الجمعة 5 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تحديات الأمن الغذائى فى 2023 .. التوسع الأفقى لزيادة الرقعة الزراعية أهم المحاور لتدعيم سياسة الاكتفاء الذاتى وتقليل الفجوة

رغم التحديات الكثيرة التى أثرت فى منظومة الأمن الغذائى حول العالم، والتى استمرت لعام 2023، وجعلت الكثير من دول العالم تقع تحت وطأة الأزمات الغذائية بما فى ذلك ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، واضطراب سلاسل التوريد، والتغيرات المناخية. إلا أن مصر تمكنت من تحقيق تقدم ملحوظ فى هذا الملف وذلك بفضل الجهود المبذولة من قِبل الحكومة المصرية والتعاون مع شركاء التنمية الدوليين.



 

فلقد أعطت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بملف الزراعة حيث تم تطوير القرى المصرية وتوابعها تحت مظلة مشروع حياة كريمة، كما أطلقت الدولة ممثلة فى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عددًا من المبادرات القومية والتى تأتى فى صالح المزارعين، وضمان زيادة الإنتاجية، وزيادة دخل المزارعين. جاء على رأسها المبادرة القومية لتطوير وتحديث منظومة الرى فى مليون فدان فى الأراضى الجديدة وفى مساحة حوالى 3.7 مليون فدان فى الأراضى القديمة من خلال برنامج تمويلى قوى، بالإضافة إلى العمل على التوسع فى زراعة الأصناف المحصولية قليلة الاحتياجات المائية وتنفيذ الممارسات الزراعية الموفرة للمياه. كما تم تدشين المشروع القومى لتطوير قصب السكر من خلال زراعة القصب بالشتل من خلال البدء فى إنشاء محطتى كوم أمبو ووادى الصعايدة بطاقة إنتاجية حوالى 200 مليون شتلة سنويًا وبتكلفة حوالى أكثر من 2 مليار جنيه.

التحول الرقمى

وفى ضوء اهتمام الدولة بالتحول الرقمى فى المؤسسات المختلفة، قامت الوزارة بالعمل على التوسع فى منظومة التحول الرقمى والزراعة الذكية والذكاء الاصطناعى بإطلاق العديد من الخدمات الرقمية (20 خدمة) والانتهاء من منظومة كارت الفلاح، وإطلاق المنصة الزراعية الإلكترونية، فضلًا عن ميكنة خدمات الحجر الزراعى وربط الموانئ المصرية بالمعامل لتقديم الخدمات بشكل رقمى.

كما تم التوسع بشكل أفقى بزيادة الرقعة الزراعية من خلال مشاريع قومية عملاقة تستهدف التوسع فى القطاع الزراعي، وذلك لتدعيم سياسة الاكتفاء الذاتى وتقليل الفجوة، إضافة إلى الجهود والبحوث والدراسات المتعددة الجوانب. كما تم تشجيع المزارعين على زيادة مساحات المحاصيل والتوسع فى تربية المواشى وزراعة الدواجن والأسماك بتسهيلات ودعم غير مسبوق علاوة على العمل بجدية لتقليل الفاقد وزيادة الإنتاج بكافة الطرق وإدخال نظم زراعية جديدة وطرق حديثة. 

ومن ناحية أخرى اتجهت الدولة بكافة طاقاتها بتنمية الريف من خلال مشروع «حياة كريمة» والتى قدمت عددًا من المشاريع لتطوير الريف المصرى ورفع مستوى صغار المزارعين والمربين وكان من بينها المشروع القومى لإعادة إحياء البتلو، ومشروع مراكز تجميع الألبان الذى استهدف تطوير 826 مركز تجميع ألبان وإدراجها ضمن مبادرة البنك المركزي، ومشروع الثروة الداجنة والذى يُعد من الصناعات الواعدة وتم تحقيق الاكتفاء الذاتى منه وهناك فائض للتصدير، وأيضًا مشروع حماية الثروة الحيوانية وتحسين الماشية من خلال تحسين سلالات الإنتاج الحيواني، وأيضًا تنفيذ قوافل بيطرية مجانية فى كل محافظات الجمهورية لعلاج المواشى بمعدل 2970 قافلة بيطرية، وكذلك زيادة الطاقة الإنتاجية للقاحات البيطرية من 120 مليونًا إلى 2 مليار جرعة سنويًا. 

ملف الأمن الغذائى

وفى هذا الإطار أوضح د.أشرف كمال أستاذ الاقتصاد الزراعى أن ملف الأمن الغذائى خلال الأعوام الماضية كان فى قلب اهتمامات الدولة المصرية قائلًا: «لقد قامت الدولة بجهود ضخمة فى اتجاه تحقيق الأمن الغذائى منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 2014 وتم ذلك من خلال استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة المحدثة 2030. وتشتمل محاور تلك الاستراتيجية على محورين رئيسيين أولهما محور التوسع الأفقي، وثانيهما محور التوسع الرأسى. 

يأتى هذا جنبًا إلى جنب مع مشروعات الإنتاج الحيوانى وأهمها مشروع البتلو الذى قدم أكثر من 7 مليارات جنيه ائتمانًا وخاصة لصغار المزارعين بفائدة لا تتجاوز %5 استفاد منه 41 ألف مستفيد و400 ألف رأسًا من الماشية، وتم إطلاق مشروع كارت الفلاح الذى وفى بمستلزمات الإنتاج للمزارع خاصة للأسمدة التى تحدث بها اختناقات فى هذا السياق. 

الصادرات الزراعية

أما بالنسبة للصادرات الزراعية فلقد كانت قصة نجاح بالكامل هذا العام حيث تجاوزت الصادرات 6 ونصف مليون طن، وتم فتح أسواق جديدة فى أستراليا ونيوزيلندا والصين واليابان وشيلى وجنوب إفريقيا، والعديد من الأسواق. واحتلت مصر المرتبة الأولى فى تصدير الموالح عالميًا بعد أن كانت إسبانيا تحتل تلك المرتبة تقليديًا.

أما بالنسبة للتحديات التى تواجه التنمية الزراعية فإن أهم هذه التحديات هى الزيادة السكانية لأننا دائمًا ننظر لنصيب الفرد سواء من الأرض الزراعية أو من المياه أو من مختلف المجموعات الغذائية، أما عن التحديات الخارجية التى بدأت بأزمة كوفيد 19 مرورًا بأزمة سلاسل الإمداد انتهاء بأزمة الحرب الروسية الأوكرانية. ومن التحديات الداخلية التى تُحيط بالزراعة المصرية التفتت الحيازى الذى يعوق تطبيق الأساليب التكنولوجية الحديثة، ويعوق عمليات التسويق بشكل كبير، وتواجه مصر تلك التحديات بشكل كبير من خلال محورى التوسع الأفقى والتوسع الرأسى فضلًا عن تحدى التغيرات المناخية الذى تتم مواجهته عن طريق استنباط الأصناف الجديدة وتطوير المعاملات الزراعية، وتغيير مواعيد الزراعة بحيث تتلاءم مع تلك المتغيرات، بالإضافة إلى الوقاية من الأزمات الخارجية من خلال تنويع مصادر استيراد القمح وأضيف إليها من ضمن تلك المناشئ بلغاريا ورومانيا فضلًا عن أستراليا وفرنسا حتى لا نضع البيض كله فى سلة واحدة. 

وعن مستقبل الأمن الغذائى المصرى فى ظل الأوضاع العالمية يقول د.محمد على فهيم مستشار وزير الزراعة إن الأمن الغذائى لكى يتحقق لأى دولة له أربعة محاور وهى أن تكون السلع الغذائية متاحة ومستدامة وتكون فى متناول الناس وصحية وسليمة « وعندما ننظر لملف الأمن الغذائى المصرى سنجد أن المحاور الأربعة تتحقق. ولا تتعلق الإتاحة وفقًا لمفهوم الأمن الغذائى على منتجات محلية أو مستوردة؛ ولكن تتعلق بتوفرها للجماهير. 

ولكن بسبب استيراد جزء كبير من السلع من الخارج يجعلنى ذلك مرتبطًا بالسوق العالمية للغذاء والتى تتمثل فى مصر فى منتجات الحبوب والسكر والزيوت؛ وبالتالى فإن أى مشكلة تحدث فى العالم تؤثر على الداخل وهو ما حدث خلال كوفيد 19 وخلال الأزمة الروسية الأوكرانية. لأننى أقوم باستيراد كمية من القمح والذرة الصفراء والفول الصويا واللحوم الحمراء؛ وبالتالى بدأت الدولة فى العمل على تحقيق قدر مريح من الاكتفاء الذاتى وهو قلب الأمن الغذائى فأنا لن أستطيع تحقيق اكتفاء ذاتى كامل من القمح أو الزيوت؛ ولكن يكون لديّ قدر كافٍ يحمينى من الدخول فى الأزمات حال حدوث أزمة عالمية كالسابق ذكرها.

 والمحور الثالث وهو يتعلق بالمياه، حيث قامت الدولة ببناء 3 محطات معالجة مياه ضخمة ومجمل المحطات الثلاث تقوم بإنتاج إجمالى 15 مليون متر مكعب يوميًا وهو سيكون مصدرًا للمياه لضخها فى المناطق المستصلحة الجديدة كمصدر مهم جدًا للمياه دفعت فيه الدولة عشرات المليارات لبناء تلك المحطات. 

فيمكن القول أن كل الإجراءات التى تقوم بها الدولة من التوسع الرأسى واستنباط أصناف مقاومة للمناخ وإعادة تأهيل البنية التحتية التى تُوصّل لمناطق الاستصلاح وكل محاور الطرق التى تقوم بها الدولة أدت لحدوث استقرار نسبى فى ملف الأمن الغذائى. فرغم حالة الغلاء فى بعض السلع إلا أن مجمل ملف الأمن الغذائى فى مصر هو ملف استطاعت الدولة حمايته وإبعاده عن الفجوات الكبيرة، وهو ما يأخذ مجهودًا كبيرًا جدًا من الدولة ويُعرضها لدفع مخصصات أكبر من الموازنة الخاصة بها للحفاظ على هذا الملف وحمايته.