الأزهر: أبشع الذكريات فى التاريخ الإنسانى الحديث وينبغى حماية حقوق الشعب الفلسطينى ذكرى تقسيم فلسطين تاريخ نضال شعب
صبحى مجاهد
ذكرى تقسيم فلسطين تحل كل عام فى التاسع والعشرين من شهر نوفمبر وفق إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977، للاحتفال فى 29 نوفمبر من كل عام باليوم الدولى للتضامن مع الشعب الفلسطينى وهو نفس اليوم الذى صدر فيه عام 1947 تقسيم فلسطين برقم (القرار 181) باعتماد من الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وتشير سجلّات الأمم المتحدة إلى فرحة الصهاينة الذين حضروا جلسة الأمم المتحدة بقرار التقسيم. وإلى هذا اليوم، تشيد كتب التاريخ الإسرائيلية بأهمية الـ29 من نوفمبر 1947.
وقد نص القرار على أن تُنشأ فى فلسطين «دولة يهودية» و«دولة عربية»، مع اعتبار القدس كيانًا متميزًا يخضع لنظام دولى خاص. ومن بين الدولتين المقرر إنشاؤهما بموجب هذا القرار، لم تظهر إلى الوجود إلا دولة واحدة هى إسرائيل.
وفى هذا العام تأتى تلك الذكرى لتؤكد للعالم تاريخ نضال شعب من أجل الحصول على حق تقرير مصيره، وإعلان دولته المستقلة، فعلى الجانب الفلسطينى أصدرت حركة الجهاد الإسلامى فى فلسطين بيانًا عاجلًا بشأن ذكرى اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى، ونشرته عبر صفحتها على تليجرام قائلة: «نحيِّى كل أحرار العالم الذين تضامنوا مع شعبنا الفلسطينى فى وجه العدوان الهمجى ضد قطاع غزة، وأن المظاهرات التى جابت مدن العالم رفضًا للمجازر الوحشية والتطهير العرقى كان لها أثر كبير فى تعزيز صمود أبناء شعبنا».
وأضافت الحركة: «إننا نشيد بكل مظاهر التضامن مع شعبنا الفلسطينى ونثمِّن غاليًا هتافات تحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها، ونذكر العالم بأن يوم 29 نوفمبر يصادف ذكرى صدور قرار تقسيم فلسطين فى العام 1947».
وتابعت: «شكَّل ذلك القرار المشؤوم عنصرًا أساسيًا فى مأساة شعبنا، ومنح المشروع الصهيونى الهادف إلى سرقة أرضنا غطاء من هيئة الأمم المتحدة، ومهد الطريق أمام نكبة شعبنا فى العام 1948».
وحذرت الجهاد الإسلامى فى بيانها قائلة: «إن العدوان النازى الهمجى الذى يشنه الكيان ضد شعبنا فى قطاع غزة، والهجمات التى يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى والمستوطنون ضد شعبنا فى الضفة الغربية والقدس، والتضييق على شعبنا فى المناطق المحتلة فى العام 1948، هى سلسلة من مشروع واحد يهدف إلى طرد شعبنا من أرضه، وإفراغ فلسطين من أهلها، تنفيذًا لنكبة ثانية».
كما طالبت حركة الجهاد الإسلامى من الشعوب العربية والإسلامية، وأحرار العالم، والمؤسسات الإنسانية والحقوقية، والأحزاب والقوى الإسلامية والعلماء والمثقفين، بالتضامن مع شعبنا الفلسطينى بكل الإمكانات المتاحة، وفضح ممارسات الاحتلال والتصدى لمخططاته، وبذل كل الجهود الممكنة لنصرة فلسطين وشعبها.
من جهته، أعلن الأزهر الشريف أنه يذكِّر العالم كله بذكرى مريرة هى ذكرى تقسيم فلسطين، مؤكدًا أنها ستظل أسوأ الذكريات وأمرّها فى التاريخ الإنسانى الحديث، وأنها تأتى هذا العام فى ظروف شديدة الألم والقسوة عانى منها ولا يزال يعانى الشعب الفلسطينى ولأكثر من 50 يومًا من إبادة جماعية وتهجير قسرى، ومنع الغذاء والدواء والمياه، وقطع الكهرباء والإنترنت، واستهداف المدنيين فى المستشفيات والمساجد والكنائس وأماكن إيواء النازحين، وقتل لأكثر من ستة آلاف طفل وأكثر من خمسة آلاف امرأة.
وفى هذه الذكرى، جدَّد الأزهر عهده بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينى، فى دفاعه عن قضيته وقضيتنا وقضية أحرار العالم، مطالبًا بتسليط الضوء على وحشية الكيان الصهيونى المحتل، الذى اعتاد على اغتصاب الأرض، وتمرس على البطش بأصحابها الأبرياء، ضاربًا بالقوانين والأنظمة والمواثيق الدولية عُرضَ الحائط، وصامًّا آذانه عن أى صوت يطالب بوقف هذه الأفعال الإجرامية فى حق الشعب الفلسطينى.
وشدَّد الأزهر على أنه قد حان الوقت لكل أصحاب الضمائر الحيَّة وأحرار العالم أن يتحدوا لإنهاء أسوأ وأطول احتلال عرفه التاريخ الحديث، وتسخير الجهود من أجل رفع المعاناة عن الفلسطينيين، وقيام دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، موجهًا التحية للشعوب الحرة من اليهود والمسيحيين والمسلمين وغيرهم ممن خرجوا للتعبير عن رفضهم القاطع لممارسات الكيان الصهيونى تجاه الفلسطينيين، وتكثيف الجهود من أجل إنهاء العدوان وفك الحصار، مطالبًا الجميع بزيادة جهود الإغاثة واتخاذ جميع التدابير الكفيلة بحماية الشعب الفلسطينى ودعم صموده المشروع.
آلام غزة وذكرى التقسيم
وأكد مرصد الأزهر فى ذكرى تقسيم فلسطين أن اليوم الدولى للتضامن مع الشعب الفلسطينى يأتى بعد أكثر من 50 يومًا شهد خلالها أهلنا فى غزة عملية إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًا ممنهجين راح ضحيتهما نحو 14 ألف شهيد، شكل الأطفال والنساء 70 % منهم، بخلاف آلاف المصابين والمفقودين تحت الأنقاض وذلك تحت مرأى ومسمع العالم، ورغم المحاولات الصـهيونية للتغطية على المجـازر المرتكبة فقد تكشف للجميع وحشية ودموية الكيان المحتل.
وشدد المرصد قائلًا: «لم تكن غـزة وحدها المستهدفة، فالضفة الغربية والقدس استُهدفتا أيضًا بحملات اعتقال وقتل وتدمير وانتهاك واضحة، لقد كان المخطط الصـهيونى يشمل جميع الأراضى الفلسطينية المحتلة لم يترك مكان دون إراقة الدماء فيه وبث الذعر بأسلحته الفتاكة.
واختتم قائلًا: «إن الحق الفلسطينى ليس يومًا نحييه ونتذكر ما مر بهذا الشعب الأبى من مآسٍ ومجـازر راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين، إنه حق طال انتظار حسمه منذ عشرات السنوات، حق لا خلاف على مصداقيته، فالمطالع للكتب والخرائط القديمة التى يعود تاريخها قبل عام 1948 يجد اسم فلسطين محفورًا ونابضًا بها.
كما نشر مرصد الأزهر قصصًا لفلسطينيات مناضلات من بينهن الشهيدة دلال المغربى (1958-1978م) والتى ولدت عام 1958م، فى مخيم اللاجئين «صبرا» قريبًا من بيروت، من أم لبنانية وأب فلسطينى ممن لجأوا إلى لبنان عقب نكبة عام 1948. حصلت على الابتدائية من مدرسة «يعبد» والإعدادية من مدرسة «حيفا»، وكلتا المدرستيْن تابعتان لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين فى بيروت. ولم تكمل «دلال» دراستها لتحصل على شهادة البكالوريا.
وأوضح المرصد أن الشهيدة «دلال» بدأت نشاطها فى تنظيم الثانويات الذى قاده على أبوطوق -سياسى وقائد عسكرى فلسطيني- وأصبحت ضمن الكتيبة الطلابية ما بين سنتَى 1975م، و1977م. شاركت فى العملية العسكرية المعروفة بـ«عملية كمال عدوان» فى المنطقة الساحلية بين مدينتى «حيفا»، و«تل أبيب»، فى 14 مارس 1978م، والتى أسفرت عن مقتل (36) صهيونيًّا. وقد ظهر «إيه.ود ب.اراك»، أحد الذين تصدوا لمقاتلة مجموعة عملية «كمال عدوان» فى صورةٍ بالقرب من جثمان «دلال المغربي» وهو يَشُدُّها أمام كاميرات المصورين.
ووفقًا لمرصد الأزهر: «تركت عملية «كمال عدوان» أثرًا عظيمًا، وأصداء واسعةً محليًّا، وإقليميًّا، ودوليًّا. وأثارت جدلًا بين الجيش والشرطة الصهيونية بشأن تحديد المسئولية عن نجاح أفراد المجموعة الفدائية فى الوصول إلى الطريق الدولى بين «حيفا»، و«تل أبيب»، واحتجاز رهائن إسرائيليين. وعندما وصل خبر العملية إلى الحى الذى تقطن فيه عائلة «دلال المغربي»، صُدم الجميع بالخبر، لأن «دلال» لم تكشف مطلقًا عن الجانب العسكرى فى حياتها، ولم تظهر أبدًا الزى العسكرى فى حيِّها. وقد خلَّفت «دلال المغربي» وراءها وصية بخط يدها، جاء فيها: «وصيتى لكم جميعًا أيها الإخوة حملة البنادق تبدأ بتجميد التناقضات الثانوية، وتصعيد التناقض الرئيسى ضد العدو الصهيونى، وتوجيه البنادق؛ كل البنادق نحو العدو الصهيونى، واستقلالية القرار الفلسطينى تحميه بنادق الثوار المستمرة لكل الفصائل».
عروبة فلسطين
دار الإفتاء المصرية من جهتها اعتبرت أن ذكرى تقسيم فلسطين توجب نشر الوعى بالقضية الفلسطينية، مطالبة بضرورة توعية الشباب العربى والمسلم بجذور القضية الفلسطينية وبعروبة فلسطين الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ.
فيما أشاد الدكتور شوقى علام -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم- بالدَّور المحورى الرئيس الذى تضطلع به مصر بقيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بشأن القضية الفلسطينية والمساندة الدائمة لجميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد مفتى الجمهورية بمناسبة اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى، الذى يوافق 29 نوفمبر من كل عام، أنَّ مصر -انطلاقًا من مسئوليتها التاريخية والحضارية والإقليمية والدينية- لم ولن تتخلى، ولو للحظة واحدة، عن القضية الفلسطينية وعن الدفاع عن حق الشعب الفلسطينى الحر فى المقاومة من أجل استرداد أرضه ومن أجل الحياة فى أمن وسلام وطمأنينة كما يحيا سائر شعوب العالم.
ودعا المفتى المجتمع الدولى بجميع هيئاته ومنظماته والأحرار من العالم إلى تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للشعب الفلسطينى من أجل استعادة جميع حقوقه المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وقال مفتى الجمهورية: «إن المسلمين لديهم الكثير لكى يقدموه لهذه القضية المصيرية، وذلك بأن تتحول محبتنا للقدس الشريف إلى برامج عمل تتوجه إلى وجدان المسلم قبل غيره، فدائمًا ما تكون أزمتنا فى المقام الأول أزمة وعى وفَهم، فلا بد أن تعود القدس لمكانتها المستحقة فى وعينا وفى ثقافتنا العربية والإسلامية من خلال مناهج التعليم والثقافة والتربية».
وحذَّر من استمرار مخططات الكيان الإسرائيلى للتهجير القسرى للشعب الفلسطينى، إضافةً إلى تهويد مدينة القدس المحتلة والأراضى الفلسطينية، وتغيير معالمها، وطمس هُويتها الحقيقية فى إطار محاولاته المستمرة لفرض الأمر الواقع، كما دعا إلى ضرورة توعية الشباب العربى والمسلم بجذور القضية الفلسطينية، وبعروبة فلسطين الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ، وعدم التخلى مطلقًا عن قضية الأمة الإسلامية والعربية حتى يحصل الشعب الفلسطينى على جميع حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
الوعى بالقضية الفلسطينية
من جهته دعا الدكتور إبراهيم نجم ، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، إلى ضرورة العمل على نشر الوعى الصحيح بالقضية الفلسطينية وشرح أبعادها الحقيقية للجماهير ودعم دور الدولة المصرية بقيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، فى نصرة القضية الفلسطينية؛ لتحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطينى من حرية وكرامة وعودة إلى أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وثمّن الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم فى اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى والذى يوافق 29 نوفمبر من كل عام، الدور الرائد والكبير الذى يقوم به السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بشأن القضية الفلسطينية والمساندة الدائمة لجميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى والوصول لهدنة وقف الاعتداءات فى قطاع غزة والعمل على تحقيق الاستقرار والأمن بالمنطقة انطلاقا من دور وثقل الدولة المصرية فى المنطقة والعالم.
ودعا الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، المجتمع الدولى بجميع هيئاته ومنظماته والأحرار من العالم إلى تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للشعب الفلسطينى من أجل استعادة جميع حقوقه المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
كما دعا إلى ضرورة استمرار حملات التوعية بجذور القضية الفلسطينية، وبعروبة فلسطين الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ، وعدم التخلى مطلقًا عن قضية الأمة الاسلامية والعربية.







