الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
تماثيل الكنائس بين صمت البابا وبلبلة الأقباط

تماثيل الكنائس بين صمت البابا وبلبلة الأقباط

من جديد عاد الجدل حول إباحة أو تحريم وضع تماثيل داخل الكنائس والأديرة وفى ساحتها الخارجية، وذلك بعد هدم تمثال الأنبا أنطونيوس -مؤسس الرهبنة فى العالم- والذى أقيم منذ عدة شهور قليلة فى الدير المسمى باسمه فى البحر الأحمر، والغريب فى الأمر أن من هدم التمثال هو نفسه من أمر بتصميمه وتدشينه وإقامته، وفى الحالتين لم يُصدر الدير بيانًا حول أسباب إقامته وهدمه، ولكن السوشيال ميديا لم تصمت واشتعل الجدل مرة أخرى بين مؤيد ومعارض، وقال الفنان جرجس الجاولى الذى نحت التمثال على صفحته فى الفيس بوك «بأنه صنع التمثال بطلب من رئاسة دير الأنبا أنطونيوس تمجيدًا له، ومن المحزن اتخاذ قرار هدمه بطريقة تسئ للأنبا أنطونيوس وللكنيسة القبطية التى لا تستعدى الفن ولها إرث عظيم من الفن القبطى والأيقونات والألحان، وكان يمكن فك التمثال وتخزينه وليس هدمه، فنحن لا نعبد التماثيل؛ بل نكرم شخصيات عظيمة»، وطرح الرافضون لهدم التمثال عدة أسئلة مهمة، كم تكلف التمثال والذى يُقال إنه يصل إلى عدة ملايين من الجنيهات؟، ومن يتحمل تكلفة نحته ونصبه ثم إزالته؟ واليس فقراء الأقباط أولى بهذا المبلغ الكبير الذى ضاع حتى لو كان من التبرعات وليس من أموال الدير، ولكن السؤال الأهم: هل اكتشف القائمون على الدير أن وجود التماثيل فى الأديرة والكنائس حرام؟ وهل كانوا لا يعرفون هذا الأمر عند تدشين التمثال؟ وما الذى يضمن ألا يغير الأسقف رأيه مرة أخرى بعد فترة ويقيم تمثالًا جديدًا؟ وهل ما تم بناء على دراسة لاهوتية، وماذا قالت هذه الدراسة؟ وإذا كان وجود التماثيل فى الكنائس والأديرة حرام فلماذا توجد تماثيل فى أديرة وكنائس أخرى؟ أما المؤيدون لهدم التمثال فردوا أن هذه التماثيل تخالف التقاليد الكنسية وتراثها وأنها أقرب إلى الغرب، ولا تمت بصلة للفن القبطى الذى يعتمد على الأيقونات، ويتخوف أصحاب هذا الاتجاه من أن يتبارك بها البسطاء وأن يسجدوا لها نولا للبركة، كما أنه لم يجرؤ جيل من أجيال الكنيسة على استحداث تماثيل فيها فلماذا نقيمها الآن؟، والأهم تطبيق آية الكتاب المقدس التى تقول «لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا ولا صورة مما فى السماء والأرض ولا تسجد لهن ولا تعبدهن»، ولكن الذين يرون أن المسيحية لا ترفض وجود التماثيل فى الكنائس يفسرون نفس الآية بطريقة مختلفة وهى أن الخطأ والممنوع أن تصنع التماثيل للعبادة مثلما كان يحدث فى الوثنية وقت العهد القديم، وطالما انتفى هذا الأمر فلا مانع منها، كما أن الكنيسة الكاثوليكية لا تُحرّم وجود التماثيل فى كنائسها والتى تمتلئ بها فى الخارج وفى مصر دون أن يعبدها أحد، وربما كان ذلك هو أحد أسباب اعتراض غلاة الأقباط على وجود التماثيل فى الكنائس حيث يتهمون من يبيحها بأن أفكارهم كاثوليكية وأنهم يبتعدون عن التعاليم الأرثوذكسية.



بعيدًا عن هذا الجدل لا أدرى ماذا يفعل المسيحى البسيط الذى زار الدير منذ فترة ووجد التمثال مقامًا ثم زاره بعد إزالته وهدمه؟ وإذا سأل عن السبب هل سيقولون له كنا على خطأ وصححناه؟ وما الذى يضمن له أن أى عظة سيقولونها له لن يعودوا بعد فترة ويقولوا كنا على خطأ؟ وماذا سيحدث له إذا اقتنع بكلامهم ثم ذهب إلى دير آخر أو كنيسة ووجد بها تمثالًا وقالوا له: إن وجود التمثال ليس حرامًا؟ فمن يصدق؟ الذين يحرّمون أم الذين يبيحون؟. 

لقد ظهرت هذه المشكلة منذ عدة شهور عقب إقامة عدة تماثيل فى الكنائس والأديرة منها تمثال الأنبا أنطونيوس وتمثال للعذراء بدير درنكة فى أسيوط وعدة تماثيل للبابا شنودة فى العديد من الكنائس وثارت ضجة كبيرة، وكتبت وقتها مطالبًا البابا والمجمع المقدس بالتدخل السريع لحل الأزمة مراعاة للبسطاء من البلبلة ولم يتكلم البابا ولم يتدخل المجمع المقدس؟ فهل آن الأوان للقضاء على هذه الفتنة؟.