الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عكس الاتجاه.. اليوم الثانى للانتخابات الأمريكية

عكس الاتجاه.. اليوم الثانى للانتخابات الأمريكية

كان يجب على أمريكا أن توجه سؤال اليوم الثانى إلى نفسها وليس إلى غزة، فهى الأولى به: ما هو شكل اليوم الثانى فى أمريكا حال انتخاب «ترامب» رئيسًا؟ أو ما هو شكل اليوم الثانى فى أمريكا حال فوز «بايدن» بولاية ثانية؟ أو ماهو شكل اليوم الثانى حال خسارة الاثنين وفوز ثالث ليس فى الحسبان ويقلب المعادلة ويقلب الدنيا؟ الإجابة: هى جهنم الحمرا، هذا لو وضعنا فى الحسبان أن اليوم الثانى بأمريكا -التى كانت مستقرة ومُغطاة بالضلال وبالأكاذيب الكبرى- قد بدأ بالفعل يوم السابع من أكتوبر الماضى بتوقيت غزة، واسألوا عن شعوب الولايات التى استفاقت وأدركت وخرجت وتخرج للشوارع لا تزال مطالبة لوقف الإبادة والمذبحة ووقف إطلاق النار، واسألوا عن الجامعات الأمريكية التى ثار وانتفض طلابها ومدرسوها وعمداؤها من أجل شعب غزة وفضحوا الكيان المحتل، اسألوا المسئولين الكبار فى الكونجرس الذين لم يعد يروق لهم صنائع «بايدن» الذى تدنت شعبيته وهو (ساقط) فى الانتخابات المقبلة لا محالة، فلا صوت عربى ولا إسلامى هناك سيمنحه إياه ناخب، حتى اليهود قد (عَلّموا) عليه وخرجوا فى مظاهرات ضد إسرائيل، واسألوا جندى البحرية الأمريكية «آرون بوشنيل» المنتحر حرقًا أمام عتبات البيت الأبيض، أمام عيون مواطنيه، أمام عدسات العالم اعتراضًا على إبادة غزة وعلى سياسة الدعم العسكرى الكامل لإسرائيل، وتسخير الأمم المتحدة بمجلس أمنها بقراراتها وفيتوهاتها لأجل عيون الكيان، هذا إلى جانب حقيقة وواقع صهيونية الحزبين الكبيرين وولائهما لدولة الاحتلال، فلا فرق بين جمهورى وديمقراطى. 



اليوم الثانى فى أمريكا لا تعلمه أمريكا وتخاف التفكير به، فهو يوم نهايتها التى بدأت حتى قبل انتخابات نوفمبر المقبل، أمريكا تغيرت بالفعل، أمة جديدة تخرج من رحم جديد، ينمو فيها شعب جديد بضمير مختلف وبعقل أخرج كل الأكاذيب القديمة منه وألقاها فى بحره الأطلسى أسفل أقدام تمثال الحرية، هل استعاد المواطن الأمريكى -بوعى جديد- مشاهد إبادة سكانه الأصليين حينما شاهد مشاهد إبادة سكان غزة؟ هل أدرك المواطن الأمريكى بكامل إدراكه الحر كيف دمرت أمريكا بلاد العالم شرقه وغربه وأبادت أهله من قبل؟ هل يفكر المواطن الأمريكى باليابان وكوريا وأفغانستان والصومال والسودان والعراق وسوريا وليبيا وكوبا وبنما والإكوادور وجواتيمالا ويوغوسلافيا؟ هل يفكر المواطن الأمريكى بكل هذه الدول التى احتلتها بلاده وأبادت أهلها وسرقت مقدراتها ليعيش فى رفاهية ورغد (على قَفَا) البلاد المنهوبة المسروقة المغتصبة؟ ولا تنسى اليوم الثانى لخروج ترامب من مدته الرئاسية الأولى والحرب الأهلية التى أشعلها فى البلاد.. ولا تنسى أنه الآن يهدد أمريكا بحريق كبير لو لم يفز بمدة ثانيةً، ثمة سيناريوهات عظمى لليوم الثانى فى أمريكا بعد الانتخابات، وربما قبلها.

نعم يفكر المواطن الأمريكى فى هذا التاريخ القديم القذر كله، وهنا قد تشكل تمامًا معالم اليوم الثانى للانتخابات الأمريكية القادمة، سواء فاز بايدن أو ترامب أو شخص ثالث، فيوم القيامة الأمريكى قد اقترب.. كما هو اليوم الثانى فى بريطانيا بعد انهيار البيت الملكى بالتفسخ والسرطان والتقزم وتشرزم العائلة المالكة منذ وفاة «إليزابيث وحتى مرض الملك وزوجة ابنه وزوجة أخيه سيئ السمعة المتهم فى قضايا أخلاقية بأمريكا والمنتظر مثوله أمام (العدالة الأمريكية) ودخوله السجن.

اليوم الثانى فى بريطانيا الاستعمارية المحتلة حليفة أمريكا وشبيهتها وخادمتها المطيعة سيشبه اليوم الثانى الأمريكى، فالمواطن البريطانى الذى أنجز أعظم وأكبر المظاهرات الداعمة لغزة ولفلسطين منددًا بالاحتلال الإسرائيلى وبالمجازر وبالإبادة الجماعية اليومية على سكان قطاع غزة، هذا المواطن البريطانى هو الآخر قد قامت قيامته ونفض تراب القبر الاستعمارى القديم، ثمة غول انجليزى جديد تتشكل روحه وهيئته هناك.

لقد خذلت أمريكا والدول الكبرى شعوبها، استفاقت شعوب العالم الأول واستفاقت حتى شعوب العالم الثالث على طوفان الأقصى والأيام التى تلته.. لتكتشف أكذوبة وجود العالم الأول؛ العالم الإليت المخملى المثقف الإنسانى الحقوقى، فلا وجود لهذا المسمّى بالعالم الأول، العالم الذى فقد إنسانيته وضميره.

الحقيقة أننا جميعًا بتنا نُدرك أننا نسير فوق أرض تخلخلت طبقاتها الداخلية العميقة، فى انتظار أن تعربد وتستنفر الزلازل الكونية أمورها النهائية، ربما لا ندرك هذا اليوم، لكنه آن لمن بعدنا. وعلى هذا الأساس وبعد تلك الأسئلة، على دولة الاحتلال الإسرائيلى أن تسحب السؤال الموجه إلى غزة وتوجهه إلى نفسها: ماذا عن اليوم الثانى بعد الانتخابات الإسرائيلية؟ لماذا لا تقوم إسرائيل بإعلان تفاصيل شكل اليوم الثانى وخروج نتنياهو من الحكم إلى السجن، أو إلى مصير آخر؟ ما هو مصير دولة الاحتلال التى صارت مكشوفة منبوذة ومكروهة وفاقدة لوجودها ولشرعيتها المطبوخة وفاقدة لنفوذها ولهويتها المزعومة؟