الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خطورة انتقال أسلوب العصابات من أغانى الراب.. إلى أرض الواقع

بشكل أو بآخر أصبحت موسيقى الراب، جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الغنائية العربية، وأصبحت تتمتع بجماهيرية واسعة فى مختلف بلدان الوطن العربى، نستطيع أن نستدل على ذلك من خلال نسب الاستماع المرتفعة التى تصل إلى عشرات الملايين على منصات عرض الموسيقى إلكترونيًا، أو من خلال نسب مشاهدات يوتيوب.



 

هذه الشعبية الكبيرة التى جعلت الشركات الإقليمية الكبرى تستعين بكبار صناع هذه النوعية من الأغانى لكى يكونوا وجهة لحملاتهم الدعائية الضخمة، لعلمهم بأنهم مؤثرون فى قطاعات عريضة من الجماهير، خاصة الفئات العمرية الصغيرة فى السن، وكذلك المراهقون.

ومن هنا تأتى الخطورة، لأن هذه الشعبية الكبيرة من المفترض أن تعطى مسئولية على هؤلاء الصناع، خاصة أن أغلبهم من الشباب، والمسئولية أن يكون الفنان واعيا لتصرفاته، ليس بالضرورة «قدوة»، وما إلى ذلك من «كليشيهات» مستهلكة، ولكن بمعنى أن يكون الفنان منضبطًا بما يحدده القانون، لأن هناك خطا رفيعا يفصل بين الحرية الشخصية، وبين تحدى القانون.

فى الأيام القليلة الماضية، وقعت مشاجرة مؤسفة على طريقة بلطجية الأفلام، حيث قام عدد من أعضاء فريق «معادى تاون مافيا» على «زياد ظاظا» و«جيمى هود»، وفق ما نشره «جيمى هود»، عبر صفحته بموقع «إنستجرام»، حيث إن القصة بدأت عندما قامت مجموعة عددها 12 فردًا بدراجات بخارية، يرأسهم «حسين تامر» عضو فريق «معادى تاون مافيا» المعروف باسم «حُسين»، بالاعتداء على الرابر «زياد ظاظا» والموسيقى «جيمى هود» بالصاعق الكهربائى، فى منطقة المعادى تحديدًا محل عمل «هود».

والذى أضاف أن «حُسين» حاول الاعتداء على «زياد ظاظا» أثناء سيره بالمعادى، وأوضح أنه أصيب فى رأسه ما أدى إلى جرح شديد، وارتجاج وشرخ فى الجمجمة حسب التقرير الطبي.

وهذه ليست المرة الأولى، فعندما قمت بالبحث، وجدت أن نفس الفريق قاموا بالاعتداء قبل ذلك على مغنى الراب «إيفيل»، ولكن المؤسف أن «إيفيل» لم يقم بالذهاب إلى الشرطة لتنفيذ القانون، ولكنه حاول بعد ذلك الذهاب إليهم فى مكان سكنهم ليقوم بالرد عليهم بنفس الطريقة، ظناً منه، أنه لو لجأ إلى القانون سيسقط فى نظر جمهوره «المراهق»، وأنه لا يستطيع أن يأخذ حقه بـ«يديه»، ومن هنا تأتى الخطورة كلها. بعد واقعة «معادى تاون مافيا» مع «زياد ظاظا وجيمى هود»، ترددت أنباء عن إلغاء مجموعة من الحفلات لهذا الفريق فى السعودية والإمارات، وهذا أبسط رد فعل ممكن أن يتخذ فى واقعة مثل هذه، لأننا لا نتحدث الآن عن فنانين، بل عن مخالفين للقانون، وبتصرف مثل الذى تحدثنا عنه، كاد أن يودى بحياة زميل لهم فى نفس المجال.

الحقيقة أننى أستطيع أن أتحدث عن الجوانب الموسيقية، أستطيع أن أناقش أفكارهم المطروحة فى الأغانى كما أفعل دائما، لكننى لا أستطيع تفسير الحديث عن العنف فى الأغانى إلى واقع يتم ممارسته، ولا أستطيع أن أقول رأيًا منطقيًا فى مدى إعجاب الجمهور بمثل هذه التصرفات، وأتصور أن هذا الأمر برمته يحتاج إلى أساتذة فى علم الاجتماع، يقولون لنا ماذا نفعل – بعد تطبيق القانون الجنائى طبعًا ومحاسبة المخطئين- لأن من المعلوم أن ثقافة موسيقى الراب تم استيرادها من أمريكا، وإنها ظهرت هناك على أيدى العصابات والخارجين عن القانون، ولذلك كان مفهومًا أن تحتمل أغانى الراب المصرى والعربى قدراً من العنف والحديث عن السلاح وتحدى الآخرين كاستعراض فنى ليس إلا، خاصة إذا كان الجمهور المستهدف مراهقا، والمراهق يكون متمرداً، ولكن الكارثة الحقيقية هو أن يخرج هذا العنف من الفن إلى الواقع على أيدى صناعه! 

يجب أن تكون هناك وقفة حقيقية حتى لا تتسع الدائرة إلى أكثر من ذلك، وهذه الوقفة تكون مبنية على الاحتواء والنقاش مع المتخصصين فى علوم الاجتماع والصحة النفسية، وليست مطالبة بمنع هذا النوع من الساحة، لأنه كما تعلمنا، المنع ليس حلاً على الإطلاق.