديه فصائل مقاومة تحمل القليل من السلاح البدائى فى محاولة للدفاع عن النفس والأرض والعِرض.

أردنا من خلال هذا الرصد التأكيد على أن المئات من المَجازر ارتكبت؛ حيث لم يكن هناك (حماس) مختبئة فى دير ياسين أو الطنطورة أو بلدة الشيخ عام 1948 ولا فى خان يونس عام 1956 ولا فى مخيم للأمم المتحدة فى قانا فى الثمانينيات فى لبنان.. هى فقط مَجازر للإبادة والتطهير العِرقى لإخلاء الأرض من شعبها، ففلسطين لم تكن أبدًا أرضًا بلا شعب؛ ولكن هى أرض أُخِذَ شعبُها رهائن لدى عصابة صهيونية تقتل منه كل يوم المئات وحاليًا الآلاف لتكون إسرائيل وقادتها أول قاتل متسلسل يرتكب جرائمه ويحصل على تفويض قانونى عالمى بمعاقبة الضحايا.. الخلاصة: إن التاريخ لم يبدأ فى 7 أكتوبر 2023 وإسرائيل لا تدافع عن نفسها.. إسرائيل سرقت الأرض وقتلت الشعب وتحاول تهجير مَن تبقى منهم، وهذا الملف وثيقة للتاريخ نتركها بين أيديكم.. لعلنا نُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ.