الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
100 يوم من الحرب على غزة.. القاهرة تواصل دورها التاريخى فى تبنّى القضية الفلسطينية مصر دائمًا سابقة بخطوة

100 يوم من الحرب على غزة.. القاهرة تواصل دورها التاريخى فى تبنّى القضية الفلسطينية مصر دائمًا سابقة بخطوة

تخطت الحربُ على قطاع غزة 100 يوم تم خلالها زيادة الضغوط على الاحتلال الإسرائيلى.. هذا ما أكده تقريرٌ نشرته صحيفة «إندبندنت» البريطانية، جاء فيه إنه مع مرور 100 يوم على الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة بدأت الضغوط تتزايد على رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.   



خلال برنامج «كلام فى السياسة»، الذى يُعرَض على قناة «إكسترا نيوز»، قال الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد الطاهرى رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف»، إن الولايات المتحدة أقوى حليف لإسرائيل أكدت أن هذا هو الوقت المناسب لتقليص الهجوم الإسرائيلى على قطاع غزة، وهو ما أعقبته تصريحات لوزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن دعا فيها إلى مسار من أجل دولة فلسطينية، فيما رددت الصين مثل تلك الدعوات وحثَّت على جدول زمنى محدد وخريطة طريق لتنفيذ حل الدولتين، وأن خلاصة الأوراق البحثية لمراكز الأبحاث الدولية فى الأيام الماضية تؤكد أن ثمّة احتمال صفر% أن تكون حكومة نتنياهو أو حتى حكومة إسرائيلية أقل تطرفًا مستعدة للشروع فى طريق نحو إقامة دولة فلسطينية. مشيرًا إلى أن هذه القراءات عزز منها خروج نتنياهو خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضى قائلاً: «لن يوقفنا أحد فى مهمة هزيمة حماس».

 القاهرة وتبنِّى القضية 

وأوضح تقريرٌ تم عرضه خلال برنامج «كلام فى السياسة» عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن القاهرة واصلت دورَها التاريخى والممتد فى تبنّى القضية الفلسطينية؛ تزامنًا مع اندلاع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.

مشددًا على أن مصر كانت سابقة بخطوة دائمًا؛ حيث جهَّزت شحنات كبيرة من المساعدات الإنسانية والإغاثية فى مئات الشاحنات أمام معبر رفح البرى من الجانب المصرى، وخصصت مطار العريش لاستقبال الطائرات المحملة بالمساعدات الموجهة إلى قطاع غزة من جميع أنحاء العالم.

 دور مصر المحورى فى القضية

فيما قال الدكتور محمود مسلم، رئيس مجلس إدارة جريدة الوطن وعضو مجلس الشيوخ، إن الأزمة الراهنة فى فلسطين وقطاع غزة ألقت بظلالها على موضوعات ومَحاور وقيم كثيرة. 

وأضاف «مسلم»: أثناء دفن المدنيين الفلسطينيين تم دفن كل القيم الإنسانية والقانون الدولى وحقوق الإنسان التى طالما تحدَّث العالمُ عنها وبخاصة الغرب. متابعًا: تأكد أهمية دور مصر فى مثل هذه القضايا بالعكس لما كان يعبث بعض الناس فى السنوات الماضية بشأن نهاية الريادة والدور المصرى، ولكن دور مصر فى القضية الفلسطينية الحالية هو المحور الأساسى والمدافع الرئيسى عن الحقوق الفلسطينية، كما أن بعض الأفكار انتهت وماتت مع الذين ماتوا فى قطاع غزة مثل التهجير والنزوح التى رفضتها القيادة المصرية والشعب المصرى.

 توسيع نطاق الحرب.

ويرى «مسلم»، أن دولة الاحتلال تحاول توسيع نطاق الحرب على عكس رغبة أمريكا، وبالتالى فإنها تعتدى على جنوب لبنان وأى مكان آخر لتوسيع النطاق مع إيران بشكل أكبر لتغطى على جرائمها بشكل أو بآخر فى غزة. مضيفًا: إن نتنياهو موجود حتى يوم توقف الحرب؛ حيث سيحاكم، وبالتالى؛ فإنه يحاول إطالة أمد الحرب أطول فترة ممكنة. مشيرًا إلى أن الأزمة الراهنة كشفت أن المجتمع الإسرائيلى ليس محبًا للسلام كما كان يروج بعض أتباع أمريكا من محبى السلام بشأن تغيُّر مجتمع إسرائيل وأنه أصبح عاشقًا للسلام، من الواضح أن عشقه للدم أكبر من عشقه للسلام، كما أنه مغرور ومتغطرس بقوته.

انهيار مخطط التهجير

وشدّد «مسلم»، على أن مخطط تهجير الفلسطينيين انهار وأن أمريكا عادت مرة أخرى للشرق الأوسط  فى ظل الحرب الراهنة، بعدما كان يُعتقد أنها انسحبت ووجهت كل اهتمامها إلى منطقة الصين وشرق آسيا. منوهًا إلى أن أمريكا لم تعد كلاعب، ولكنها عادت بأسلحتها وكطرف كبير، على عكس قوى أخرى لم تتدخل إلا فى مجلس الأمن بأطروحات. متابعًا إنه رُغْمَ صعوبة وغلاظة ما حدث فى غزة؛ فإن القضية الفلسطينية عادت مرة أخرى إلى مرحلة التفكير والوجود على الأقل فى ضمائر الشعوب.

 قناة «القاهرة الإخبارية» مَصدر فخر 

أشاد «مسلم» بقناة «القاهرة الإخبارية»، التى يرى أنها أصبحت مَصدر فخر للمصريين والعرب والمنطقة بأكملها؛ حيث كانت طوال الوقت فى قلب أزمة غزة، كما أن جميع القنوات العالمية نقلت الأخبار من خلالها.

انقسام المجتمع الإسرائيلى

وخلال البرنامج دعا الكاتب الصحفى عماد الدين حسين عضو مجلس الشيوخ، وسائل الإعلام العربية أن تبدأ فى الاهتمام بإسرائيل من الداخل، قائلًا إن مركز الدراسات السياسية والاستراتيچية بالأهرام بدأ فى أواخر الستينيات كمركز للدراسات الإسرائيلية لقراءة تل أبيب من الداخل.

وأضاف «حسين»: إن  جزءًا كبيرًا من العالم العربى ليس مُهتمًا بالشكل الكافى بالداخل الإسرائيلى، فإسرائيل مثل أى مجتمع به تيارات وأفكار، وهناك انقسام حقيقى داخلها الآن، هذا الانقسام ليس بين المؤيدين للعدوان والحق العربى، لكن غالبية الانقسام الموجود يتمثل فى كيفية هزيمة العرب بشكل أفضل وأسرع.

 

وأشار إلى أن قلة من الكتابات الإسرائيلية وتتمثل فى «هاآرتس» موضوعية على الحق العربى، لكنها قطرة فى بحر من التطرف الإسرائيلى فى غالبية الكتابات الإسرائيلية، والحكومة الإسرائيلية فكرت جديًا فى مساءلة الصحيفة وكتّابها لأنها اعتبرت أنها تخون الدولة وتطعنها فى ظهرها أثناء الحرب.

صراع «أمريكى - صينى - روسى»

ويرى الكاتب الصحفى عماد الدين حسين، أن عدم تحقق أهداف إسرائيل بالقضاء على حماس أدى إلى حدوث مشكلة حقيقية أمام إسرائيل والولايات المتحدة؛ حيث لا تريد أمريكا توسيع الحرب لأنها قد تؤدى إلى اندلاع أزمة أعمق فى المنطقة تستفيد منها الصين وروسيا. مضيفًا إن الطرف الذى يسعى إلى توسيع نطاق الحرب ليس إيران أو حزب الله أو الولايات المتحدة الأمريكية؛ ولكنْ رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والمتطرفون. متابعًا: إن نتنياهو يحاول زيادة حدة الصراع مع حزب الله، ويحاول افتعال أزمة مع إيران وأزمة أخرى مع مصر؛ حيث حاول مرارًا وتكرارًا استفزاز مصر بأخبار مكذوبة؛ لأنه يريد القول بأن صراعه ليس فى قطاع غزة الذى فشل فيه لكنه يدخل معركة كبرى مع دول كبيرة؛ وبخاصة مصر وإيران.

 التعامل مع الجنون والانفلات الإسرائيلى

كما حذّر الكاتب «حسين»، من الجنون المنفلت لنتنياهو وفشله والائتلاف الحكومى المتطرف، وتحديدًا سموتيرتش وبن جفير وأميحاى إلياهو، وغيرهم من الوجوه التى يبدو نتنياهو معتدلًا أمامها، كما يبدو جانتس أكثر اعتدالًا مقارنة بنتنياهو. مضيفًا: «هناك صراع كبير جدًا، ولكن هذا التطرف والتخبط فى إسرائيل ربما سيقود إلى توسيع الحرب، وعلينا عدم استبعاد بعد الذى حدث فى الـ100 يوم الماضية أى سلوك متطرف وغريب من نتنياهو». متابعًا: «المنطقة العربية تعتقد أن ثمّة حدودًا للتطرف الإسرائيلى وأن العلاقات التى أقامتها إسرائيل مع دول أساسية فى المنطقة مثل مصر والأردن وسعيها للتطبيع مع دول أخرى سوف يجعلها تضع ضوابط وكوابح، ولكن تم اكتشاف صعوبة هذا الأمر، وعلى العرب جميعًا وفى المقدمة مصر والأردن إدراك كيف يمكن التعامل مع الجنون والانفلات الإسرائيلى فى الفترة المقبلة شديد الخطورة؛ حيث ثبت أنه بلا كوابح».

 الدفاع عن النفس ومجازر غزة

فيما أكد الكاتب الصحفى عزت إبراهيم رئيس تحرير الأهرام ويكلى، أن  دولة الاحتلال الإسرائيلى وقعت فى فخ كبير فى الحرب الراهنة. موضحًا: «مشهد محكمة العدل الدولية كاشف بشكل كبير للفجوة الواسعة بين تصورات إسرائيل عن نفسها وقوتها وتصورات العالم اليوم لما يجرى على الأرض فى غزة». مضيفًا:

 

«إسرائيل اعتمدت على مسألة الدفاع عن نفسها طوال الوقت، وأن هذه حرب وجود، ولكن كل تلك الأفكار انتهت بعد المجازر التى ارتكبتها فى قطاع غزة». متابعًا: «نتنياهو أطلق تصريحًا بامتداد الحرب إلى 2025، وهناك سَنة كاملة حتى يأتى ترامب إلى السلطة وستكون مسألة كارثية بالنسبة للوضع فى المنطقة مع اتساع دائرة الصراع، وأعتقد أن الاحتلال سيستمر فى تقليل وتيرة العمليات فى قطاع غزة أملًا فى تحقيق جزء من الأهداف مثل القضاء على البنية التحتية لحماس ومحاولة إبرام صفقات متتالية للإفراج عن عدد من المحتجزين فى القطاع من الإسرائيليين والأجانب».

 خسارة إدارة بايدن 

ويرى «إبراهيم»، إن الإدارة الأمريكية غير قادرة على بلورة سيناريو اليوم الثانى لإسرائيل، وهذا ما يجعلها غير قادرة على الضغط على تل أبيب فى مسألة إنهاء الحرب عند هذه النقطة؛ لأن اليوم التالى للحرب مجهول. مضيفًا: إن إسرائيل إذا أدارت غزة بهذه الطريقة ستكون هناك كارثة كبرى، من استمرار عمليات القتل والتصعيد فى غزة وارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين. مشيرًا إلى أن سيناريو اليوم التالى مسألة حاكمة فى التفكير السياسى الأمريكى الآن فيما يتعلق بماذا تريد إسرائيل أن تفعل، وما لا يجب أن يحدث فى غزة هو مسألة التهجير القسرى التى يجب أن تقف عند نقطة محددة الآن وأن تكون الإدارة جادة فيما تطرحه خلال الفترة المقبلة، ومسألة المساعدات يجب ألا تكون نقطة للمساومة.

وأكد «إبراهيم»، أن إدارة بايدن خسرت بعض القطاعات داخل المجتمع الأمريكى جراء الحرب على غزة، كما خسرت أصواتًا عربية كثيرة فى الانتخابات المقبلة. 

 فشل أمريكى فى بلورة موقف تجاه الصراع

ونوّه «إبراهيم»، إلى أنه بعد مرور أكثر من 100 يوم من الحرب على غزة كنا ننتظر بلورة رؤية واضحة من الإدارة الأمريكية، والتى اتضح أنها غير قادرة على بلورة هذه الرؤية لأسباب عديدة، أهمها أن الداخل الإسرائيلى والحكومة الإسرائيلية لا يزالان صاحبى الكلمة فى القرار الأمريكى الخاص بدعم إسرائيل على طول الخط، باستثناء بعض التصريحات الأمريكية الخاصة بالوضع فى الضفة الغربية وإدخال المساعدات. مضيفًا إن الموقف الأمريكى لا يزال يحتاج لكثير من التطوير.

 استفادة من الصراع

قال الدكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيچية، إن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ليس وحده الذى استفاد من الصراع فى غزة ولكن قوى عديدة، مثل الصين وكوريا الشمالية وقادة الانقلابات فى غرب إفريقيا، فالجميع استفاد من حالة الانشغال الأمريكى بالشرق الأوسط، فحدوث هذه الأزمة جرى فى ظل عوامل أدت إلى مزيد من التعنت الإسرائيلى وسعى كل الأطراف فى الاستفادة من الأزمة. مضيفًا: إن الواقع الداخلى فى إسرائيل انعكس على الأزمة، كما انعكس الواقع الداخلى فى أمريكا أيضًا على الأزمة، لكن الواقع الدولى انعكس أيضًا ويتمثل فى الصراع بين أمريكا وحلفائها وبين الصين وروسيا من ناحية أخرى. لافتًا إلى أن كل هذه الأطراف وظفت هذا الانشغال الأمريكى بالمنطقة وأزمة غزة، إذ اكتشفت أمريكا بأن الشرق الأوسط يظل هو المنطقة المهمة وأزماتها مدخل مهم لتأكيد الهيمنة الأمريكية أو الأحادية التى ما زالت هى الصفة الأساسية لهذا النظام الدولى، ما فتح المجال لروسيا فى محاولة تسريع إمكانية حسم الصراع مع أوكرانيا.

منطقة البحر الأحمر والصراع فى غزة

ويرى «فرحات»، أن المدخل الرئيسى لتحقيق الأمن فى منطقة البحر الأحمر يمر عبر إنهاء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ووقف إطلاق النار. مضيفًا: «جماعة الحوثى نفذت عمليات قرصنة فى بعض المناسبات، ولكن الاستخدام المنتظم للسلاح والقوة ضد السفن التجارية مبرر فى الفترة الأخيرة على نحو مستمر بالعدوان الإسرائيلى فى قطاع غزة». متابعًا: «كل القوى المعنية بما فيها مصر أكدت على هذه المسألة وحذرت منذ اليوم الأول من أن هذا العدوان وإطالة أمد الصراع سيؤدى إلى توسيع رقعته، وهذا ما يحدث للأسف، كما أن هناك حسابات للقوى الإقليمية، وهى حسابات مختلفة للانخراط فى هذه العمليات العسكرية؛ لأنه ليس بالضرورة أن يؤدى استخدام القوة العسكرية إلى تحقيق الأمن والاستقرار، فضلاً عن وجود ضوابط عدة لاستخدام القوة».

 أمن البحر الأحمر والأمن الدولى

وأكد فرحات، أنّ ثمّة علاقة مباشرة بين أمن البحر الأحمر والأمن الدولى بشكل عام وأمن حرية الملاحة وما يرتبط بها من حرية تجارة. مضيفًا: «مبدأ حرية الملاحة أحد أهم المبادئ فى النظام الدولى والذى يقوم عليها النظام الاقتصادى العالمى لأنه شرط أساسى ورئيسى لحرية التجارة التى هى واحدة من المبادئ الأساسية فى النظام الاقتصادى العالمى، وعسكرة منطقة البحر الأحمر ضرر مباشر للأمن العالمى لأنه يرتبط بمضايق وممرات مائية شديدة الأهمية للعالم ولكتلة مهمة فى الاقتصاد العالمى وهى اقتصادات شرق آسيا؛ حيث تعتمد فى جزء من تجارتها على النفط؛ لأنها فى المجمل مستورد صافٍ للطاقة مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، وتعتمد كل هذه الدول على أقاليم أخرى فى تأمين احتياجاتها فى النفط، ودون تدفق آمن ومستدام للنفط ستتضرر هذه الاقتصادات».

وتابع: «إذا قارننا بين تكاليف الشحن والتأمين عبر طريق رأس الرجاء الصالح مقارنة بالبحر الأحمر وقناة السويس؛ فإننا نتحدث عن أرقام ضخمة جدًا، كما أن بعض السلع قد لا تحتمل المدة الطويلة التى يستغرقها طريق رأس الرجاء الصالح؛ لأنه قد يستغرق 18 يومًا زيادة مقارنة بالطريق الطبيعى فى البحر الأحمر وقناة السويس.

 انقسام الجيش الإسرائيلى 

فيما يرى الدكتور أسامة السعيد، مدير تحرير جريدة الأخبار، أن إسرائيل منقسمة على ذاتها، فهناك أكثر من تيار ورؤية فيما يتعلق بالمشهد وإدارته، إذ إن هناك حكومة بتشكيل هو الأكثر تطرفًا فى تاريخ الحكومات الإسرائيلية، كما أن هناك ما يتعلق بالمؤيدين لهذا التيار فى الشارع والمعارضين، وهم كتلة كبيرة للغاية، بجانب أسَر المحتجزين والأسْرَى الذين تحوّلوا خلال الشهور الماضية إلى جماعة ضغط قوية. مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلى أصبح منقسمًا على نفسه، فهناك تقارير لبعض قيادات الجيش الإسرائيلى تطالب الحكومة بهدف سياسى واضح لإدارة العملية العسكرية، فمن دون هدف سياسى واضح يعد الأمر بمثابة تضييع للوقت وإهدار لكل ما يقوم به الجيش فى قطاع غزة. مشيرًا إلى أن الهدف السياسى المستهدف من قِبَل الحكومة الإسرائيلية مستحيل، كما أنه لا يوجد هدف سياسى واحد لها، فهناك 3 أطروحات أساسية لأهداف الحرب فى غزة. لافتًا إلى أن أطروحة «نتنياهو» تتمثل فى القضاء على حماس وغزة منزوعة السلاح وإقناع الفلسطينيين بتبنّى ثقافة غير معادية لليهود، وهى 3 أهداف مستحيلة فى واقع الأمر.

ولفت إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلى طرح أيضًا فيما يتعلق بإدارة مدنية للقطاع بقوات متعددة الجنسيات تقودها الولايات المتحدة. لافتًا إلى أن الطرح الثالث يتبناه تيار اليمين المتطرف داخل حكومة إسرائيل الذى يقوم على فكرة التهجير الطوعى.

 إطالة أمد الحرب 

وأضاف: إن التقارير التى تصدر من مجلس الحرب الإسرائيلى عن الصراعات داخله والتى تصل أحيانًا إلى الاشتباك بالأيدى بين قياداته يزعزع الثقة فى قدرة هذه الحكومة على إدارة الأزمة والصراع، كما أن هناك تصاعدًا على المستوى الشعبى لتيارات رفض الخدمة العسكرية، وهذه مسألة تمثل تحديًّا بالنسبة لإسرائيل. مشيرًا إلى أن الأجيال الجديدة وقوات الاحتياط لم تخضع لتدريب ميدانى يؤهلها لخوض معركة بهذا الشكل، وهذا يفسر حجم الخسائر الكبيرة من قِبَل إسرائيل، وحالة الهلع والفزع المتردية فى كثير من قطاعات المجندين الإسرائيليين؛ وبخاصة قوات الاحتياط.

وأشار إلى أن الهدف الأساسى لبنيامين نتنياهو هو إطالة أمد الحرب لحين إجراء الانتخابات الأمريكية؛ لأنه يراهن على مجىء «ترامب» للبيت الأبيض؛ حيث إنه يعتقد أنه سيتحرر من القيود، ويفلت من العقاب. 

الرأى العام الأمريكى والضغط على بايدن 

قال الدكتور أشرف سنجر خبير السياسات الدولية، إنّ الرأى العام فى الولايات المتحدة الأمريكية يضغط على إدارة الرئيس الحالى چو بايدن؛ حيث يرى الأمريكيون أن بلادهم شاركت فى أزمات دولية مثل الحرب الأوكرانية، وبالتالى كان يجب أن يكون هناك اتساق بين ما حدث فى أوكرانيا وغزة. مضيفًا: «هذا الاتساق يدفع بايدن للضغط على بلينكن الذى تعطلت طائرته أثناء عودته من دافوس إلى أمريكا واضطر إلى البقاء فترة، وبايدن ربما يحتاجه بسرعة فى محاولة لتحديد سياسة خارجية مهمة».

وأضاف «سنجر»: إن بلينكن قال فى دافوس إنه يجب تطبيق حل الدولتين لأن قيام دولة فلسطينية سيدعم إسرائيل، وهذه هى الأزمة الكبرى التى تعانى منها الإدارة الأمريكية فى مواجهة الشعب الأمريكى؛ خصوصًا أن الأمريكيين يهتمون بالأدوار الإنسانية، وبخاصة بعد ادعاء الممثل القانونى لإسرائيل بأن مصر لم تسهل وصول المساعدات إلى غزة. مؤكدًا أن وصول المسئولة الأممية إلى مطار العريش ونقلها شهادة عينية واضحة أمام كاميرات العالم نقطة مهمة جدًا لدحض الادعاءات الإسرائيلية الباطلة ومحاولة شد الحبال مع دولة مركزية مهمة مثل مصر.

العقلانية والتعامل مع الأزمة الفلسطينية 

وأشار إلى أن الشعوب العربية تقودها العاطفة، والتعامل مع الأزمة الفلسطينية وغزة يحتاج إلى درجة كبيرة من العقلانية، مثلًا، من المتوقع أن يكون للعرب فى ميتشجان تصويت مهم جدًا فى الانتخابات المقبلة؛ حيث قرروا التصويت ضد بايدن ولن يصوتوا لترامب؛ لأنه إن فاز فى الانتخابات سيكون هذا أمرًا أسوأ للقضية الفلسطينية.

 تعاطف الأمريكان مع القضية الفلسطينية 

وأكد «سنجر»، أن المرأة الأمريكية فى قياسات الرأى العام كانت أكثر تعاطفًا مع القضية الفلسطينية من الرجل، وهذه نقطة مهمة لأن الأمهات يشكلن عقول الأبناء فى السنوات المقبلة. متابعًا: «نستطيع القول بأن الأمريكيين أو الرأى العام الأمريكى فى السنوات المقبلة سيكون له تأثير كبير على حل القضية الفلسطينية».

وتابع: إن بايدن طلب الاجتماع بقادة الحزبين الجمهورى والديمقراطى من أجل تسهيل المساعدات لإسرائيل؛ لأنه يرى أن الشعب الأمريكى منقسم بشأن دعم إسرائيل وآخرين متعاطفون مع القضية الفلسطينية، وأرى أن بايدن سيكون آخر رئيس فى البيت الأبيض حتى لو جاء أى رئيس جمهورى يقدم الدعم اللا محدود لدولة الاحتلال.

وواصل: «فى تصورى، الأمريكيون يبلغون الإسرائيليين من الآن أنهم يجب عليهم العيش بسلام فى الشرق الأوسط وعدم معاداة مصر والانجرار إلى صراع مع دولة إقليمية كبيرة، وليس هناك حاجة لدخول صراع مع الأردن والتخلى عن سيناريوهات طرد الفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء أو الأردن».