قصة نجاح ملهمة تفتح أبواب الأمل.. نورهان عابد: أريد أن أكون مثالًا حيًّا للتفاؤل من ذوى القدرات الخاصة
![](/UserFiles/News/2024/05/04/61084.jpg?240505100000)
فاطمة الزهراء بدوى
هى أول فتاة كفيفة تبدع فى رسم اللوحات الفنية؛ لتخرج لوحات تنافس بها كبار الفنانين.. التخيل هو محركها الأساسى فى رسم لوحاتها، كما ترسم العديد من اللوحات عن طريق الوصف والإحساس، وتستطيع التمييز بين الألوان المختلفة.. «روزاليوسف» تحاور «نورهان عابد» للتعرف على رحلتها فى تطوير وتنمية موهبتها بنفسها، وكيف حولت الإعاقة البصرية والانتقادات السلبية والإحباطات التى تعرضت لها إلى دافع لاكتشاف مواهبها التى لم تقتصر على الرسم فقط؛ بل امتدت إلى الشعر والروايات.. إليكم نص الحوار..
حدّثينا عن أصعب ما واجهك خلال فترة طفولتك؟
- أُصبت منذ الطفولة بالمياه البيضاء بعينى اليُمنى واليُسرَى، وأجريتُ العديد من العمليات الجراحية، ولكننى فقدتُ بصرى، وعشتُ معاناة فى بداية مرضى، ولكن سرعان ما تغلبت على ذلك وتحدّيت نفسى بالرسم وأيضًا الشعر والتمثيل وكتابة القصص والروايات.
وكيف ساعدتْ تلك الفترة فى تشكيل وجدانك وتنمية قدراتك الفنية؟
- بدايتى مع الرسم كانت فى مرحلة صعبة جدًا، وكنت حينها فى الصف الثالث الابتدائى وابنة تسع سنوات، ووقتها كنت فى اختبارات لجنة خاصة وحزينة للغاية؛ لأننى أؤديها وحدى ولست مع أحد من زملائى، فضلًا عن أننى لا أجيد الكتابة والقراءة مثلهم. وأنتقل إلى المعلمة التى كانت تكتب لى هذا الشعور؛ فأعطتنى ورقًا وأقلامًا كى أشغل وقت فراغى، وهى تلقى علىَّ الأسئلة وأجيب على الفور، ورسمت أشكالًا عديدة منها ورود أعجبتها؛ فقالت لى: «استمرى فى ذلك.. أنتِ موهوبة فى هذا المجال»، ومن بعدها فى وقت فراغى أجهز الورق والأقلام بحيث أطور من نفسى ومن قدراتى فى الرسم.
وتتابع: ذهبتُ إلى مرحلة جديدة، ودخلت الصف الرابع الابتدائى، وكانت أول مرة نأخذ فيها حصة الرسم، والمعلمة حديثة العهد، أى لم تعطينا من قبل، ولم تعلم أننى من ذوى القدرات الخاصة؛ فطلبت منّى أن أرسم مثل زملائى، فردت عليها زميلتى فى الفصل أننى لا أستطيع ذلك كونى من أصحاب الهمم؛ فأعطتنى وقتها ورقًا وأقلامًا لأرسم معهم، فرسمت عن طريق الإحساس والتخيل، وبعد أن انتهيت أخذ زملائى الرسمة لإعطائها إليها فلم تصدق أننى من ذوى القدرات، وذهبت إلى مديرة المدرسة للتأكد من ذلك فردت عليها بالإيجاب وبأننى أؤدى الاختبارات بلجنة خاصة، وطلبت منّى المديرة أن أرسم أمامهم مرة ثانية فرسمت منظرًا طبيعيًا أعجبهم كثيرًا. وظللت من بعدها أطور من موهبتى فى الرسم برسم البورتريهات عن طريق الوصف، فإخوتى يقصون علىَّ ما يرونه مثل ملامح الأشخاص وشكل الطريق ووصف الأماكن.
وماذا عن بداية استخدامك للألوان؟
- بدايتى مع الألوان كانت مليئة بالتحديات، فعندما اشتريت عُلبة الألوان الخشبية كانت كل الألوان تشبه بعضها فبدأت استخدام المبراة؛ لأميز سن القلم عن السن الآخر، فمثلاً اللون الأحمر يختلف عن اللون الأزرق من خلال سن القلم، فأستطيع معرفة لون سن القلم من خلال الإحساس، فبمجرد لمسه أعرف ما لونه. ومن هنا تمكنت من معرفة استخدام الألوان الخشبية.
لو تكلمينا عن دور الأسرة فى اكتشاف موهبتك؟
- دعم الأسرة وبخاصةً الوالدين بالنسبة لى كان جوهر حياتى؛ خصوصًا فى رحلتى فى عالم الفن. كل لمسة دعم منهم كانت مثل وقود يحركنى للأمام ويجعلنى أكثر إصرارًا على تحقيق طموحاتى وأحلامى الفنية. لم يكن الأمر يقتصر على توفير الأدوات والمواد الفنية؛ بل كانوا يقفون بجانبى ويساندوننى ويؤمنون بقدرتى على التعبير عن نفسى من خلال الرسم.. كانوا دائمًا موجودين فى اللحظات الصعبة والتحديات التى واجهتنى من خلال دعمهم اللا متناهى، واكتشفت لنفسى قوة جديدة وثقة كبيرة فى قدراتى.. كنت أعرف أننى مَهما كانت التحديات أمامى يمكننى تجاوزها، فوالداى ملهمان جدًا وسأظل مدينة لهما طوال حياتى لكل ما فعلاه من أجلى.
وما الرسالة التى تودين إيصالها من خلال فنك وإبداعك؟
- أريد إيصال فكرة أن الإرادة أو القوة الداخلية هى ما يحدد مسارنا ويحقق أهدافنا، بغض النظر عن الصعاب التى تواجهنا فى الطريق. فمن خلال الفن والإبداع يمكننا التعبير بحرية عن أفكارنا ومشاعرنا، واستخدامها كوسيلة لتحفيز الآخرين وتشجيعهم على تحقيق أحلامهم.
ما الخطوات التى اتخذتيها بخصوص ذلك؟ وأيضًا ما أبرز الصعوبات التى واجهتك؟
- فى الحقيقة من أبرز الخطوات التى اتخذتها هى استخدام الرسم كوسيلة للتعبير عن نفسى وتحقيق طموحاتى بالاعتماد على الإحساس والتخيل والوصف؛ فمن خلال هذا استطعت تجاوز الصعاب وتطوير مهاراتى الفنية بالثقه والإصرار. أمّا بالنسبة للصعوبات التى واجهتنى فهى التنمر والانتقادات السلبية التى قد تشكل عوائق كبيرة فى طريقى نحو تحقيق أهدافى؛ ومع ذلك قررت أن أتحدى هذه الصعاب من خلال الإيمان بقدراتى فى الوصول إلى أحلامى، فرسالتى تحمل القوة والإلهام للآخرين لمواجهة التحديات بنفس القوة والإصرار.
ما حلمك أو ما الذى تتطلعين إليه فى المستقبل؟
- أحلامى تدور حول تحقيق نجاحات كبيرة فى مجالات متعددة، وأعتقد أن هذا سيتحقق بقوة الإرادة والعزيمة فى تحقيق الأهداف بغض النظر عن التحديات.. أود أن أكون مثالًا حيًّا للشجاعة والتفاؤل للأشخاص الذين يواجهون صعوبات؛ خصوصًا من ذوى القدرات الخاصة أو ذوى الهمم.. فى الوقت الحالى، أسعى إلى مهاراتى فى الرسم والشعر؛ حيث أستخدم الوصف والإحساس والتخيل فى إيصال رسالتى وفكرتى من خلال الأعمال الفنية.
وتشير إلى أن أهدافها المستقبلية تتمثل فى تحقيق حلمها فى الرسم الذى يعد جزءًا أساسيًا من هويتها وطريقة تعبيرها عن العالم من حولها؛ فتسعى لاستكشاف تقنيات جديدة من خلاله لإثراء إبداعاتها.
وتريد إقامة معرض فنّى يعكس إبداعها ويُعبر عن رؤيتها الفنية تسميه «نور القلوب»، تهدف من خلاله إلى جذب الاهتمام والتقدير لأعمالها ونشر رسالتها الفنية بين الجمهور، واستخدام هذا المَعرض كمنصة لتوعية الناس بقدرات الأشخاص ذوى القدرات الخاصة وإبراز إمكاناتهم الإبداعية. كما تهدف إلى تغيير النظرة السلبية نحو الإعاقة وبناء جسور من التفاهم والاحترام بين الناس، والمساهمة فى إثراء حياة الناس من خلال موهبتها ونجاحاتها الشخصية والمهنية.. «أعلم أن الطريق لتحقيق أحلامى طويل وملىء بالتحديات؛ لكننى مستعدة للعمل بجد وتحمل المسئولية من أجل تحقيقها.. أنا متحمسة للمستقبل وما يمكننى تحقيقه، وأومن بأننى قادرة على تحويل تحدياتى إلى فرص للنمو والإبداع».
وختامًا.. ما الشىء الذى تتمنين أن توفره الدولة؟
- أتمنى من الدولة تقديم الدعم لى فى تنظيم معرضى الفنى؛ حيث سأقدم فيه رسوماتى التى تعبر عن حبى للمجتمع وتعبيرى عن المشاعر.. سأستخدم فنى لتصوير الأشخاص بطريقة تعبر عن العواطف والمشاعر، وسأقدم هذه الأعمال فى المعرض ليتشاركها الجمهور.. بالإضافة إلى ذلك، سأقدم ورش عمل فنية خاصة لذوى القدرات، وأعلمهم كيفية التعبير عن أنفسهم من خلال الفن؛ وبخاصةً عن طريق البصيرة، وسأستخدم هذه الورش لمساعدتهم فى اكتشاف مواهبهم الفنية وتحقيق أحلامهم فى هذا المجال. كما أتمنى من الدولة توفير الأدوات الفنية اللازمة لتنظيم المَعرض، مثل الألوان والأقلام والأدوات الرسومية الأخرى.. هذا سيساعدنى فى تقديم عروض فنية مميزة وتحقيق الأهداف التعليمية والتوجيهية للجمهور.
وتستكمل: إن الدولة يمكنها توفير العديد من الخدمات والدعم لذوى القدرات، بما فى ذلك: تقديم برامج تعليمية مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الطلاب ذوى القدرات والتى تتضمن الرسم والفنون البصرية. وأيضًا توفير الدعم الفنى والتقنى الذى يساعدهم، والدعم الاجتماعى والنفسى الذى يساعد فى تعزيز الثقة بالنفس.