الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الأمم المتحدة.. «إكرام الميت دفنه»

الأمم المتحدة.. «إكرام الميت دفنه»

فى اللحظة التى فشل فيها مجلس الأمن، الأسبوع الماضى، فى إصدار قرار بوقف الحرب على غزة، ماتت الأمم المتحدة إكلينيكيا ولم يتبق سوى الإعلان الرسمى عن وفاتها، أما سبب الوفاة فهو إصابتها بشلل تام فى كل أجهزتها أعجزها عن القيام بواجبها الذى أنشئت من أجله، حدث ذلك على أثر حادث بشع تسببت فيه أمريكا وأعوانها وعلى رأسهم بريطانيا وألمانيا بإصرارهم على قيادة العالم برعونة وحماقة وغطرسة، هذا ليس الحادث الوحيد الذى ارتكبته أمريكا وحليفاتها فقد سبقه عدة حوادث ولكن دائما كان هناك حرص على إبقاء الأمم المتحدة على قيد الحياة، ولكن حادث غزة الأخير جعلها بلا حول ولا قوة وفى عداد الأموات، فقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ضد مشروع قرار طرحته الإمارات العربية لوقف فورى لإطلاق النار لأسباب إنسانية فى الحرب على غزة، حيث صوّتت 13 من الدول الـ15 الأعضاء فى المجلس لصالح مشروع القرار، مقابل معارضة امريكا وامتناع بريطانيا عن التصويت، وحاول أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة استخدام سلطاته وصلاحياته فاستند إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التى تتيح له «لفت انتباه» المجلس إلى ملف «يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر»، فى أول تفعيل لهذه المادة منذ عقود، ولكن أمريكا برفضها جعلت صلاحيات الأمين العام مع وقف التنفيذ وقالت للعالم كله «أنا الأمم المتحدة والأمم المتحدة أنا»، أتحكم فيها وأقودها كما أشاء وأستصدر منها القرارات حسب إرادتى ورغباتى حتى لو تعرضت مع مصالح العالم كله، ولأن جوتيريش البرتغالى الجنسية والذى تولى منصبه الدولى فى يناير 2017 وجددت ولايته فى يونيو 2021 حاول أن يمارس واجبه الوظيفى ومهامه الإنسانية فقد واجه بسبب ذلك حملة ضارية من أمريكا وإسرائيل اللتين كالتا له الاتهامات وطالبتاه بالاستقالة، وهو ما يذكرنا بما فعلته أمريكا مع الدكتور بطرس غالى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة حين أصرت بمفردها على عدم التجديد له بعد ولايته الأولى لأنه أصدر تقريرا يدين إسرائيل لارتكابها عمدا مذبحة قانا عام 1996 فى جنوب لبنان والتى راح ضحيتها 106 من المدنيين، أمريكا تسيطر على قرارات مجلس الأمن وهى المتحكمة فيها وتغل يده عن اتخاذ أى قرار لا يرضيها وحتى ولو صدر قرار من الجمعية العمومية ضد إرادتها فإنها تحول دون تنفيذه لأن الجمعية ليس لها قوة وفاعلية وصلاحيات مجلس الأمن ما يعطل الأمم المتحدة وأجهزتها عن القيام بواجبها الذى أنشئت من أجله حيث حدد ميثاقها مقاصد عملها وهى حسب نص المادة الأولى:



 -1 حفظ السلم والأمن الدولى، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ التدابير المشتركة الفعّالة لمنع وإزالة الأسباب التى تهدد السلم، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولى لحل أو تسوية المنازعات الدولية التى قد تؤدى إلى الإخلال بالسلم.

2- إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذى يقضى بالمساواة فى الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم.

3- تحقيق التعاون الدولى على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.

4- جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة.

ونصت المادة 2: تعمل الهيئة وأعضاؤها فى سعيها وراء المقاصد المذكورة فى المادة الأولى وفقاً ‏‏ للمبادئ الآتية:

1- تقوم الهيئة على مبدأ المساواة فى السيادة بين جميع أعضائها‏.

2- لكى يكفل أعضاء الهيئة لأنفسهم جميعاً الحقوق والمزايا المترتبة على صفة العضوية يقومون ‏بالالتزامات التى أخذوها على أنفسهم بهذا الميثاق.

3- يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولى عرضة للخطر.

4- يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً فى علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى لأية دولة أو على أى وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.

5- يقدّم جميع الأعضاء كل ما فى وسعهم من عون إلى «الأمم المتحدة» فى أى عمل تتخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع.

6- تعمل الهيئة على أن تسير الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم ‏والأمن الدولى‏.

7- ليس فى هذا الميثاق ما يسوغ «للأمم المتحدة» أن تتدخل فى الشئون التى تكون من صميم السلطان الداخلى ‏لدولة ما، وليس فيه ما يقتضى الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن ‏هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة فى الفصل السابع.

هذه هى المقاصد التى أنشئت هيئة الأمم المتحدة من أجل تحقيقها وطالما عجزت الأمم المتحدة عن القيام بها فلا فائدة من استمرارها، ولهذا من الواجب أن تتحلى الدول بالشجاعة وتعلن نهاية النظام الدولى الذى تكون بعد الحرب العالمية الثانية والذى تم على أساسه إنشاء الأمم المتحدة، هى ماتت اكليكينيا ولا أمل فى شفائها وعودتها والأوقع إعلان وفاتها والإسراع بدفنها فإكرام الميت دفنه.