عبر فضح جرائم إسرائيل فى «العدل الدولية».. مصر تبث «الروح» فى القمة العربية بالبحرين
شوقى عصام
أعطت القاهرة دفعة قوية للقمة العربية فى البحرين، فى هذا التوقيت الصعب الذى يمر مع تعقد المفاوضات حول وقف العدوان الإسرائيلى على غزة، فى ظل مراوغة «الكيان» وقادته، حيث تمثلت هذه الدفعة بشكل كبير مع ما سبق القمة من الإعلان المصرى عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية.
خبراء فى العلاقات الدولية والعلوم السياسية، أكدوا أن إعلان مصر التدخل رسميا لدعم الدعوى التى رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية» بالتزامن مع انعقاد القمة العربية فى البحرين، أعطى لهذا «الجمع العربى» وسيلة ضغط ذات فاعلية وقوة أكبر فى هذا التوقيت، لتأتى قيادة مصر للقمة فى ظل التمسك بدعم الدعوى المقامة ضد جرائم إسرائيل ليكون هذا الضغط بمثابة العمل على تدشين واقع عربى جديد يتعامل مع تصرفات إسرائيل ويواجه أى مخاطر تمس الأمن القومى المصرى والعربى.
وكانت قد أعلنت مصر فى 12 مايو الجارى اعتزام التدخل رسميا لدعم الدعوى التى رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر فى انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فى قطاع غزة، موضحة فى بيان، أن التقدم بإعلان التدخل فى الدعوى المشار إليها يأتى فى ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة، والإمعان فى اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطينى من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير البنية التحتية فى القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم، مما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى خلق ظروف غير قابلة للحياة فى قطاع غزة، فى إنتهاك صارخ لأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني، واتفاقية چنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين فى وقت الحرب.
وطالبت مصر بامتثال إسرائيل لالتزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، وتنفيذها للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية التى تطالب بضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية على نحو كاف يلبى احتياجات الفلسطينيين فى قطاع غزة، وعدم اقتراف القوات الإسرائيلية لأية انتهاكات ضد الشعب الفلسطينى باعتباره شعب يتمتع بالحماية وفقاً لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، مجددة مطالبتها لمجلس الأمن والأطراف الدولية المؤثرة، بضرورة التحرك الفورى لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة والعمليات العسكرية فى مدينة رفح الفلسطينية، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين.
ويقول خبير السياسات الدولية لقطاع أخبار المتحدة، د. أشرف سنجر، إن قمة «البحرين» المحورية أخذت مضمونا ومساندة مهمة للغاية عبر الإعلان المصرى عن الدعم لدعوى جنوب إفريقيا حول جرائم إسرائيل أمام «العدل الدولية»، الأمر المرتبط فى هذا الصدد بأنه فى تاريخ التصويت فى الأمم المتحدة ومؤسساتها، عندما تقدم مصر مشروع قرار، ينساق العرب وراءها قناعة منهم أن مصر هى الداعمة للعدل والتى تحافظ على الحقوق دوليا.
وعن الدعم المصرى للدعوى أمام «العدل الدولية»، يستكمل «سنجر» فى تصريحات لـ«روزاليوسف»: «يبدو أن المفاوض المصرى ضاق ذرعًا بالمفاوض الإسرائيلى الذى يستخدم كل أدوات المراوغة من كلمات لا تعبر عن شىء»، وسط تعامل إسرائيلى دولى مشين مع الأعراف وضحت فى عدة مواقف كان منها قيام مندوب دولة الاحتلال بالأمم المتحدة بتمزيق الميثاق عندما وافق أكثر 143 دولة على عضوية دولة فلسطين، مما يؤكد أن إسرائيل دولة مارقة منبوذة تعانى معها قواعد القانون الدولى، الأمر الذى انعكس على مطالبة طلاب الجامعات فى الولايات المتحدة، بعدم تدريس مواد القانون الدولى لأن المنظمات الدولية باتت عاجزة فى فرض وقف جرائم الإبادة من جانب دولة الاحتلال.
وأردف: «عندما تقدمت جنوب إفريقيا بالدعوى كان تقدما محمودا بعد وصول المجازر وقتل النساء والأطفال إلى جريمة حرب مكتملة الأركان، واقدام مصر على دعم هذه الدعوى يتماشى مع المسؤولية العروبية لرئيس وجيش وشعب مصر، ويعكس ما تقوم به القيادة السياسية من جهود ومساعى وحضور دبلوماسى وإنسانى وسياسى لدعم الفلسطينيين، ويحظى بمساندة واضحة من رجل الشارع».
ويؤكد رئيس حزب الإصلاح والنهضة، د. هشام عبدالعزيز، أن إعلان مصر التدخل رسميا لدعم الدعوى التى رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر فى انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فى قطاع غزة، بالتزامن مع انعقاد القمة العربية فى البحرين، أعطى لهذا «الجمع العربى» وسيلة ضغط ذات فاعلية وقوة أكبر فى هذا التوقيت.
وأوضح «عبدالعزيز» فى تصريحات لـ«روز اليوسف»، أن مصر عبر هذا الإجراء بث الروح فى القمة العربية فى هذا التوقيت العصيب، وبمثابة دفعة لدول عربية للانضمام والسير على منوال الدعم المصرى الذى قدمته مصر من خلال إعلان مصر لدعم الدعوى أمام «العدل الدولية»، وما وراء ذلك من إجراءات تضغط على إسرائيل بفضحها بشكل علنى عبر دلائل على جرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها بحق الشعب الفلسطينى ليس فقط من خلال العدوان على قطاع غزة ولكن عبر ممارسات ضد الفلسطينيين فى الأرض المحتلة، وهناك انعكاس لذلك عبر المرافعة الرسمية التى تقدمت بها مصر فى منذ شهرين أمام «العدل الدولية» حول السياسات والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
ولفت «عبدالعزيز» إلى أن القاهرة أخذت منحى أكبر فى إدارة الأزمة عبر سبل تمثل ضغط أكبر على إسرائيل التى قطعت كل السبل فى المفاوضات الأخيرة حول إنهاء العدوان على قطاع غزة، لتأتى قيادة مصر للقمة العربية فى ظل التمسك بدعم الدعوى المقامة ضد جرائم إسرائيل ليكون هذا الضغط بمثابة العمل على تدشين واقع عربى جديد يتعامل مع تصرفات إسرائيل ويواجه أى مخاطر تمس الأمن القومى المصرى والعربى.
ويتفق معه، أستاذ العلوم السياسية د.حسن سلامة، حول أن إعلان التدخل الرسمى المصرى لدعم جنوب إفريقيا فى الدعوى المقامة أمام «العدل الدولية» بخصوص جرائم إسرائيل قبل القمة العربية بالبحرين، له عدة آثار مهمة، لافتا إلى أن الدعم المصرى للدعوى يعضد من أيضا التحركات المتعلقة بإصدار مذكرات توقيف من بحق بنيامين نتنياهو وقادة الاحتلال الإسرائيلي، حيث سيعتبر ذلك فضيحة بمثابة صفعة على وجه إسرائيل أمام العالم، بأن قادتها مجرمى حرب، وذلك حتى لو لم ينفذ قرار «الجنائية الدولية» ولكن يكفى فى هذه الحالة.
وأشار «سلامة» إلى أن الدعم المصرى لدعوى جنوب إفريقيا، سيعزز المسار القانونى لـ«الجنائية الدولية» لا سيما أن هذا التدخل سيأخذ مشهد تقديم مصر وثائق تمتلكها تثبت جرائم إبادة جماعية ارتكبتها إسرائيل منذ عام 1967 حتى العدوان الحالى على قطاع غزة، ظهر منها وثائق عبر مرافعة سابقة قامت بها مصر منذ شهرين أمام «العدل الدولية» حول الممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.