الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مسلسل جديد يطرح فكرة مميزة: صوت وصورة.. الفارق بين الحقيقى والزائف

فى عالم تختلط فيه الحقيقة بالزيف، أصبحنا لا نعرف حق المعرفة ما هى الحقيقة وراء كل موقف وكل شخص يمر بحياتنا، وأين الزيف داخل كل كلمة تتردد على مسامعنا، وكم غطاء وجه يرتديه من يتعامل معنا، من منهم الحقيقى ومن المزيف.



ولكن ما هو أكثر رعبا ويعتبر جديدًا على مجتمعاتنا ويهدد حياة كل من تطأ قدماه الأرض، هو الذكاء الاصطناعى وتحديدا الوجه القبيح منه أو ما يسمى بالـ «deep fake» وهو تركيب وجه شخص على جسد آخر أو تركيب كلام بصوت شخص لم يردده يوما أو ڤيديو كامل لا أساس له من الصحة، رعب حقيقى يعيشه العالم بأسره يهدد أمن واستقرار الجميع.

هذه هى الفكرة الجديدة والمميزة التى تناولها مسلسل (صوت وصورة) الذى يُعرض على قناة dmc ومنصة watch it، فقد تناول فكرة الحقيقة والزيف ليس فقط فى عالم الذكاء الاصطناعى لكن أيضًا فى عالم الذكاء البشرى، فالصوت يمكن أن يكون صوتًا آخر والصورة ليست صورتك الحقيقية، بل صوت من كلام وأفكار وصورة من رسم البراءة والطيبة لا يمتون لحقيقتك بصلة، بل للحقيقة التى تريد إيصالها بالزيف.

 

مسلسل (صوت وصورة) تأليف «محمد سليمان عبد الملك» وإخراج «محمود عبد التواب» ويعتمد فى الأساس على مبدأ التعرية، تعرية كل ما هو زائف، فكرة تم تناولها فى إطار حبكة الكشف فهناك جريمة قتل وقعت وأصابع الاتهام تطول كل الشخصيات تقريبًا، ولذلك فكل حلقة تكشف جزءًا بسيطًا من حقيقة ما يحدث ومعها تشك أنت كمُشاهد مع شخصيات العمل فى أن كلاً منهم من الممكن أن يكون هو القاتل. ولذلك تصبح مُشاهدًا مشاركًا فى الأحداث، تفكر وتحلل مع شخصياته وتربط خيوط الأحداث ببعض وتسير مع كل خط درامى لكل شخصية لنهايته حتى تعرف الحقيقة، مما يزيد من اندماجك مع الأحداث وبالطبع تتعاطف مع شخصية دون الأخرى فيتحول العمل الفنى لمباراة رياضية تنتظر أن يفوز فيها الفريق الذى تشجعه وذلك يعتبر قوة فى كتابة أحداث المسلسل يُحسب للمؤلف، والذى إلى جانب ذلك اهتم بشكل مُبدع برسم الشخصيات الرئيسية جسمانيًا ونفسيًا. 

فإذا تحدثنا عن شخصية «رضوى» التى تُجسد دورها «حنان مطاوع» سنجد ملامحها ومظهرها الخارجى يعكس بالفعل حياتها البسيطة ومشاكلها المعقدة، حيث ظهرت شاحبة الملامح لا تضع أى مساحيق تجميل، ملابسها بسيطة تعكس الطبقة التى تنتمى إليها، كما أن لغة الحوار لديها تحمل كلمات كثيرة لا تخرج إلا من تلك الطبقة، ناهيك عن نفسيتها فهى فى حالة صدمة منذ بداية الأحداث سواءً من أقرب الناس لها أو من الظروف التى أوقعتها فى تلك المأساة التى تواجهها بمفردها مع صراعها الداخلى بين «رضوى» البريئة الطيبة وبين «رضوى» الصلبة الساعية لتحقيق أكبر المكاسب من تلك الظروف القاسية، وذلك يأخذنا للشخصية الأخرى التى تعتبر الند لها وهى شخصية «نيرمين» التى تجسد دورها «نجلاء بدر» وعلى النقيض من «رضوى» ظاهريا فقط تراها امرأة ثرية تهتم بمظهرها وبالشكل الاجتماعى لبيتها وزوجها وأولادها أكثر من أى شىء آخر، فهى لا تبحث عن الحقيقة ولكن عن غطاء لامع للواقع سواء كان حقيقة أو زيفًا، لكن داخليًا هى تشبه «رضوى» فى براءتها وطيبتها فهى أيضا تريد أن تعرف حقيقة ما يحدث ولكن ليس بشرط الاعتراف به، وأيضا شخصية «لطفى عبود» الذى يجسد دوره «صدقى صخر» وهو المحامى الذى اعتزل المهنة لفترة بسبب تعرضه للظلم، فتراه فى بداية الحلقات منعزلاً ومُحبطًا وحزينًا لكن مع تصاعد الأحداث يتحول لشخصية كلها طاقة وحماس للوصول للحقيقة والدفاع عن الحق أو بالأحرى الأخذ بالثأر ممن تسبب فى ظلم له، أما شخصية «وافى» الذى يجسد دوره «عمرو وهبة» فهو مثال على التلاعب بين الحقيقة والزيف فبعيدًا عن كونه متخصصًا فى الذكاء الاصطناعى وتقنية الـ«deep fake» فيحوّل بها الزيف إلى حقيقة، لكنه أيضًا يُتقن التلاعب فى الواقع فيُدخلك كمُشاهد فى تيهة من أمره هل هو بالفعل «وافى» أم «خادع» لمن حوله، وشخصية «عبدالغنى» الذى يجسد دوره «صبرى فواز» شكلا هو شخصية بسيطة تعانى الفقر والعوز فترى ملابسه مهلهلة يُطلق لحيته ويبدو على ملامحه البؤس والتعب أما موضوعا فهو ضعيف الشخصية بعيد كل البعد عن مواصفات الرجل الحقيقى الذى يمثل السند لأهل بيته وفى نفس الوقت يرى نفسه ضحية من حوله وهنا هو يخادع نفسه قبل الآخرين فعقله يخدعه ويزيف له حقيقته، أما شخصية ضابط المباحث التى يجسدها «رامى الطمبارى» فهو الضابط الذى تجتمع عنده كل خيوط الأحداث والخطوط الدرامية المختلفة للشخصيات فبخلاف كونه يحاول الوصول للحقيقة ويحل لغز الجريمة، يعيش صراعًا نفسيًا آخر لا يستطيع تقبل التكنولوجيا الحديثة المتمثلة فى الذكاء الاصطناعى والتعايش معها على أنها الواقع الجديد للمجتمع مع خوفه الشديد على شقيقته الصغرى من مخاطر تلك التكنولوجيا.

وكما سردنا كل تلك الشخصيات لها جوانبها المختلفة الظاهرية منها والداخلية، صراعات وتيهة وحزن وضعف مع تظاهر بالعكس، حالات إنسانية لا يستطيع تجسيدها سوى مواهب حقيقية تُصدق وتشعر بكل كلمة وتعيش كل موقف داخلها قبل تجسيده على الشاشة، فمن أقوى عناصر هذا العمل الفنى الأداء التمثيلى ومعايشة الشخصية لتخرج صادقة وبالتالى تصل بكل ما تحمله من مشاعر وأفكار للمشاهد.

وهنا نؤكد أننا أمام عمل فنى حقيقى وليس مزيفًا بصوت مسموع صادق وصورة حقيقية تبقى فى الأذهان.