الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الأعداد المصادرة     من «روزاليوسف»

الأعداد المصادرة من «روزاليوسف»

رُغْمَ أنَّ «روزاليوسف» عند صدورها عام 1925 كانت تعنى بالفنون وتهتم بالآداب؛  فإن الأوضاع السياسية  فى ذلك الوقت وما حملته من أحداث كبيرة جعلتها لا تغفل الشأنَ العام وتتحول تدريجيًا إلى الاهتمام بالسياسة حتى أصبحت المجلة السياسية الأولى، وحسب الدكتور إبراهيم عبده فى كتابه «روزاليوسف سيرة وصحفية» والصادر طبعته الأولى  عام 1955 «ما كان يمكن للسيدة فاطمة اليوسف وسط الحياة السياسية المضطربة أن تنأى بطبعها عن هذا الخضم وتُبقى رسالتها وقفًا على الشئون الفنية، وهى سيدة النضال جزءٌ من وجودها،  ومعها نخبة من المحرّرين الذين يؤثرون ويتأثرون بحياة مصر السياسية ولا يمكن أن ينأوا عن الأوضاع التى كانت تشغل جميع المصريين».. ويضيف الدكتور إبراهيم عبده، وهو كاتب وباحث وكان أول  عميد لمعهد التحرير والترجمة والصحافة الذى تحوّل بعد ذلك إلى كلية الإعلام «إن روزاليوسف مسّت مشاكل البلاد دون أن توثر حزبًا على حزب أو تجامل إنسانًا على حساب المصلحة العامة».. ولعل هذا النهج الذى نهجته المجلة قد أغضب منها الجميع، لقد كان هدف «روزاليوسف» دائمًا  النقد من أجل الإصلاح، ولأن مبدأها منذ البداية هو قول الحق وألا تخاف فى الحق لومة لائم؛ فقد تعرضت المجلة لمُصَادَرَة عدد كبير من أعدادها فى سنوات ما قبل ثورة 1952، وحسب كتاب «روزاليوسف مَسيرة وصحفية» فإن الأعداد المصادَرة بلغت 14 عددًا فى الفترة من 1928 إلى 1950، بجانب قرارات تعطيلها عن الصدور والتى بلغت أربع مرات.. ويكشف نفس الكتاب عن الأعداد التى صادرها البوليس فى تلك الفترة ثم أعيدت بعد نزع بعض صفحاتها والتى بلغت 8 أعداد.. ويذكر الدكتور إبراهيم فى كتابه العديد من حالات المصادَرة ومن أبرزها العدد 110 بتاريخ 15 ديسمبر 1927 وكان به مقال بعنوان «الخديوى إسماعيل والملكة فيكتوريا.. معلومات لذيذة لم يسبق نشرها»، ورأى فيه الملك فؤاد مساسًا بسيرة والده فطلب من السلطات أن توقع عقابًا شديدًا على «روزاليوسف»، وسيق إبراهيم خليل المدير المسئول عن المجلة إلى السجن، وتحت الضغط اعترف بأن الأستاذ محمد التابعى هو كاتب المقال فقبض عليه ولم يُفرج عنهما إلا بكفالة كبيرة، ثم صدر قرار من النيابة بوقف المجلة حتى تختار صاحبتها مديرًا جديدًا، وتوقفت بالفعل حتى استأنفت الصدور فى 2 فبراير 1928، ولكن المصادَرات لاحقتها فى عهد كل رؤساء الوزراء فى هذه الفترة، حتى إن الدكتور إبراهيم عبده خصص فى كتابه فصلاً  عن الأعداد التى تمت مصادَرتها اعتمد فيه على الوثائق الرسمية، ورُغم أنه لم يورد به تفاصيل كثيرة وربما كانت هناك أعداد أخرى لم يذكرها لكنه كان كافيًا لكى يعطينا ملمحًا مُهمًا عن الحريات فى تلك الفترة وعن المجلة وصاحبتها التى لم تخضع ولم تخَف ولم تلين واستمرت فى طريقها وثباتها على المبدأ، وحسب ما ذكره الكتاب « فإن العدد 134 صودر فى عهد الأحرار الدستوريين بسبب صورة لمحمد محمود باشا يدوس على الدستور ليصل إلى كرسى الوزارة، وتمت مصادرة العدد 146 فى عهد الأحرار الدستوريين أيضًا وتعطيل المجلة إلى أجل غير مسمى، وعندما عادت للصدور مرة أخرى صودر العدد 184 بسبب صورة  الغلاف والتى صورت إسماعيل صدقى باشا وهو يستعين فى حُكمه بالحديد والنار، ومرة أخرى تم تعطيل المجلة نهائيًا، ولكنها عادت للصدور وعادت معها المصادَرة وهو ما تم مع العدد 405 لأن الغلاف احتوى على كاريكاتير للمصرى أفندى حاملاً لوحة مكتوب عليها «لا تنسوا شهداءكم»، وكان ذلك فى عهد توفيق نسيم، وفى عددها 469 نشرت المجلة مقالاً بعنوان «وظائف الدولة يصرح بها للأنصار»، ولم تحتمل حكومة الوفد هذا النقد فصادرت العدد، نفس الحكومة صادرت أيضًا العدد 472 بسبب مقال «اهتفوا معى أيها الصغار فليسقط الخائن»، وهو ما اعتبرته قيادات الوفد تعريضًا بها، وتكرر الأمرُ مع العدد 507 فقد غضب الوفد من «صورة كاريكاتيرية للوزارة أمام القضاء وقد حكم عليها بإرسال أوراقها للمفتى»، تغير الوفد وجاء على ماهر إلى الحكم فصادَر العدد 621 وأمّا السبب فحسب ما كتبه إبراهيم عبده مجاملة، وبعد عامين تمت مصادرة العدد 756 بسبب صورة للنحاس اعتبرها مساسًا به وكان وقتها الوفد فى الحكم، وتم أيضًا تعطيل المجلة 15 يومًا، كما صودر العدد 771 لأنه تكلم عن العَلم الذى كان يُرفع على منزل النحاس أثناء خروجه وعودته، وعندما جاء «السعديين»  للحكم صادروا العدد 895 بسبب مقال «الرجل الذى يجب أن يذهب»، وعندما عاد إسماعيل صدقى لرئاسة الوزراء أمر بمصادرة العدد 912 بسبب نشر المجلة صورة للمندوب السامى لم ترضِه، وعاد «السعديين» لمصادرة المجلة مرة أخرى لأن العدد 1040 كان به مقال عنوانه «حديث المدينة»، كان كاشف لبعض الأمور التى لم ترضيهم، ويحصى الدكتور إبراهيم عبده عدد النسخ التى تمت مصادرتها خلال هذه الفترات والتى وصلت إلى 243600 نسخة، أمّا الصفحات التى نزعها البوليس من المجلة والتى ذكرها الدكتور إبراهيم عبده: نزع صورة مفتى فلسطين من غلاف العدد 1061 بأمر الملك فاروق، كما سجن رئيس التحرير بسبب مقال «مَن المسئول فى حكم مصر»، وأفرج عنه بكفالة 100 جنيه و25 جنيهًا للسيدة روزاليوسف، وبسبب العدد 1156 تم سجن رئيس التحرير لكتابته مقالاً عنوانه « متى تعلن الحكومة المصرية إفلاسها»، وأفرج عنه بكفالة 100 جنيه مع نزع الصفحات، وفى نفس العدد حكم بغرامة أخرى 30 جنيهًا على السيدة روزاليوسف بسبب خبر عن أحمد حسين وزير الشئون الاجتماعية «كيف وصلت أسرار مجلس الوزراء إلى الشعب الأمريكى؟»،  وفى العدد 1165 نزع البوليس بالمطبعة عنوان المقال الافتتاحى «حقوق الشعب وسلطان الملك»، وفى العدد 1169 سُجن رئيس التحرير بسبب مقال افتتاحى عنوانه «دولة الأغوات» وأفرج عنه بكفالة 100 جنيه ، أمّا العدد 1215 فقدمت إدارة المطبوعات بلاغًا لنيابة الصحافة تطلب فيه مصادرته بسبب  مقال آخر «مَن الذى اعترض على قانون عدم جواز حبس الصحفيين؟» وأقر رئيس النيابة المصادَرة وعرض الأمر على رئيس محكمة مصر فأصدر قرارًا بالإفراج عن العدد بعد نزع هذه الصفحات، وبعد استبدالها بموضوعات أخرى قام البوليس بإشعال النار فى هذه الصفحات المنزوعة فى حوش المطبعة.. هذه الأعداد المصادَرة والصفحات المنزوعة كانت قبل ثورة يوليو أمّا بعدها وبعد تأميم الصحافة فكانت لـ«روزاليوسف» معارك أخرى.