الثلاثاء 11 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مَن ينقذ ألما وراما؟

مَن ينقذ ألما وراما؟

ألقت الأمُّ بابنتيها من شِبّاك الميكروباص قبل أن يغوص بركابه فى ترعة الإبراهيمية، وصرخت فى الناس أنقذوهما.. عاشت الطفلتان وماتت الأمُّ غرقًا بعد أن ضحّت بنفسها.. الواقعة التى جرت فى ديروط بأسيوط منذ أيام كانت مؤلمة، فقد مات معظم الركاب ولم ينجُ سوى راكب استطاع القفز من الميكروباص قبل وصوله إلى مياه الترعة والطفلتان اللتان رمتهما أمُّهما من الشّبّاك، وكان المشهدان الأكثر حزنًا، الطفلتان وهما يناديان أمّهما: «اخرجى بسرعة يا ماما» وتستغيثان بالناس: «طلعوا ماما»، وأمّ الراكبة الشهيدة وجدة الطفلتين وهى تنتظر على شاطئ الترعة لعدة أيام رافضة أن تغادر مكانها قبل العثور على جثمان ابنتها، «شريهان» الأم المضحية بنفسها أصبحت فى رحمة الله ولكن مَن يرحم الطفلتين ألما- سبع سنوات- وراما- 11 عامًا- اللتين شاهدتا أمّهما وهى تغرق أمام أعينهما؟، مَن يتولاهما بالرعاية، ولا أقصد هنا الرعاية والكفالة المالية ولكن الرعاية الصحية والنفسية، من المؤكد أن المشهد المؤلم سيعيش فى ذاكرتهما طويلاً وسيكون له تأثير على نفسيتهما وتحتاجان إلى تعامل خاص وجلسات نفسية للتخلص من الآثار السلبية عليهما.. حسنًا فعلت رئيسة المجلس القومى للأمومة والطفولة د. سحر السنباطى عندما زارت الطفلتين ووعدت بمتابعة حالتهما ومساعدتهما على تجاوز هذه المحنة الكبيرة؛ خصوصًا أن الأم منفصلة عن الأب منذ عام، وهو ما يجعل تأثير الحادث مضاعفًا على البنتين اللتين كانتا تعيشان مع الأم وتتولى رعايتهما، وكنت أعتقد أن يتعاطف قسم الصحة النفسية بكلية الطب جامعة أسيوط ويفعل مثلما فعل المجلس القومى للأمومة والطفولة، ويسارع الأطباء إلى تقديم يد المعونة للطفلتين المسكينتين، وكان واجبًا على وزارة الصحة أن ترسل من خلال مديرية الصحة بأسيوط أطباء للكشف على الضحيتين ومساعدتهما على تجاوز الأزمة، أمّا وزارة التربية والتعليم فتصورت أنها لن تترك التلميذتين وكلتاهما فى المرحلة الابتدائية دون أن تمد إليهما يد المساعدة التعليمية والصحية، وعلى الأقل تعفيهما من المصاريف الدراسية هذا العام، وكان على المجتمع المدنى أن يتحرك أيضًا فى نفس الاتجاه، ولدينا نقابة الأطباء ولها باع طويل فى المساعدة فى مثل هذه الأزمات، وكذلك جمعيات الطب النفسى ومعها الجمعيات المعنية بالطفل واحتياجاته، «راما وألما» أنقذتهما أمُّهما من الموت وأعادتهما إلى الحياة وهما الآن فى حاجة لمَن يتعاون مع المجلس القومى للأمومة والطفولة ويشارك فى إنقاذهما من الحزن والخوف والهلع وفقدان الأمّ ومما شاهداه خلال الحادث المؤلم ويعيدهما طفلتين مقبلتين على الحياة بلا مشاكل نفسية.. فمن يشارك فى المهمة الإنسانية؟ أمّا الأم شريهان عثمان صدقى فهى تستحق أن يتم تكريم اسمها من المجلس القومى للمرأة باعتبارها مثالاً للمرأة المصرية المضحية والأم القدوة، لقد كان تصرفها عفويًا وبفطرة الأمومة ولكنها تستحق أن يلقى عليها الضوء بدلاً من نماذج تطالعنا على شاشات الفضائيات، واحدة منهن تدعو إلى خراب البيوت وتحرّض الزوجات على الطلاق، وأخرى لا تستضيف سوى نماذج سيئة، وثالثة تتحدث عن المرأة باعتبارها خادمة لزوجها، ورابعة لا تذيع سوى الفضائح فى المجتمع.



المرحومة الشهيدة «شريهان» تعبر عن المرأة المصرية الحقيقية وتستحق الشكر على ما قامت به، ولذا أطلب من محافظة أسيوط تكريم اسمها أيضًا، فهى لا تقل فى تضحيتها عن أى شهيد.