الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«لبلب» غزة و«شمشون» إسرائيل

«لبلب» غزة و«شمشون» إسرائيل

فى إبريل عام 1952 وقبل ثورة 23 يوليو بثلاثة شهور عرضت دور السينما فيلمًا بعنوان «شمشون ولبلب»، ويحكى عن شاب مجتهد يملك مطعمًا فى حارة، ويفاجأ ذات يوم بفتوة يفتتح كازينو ويريد أن يسرق منه الزبائن ويستولى على خطيبته، ورغم ضعف بنيته مقارنة بشمشون العملاق القوى يتصدى له ويتحداه أن يصفعه على وجهه سبع مرات، وإذا لم يستطع أن ينفذ وعده يترك مطعمه، وإذا تمكن منه يترك شمشون الكازينو والحارة، ويستطيع لبلب بالحيلة والذكاء أن يحقق تهديده ويضرب الفتوة البلطجى على وجهه «سبعة أقلام»، وبعد عرض الفيلم اعترض اليهود المصريون على اسم شمشون لما له من دلالة دينية عندهم واحتجوا بأنه لا يجب أن يظهر رمز دينى بهذا الضعف والهوان والغباء، واستجابت الرقابة وتم سحب الفيلم من دور السينما، وتم عمل مونتاج لنسخ الفيلم حُذف فيه اسم شمشون ليصبح عنتر وتغير الاسم إلى «عنتر ولبلب»، وهى النسخة التى يتم عرضها على شاشات الفضائيات من وقت لآخر، الآن نشاهد منذ يوم 7 أكتوبر نسخة جديدة من الفيلم على الهواء مباشرة وتطبيقًا حيًا له بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلى، فقد استطاع الفلسطينيون توجيه سبع صفعات للمحتل الصهيونى المغرور بقوته وضربه «سبعة أقلام» على وجهه.



القلم الأول: تحطيم الصورة الذهنية عن المخابرات الإسرائيلية بأنها تعرف كل شىء وتخترق كل الأماكن والتنظيمات، وأنها بعد الخديعة التى تعرضت لها فى حرب أكتوبر 1973 استطاعت تطوير نفسها واستحدثت أنظمة جديدة تجعلها من أفضل أجهزة المخابرات فى العالم، ولكن فى يوم 7 أكتوبر وبعدما استطاع رجال المقاومة الفلسطينية الوصول إلى أماكن عسكرية مهمة واقتحامهم مستوطنات ومواقع للجيش والأمن الإسرائيلى  واستيلائهم على وثائق خطيرة وأسر العديد من الجنود ومن سكان المستوطنات اهتزت صورة الموساد وأجهزة الأمن الإسرائيلية وعرف العالم أنها لم تكن تدرى من الأمر شيئًا وأنها ليست بالقوة التى تروجها عن نفسها خاصة بعد فشلها فى الوصول إلى أسراهم واصطياد قادة حماس رغم مرور ما يقرب من ثلاثة شهور من العدوان على غزة.

القلم الثانى: نهاية أسطورة جيش إسرائيل الذى لا يقهر، فرغم هزيمته فى حرب أكتوبر 1973 فإنه بعدها تم الترويج له على أنه يملك أحدث الأسلحة وأنه واحد من أقوى الجيوش فى العالم، لكن رجال المقاومة وبأقل الإمكانيات والمعدات كبدوه خسائر كبيرة فى العتاد والجنود، وحتى الآن فشل هذا الجيش النظامى فى تحقيق أهدافه مكتفيًا بقتل المدنيين وتدمير المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس.

القلم الثالث: القضاء على مقولة إن الجندى الإسرائيلى هو الأفضل فى المنطقة وأنه الأذكى لأنه تلقى تدريبًا قويًا على أحدث المعدات وإنه يمتلك شجاعة كبيرة، فقد بدا هؤلاء الجنود مرتبكين وخائفين حتى إنهم قتلوا أسراهم الذين حاولوا الاستنجاد بهم، بل إن الذكاء الحقيقى ظهر فى الأكمنة التى تنصبها المقاومة للجنود الإسرائيليين واصطادت من خلالها عددًا كبيرًا منهم.

القلم الرابع: فشل مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين والذى حاولت إسرائيل تنفيذه من خلال الضرب المكثف وغير الإنسانى على غزة وارتكابها جرائم حرب غير مسبوقة حتى تجبر فلسطينى غزة على النزوح الجماعى، ولكن وقوف مصر ضد هذا المخطط ورفضها له وإصرار الغزاويين على البقاء فى أرضهم منع إسرائيل من الوصول إلى غرضها.

القلم الخامس: كشف الأكاذيب الإسرائيلية التى روجت لها بأن المقاومة قتلت الأطفال والشيوخ وبقرت بطون النساء الحوامل من الأسيرات، وهو ما اتضح زيفه وتزويره، وهو ما جعل الشعوب الأوروبية تغير موقفها الداعم للعدوان الإسرائيلى إلى رفضه والقيام بمظاهرات فى معظم الدول تندد بما تفعله إسرائيل وتعترض على دعم الحكومات لها، بل إن بعض هذه الحكومات الغربية بدأت ترفض ما يقوم به الجيش الإسرائيلى من جرائم ضد الإنسانية.

القلم السادس: كشف أكذوبة الدفاع عن حقوق الإنسان التى روج لها الغرب وأمريكا كثيرًا، واتضح خلال العدوان البربرى على غزة أنه وهم كبير ومقولات زائفة، وأن المقصود به المصالح وليست المبادئ، وهو ما سينعكس فى المستقبل على مصداقية هذه الدول إذا تحدثت عن الدفاع عن حقوق الإنسان.

 القلم السابع: عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخرى بعد سنوات من الخفوت وهو ما سيؤدى آجلاً أو عاجلاً إلى إيجاد حل لها والموافقة الدولية على حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين.

انتهى الفيلم الذى عرض من 71 سنة نهاية سعيدة بعودة الحق لأصحابه وهزيمة البلطجى، وهو ما سيحدث إن شاء الله فى الفيلم الحى الذى نشاهده الآن وسينتصر الفلسطينيون ويحققون مطالبهم العادلة.