السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ضوء فى نفق العنصرية الغربى العنصرية الغربى

ضوء فى نفق العنصرية الغربى العنصرية الغربى

ثلاثة أحداث مهمة وقعت مؤخرًا فى أمريكا وبريطانيا وألمانيا لها دلالات كبيرة، وتؤكد على انفصال الحكومات عن شعوبها فى الدول الثلاث الأكثر تأييدًا لإسرائيل فى عدوانها الغاشم على غزة.. فى أمريكا منذ أيام وخلال توزيع جوائز الأوسكار أدان المخرج البريطانى اليهودى جوناثان جليزر الفائز بجائزة أفضل فيلم أجنبى الحرب على غزة داعيًا إلى وقف إطلاق النار فورًا ومتهمًا الحكومة الإسرائيلية باختطاف الديانة اليهودية واستخدام ذكرى الهولوكست لتسويغ جرائمها، وفى نفس الوقت تضامن عدد من نجوم هوليوود مع الفلسطينيين مطالبين بوقف العدوان الإسرائيلى من بينهم مارك روفالو وبيلى إيليش ورامى يوسف وسوان أرلو، وتزامن ذلك مع احتشاد عدد غير قليل من الداعين لوقف الحرب على غزة فى الشوارع المحيطة بمسرح الاحتفال، لكن الحكومة الأمريكية تضع «إذن من طين وأخرى من عجين» إزاء هذه الأصوات وتمضى فى طريقها الداعم والمؤيد لإسرائيل..وفى بريطانيا فاز جورج جالاوى فى الانتخابات الفرعية للبرلمان البريطانى عن مدينة روتشديل، وهو ما اعتبره المراقبون بمثابة «استفتاء شعبى» ضد العدوان الإسرائيلى على غزة، فقد رفع جالاوى خلال حملته الانتخابية شعارات مؤيدة لفلسطين وتدين إسرائيل، وربما ما قاله جالاوى بعد فوزه: «هذا من أجل غزة» جعل رئيس الوزراء البريطانى ريتشى سوناك يشعر بالقلق ويقول: «أخشى التقويض المتعمد لإنجازنا العظيم فى بناء أنجح ديمقراطية متعددة الأعراق والأديان»، متناسيًا ما يحدث من حرب إبادة فى غزة ومتجاهلا الجرائم التى ترتكبها إسرائيل ضد الإنسانية هناك، والأكثر أن الديمقراطية هى التى منحت المقعد لجالاوى، وهو أيضًا ما يمكن اعتباره تصويتًا على السياسة التى تتبعها الحكومة البريطانية فى تأييدها المطلق لإسرائيل، فقد وضع جالاوى علم فلسطين فى منشوراته الانتخابية، ما يعنى أن من انتخبوه أرادوا توصيل اعتراضهم إلى الساسة البريطانيين، جالاوى له تاريخ طويل فى الدفاع عن الفلسطينيين والعرب والوقوف ضد العدوان على الدول العربية.. ففى عام 1980، شارك فى رفع العلم الفلسطينى من مكاتب مجلس دندى وهى المدينة التى ولد بها وبدا نشاطه السياسى فيها، وقاد قوافل شريان الحياة الدولية إلى غزة التى زارها مع ناشطى التضامن فى 2010، وحصل على الجنسية الفلسطينية التى قدمها له إسماعيل هنية الذى كان يشغل منصب رئيس وزراء الحكومة آنذاك..وبسبب مواقفه الداعمة لفلسطين تعرض عام 2014 لاعتداء فى أحد شوارع لندن أدى لإصابته بجروح كبيرة، من قبل شخص كان يرتدى قميصًا يحمل اسم جيش الاحتلال الإسرائيلى، وكان جالاوى حينها عضوًا فى البرلمان عن حزب (الاحترام) ممثلا لدائرة «غرب برادفورد»، وذلك بعد فصله من حزب العمال بسبب انتقاده قرار رئيس الوزراء الأسبق تونى بلير باشتراك بريطانيا مع الولايات المتحدة فى غزو العراق عام 2003، ورغم هذه المواقف تمكن من الفوز بمقعد فى البرلمان البريطانى عن دائرة بثنال غرين وباو شرق لندن عام 2005، لكنه فشل فى الفوز فى الانتخابات العامة التى جرت عام 2010، ثم نجح فى الانتخابات الأخيرة أى أن من انتخبوه يعرفون موقفه ويؤيدون شعاره «من أجل غزة»..أيضًا فى ألمانيا كان الأنفصال فى المواقف بين الحكومة والشعب واضحًا من خلال ما حدث فى مهرجان برلين السينمائى، فقد فاز الفيلم الفلسطينى / النرويجى «لا أرض أخرى» بجائزتى أفضل فيلم وثائقى فى المهرجان، بالإضافة إلى جائزة الجمهور فى برنامج البانوراما، وهو فيلم شارك فى إخراجه فلسطينى وإسرائيلى، ويتناول قضية التهجير القسرى للفلسطينيين من إحدى قرى الضفة الغربية بسبب العنف الذى يرتكبه المستوطنون الإسرائيليون، وخلال حفل توزيع الجوائز، قال باسل عدرا الفلسطينى المشارك فى إخراج الفيلم: «من الصعب جدًا بالنسبة لى أن احتفل بالجائزة بينما هناك عشرات الآلاف من أهلى يُقتلون من قبل إسرائيل فى غزة».. وأضاف وسط تصفيق كبير من الحضور: «أريد شيئًا واحدًا فقط من ألمانيا، وهو احترام نداءات الأمم المتحدة والتوقف عن إرسال الأسلحة إسرائيل».. وتضامن معه يوفال إبراهام المشارك فى إخراج الفيلم وقال «إنه إسرائيلى الجنسية وباسل فلسطينى، وإنهما سيعودان بعد يومين فقط إلى بلد لا يتمتعان فيه بالمساواة»، واستطرد: «أنا أعيش فى ظل نظام مدنى وباسل فى نظام عسكرى. نقيم على بعد 30 دقيقة فقط من بعضنا البعض. أتمتع بحق التصويت، أما هو فلا، ويُسمح لى بالتحرك بحرية فى هذا البلد، فى حين أن باسل، مثل ملايين الفلسطينيين، مقيد فى الضفة الغربية المحتلة.. يجب أن تنتهى عدم المساواة هذه بيننا».. وأعلنت مخرجة الأفلام الوثائقية الفرنسية فيرنا برافيل، التى كانت عضوًا فى لجنة التحكيم، خلال تسليم الجائزة أنه «لم يعد من الممكن الآن إنكار الاحتلال الإسرائيلى غير القانونى والقاسى فى الضفة الغربية».. وقوبلت كلماتها بتصفيق حار، كما صعد إلى المسرح المخرج الأمريكى بن راسل واضعًا الكوفية الفلسطينية على كتفيه واتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية فى غزة، ورفع عدة أشخاص على خشبة المسرح لافتة كتب عليها عبارة «أوقفوا إطلاق النار الآن».. كان هذا هو رأى الفنانين والشعب الألمانى بينما كان للحكومة وللسياسيين الألمان موقف آخر، فدعا عضو الاتحاد الديمقراطى المسيحيى لسحب التمويل الحكومى للمهرجان.. وقال رئيس بلدية برلين كاى فيجنر «برلين لها موقف واضح من الحرية وتقف إلى جانب إسرائيل»، وأدان فولكر بيك عضو حزب الخضر ورئيس الجمعية الألمانية - الإسرائيلية تصفيق الجمهور فى المهرجان للكلمات الداعمة لغزة، وقال إن حفل توزيع الجوائز كان «نقطة تدنى ثقافية وفكرية وأخلاقية»، وهكذا كان الشعب فى واد والحكومة فى واد آخر، وهو ما يجرى أيضًا فى دول أخرى تشهد مظاهرات كبيرة ضد العدوان الإسرائيلى على غزة وتطالب بوقفها..هذه الأحداث تؤكد أن هناك نورًا فى نفق العنصرية الغربية المظلم، لقد تجاهلت الحكومة فى أمريكا وألمانيا وبريطانيا ما حدث وتعامت عنه ولكن هذا الأمر لن يستمر طويلا وسيحدث التغيير طالما كانت الشعوب حرة والحكومات تابعة لإسرائيل وأمريكا.