السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جودر ونوستالجيا التسعينيات

إن كنت من جيل الثمانينيات أو التسعينيات ممن تربوا على «ألف ليلة وليلة» والغوص فى عالم من الفانتازيا والسحر والخيال وتعايشت فى خيالك الواسع كطفل وشاب مع هذه العوالم التى تحمل شخصيات خيالية وأحداثًا تُحاكى اللا زمان واللا مكان؛ فقد وجدت وجهتك فى مسلسل (جودر) الذى يُعرض خلال موسم رمضان ٢٠٢٤، فهذا العمل الفنى هو عبارة عن نوستالچيا مستحدثة متقنة العناصر الفنية لعالم ألف ليلة وليلة ولذلك روحك وعقلك سوف يذهب معه ويتعايش مع أحداثه وشخصياته فى مزيج بين المتعة البصرية والحسية.



مسلسل (جودر) تأليف «أنور عبدالمغيث» وإخراج «إسلام خيرى» وبطولة «ياسر جلال، نور، ياسمين رئيس، وليد فواز، وفاء عامر، محمود البزاوى» وعدد من النجوم الشباب وأيضًا النجوم الكبار الذين ظهروا كضيوف شرف ضمن حلقات المسلسل، كل تلك الأسماء صنعوا عمل فنى مبدع فى كل عناصره ممتع للعين والروح، إيقاعه سريع بعيد كل البعد عن المط والتطويل، يعتمد على صورة بصرية فنية مُحكمة الصنع من كادرات وزوايا تصوير استعراضية للمكان الذى يعكس الزمان مثل قصر شهريار وقصر الشمعيين، وتتنوع تلك الكادرات بين ما يُسمى بـ bird eye أو التصوير من بعيد وكأن طيرًا يحلق فى السماء يشاهد مثله مثلك القصور، وأيضًا زوايا تصوير تنقل لك حالة المشاهد وقوة الشخصية من ضعفها مثل الزاوية المنخفضة التى تصور على سبيل المثال شخصية «شواهى» الساحرة التى تجسدها «نور» فتظهر كبيرة مسيطرة على الشاشة مما يعنى فى الدراما أنها متحكمة فى كل من حولها.

إلى جانب المؤثرات البصرية «الجرافيك» الذى ظهر متطورًا جدًا ينافس الأعمال الأجنبية فتراه وكأنه حقيقى مثلما حدث فى مشاهد «نار البويرة» و«حورية البحر» ومشاهد مركب «جودر» وطير «شواهى» وأيضًا المؤثرات الصوتية مثل صوت نار البويرة وهى تتحدث، كل ذلك ينقلك لعالم الفانتازيا ويجعلك تشعر كمُشاهد أنك بالفعل تعيش مع «جودر» رحلته وتصدق كل ما يراه ويواجهه، وبالتالى تندمج معه.

وما أضفى مزيدًا من الصدق والمعايشة الدرامية للأحداث الموسيقى التصويرية التى تعتمد على الآلات الوترية والتيمة الموسيقية المتعارف عليها فى حكايات «ألف ليلة وليلة»، كما أن تلوين المشاهد يُدمجك أكثر مع حالة كل شخصية وحالة كل مشهد يُعرض على الشاشة، فعلى سبيل المثال ظهرت مشاهد «جودر» فى حارة سعد السعود بإضاءة الشمس الساطعة وألوان الملابس والأشياء زاهية مما يعكس بساطة الناس وطيبتهم وعفويتهم وينقل لك الإحساس بالراحة ناحيتهم، أما مشاهد «الشمعيين» فتراها تتلون باللون الأزرق والرمادى ألوان الموت والكآبة والنفس الشريرة، كل تلك العناصر الفنية والتفاصيل التى اهتم بها صناع العمل تحقق لك المتعة، متعة المعايشة والإندماج ومشاركة الشخصيات أزماتهم، ولا يُخفى عليك كمُشاهد الأداء التمثيلى لأبطال العمل وإتقانهم لأدوارهم سواء «ياسر جلال» فى دور «جودر» بتعبيرات وجهه ولغة الجسد مع نبرة الصوت التى تتغير حسب من يحدثه وحسب الموقف، و«نور» فى شخصية «شواهى» الساحرة الشريرة فتراها امرأة جميلة صاحبة الشعر الأسود الطويل والملامح الحادة والنظرات الثاقبة وتعبيرات وجه تتبدل حسب هواها ومصلحتها، كما أن «ياسمين رئيس» أتقنت دور «شهرزاد» شكلا ومضمونًا فهى الفتاة البريئة الذكية ذكاء يجعلها تستطيع أن تنقذ روحها من سيف مسرور السياف بالدهاء والحيلة وبالحب والحنان للملك «شهريار»، ولا نستطيع أن نغفل البصمة المهمة التى تركها ضيوف الشرف، نجومنا العظام مثل «رشوان توفيق» فى دور «الشمردل» و«نادية شكرى» فى دور «الجنّيّة» و«إنعام سالوسة» فى دور «البويرة» و«طارق النهرى» فى شخصية «بيناس».

ولذلك اجتمع أكثر من عنصر فنى متقن لأدواته من صوت وصورة وأداء تمثيلى فخرج لنا عملا يعيد لأذهاننا وقلوبنا عالمًا طالما اشتقنا له ولمتعته.. عالم «ألف ليلة وليلة».