الأحد 18 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

تحت شعار: «أجيال واعية وحوار بنَّاء» بيان وحدة أزهرية ضد الإلحاد والفكر اللا دينى

أثير، خلال الأيام القليلة الماضية، جدل واسع عقب إعلان كيان جديد حمل شعار «تكوين»، خاصة عقب بدء نشر بعض الرئاسل الدينية كان آخرها الحديث عن أبناء السيدة خديجة من أزواجها، كما تم الحديث عن إطلاق الأزهر الشريف لوحدة جديدة تسمى «بيان» للرد على ما ينشر من أفكار مغلوطة حول المفاهيم الدينية أو السيرة النبوية.



فى البداية، ينبغى توضيح أن الأزهر الشريف لم يقم بإنشاء وحدة «بيان» فى مواجهة «تكوين»، كما انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعى، حيث إن «بيان» هى وحدة أنشأها مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية فى منتصف ديسمبر من عام 2018م، بدعم من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطَّيب شيخ الأزهر الشريف؛ لمواجهة شبهات الإلحاد والفكر اللادينى، وبناء وعيى معرفى للوقاية من هذا الفكر المتطرف والمنحرف، وتوفير مساحات آمنة للحوار مع الشباب وتحصينهم من حيل المتشكِّكين فى الدين، والعمل على إزالة المفاهيم المغلوطة لديهم.

وتضم الوحدة نخبة من أعضاء المركز وأساتذة من جامعة الأزهر والجامعات المصرية، متخصصون فى: العقيدة والفلسفة، والفقه الإسلامى، وعلم النفس، والاجتماع، والصحة النفسية، وغير ذلك من التخصصات المختلفة.

وتعمل الوحدة على المتابعة اللحظية لكل ما يُثار حول الإسلام وشرائعه من أغلوطات وشبهات فى مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام، وتحليل بياناته، وتقديم معالجات متخصصة، ومحتويات تدعم هذه المعالجات، وتجوب بها محافظات وجامعات الجمهورية من خلال برامج توعوية متخصصة، ومطبوعات، وحملات إلكترونية وإعلامية بلغة بسيطة يفهمها الشباب، وقد استفاد من جهود الوحدة خلال هذه المدة أعداد ضخمة من الشباب والأسر.

وتستقبل الوحدة منذ ذلك الحين الشَّباب الباحثين عن الحقيقة فى مقر المركز بمشيخة الأزهر الشريف، وتعقد لهم المقابلات الشخصية الواقعية والإلكترونية بالمركز وبأماكن تنفيذ برامجه فى أنحاء الجمهورية مع متخصصين من أعضاء المركز، وتساعدهم على محو أى شبهة تتعلق بالدِّين والشريعة.

وتقوم وحدة بيان بنشر رسائل تعريفية لنشر الوعى الدينى بين الناس عامة، والشباب بصفة خاصة، كان آخر تلك الرسائل رسالة تقول: «خلق الله الإنسان وميَّزه بالعقل، وجعله مناط تكليفه، وأهَّله به لعبودية الله وعمارة الكون، وجعل صيانة ملكاته، ووعيه، وحفظه من الشبهات، وما يلوث الفطرة مسئولية، عليها مثوبة وجزاء من الله سبحانه».

 تكوين.. وموقف الأزهر

وحول موقف الأزهر من «تكوين» والتى اعلن عنها مؤخرا بأنها مؤسسة ثقافية وتنويرية عربية «لدعم ونشر التنوير فى العالم العربى أعلن الدكتور عباس شومان أمين عام هيئة كبار العلماء على صفحته (بأن الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تتابع حقيقة ما ينشر عن تكوين كيان للنيل من ثوابت الدين وأخلاقيات وقيم الأمة، وسيتخذ ما يلزم بعد الوقوف على الحقيقة).

فيما قالت د. إلهام شاهين الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات، عبر صفحتها: بمناسبة الحديث الآن عن مؤسسة تكوين الفكر العربى ظننت أن فيه شيء جديد فبحثت ودخلت على موقعهم وكل صفحاتهم لكن لا جديد كلها فيديوهاتهم المعروفة ومقالاتهم ونفس منهجهم المتبع منذ سنوات. 

أضافت أن: «الفكرة أنهم أصبح لهم كيان يجمعهم ويبدو إنه مدعوم بدعم مالى وإعلامى كبيرين، لكن مواجهة الفكر بالفكر هو الذى يجب أن يسود وفى النهاية لا يصح إلا الصحيح».

وشددت أن كل من لديه أدنى قدر من الثقافة سوف يكتشف الزيف والمغالطات المنتشرة فى معظم المواد الموجودة ويكفى أن أول ما بدأ الناس تدخل وتكتشف انتشر فيديو بشكل كبير بعد الإعلان عن التأسيس.

والفيديو حمل معلومات مغلوطة عن أبناء السيدة خديجة زوجة النبى صلى الله عليه وسلم من أزواجها قبل الرسول، وقالت المتحدثة فى الفيديو: «أن السيدة خديجة دعت (بناتها هند وهالة) للدخول فى الإسلام، ومدعتش نساء غيرهم».

وأوضحت د. إلهام أن أبناء السيدة خديجة قبل زواجها من الرسول هما ثلاثة: بنت وولدان.. البنت: هند بنت عتيق، والولدان هند بن هند المعروف بأبى هاله وهاله بن أبى هاله.

ولفتت إلى أن المعرفة تأتى من كتب التراث، فعند ابن كثير فى كتاب البداية والنهاية بيقول: (وهند هذا هو ربيب رسول الله أمه خديجة بنت خويلد، وأبوه أبو هالة، كما قدمنا بيانه)، وفى كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد: «وَتَزَوَّجَ أَبُو هَالَةَ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ،... فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدَ وَهَالَةَ، رَجُلَيْنِ، فَمَاتَ هَالَةُ، وَأَدْرَكَ هِنْدُ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ،)؛، وفى كتاب الإصابة فى تمييز الصحابة لابن حجر العسقلانى بيتكلم عن هند بنت عتيق ودى هند بنت السيدة خديجة من زوجها عتيق قبل زواجها بالنبى.

بالمناسبة الكلام عنهم كله موجود فى كتب التراث واللى هدفهم الاستغناء عنها واستبدالها بفكرهم التنويرى. وأوضحت د.إلهام أن المتحدثة لم تكلف نفسها تقرأ المعلومة الصحيحة من كتب التراث، يعنى لو كلفت نفسها أنها تقرأ فى كتب التراث لتعرف المعلومة الصحيحة حتى من العناوين، أما مجرد الاعتماد على الفهم الخاص دون الإطلاع سيؤدى لنشر معلومات مغلوطة أو منقوصة.

وحذرت د.إلهام من خطورة نشر الملعومات المغلوطة وسط عدم معرفة الناس بكثير من أمور دينهم وعدم قراءة الناس فى كتب التراث، مؤكدة أن لتكوين الحقيقى إنك تتعلم من كتب التراث على أيدى أهل العلم الصحيح.

اسمع واتكلم

فى السياق ذاته استكمل الأزهر الشريف جهوده فى نشر الوعى بين الشباب، وخلق حالة من الحوار المعرفى من خلال النسخة الثالثة من منتدى مرصد الأزهر «اسمع واتكلم» فى إتاحة المجال للشباب أن يتكلم وأن يُسمع منه، حيث يهدف منتدى «اسمع واتكلم» إلى ترسيخ مبادئ الحوار واحترام الرأى الآخر بين شباب الجامعات، وإيجاد آليات تواصل فعالة من أجل الاستماع إلى آرائهم وطموحاتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل، والإجابة على تساؤلاتهم فى القضايا الدينية أو الاجتماعية وغيرها من القضايا، خصوصا فى ظل التطورات التكنولوجية الحديثة وما نتج عنها من تحديات لمؤسسات الدولة وهيئاتها المختلفة وأفراد المجتمع بمختلف فئاته العمرية.

وتأتى هذه النسخة الأحدث من المبادرة بعد نجاح النسختين السابقتين فى جمع شباب الجامعات المصرية مع نخبة من المتخصصين وأساتذة الجامعات لتبادل الآراء والوقوف على النقاط الخلافية التى لطالما استغلتها التنظيمات المتطرفة باعتبارها ثغرات للتسلل إلى عقول الشباب ومخاطبة وجدانهم واللعب على وتر الحماسة التى تتسم بها هذه الفئة العمرية؛ ولا يخفى أن الشباب من أهم ركائز نهضة الوطن واستقراره.

فيما يوضح الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر الشريف، أن النسخة الثالثة من ملتقى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بعنوان «اسمعْ وتكلَّمْ» تمثل حلْقةً جديدة فى سلسلةٍ متَّصلةٍ بدأت نسختُها الأولى فى شهرِ مايو عام 2018م، وتتأكَّدُ أهميَّةُ هذا الملتقى فى ظلِّ عالمٍ مشحونٍ باشتباكاتٍ فكريَّةٍ، واستقطابٍ حادٍّ، ومحاولاتٍ مستميتةٍ لتدميرِ دولٍ وشعوبٍ باستخدامِ أساليبَ متنوِّعةٍ، تستهدفُ المادَّةَ الصُّلبةَ للوطنِ، وهم الشَّبابُ، وتسعى إلى قطعِ الشَّبابِ عن عقيدتِهم، وتاريخِهم، وهويَّتِهم.

وأضاف وكيل الأزهر أن عنوان الملتقى يُنبِّه الجميعَ إلى مهارةٍ حياتيَّةٍ أوشكت أن تُفقدَ من حياةِ النَّاسِ على اختلافِ درجاتِهم ومستوياتِهم، وهى مهارةُ الكلامِ والاستماع؛ وعلومُنا الأزهريَّةُ تخبرُنا أنَّ الكلامَ هو اللَّفظُ المفيدُ على حدِّ تعبيرِ جمالِ الدِّينِ ابنِ مالكٍ فى قولِه: كلامُنا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ * وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ.

ولفت إلى أن عنوان المنتدى «اسمعْ وتكلَّمْ» وليس «تكلَّمْ واسمعْ» فالأصلُ أن تسمعَ أوَّلًا، وأن تتعلَّمَ أولًا، وأن تفهمَ أوَّلًا ثمَّ تتكلَّم فيأتى الكلامُ مستندًا إلى ركنٍ ركينٍ من العلمِ والفهمِ والحكمةِ والأدبِ.

ويرى وكيل الأزهر أن هذه اللِّقاءاتِ الَّتى تجمعُ الشَّبابَ، وتتيحُ الفرصةَ للاستماعِ منهم، والكلامِ إليهم ضرورةٌ؛ حتَّى يكونَ شبابُنا على معرفةٍ واعيةٍ بما يدورُ حولَهم فى هذا العالمِ سريعِ التَّغيُّرِ، وأيضًا حتى نستفيدَ من رُؤيتهم، ونتفهَّمَ احتياجاتِهم، وخصوصًا تلك القضايا الحسَّاسةُ الَّتى يعملُ مرصدُ الأزهرِ الشَّريفِ على مواجهتِها، والَّتى تُعرضُ فى هذا المنتدى من قِبَلِ متخصِّصين، آملين أن تَجِدَ الإشكالِّياتِ جوابًا معرفيًّا يَبُثُّ فى النَّاسِ الأَمَلَ ويبعثُهم على الرُّقيِّ والحضارةِ، وهذا هو منهجُ الأزهرِ الشَّريفِ.

وحذر وكيل الأزهر الشباب من خطر المغرضين الذين يحاولون تقبيحَ الحسنِ، وتحسينَ القبيحِ، ويحاولون تشويهَ القدواتِ والإساءةَ إلى الرُّموزِ، ويحاولون تهوينَ الشَّرِّ فى النفوس حتَّى لا يكونَ لشبابنا هويَّةٌ ثابتةٌ تعصمُهم وتحفظُهم، وكلنا وكل مسئول أمين يدرك أنَّ المسئوليةَ الملقاةَ على عاتقِ مؤسَّساتِ الدِّينِ وعلمائِها كبيرةٌ فى ضرورةِ قراءةِ واقعِ النَّاسِ وما فيه من تحدِّياتٍ فى كلِّ مجالاتِ الحياةِ: سياسةً واقتصادًا واجتماعًا وتربيةً وغير ذلك، وضرورةِ تقديمِ خطابٍ موازٍ يقابلُ الخطابَ المنحرفَ، فيصونُ عقيدةَ النَّاسِ وإيمانَهم بربِّهم، ويحفظُ عليهم مقدَّراتِ مجتمعاتِهم، ويبقيهم آمنين مطمئنِّين.

ودعا وكيل الأزهر الجميع إلى التكاتف أفرادًا ومؤسَّساتٍ، شعوبًا وحكوماتٍ، أممًا ومجتمعاتٍ، كى نواجهَ هذا التَّيَّارَ الجارفَ الَّذى يُريدُ أن يَفقدَ أبناؤنا فيه هُويَّتَهم وأن يَتحلَّلوا مِن قيمِ دينِهم، وأن يتنكَّروا لمبادئهِ وقيمهِ وأخلاقهِ، وإنَّ ما يَتعرَّضُ له الشَّبابُ من استهدافٍ خطرٌ يوجبُ أن تُسخَّرَ كلُّ الإمكاناتِ لمواجهتهِ والقضاءِ عليهِ، لِمَا فيه من نتائجَ سلبيةٍ، وإنَّ واجبَ الوقتِ يحتمُ علينَا جميعًا أن نستمعَ للشَّبابِ قبل أن نتكلَّمَ معهم، فلديهم السُّؤالُ وعلينا الإجابةُ والتَّوجيهُ والنُّصحُ.

من جانبه أوضح الدكتور محمود الهوارى الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الدينى بمجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام ارتقى بها إلى رتبة الإحسان، الذى كتبه الله على كل شيء، وحول الرفق الذى لا يكون فى شيء إلا زانه ولا ينزع من شىء إلا شأنه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم إن أخلاق الشخصية المصرية ثابتة لا تتغير ولا تتاثر بالمصالح والأغراض، ولا تمشى على ساق دون ساق، فالشر سيبقى شرا أبدا، والحلال سيبقى حلالا أبدا، ويبقى الاعتداء على الشعوب إثما مهما نظّر له الكتاب والفلاسفة.

الثوابت الأخلاقية 

من جهتها تؤكد الدكتورة رهام عبدالله سلامة، المدير العام لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن المرصد منذ انطلاق النسخة الأولى مهتم بكل ما يهم الشباب ويشغل أذهانهم ويؤرق حياتهم من أفكار وقضايا، لأن الشباب بما يملكونه من أفكار وطاقات هم بشائر الحاضر وحصاد المستقبل، فقد علمنا من دراساتنا وبحوثنا أهميةَ تهذيب تلك الأفكار وتوجيه تلك الطاقات فى الأطر الصحيحة، مقترنة بالتوعية من مغبة الانسياق وراء اتجاهات تجمّلها الجماعات المتطرفة لجذب هؤلاء الشباب وغسل عقولهم، واقتيادهم إلى مصير نعلم نهايته جيدًا.

وبينت أن خطر الفكر المتطرف لا يقتصر على الجماعات المتطرفة التى تتخذ من الدين ستارًا لجرائمها وأعمالها الوحشية فحسب، بل كل الجماعات والمنظمات والأفراد ممكن يروجون للأفكار المتطرفة التى تهدم الثوابت الدينية والأخلاقية، وتدفع بالقيم التى تحفظ إنسانيتنا إلى حافة الهاوية - آخذة معها من يتفلّت من شبابنا إلى تلك الهاوية، لذلك، كانت النسخة الثانية من المنتدى عام 2022 أكثر اشتباكًا؛ إذ تناولت قضايا أكثر خصوصية فرضتها العولمة والانفتاح اللامحدود بفعل شبكة الإنترنت، مشيرة أن القضايا التى بُحثت فى النسختين الأولى والثانية من مبادرة «اسمع واتكلم»، وضعنا نصب أعيننا فى هذه النسخة مناقشة قضايا تخدم ما سبق، وتمهد الطريق إلى إيجاد حلول فعالة لها وللمستجد منها، سواء من خلال تصحيح المفاهيم الطارئة على مجتمعاتنا أو من خلال ضبط آلية تعامل شبابنا معها، تلك الآلية المتمثلة فى المشاعر - وهو ما سنبحثه بإحدى جلساتنا.