الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بين رئيس متهم.. ورئيس منتكس البيت الأبيض يستعد لحسم المواجهة

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية نوفمبر المقبل، يستعد العالم لتكرار سيناريو المواجهة بين الخصمين دونالد ترامب وبايدن، وهذه ستكون أول مباراة رئاسية معادة منذ عام 1956 وهى أيضًا أول مواجهة بين رئيس حالى ورئيس سابق منذ عام 1892، لكن انتخابات 2024 تختلف كليًا عن أى انتخابات أخرى، فهى المرّة الأولى التى يواجه فيها مرشح رئاسى 88 تهمة جنائية، وهى سابقة تاريخية بدأها دونالد ترامب، وذلك قبل أشهر قليلة من بدء الانتخابات الرئاسية..



 

على جهة أخرى تنهار كل أحلام بايدن سياسيًا واقتصاديًا فى الداخل والخارج، بايدن استطاع أن ينهزم على جميع الأصعدة فى القضايا الداخلية والخارجية.. وانحسرت إنجازاته فقط ببعض القرارات التى تتعلق بالصحة، والنساء، وقروض الطلاب.. أمّا التضخم فلا يزال يضرب أقوى اقتصاد عالمى؛ حيث وصل إلى 3.5 % فى سابقة تاريخية أخرى، أزمة الحدود لا تزال متفاقمة، حتى ملف الإجهاض لم يقدم فيه خطوة جادة.. فضلًا عن انهيار سياساته الخارجية لحلفائه فى الشرق والغرب.

 محاكمة رئيس سابق

شهدت الولايات المتحدة، فى 15 أبريل الجارى لحظة فريدة من تاريخها السياسى؛ حيث بدأت فى نيويورك محاكمة دونالد ترامب بشأن الأموال غير المشروعة، وهى أول محاكمة جنائية لرئيس سابق، وأولى لوائح اتهام من بين 4 لوائح اتهام أخرى، تتضمن 88 تهمة، موجهة لمرشح رئاسى، سيقضى أيامه فى المحكمة نهارًا، ويواصل حملاته الانتخابية ليلاً.

وتبدو المحاكمة إلى حد ما، محاكمة للنظام القضائى الأمريكى نفسه، وهو يصارع متهمًا استخدم شهرته الهائلة لمهاجمة القاضى، وابنته، والمدعى العام، وبعض الشهود والادعاء، كل ذلك مع انتقاد شرعية المحكمة التى اعتبرها ترامب هيكلاً قانونيًا استولى عليه خصومه السياسيون كما يصر دومًا.

وبغض النظر عن النتيجة النهائية؛ فإن محاكمة رئيس سابق، ومرشح حالى، تمثل لحظة بالغة الخطورة بالنسبة للنظام السياسى الأمريكى، وكذلك بالنسبة لترامب نفسه.

مثل هذا السيناريو كان سيبدو غير وارد فى نظر العديد من الأمريكيين، حتى بالنسبة للرئيس بيل كلينتون الذى خلّفت فترة ولايته سلسلة من السوابق غير المألوفة، بما فى ذلك عزله وتبرئته مرتين من قبَل مجلس الشيوخ.

وكعادته كرجل أعمال لا يقبل الخسارة، استغل ترامب قضاياه فى الترويج لحملته الانتخابية، وقبل بدء محاكمته أطلق على نفسه لقب «مانديلا العصر الحديث» فى خطوة انتقدها بشدّة معسكر منافسه الرئيس الديمقراطى جو بايدن.

وجاء تشبيه دونالد لنفسه بنيلسون مانديلا فى خضم مهاجمته المتواصلة للقاضى خوان ميرشان الذى ينظر فى قضاياه فى محكمة نيويورك المتعلقة بدفع أموال بطريقة مخالفة للقانون إلى نجمة أفلام إباحية المعروفة إعلاميًا بقضية «شراء الصمت».

 كفاح بايدن

على الرغم من نجاح بايدن خلال الشهرين الماضى والجارى فى التفوق على ترامب فى أغلبية استطلاعات الرأى، وهو الأمر الذى كشف عن تصاعد حظوظ بايدن بعدما كان متأخرًا أمام ترامب؛ فإن فشل سياسة بايدن فى الكثير من الملفات خلف قلقًا من الناخبين للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات المرتقبة بعد سبعة أشهر.

ويشير معظم المدافعين عن الرئيس الحالى إلى النجاحات التى حققها فى ولايته الحالية، مثل انخفاض نسبة التضخم، وتدنى معدلات البطالة تدريجيًا، والنمو الاقتصادى القوى، وقائمة من الإنجازات التشريعية وغيرها من الأدلة.

غير أن مراقبين يرون أن بايدن فشل فى التواصل مع الناخبين، وهى الشماعة التى تعلق عليها الإدارات الأمريكية دومًا إخفاقاتها، وما يعنيه ذلك فى فحواه أن الوسيلة لتحسين الأداء لا يتطلب أكثر من العمل على إيصال الرسالة بشكل أفضل للدلالة على مدى نجاح الرئيس.

 انتكاسات متكرّرة

الرئيس الأمريكى واجه العديد من الأزمات خلال فترة رئاسته، عكست إلى حد كبير اتساع دائرة الانقسام داخل المجتمع الأمريكى، فعلى سبيل المثال تأتى قضية الإجهاض التى يرتكز عليها بايدن كأحد أهم الملفات فى حملته الانتخابية، وبرز الإجهاض كقضية مهمة فى حملة الرئيس الديمقراطى، جو بايدن، مقابل الهجرة لدى منافسه الجمهورى، دونالد ترامب.

وعزّز الإجهاض باستمرار الديمقراطيين فى سباقات التجديد النصفى للكونجرس العام الماضى، لكن حاليًا الموضوع ينقصه الحماس، رغم أن الديمقراطيين يجادلون بأن القضية قد برزت على رادارات الناخبين بعد حكم محكمة فى ألاباما يهدد بوقف الإخصاب فى المختبر فى الولاية من خلال اعتبار أن الأجنة المجمدة بشر.

يقضى الحكم الذى أصدرته المحكمة العليا فى ألاباما باعتبار الأجنة المحفوظة بالتجميد بمثابة «أطفال». ووجّه بايدن انتقادًا حادًا للحُكم الصادر فى ألاباما واصفًا إياه بأنه «شائن وغير مقبول». وأضاف «لا تخطئوا: هذه نتيجة مباشرة لإلغاء قضية رو ضد وايد». أو حظر الإجهاض.

وتأتى فى المقام الثانى أزمة التضخم، التى فرضت نفسها من جديد على المشهد الانتخابى داخل الولايات المتحدة؛ خصوصًا بعدما فشل الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن فى السيطرة على مستويات التضخم التى ارتفعت لمستويات لم تشهدها منذ حقبة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون فى سبعينيات القرن الماضى، وهى 3.5 % وفق آخر بيان لوزارة العمل الأمريكية الصادر مطلع الشهر الجارى، الأمر الذى دفع الناخبين للنظر إلى المنافس دونالد ترامب على أنه «المنقذ» الوحيد للاقتصاد الأمريكى، وهو ما جعل انقسام الحزب الديمقراطى حول جو بايدن مرة أخرى خشية من تعرضه لافتقار سياسى قبل أشهر قليلة من الانتخابات.

أمّا على صعيد السياسة الخارجية؛ فأزمات بايدن تتوالى منذ بدء حرب أوكرانيا والدفاع عن حزمة المساعدات المقدمة التى تصل قيمتها 95 مليار دولار تشمل 14 مليار دولار لإسرائيل و60 مليارًا لأوكرانيا؛ خصوصًا بعد قرار النواب الأمريكى بفصل مشروع قانون مساعدات إسرائيل عن أوكرانيا بعد الهجوم الإيرانى الأخير على تل أبيب، الأمر الذى وضع بايدن فى مأزق كالمعتاد.

ولا يمكن أن ننسى موقف بايدن المخزى من حرب الإبادة فى غزة، وتفاقم الخلافات بينه وبين الحليف الإسرائيلى الذى لم يتراجع أمام إصرار إدارة بايدن على وقف العدوان فى القطاع، وهى المرّة الأولى التى تصل فيها الخلافات «الأمريكية- الإسرائيلية» هذا الحد.

بالطبع هناك قضايا أخرى فشل بايدن فى إدارتها، تايوان، الصين، روسيا، أزماته مع حلفائه العرب؛ خصوصًا فى ملف النفط.. العديد والعديد من سوء الإدارة الواضح لرئيس أكبر وأقوى الدول.. هذا بخلاف تشكك الكثيرين فى الداخل الأمريكى من قدرات بايدن العقلية بسبب زلاته المتكرّرة أمام العالم أجمع.

المنافسة الأمريكية هذا العام ربما لن يتكرّر مثلها فى المستقبل.. فانتخابات 2024 لا تزال تحمل الكثير، والأشهُر المقبلة ستحمل العديد من القضايا الشائكة.