الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أوروبا بين كراهية الإسلام العنصرية الغربى ومعاداة السامية

أوروبا بين كراهية الإسلام العنصرية الغربى ومعاداة السامية

يوما بعد يوم، يؤكد رؤساء الدول الأوروبية عنصريتهم وازدواجية مواقفهم واتباعهم سياسة الكيل بمكيالين، وأقول الرؤساء وليس الدول، فالشعوب لها مواقف مختلفة عن رؤسائها، ويكفى المظاهرات شبه اليومية التى تقوم بها الشعوب الأوروبية مطالبين بوقف العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة فى حين يناصر معظم قادة الغرب إسرائيل فى إبادتها الجماعية للفلسطينيين، آخر ما فعلته الحكومات الغربية عندما امتنعت كلها منذ أيام عن التصويت فى الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين أى دعوة تحض على الكراهية والتمييز أو العداوة أو العنف ضد المسلمين، أو تدنيس كتابهم المقدس، وكذلك الهجمات التى تستهدف المساجد والمواقع والأضرحة، وتضمن القرار تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة لمكافحة الإسلاموفوبيا، ويدعو القرار غير الملزم الدول الأعضاء إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة، بما فى ذلك إصدار «القوانين والسياسات» لمكافحة التعصب الدينى والصور النمطية السلبية والكراهية والتحريض على العنف ضد المسلمين، وصدر القرار الذى قدمته باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامى بالفعل، بموافقة 115 دولة وامتناع 44 دولة عن التصويت من بينها دول الاتحاد الأوروبى وعلى رأسها بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، أوكرانيا، إسبانيا، السويد، سويسرا، أيرلندا، كرواتيا، هولندا، بولندا، البرتغال، رومانيا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورج، مالطا، النمسا، بلجيكا، فنلندا، بلغاريا، المجر، الدنمارك، بل إن دول أوروبا حاولت تفريغ القرار من مضمونه فقدمت بلجيكا تعديلًا باستبدال عبارة «ضد المسلمين» بجملة «ضد الناس بسبب دينهم أو معتقداتهم بما فى ذلك المسلمين»، وتم رفض الاقتراح، ومرة أخرى حاولت دول أوروبا تعديل القرار فاقترحت بريطانيا تعيين «جهة تنسيق» بدلًا من «مبعوث خاص للأمم المتحدة»، ورُفض ذلك أيضا، ولم يجد قادة الدولة الأوروبية حلا سوى الامتناع عن التصويت، وهو ما يعنى رفضا غير مباشر، ما حدث يؤكد على ازدواجية المعايير التى تتبناها دول أوروبا فهى ترفض تأييد قرار إنسانى يدين الكراهية الدينية والتمييز والعنف ضد المسلمين، فى نفس الوقت لا تتهاون فى فرض عقوبات على من تشك فى عدائه للسامية والتى تحصرها فى اليهود وإسرائيل فقط رغم أن معظم العرب من أصول سامية لكن اضطهادهم أو الاعتداء عليهم أو حتى إبادتهم لا تُعتبر معاداة للسامية فى القوانين الأوروبية المتحيزة، ويزيد من هذه الازدواجية أن قادة دول أوروبا يزعمون فى كلامهم الدفاع عن المساواة والحق فى حرية الاعتقاد، ولكن نتيجة التصويت أكدت خلل المعايير لدى هذه الحكومات، لقد حاول الأمين العام للأمم المتحدة إقناع قادة أوروبا بالموافقة على القرار، وقال فى كلمته: إنه يريد مواجهة الوباء الخبيث (الإسلاموفوبيا) وهى ظاهرة تمثل إنكارا وجهلا كاملين للإسلام والمسلمين ومساهماتهم التى لا يمكن إنكارها فى الحضارة الإنسانية. لكن دول أوروبا لم تستمع له، كما أنها أغمضت عينيها عن تقارير الأمم المتحدة والتى تقول إن أعداد «من يتعرضون للمضايقة أو الاحتجاز أو السجن أو حتى القتل لأنهم مسلمون أو يمارسون طقوس الإسلام أو اعتنقوه أو يعتقد أنهم مسلمون فى ازدياد فى مختلف أنحاء العالم»، وأن «الشك والتمييز والكراهية الصريحة تجاه المسلمين وصلت إلى أبعاد وبائية»، والسؤال: لماذا امتنعت دول أوروبا عن التصويت؟ لم يقدم أحد من هؤلاء الممتنعين تبريرا لموقفهم، ولم يفسروا ازدواجية تصرفهم.



 وفى كل الأحوال، فان قادة أوروبا أعطوا مبررا للمتطرفين الإسلاميين فى نشر أفكارهم حول عداء أوروبا للإسلام وخوفها من انتشاره ومحاربتها له وتدميرها للدول الإسلامية، والخوف أن يكون لكل فعل رد فعل مضاد وأن تتزايد كراهية الإسلام فى أوروبا خاصة مع صعود اليمين المتطرف، ما قد يقابله مزيد من التطرف لدى الجماعات الإرهابية التى تدعى انتماءها إلى الإسلام زورا وهو برىء من تصرفاتها، ووقتها ستدفع أوروبا الثمن باهظا.