الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بداية العام السينمائى مبشرة بالتفاؤل: «رحلة 404» رحلة النفس بين الهدف والمغريات

رحلة تأخذك إلى داخل النفس البشرية، ما بين محاربة الماضى ومغريات الحياة، والبحث عن مستقبل آمن، وغيرها من الأمور التى أهمها البحث عن الذات فى ظل كل الاختبارات القدرية التى قد تحدث لنا.. فيلم (رحلة 404) والذى كان يحمل اسم (القاهرة – مكة) هو ساعات تبحر بنا فى مجتمع مختلف بكل تفاصيله الواقعية التى نسجها المخرج الكبير «هانى خليفة».



 

حالة من الحيرة والتضارب تعيش فيها خلال أحداث الفيلم الذى تركز تفاصيله على شخصية رئيسية هى شخصية «غادة» التى تقدم دورها «منى زكى» بينما تظهر باقى الشخصيات من خلال وجهة نظرها أو الأحداث التى تمر بها.

 مدرسة تمثيل

استطاعت «منى زكى» تحدى نفسها على كل المستويات بقدرتها على الإمساك بتفاصيل شخصية «غادة» وضبط انفعالاتها ولغة الحوار والتعبير عن فرحها وحزنها. ولأنها الشخصية الرئيسية التى يدور حولها الفيلم فهذا يعنى عدم وجود مشهد واحد تقريبا دون ظهور «منى زكى» به، مما يعنى أن الدور مرسوم بكل تفاصيله ليجعل الأحداث تدور فى فلكها الخاص. وقد نجحت «منى زكى» فى هذا الاختبار الصعب واستطاعت تقديم رحلة «غادة» بتفاصيلها المؤلمة والمتقلبة.. وأبدعت فى أكثر من مشهد رئيسى منها مواجهاتها مع الشخصيات التى قدمها كل من «شيرين رضا» و«محمد فراج» و«محمد ممدوح»، فكل مشهد منها يحمل درس تمثيل مكثفًا فى التعايش مع الشخصية وانفعالاتها وماضيها وحاضرها ورغباتها.. فهى شخصية لا تريد أن تخسر أى شىء ولكن الحياة والقدر لديهما وجهة نظر أخرى.

بالطبع كان للمخرج «هانى خليفة» بصمة واضحة مثل أغلب أعماله التى يعتمد فيها على إحساس الممثل، مما يجعله يظهر بوجه وإحساس مختلفين عما سبق. فلو تحدثنا عن الثنائية التى جمعت بين «هانى خليفة» كمخرج و«منى زكى» كممثلة فى فيلم (سهر الليالى) سنجد أن «خليفة» قد استطاع حينها أن يقدم «منى زكى» بوجه وإحساس مختلف عما سبق أن قدمته من أعمال.. أما عن باقى الممثلين فاختياراته كانت كلها لممثلين لديهم قدرات تمثيلية قوية مثل «محمد فراج» و«محمد ممدوح» و«خالد الصاوى» و«محمد علاء»، ورغم أن ظهور كل منهم لم يتعدَّ المشاهد القليلة إلا أن بصمتهم بالعمل كانت قوية ومؤثرة.. بالإضافة إلى الفنان القدير «حسن العدل» الذى قام بدور والد «غادة» والذى كان يتسم طوال الفيلم بقلة الحيلة وضعف شخصيته أمام زوجته وابنته.

وعلى الجانب الآخر كان الممثل الشاب «شادى ألفونس» هو مفاجأة الفيلم، خاصة أنه لأول مرة يقدم شخصية معقدة ومركبة إلا أن أداءه كان صادقا وحادا وبعيدا عن أدوار الشاب الرقيق والكوميدى التى اشتهر بها.

بينما كانت هناك مشاركات من فنانين كبار بالعمل ولم تفرد لهم المساحة بل ظهروا ظهورا مؤثرا كضيوف شرف ومنهم «شيرين رضا» و«عارفة عبدالرسول» و«سما إبراهيم».

 الهروب من الماضى واللجوء إليه

شهدت أحداث القصة التى كتبها المؤلف «محمد رجاء»  تضارب وصراع النفس البشرية بين الخير والشر والحلال والحرام.. فالبطلة تريد التوبة ونسيان ماضيها كفتاة ليل والابتعاد عن كل ما يذكرها به، وفى المقابل تلجأ لكل معارفها بالماضى بسبب مرورها بمشكلة تحتاج فيها لمساعدتهم.

كما نقل «رجاء» الصراع الداخلى للبطلة والتى لا تريد خسارة أى شىء وتتجه إلى ماضيها كحل سريع وطريق مضمون حتى وإن كان لا يتناسب مع هدفها الأساسى للتوبة. فتلجأ لكل الحلول «الحرام» والتى تعد من الكبائر لتحل مشكلتها مثل السرقة والنصب والزنى فى الوقت الذى تستعد فيه للسفر برحلة الحج. وفى وسط كل الأحداث نجد البطلة متمسكة فى كلامها باختبارات الله وتقلبات القدر التى تضعنا فى أزمة أمام أنفسنا لعلنا نختار الطريق الصحيح. وعندما تعود لنفسها مرة أخرى نجد الأمور قل حلت ولكن بعدما تمر بكل الانهيارات النفسية التى تدفعها للطريق الخاطئ.

اشتمل الفيلم على 6 قصص رئيسية أثرت على حياة البطلة، منها قصتها مع والديها والبيت الذى نشأت وتربت به، وقصتها مع حبيبها الجامعى الذى تقابله عن طريق الخطأ بعد مرور سنوات عديدة على تخرجهما، وقصتها مع صديقاتها من فتيات الليل والقوادة التى كانت تشرف على عملها. وقصتها مع زوجها القديم والذى تركته ثم لجأت إليه مرة أخرى.

وكان هنا أيضا قصة مؤثرة كان بطلها «خالد الصاوى»، حيث ظهر بدور أحد الرجال الأثرياء الذين كانت تعرفهم وقت عملها كفتاة ليل، ورغم أن تلك القصة كانت تحمل العديد من المعانى الإنسانية إلا أنها لم تأخذ حقها بشكل كبير، حيث كان هناك الكثير حول قصة الرجل وابنه وزوجته الخائنة ومحاولاته للانتحار وغيرها من الأمور التى لم تنل مساحتها الكافية.. ولم تكن تلك القصة الوحيدة التى تعرضت لنوع من «البتر» حيث كان هناك دور الأم الذى قدمته «عارفة عبدالرسول» والذى كان يحمل الكثير من المواقف التى حدثت فى الماضى، وأيضا قصتها مع الشخصية التى جسدها «محمد علاء»، والذى استخدم البطلة كأداة للنصب ثم تخلى عنها، بالإضافة إلى قصتها مع صديقتها القديمة التى قدمت دورها الممثلة الشابة «جيهان الشماشرجى».

ويبقى (رحلة 404) واحدا من أهم الأفلام التى يستهل بها العام 2024 موسمه السينمائى.