الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
سيناريوهات إفساد الذوق العام

سيناريوهات إفساد الذوق العام

«إفساد الذوق العام»، هو الاتهام السريع الجاهز الذى يطلقه النقاد الجادون ضد صانعى الأفلام الهابطة من مؤلفين ومخرجين وممثلين.. ورُغم أن المُصطلح مطاط فليس هناك ما يُسمَّى بالذوق العام؛ حيث إن رواد السينما هم مجموعة متنوعة متنافرة من البشر مختلفى الأعمار والأجناس والثقافات والاتجاهات والميول والعادات والأذواق، فإنه من الملاحظ أن الأفلام ذات الطابع السوقى والمبتذل تنجح نجاحًا جماهيريًا كبيرًا وتحقق إيرادات ضخمة.. كما أنه من الملاحظ أنه حينما يستشرى الفن الهابط.. يتعود الناس تدريجيًا على القبح.. تحكى ذلك أقصوصة من التراث الصينى القديم عن موسيقار شهير كان يعزف على قيثارته القديمة فلمح ثورًا منهمكًا فى أكل العُشب فأخذ يعزف له بعض الألحان.. إلا أن الثور ظل منهمكًا فى الأكل وكأنه لم يسمع شيئًا.. فما كان من الموسيقار إلا أن عزف ألحانًا تشبه طنين البعوض وخوار البقر.. ولم تكد الألحان تتصاعد حتى انتبه الثور مسترقًا السمع بعمق وتركيز واستمتاع.. أى أنه فى ظل غياب الجَمَال يمكن أن يعتاد الناس على القبح حتى يتصوره جَمالًا.. وأنا أوافق الشاعر الكبير «فاروق جويدة» حينما قال فى مقال له إن الفن الهابط أصبح له جمهوره.. ونشأت أجيال كاملة على هذا الإنتاج السيئ.. وبعد المياه الملونة التى تسربت للنهر فى غفلة منّا.. وجدنا أنها اجتاحت مَجرى النهر كله.



ولأنه فى البدء كانت الكلمة فإن السيناريو هو المسئول الأول فى الأفلام الهابطة عن جريمة إفساد الذوق العام.. والسيناريست هو ذلك الفنان المسئول عن البناء الدرامى والحوار.. ورسم الشخصيات وتأليف الأحداث وإنشاء الصراع للفيلم.. ونظرًا لأن البناء الدرامى فى هذه الأيام آيل للسقوط؛ حيث إنه مخالف للمواصفات فقد أصبحت مهنة كتابة السيناريو مجرد صنعة وليست فنًا من الفنون الراقية التى تحتوى على مجموعة من الفنون الأخرى مجمعة كالفن التشكيلى والتصوير والأدب الروائى والقصة القصيرة والمسرح والشعر والديكور.. ولقبت بالفن السابع لذلك.. وتخضع للموهبة والإلهام وللدراسة الأكاديمية المتخصّصة والثقافة العامة والشاملة التى تضم مناهج علم النفس والاجتماع وفلسفة الجَمال والنقد.. وأصبحت نهبًا لتجار الإنتاج.. والتوزيع وأسطوات الورش الفنية وصبيانهم الأرزقية من الفهلويين والمشهلاتية وسمكارية الإفيهات القبيحة التى يسمونها كوميديا ويرفعون شعارات «سَقّع وبيع» و«اقلب وقلب» و«قرّب واستغرب» وهم المنوط بهم إفساد الذوق العام وانتحار الجَمال وسيادة القبح بجدارة وامتياز.