الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
100 عام على ميلاده.. فتحى غانم كاتب لم يفقد ظله وفقد نقاده

100 عام على ميلاده.. فتحى غانم كاتب لم يفقد ظله وفقد نقاده

هل تحتفل الهيئات والمؤسسات الثقافية بالذكرى المئوية لميلاد الكاتب الكبير فتحى غانم التى تحل فى 24 مارس المقبل؟ وذلك بعد تجاهل ذكرى مرور ربع قرن على وفاته فى 24 فبراير الماضى، حتى الآن لم تعلن هذه المؤسسات والهيئات عن برنامج للاحتفاء بواحد من أبرع من كتبوا الرواية والقصة القصيرة ليس فى مصر فقط ولكن على مستوى العالم العربى، ولم تعقد سوى ندوة يتيمة عنه أقيمت فى معرض الكتاب الشهر الماضى، ولكن ما زالت الفرصة قائمة رغم قصر الفترة إذا كان لدى وزارة الثقافة وهيئاتها النية والإرادة لذلك.



 

فى الدول الأوروبية وغيرها ممن يعرفون قيمة مبدعيهم تكون مثل هذه المناسبات فرصة لعقد ندوات واسعة ومؤتمرات كبيرة عن كتابها الكبار وتقدمهم للأجيال الجديدة وتذكر من عاصرهم بهم وتعيد نشر أعمالهم فى طبعات شعبية وفاخرة، ويقدم النقاد دراسات جديدة عنهم، وتحتفى الهيئات المهتمة بالسينما والمسرح بالأفلام والمسرحيات والمسلسلات المأخوذة عن قصصهم ورواياتهم، فتحى غانم يستحق هذا وأكثر فلم يكن روائيا عاديا فهو واحد من أهم الكتاب المصريين بشهادة مبدعين كبار على رأسهم نجيب محفوظ، ولم يكن أيضا صحفيا عاديا فهو الوحيد فيما أعلم الذى تولى مسئولية مطبوعات ومؤسسات معنية بكل أنواع الصحافة فكان رئيسا لتحرير مجلات أسبوعية مثل صباح الخير وروزاليوسف التى تولاها بمشاركة الكاتب الكبير صلاح حافظ، كما ترأس تحرير جريدة يومية هى الجمهورية بجانب رئاسته تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، على أن عطاءه الصحفى توارى خلف عطائه الإبداعى فلم يكن دوره فى عالم الصحافة بقدر أهمية دوره الروائى والقصصى، وهو يعترف بذلك حيث كشف فى حوار له مع الكاتب الكبير رشاد كامل أنه كان يتولى المناصب الصحفية من أجل نشر قصصه ورواياته، وربما لأن غانم لم يكن منتميا إلى شلة أو اتجاه سياسى لم تحظ كتاباته على أهميتها وتنوعها بما يستحق من دراسات نقدية فهو أهم من كتب عن عالم الصحافة مشرحا ما يدور فيها، كاشفا كواليس وخبايا ودهاليز الحياة داخل المؤسسات الصحفية والمؤامرات والصراعات التى دارت فيها وتداخل السياسة معها دون أن يقع فى خطيئة النميمة أو الابتذال، وكانت روايتاه «الرجل الذى فقد ظله» و«زينب والعرش» ملهمتين لكل من كتب عن عالم الصحافة بعده، ولكنهما ظلتا حتى الآن فريدتين فى طريقة تناولهما لهذا العالم خلال فترة ما قبل ثورة يوليو وما بعدها، وكان أبطالهما من لحم ودم حتى أن كثيرا من القراء بحثوا عن هذه الشخصيات وأشاروا إلى أسماء بعينها باعتبارها المقصودة لانها تتماس مع عدد من مشاهير الصحافة، ولكن الأهم أن العمل الإبداعى يتناول هذه الشخصيات كحالة إنسانية تتكرر كثيرا فى كل عصر بجانب أن الروايتين تقدمان تشريحا للوضع السياسى والاجتماعى والثقافى والفنى للمجتمع المصرى فى الفترة التى تناولتهما، غانم أيضا أول من كتب عن ظاهرة الإرهاب والتطرف روائيا فى روائعه «الأفيال» و«تلك الأيام» و«قليل من الحب كثير من العنف»، كما تطرق إلى الفتنة الطائفية والعلاقات الدينية المتشابكة فى «بنت من شبرا» و«أحمد وداود»، دون أن يغفل العلاقة بين الشرق والغرب فى عمله الفذ «الساخن والبارد» أما روايته «الجبل» فقد لامست تجربة المهندس حسن فتحى فى جبل القرنة بالأقصر مع أزمة العلاقة بين السلطة والمثقف، كما بحث عن القهر السياسى والتعذيب وتأثيرهما النفسى على الجلاد والضحية فى «حكاية تو»، كل ما سبق غيض من فيض إبداع فتحى غانم وعالمه الروائى الثرى للغاية، والذى افتقد الكثير من الدراسات الجادة رغم كثرة محبيه، وهو بحق مثلما وصفته الكاتبة المبدعة الكبيرة سناء البيسى فى إحدى مقالاتها «قلم لم ينصفه أحد»، ويكفى أن كتاب «معجم شخصيات فتحى غانم» والذى كتبه الباحث والروائى والناقد الكبير مصطفى بيومى يقبع كما يقول مؤلفه «فى أدراج المجلس الأعلى للثقافة والهيئة العامة للكتاب منذ سنوات دون أن يهتم به أحد»، وربما كانت مئوية ميلاده فرصة للنقاد لإنصافه، وإذا كانت نقابة الصحفيين ستقيم ندوة كبيرة عنه صحفيا وروائيا فإنه مطلوب من وزارة الثقافة ألا تنسى هذه المناسبة التى لا تتكرر كثيرًا.