الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الدحدوح والخنساء ودولاجى

الدحدوح والخنساء ودولاجى

ما الذى يجمع بين المراسل التليفزيونى الفلسطينى وائل الدحدوح الذى ينقل لنا على الهواء يوميا جرائم الاحتلال الإسرائيلى فى غزة، وبين الخنساء الشاعرة العربية المسلمة ودولاجى المصرية القبطية، الثلاثة ضربوا المثل فى  الصبر والصمود والإيمان بالعقيدة والقضية التى يدافعون عنها، لقد ابتلى الثلاثة فى أولادهم الذين استشهدوا ولكن إيمانهم لم يهتز وواصلوا مسيرتهم فأصبحوا مضرب الأمثال فى الابتلاء والصبر والصمود.. أحزان الدحدوح تماثل أحزان الخنساء ودولاجى، الأولى شاعرة عربية معروفة شهد لها فحول الشعراء العرب وبرزت موهبتها التى اعترف بها الجميع، واشتهرت برثاء أخيها صخر الذى قتل فى إحدى المعارك فى الجاهلية قبل الإسلام، وظلت تنعاه فى أشعارها زمنا طويلا، لم تنسه أبدا وظلت تبكيه لسنوات وأبكت معها العرب بمراثيها حتى جاء الإسلام وآمنت به، وحسن إسلامها وحثت أولادها الأربعة على الجهاد، فذهبوا إلى القتال مع جيش المسلمين ضد الفرس وفى موقعة القادسية استشهد الأربعة معا، وعندما جاءها الخبر وظن من يخبرها أنها ستفعل مثلما فعلت عند مصرع أخيها، إلا أنها قالت «الحمد لله الذى شرفنى باستشهادهم وأسأل الله أن يجمعنى بهم فى مستقر رحمته»، بالطبع حزنت، لكنها صبرت واحتسبت، فقد أصبحت صاحبة عقيدة تؤمن بها وقضية تدافع عنها، وهى هنا مثل دولاجى التى آمنت بالمسيحية فى زمن الاضطهاد الرومانى، قبض عليها هى وأولادها الأربعة وحاولوا إجبارها على العودة للوثنية وعبادة الآلهة التى يعبدها الحكام ولكنها رفضت بقوة، وعندما عذبوا أولادها أمام عينيها لإجبارها على التراجع تمسكت بعقيدتها أكثر وحثت أولادها على إعلان إيمانهم بالمسيح، ذبحوهم على ركبتيها  ولكن رغم الحزن عليهم لم تتراجع، كان قلبها يتمزق من أجلهم ولكن قلبها أيضا الملىء بالإيمان جعلها صابرة وتنتظر دورها فى فرح لأنها تضحى من أجل إيمانها، قتلوها ولكن ظلت ذكراها تتردد حتى اليوم، الدحدوح سار على نفس الطريق فى الصبر والصمود، وكثيرون يقولون كيف استطاع أن يتجاوز آلام فقد أولاده وزوجته على يد الصهاينة الطغاة ويواصل عمله ودوره فى فضح الجيش الإسرائيلى وما يرتكبه من جرائم ضد الإنسانية ضد أهالى غزة العزل، استشهد ابنه وابنته وحفيده وزوجته  وعدد من أقاربه بعد استهداف منزله بقذيفة، فدفنهم وعاد إلى عمله يرصد من خلال رسائله التليفزيونية أفعال المجرمين وينقلها للعالم ولولاه ومعه كل الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين لما عرف جميع المدافعين عن الإنسانية الوحشية والبربرية الإسرائيلية، وعندما استشهد بعد ذلك بأيام ابن ثانٍ له  دفنه ومسح دموعه وواصل معركته مع العدو، ظل قابضًا على كاميراته وميكرفونه كما يقبض الجندى على سلاحه رافضًا الاستسلام ومصرًا على مواصلة الجهاد، أى قوة تلك التى امتلكها؟ وكيف استطاع تحمل كل هذه الأحزان؟ ومن أين جاءته القدرة على مواصلة الحياة والعمل؟ هذا الرجل يؤمن بقضية بلاده ويؤمن أكثر أنه يؤدى عملاً مهما من أجل وطنه السليب، ولهذا فان تضحياته بأولاده لن تذهب سدى.



يعلم الدحدوح أنه هدف للإسرائيليين وقد استهدفوه بالفعل بقذائفهم الملعونة فاستشهد زميله المصور التليفزيونى سامر أبو دقة ونجا هو، خرج الدحدوح من غزة للعلاج بجهود مصرية قطرية وحتما سيعود ليكمل رسالته وهو يعرف أنه مشروع شهيد، ولكنه يؤمن أن بلاده ستنتصر، ونحن متأكدون من ذلك النصر طالما هناك أمثاله  صامدين، أتمنى وأدعو أن يعيش الدحدوح حتى يرى بنفسه أن تضحياته لم تذهب سدى  ويشاهد علم بلده يرفرف على الأراضى الفلسطينية وفى المحافل العالمية، وهو أمر سيحدث إن آجلاً أو عاجلاً  فلم تذهب تضحيات للأوفياء والصادقين فى أى زمان ومكان هباء، والتاريخ شاهد على ذلك، استشهد أولاد الخنساء فصبرت وانتشر الإسلام فى كل العالم وانتهت إمبراطورية الفرس، واستشهدت دولاجى وأولادها ولكن المسيحية انتصرت وانتشرت فى كل العالم  وذهب الطغاة الوثنيون بغير رجعة، أيضا سينتصر الدحدوح ويحقق آماله، وسيعيش إن شاء الله فى وطن حر ويومها ستختلط دموع حزنه على أولاده بدموع الفرح، أما الآن فالدحدوح يرفع هو وكل الفلسطينيين الأحرار شعار لا وقت للحزن.