الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
البابا شنودة يوصى البابا تواضروس بفلسطين

البابا شنودة يوصى البابا تواضروس بفلسطين

مع بداية صوم الميلاد المجيد وتزامنه مع استمرار العدوان الإسرائيلى على غزة وقيام إسرائيل مدعومة من أمريكا والغرب بحرب إبادة ضد الفلسطينيين، هل يعيد البابا تواضروس تطبيق قرار البابا شنودة بمنع سفر الأقباط إلى القدس؟، وهو القرار الذى اتخذه البطريرك الراحل بعد الاعتداءات الإسرائيلية على الأماكن المقدسة فى فلسطين واستيلائها على دير السلطان المملوك للكنيسة المصرية ومنحه للإثيوبيين، القرار ما زال قائما ولم يتم إلغاؤه حتى الآن ولكن لم يعد يطبق بجدية ووصل الأمر إلى قيام بعض الأبرشيات بالإعلان عن رحلات حج وسفر بعض الأساقفة إلى القدس، ولعل ما يدفعنا لهذا التساؤل عدة أسباب: أن هذه الأيام وما بعدها إلى عيد القيامة تكثر فيها زيارات الأماكن المقدسة، بجانب أن الاعتداءات الكبيرة والغاشمة واللاإنسانية على الفلسطينيين تستلزم موقفا جادا وكبيرا ومؤثرا يكون له صدى كبير عالميا خاصة بعد استهداف الكنائس ومنها كنيسة للروم الأرثوذكس تعد ثالث أقدم كنيسة فى العالم، ولهذا فإن إحياء تنفيذ قرار البابا شنودة سيكون أبلغ رد على من يحاول التشكيك فى وطنية الكنيسة وهو أمر لا يشكك فيه إلا مغرض أو جاهل، ولكنه يحتاج فى بعض المواقف إلى تأكيد، فالحقيقة أن كنيستنا القبطية كانت ضد الصهيونية وإسرائيل عن قناعة دينية، حيث تعددت الدراسات من كبار رجال الكنيسة فى هذا الشأن، وأبرزها المحاضرة التى ألقاها البابا شنودة فى نقابة الصحفيين فى ديسمبر 1971 وجاءت بعد اعتلائه كرسى البابوية بقليل وكانت بعنوان «المسيحية وإسرائيل» وهى المحاضرة التى طبعتها نقابة الصحفيين وقتها ووزعتها على نطاق كبير، وقال البابا فيها: «اليهود فى الواقع مروا على ثلاث مناطق: مصر، وشبه جزيرة سيناء، وفلسطين، مصر بالنسبة لليهود كانت أرض عبودية، وسيناء بالنسبة لهم أرض متاهة وأرض عبور وأرض فناء وعقوبة، أما فلسطين بالنسبة إليهم فكانت مسكنا مؤقتا كمعزل دينى».



وشرح البابا ما فعله اليهود ووضعهم بعد مجىء المسيحية «بصعوبة كبيرة استطاعوا أن يحتفظوا بالإيمان بعد فترات مريرة مرت بهم عبدوا فيها الأصنام هم أنفسهم وتركوا الله فى أوقات كثيرة وكان الله يقودهم ويحاول أن يحتفظ بالإيمان الذى فيهم وليس بهم شخصياً، ثم جاءت المسيحية وتسلمت ما عند اليهود من وديعة، الكتب المقدسة، العقائد، الرموز، الطقوس الدينية، الإيمان ذاته، وبعد ذلك انتهى دور اليهود كمجموعة تحمل الإيمان فى وقتنا الحاضر، وأصبح الإيمان بوجود الله فى كل ركن من أركان الأرض».. ويرد البابا على مقولة الإسرائيليين بأن فلسطين أرض الميعاد بالنسبة لهم قائلا: «لم يعد من المعقول ولا من الممكن أن نجمع المؤمنين بالله من أرجاء العالم كله ومن كل القارات لكى نضعهم فى أرض معينة، فكرة المعزل الدينى استوفت وقتها وانتهت لأنه من الممكن أن نعزل مجموعة قليلة بعيداً عن الغالبية الوثنية، لكننا لا نستطيع أن نعزل العالم كله بعيدا عن قلة من اليهود، فانتهت فكرة المعزل الدينى الذى بسببه وضع الله هؤلاء الناس فى الأرض، ولم تعد هناك حكمة من وجود أرض يقبع فيها اليهود أو غير اليهود»، ويفند البابا مقولة شعب الله المختار قائلا «انتهت فكرة الشعب المختار من الله، كان قد اختار اليهود فى القديم ليحملوا الإيمان ليس بسبب كونهم يهوداً، وإنما بسبب أنهم كانوا المجموعة الوحيدة التى تعرف الله ماعدا قلة متفرقة فى جهات أخرى، أما الآن فأصبح الشعب المختار هو من يؤمن بالله، فكلمة المختارين معناها المؤمنين، فالمختارون هم المؤمنون لأنه من غير المعقول أن يرفض الله كل من يؤمن به ويقول لكل المؤمنين فى الأرض لا أعرفكم، أنا لا اعرف إلا اليهود، هذا كلام غير منطقى، الله ليس عنده محاباة، سبحان الله جل اسمه عن الانحياز، الله هو إله الكل، الكل خليقته ورعيته وصنعة يديه، وهو إله لجميع الشعوب على الأرض»، ولم يكن ذلك موقف البابا شنودة وحده ولكن كان موقفا جماعيا للكنيسة المصرية وقادتها، ويحصى الدكتور غالى شكرى فى كتابه «الأقباط فى وطن متغير» عددا من الدراسات التى كتبها آباء الكنيسة فى نفس الموضوع مثل محاضرة أخرى ألقاها البابا شنودة أيضا فى نقابة الصحفيين عام 1966 وكان وقتها أسقف التعليم وكانت بعنوان «إسرائيل فى رأى المسيحية»، وثلاث دراسات للأنبا غرغوريوس أسقف البحث العلمى «إسرائيل فى الميزان من منظور مسيحى» و«الكنيسة ومزاعم إسرائيل السبعة» و«الكنيسة وقضايا الوطن والدولة والشرق الأوسط»، وكتب الأنبا يؤانس أسقف الغربية المتنيح «إسرائيل حقيقتها ومستقبلها» ونشر الأب متى المسكين «ما وراء خط النار.. القوى المعنوية والإلهامات المنبعثة من المعركة الأخيرة»، كما أن هناك العديد من الدراسات الأخرى التى تتخذ نفس الموقف كتبها علماء لاهوت وعلمانيون أقباط، وتوجت هذه الكتابات بقرار منع الحج طالما ظلت القدس تحت الاحتلال الصهيونى وطالما ظل المسلمون يقاطعون زيارة القدس، وهو ما صرح به البابا شنودة أكثر من مرة بأنه لن يذهب إلى القدس إلا ويده فى يد شيخ الأزهر، هذه الدراسات ومعها كتابات ومؤلفات أخرى لمفكرين مسيحيين هى بمثابة وصية من البابا الراحل إلى البابا الحالى وإلى جميع المسيحيين بنصرة فلسطين وأهلها، وهى أيضا تدعونا لطرح السؤال هل يعيد البابا تواضروس قرار منع سفر الأقباط للقدس إلى الحياة مرة أخرى؟