مدير مركز خبراء «رياليست» الروسى تحدث لـ«روز اليوسف» د.عمرو الديب: الرئيس السيسي يقبض على «جمرة نار» بشجاعة فى أزمة غزة
قال د.عمرو الديب، مدير مركز خبراء رياليست الروسى والأستاذ فى جامعة لوباتشيفسكى الروسية، إن الرئيس «السيسى» يقبض على «جمرة نار» بشجاعة فى أزمة غزة، يظهر ذلك فى أكثر من جانب مسئولية واضحة بين قيادته الجيش والشعب فى مهمة حماية سيناء من أى مخطط، ومواجهة المحاولات الواضحة التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بجانب العبء الإنسانى بإنقاذ أطفال غزة من عجلة الإرهاب الإسرائيلى، وسط ضمير عالم ميت.
وأوضح «الديب»، فى حوار مع «روزاليوسف»، أن المخطط واضح ضمن إعادة ترسيم الشرق الأوسط، ومن ضمن فصول هذا المخطط نقل سكان غزة إلى خارج القطاع، وليس الهدف تصفية القضية الفلسطينية فقط أو تهديد الأمن القومى المصرى، ولكن هناك مصالح اقتصادية بين بعض الدول وإسرائيل تنفذ مستقبلًا بتفريغ القطاع، مشددًا على أن اشتراط القاهرة استمرارية إدخال المساعدات مقابل خروج أجانب عبر معبر رفح، يؤكد أن العامل الإنسانى فى غزة يحمل الأهمية الكبرى بالنسبة لمصر.
فى البداية.. إلى أى مدى كانت وما زالت مصر هدفًا فى هذه الأزمة؟
- إذا نظرنا إلى مكان وقيمة مصر فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط والمنطقة العربية، نتيقن بشكل سريع أنها دائمًا مستهدفة كدولة وكجيش، الوحيدة التى استطاعت كدولة بجيشها ومؤسساتها الخروج من أزمة ما أطلق عليه «الربيع العربى» الذى نتج عنه انتهاء جيوش عربية كانت قوية، بداية مع الجيش العراقى مع الألفية الجديدة، وتأثرت دول بشكلها وهيئتها مثل سوريا وليبيا واليمن وأخيرًا السودان، لذلك فإن مصر وحدودها التى لم تتغير على مر التاريخ هى هدف مستمر والخطط الغربية التى تنفذها إسرائيل بشكل حصرى دائمًا ما تستهدف الأمن القومى المصرى لتحقيق أهداف رأينا جزءًا منها بين 2011 حتى 2013، وملحقات ذلك، خريطة الشرق الأوسط تتغير ومصر تحافظ على حدودها، ولكن ما هو حول الحدود الأربعة أراض «مشتعلة»، وهذا ليس صدفة، الجيش المصرى هو الوحيد القوى فى مواجهة المخططات، لا يمكن فى هذه المنطقة بكل تحدياتها أن نجد جيشًا ولو يضاهى حتى نصف قوة الجيش المصرى لذلك الجيش والحدود هدف لخطط غربية وإسرائيلية.
كيف ترى إدارة مصر كقيادة ومؤسسات لعملية استهداف غزة فى هذه المرحلة؟
- رأينا وسمعنا الموقف المصرى، الرئيس عبد الفتاح السيسى تحدث عن أن الهدف نقل سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء، والقيادة تعلم أن الخطة لا تستهدف قطاع غزة ولكن تستهدف سيناء، منذ بداية حكم الرئيس السيسى عام 2014 نجد سيناء مستهدفة، فكان إطلاق العملية العسكرية لمكافحة الإرهاب فى سيناء، وتكرر المخطط فى أكتوبر 2023 بالحديث بشكل مباشر بأن سيناء الهدف لنقل سكان غزة، سيناء منطقة أمن قومى بمصر وهى المنطقة الأهم أيضًا تاريخيًا فى عقل القادة الإسرائيليين الذى يريدون السيطرة على هذه البقعة الغالية، حاولوا فى 1956، ثم السيطرة عليها لمدة 6 سنوات منذ عام 1967، لتكون المواجهة والنصر والعمل على استرجاعها بعد 6 سنوات بفضل تكاتف الشعب مع الجيش، لذلك القيادة المصرية تعلم تمامًا أن الهدف سيناء، والآن عبر طريق تصفية القضية الفلسطينية، والرئيس السيسى يقبض الآن بيديه بكل شجاعة على «جمرة نار».
«جمرة نار».. ما المقصود هنا بهذا الوصف؟
- نعم.. «جمرة نار»، ولكن المهم أن الشارع على وعى بالأزمة، يقف مع قيادته، «جمرة النار» هنا نجدها فى أن الرجل يتحمل مسئولية لا يتحملها بشر هو ورجاله من الجيش المصرى وأجهزته على كافة المستويات، مهمة حماية الأمن القومى فى تهديد غير مسبوق بهذه الفجاجة، يقود مع شعبه مهمة حماية سيناء وعدم تصفية القضية الفلسطينية التى هى مسئولية على عاتق مصر الكبرى وإنقاذ أطفال غزة المستهدفين بترسانة عسكرية لا مثيل لها وسط ضمير عالم ميت، إذا قارنا الموقف المصرى مع كافة الأطراف التى لا أريد أن أطلق عليها أطرافًا فاعلة فى هذه الأزمة، مصر هى الدولة الوحيدة التى تقبض على الجمر بأيديها ولا أحد يريد على الأقل حل هذه الأزمة التى إذا أرادت دول بالمنطقة حلها فهى تستطيع لما لها من علاقات قوية للغاية مع إسرائيل والغرب فى شكل «مصالح»، وما يمكن وصفه بـ«دلال» وقوة فى العلاقات مع تل أبيب والغرب، تستطيع على إثره إيقاف هذه الأزمة ولكن لا أحد يريد إيقاف هذه المجازر التى تتم من جانب الجيش الإسرائيلى، وإذا نظرنا لكل لحظة لمؤتمر قمة السلام الذى عقد بالعاصمة الادارية بالقاهرة، نعرف حجم المسئولية والشعور بالخطر على وجه الرئيس السيسى، هو الوحيد الذى يتحرك ويقدم المساعدات ويريد حل هذه الأزمة، وهو الوحيد المستهدف، فلا توجد أراض مستهدفة فى المنطقة لدولة أخرى مثل الأراضى المصرية، قيادة تعانى على المستوى النفسى لما تتعرض له من حقائق قصف وحشى يطول الأطفال فى قطاع غزة وتحاول الإنقاذ والإغاثة وتحريك ضمير العالم، وتقف وتفكر تحت ضغط فى الدفاع على حدودها وأراضيها وسط خطط استهداف للخروج عن السيطرة، تهم عدة توجه لمصر عبر منصات من دول لا تقدم واحدًا فى المليون مما تقدمه مصر، ولم تقدم قطرة دم مما قدمته مصر فى عدم تصفية القضية الفلسطينية بشكل عام عبر عقود، وتحرير الأراضى المصرية والعربية من إسرائيل منذ 1948 حتى الآن، لذلك مصر بالفعل فى موقف لا تحسد عليه، ولكن القيادة السياسية والشعب قادرتان على مواجهة كل تلك الأخطار، مصر وجيشها «حجر العثرة» أمام كل المخططات.
يجب أن نقف هنا أمام التفاعل الجماهيرى التام مع القيادة السياسية والأجهزة المصرية من اليوم الأول على الرغم من أن الخفايا جميعها غير معلومة للشارع؟
- خرجت بروباجندا سلبية من الإعلام الإخوانى ولكنها فشلت، وبعض مخططات قنوات عربية أيضًا كانت لها أدوار أخرى، تستخدم ما هو نقيض بأن مصر لا تقوم بدورها، فشلوا سريعًا لأن الشارع المصرى كان شريكًا وعلى علم بكل ما يدور بالموقف من جهود من جانب قيادته وأجهزته، مصر الوحيدة التى تتحدث عن إدخال المساعدات، ومع قطع الاتصالات فى قطاع غزة من جانب إسرائيل كانت هناك حلول من الداخل المصرى لتوصيل صوت الشعب الفلسطينى، كل ما نراه يؤكد أن هذه الدولة وشعبها يقف بجانب القضية الفلسطينية، أكثر من 100 مليون قوة غير طبيعية بالشرق الأوسط ويريدون تقليل الثقة بالنفس داخل هذا الشعب، ولكنها محاولات تفشل فى ظل وعى الشعب بالقيادة التى هى على قدر المسئولية التاريخية والجيش الذى له كل الاعتبار والمكانة.
تحدثت من قبل أن مصر لم تتعامل فقط مع حماية أمنها القومى ولكن صدرت فى الصورة وضع الإنسان الفلسطينى فى غزة وفضح ما يتعرض له.. كيف كان ذلك؟
- بالفعل، القيادة والشعب يتألمون ويشعرون ويصدرون الصورة بكل الأشكال، من المؤكد فى تصرفاتهم ومجهوداتهم لدعم القضية الفلسطينية وإنقاذ أطفال غزة وأهلها من المدنيين مما يتعرضون له، وهو ما انعكس على وجوه المسئولين بشكل واضح وعلى رأسهم الرئيس السيسى، مسألة أزمة غزة جزء لا يتجزأ من وجداننا كعرب، والشعب يقدم كل ما يستطيع بعيدًا عن الحديث عن الأمن القومى الذى هو مصان فى مصر يدافع عنه رجال حقيقيون فى جميع الأجهزة وفى مقدمتهم الجيش المصرى.
كيف ترى أثر تهديد السلم الدولى وليس الشرق الأوسط فقط بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم مرة أخرى؟
- تهجير سكان غزة إلى أى مكان أمر غير مرتبط بالشرق الأوسط ولكن إعادة رسم الخريطة الدولية، النقاط الساخنة فى العالم حاليًا عديدة منها أوكرانيا، بحر البلطيق، القطب الشمالى، القوقاز، آسيا الوسطى، سوريا، العراق، ولذلك مخطط تهجير سكان غزة سيكون من خلاله تنفيذ مشاريع اقتصادية بين بعض الدول وإسرائيل، والوضع السكانى فى غزة يقف ضد تلك المشروعات، لذلك فإن نقل سكان غزة يأتى ضمن مصالح بين بعض الدول وإسرائيل، وهنا نحن أمام إعادة ترسيم للشرق الأوسط يستهدف كتلة تبلغ 2.5 مليون إنسان فى غزة، ستكون لذلك آثار كبيرة وناجحة للولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا ودول غربية فى مواجهة توازن مع روسيا، لذلك الحديث عن نقل أهل غزة ضمن ما يسمى إعادة ترسيم الشرق الاوسط، يكون له نتائج سلبية على روسيا والصين.
كلمة «بشرط» التى خرجت من القاهرة عند مطالبة الغرب بخروج أجانب من قطاع غزة بأن ذلك يكون مقابل إدخال المساعدات..كيف رأيت هذا المشهد؟
- كلمة «بشرط» تؤكد أن العامل الإنسانى فى غزة يحمل الأهمية الكبرى بالنسبة لمصر التى تقدم دائمًا يد العون للأشقاء فى ليبيا والسودان وقطاع غزة ليس ببعيد عن عقل الإدارة المصرية، وهذه الكلمة تؤكد أن القيادة المصرية ليست بعيدة أبدًا عن العامل الإنسانى الذى هو مرتفع فى درجته لدى مصر قيادة وشعبًا، لذلك رأينا المظاهرات الشعبية فى محافظات مصر، الدعم غير محدود، وبالتالى القيادة المصرية ليست بعيدة عن هذا الشعور، لذلك اشتراط مصر إدخال المساعدات بخروج أجانب من قطاع غزة كان تأكيدًا لمسئوليتها الإنسانية كقيادة مندمجة مع الشعب.
كيف ترى التفاهم بين القاهرة وموسكو فى هذه المرحلة لعدم الوصول إلى نكبة جديدة تصفى القضية الفلسطينية؟
- التفاهم المصرى - الروسى حاضر دائمًا بشكل وثيق فى العديد من الملفات، الملف الفلسطينى من أهم الملفات الذى تتواصل فيه القاهرة وموسكو، هذا التفاهم فى غاية الأهمية كمحاولة لإيقاف حالة الجنون التى يشهدها حاليًا قطاع غزة، إيقاف الآلة العسكرية الإسرائيلية لا تهدد قطاع غزة فقط، الاستغراب أين الدول الغربية التى تصدر الديمقراطية؟!، لا يقفون أمام هذا الجنون الذى يحمل مذابح ومآسى، رئيس وزراء إسرائيل يعلم أنه بمجرد إيقاف تلك الحرب سيتم محاكمته، لذلك يريد أن تطول هذه الحرب من أجل أن يحصل على انتصار زائف يبعده عن المحاكمة، وهنا سيكون الدور المصرى - الروسى رادعًا للقيادة العسكرية الإسرائيلية، والتعاون بين القاهرة وموسكو كثيرًا ما كانت له ثمار وإيجابيات، لاسيما فى الصراع العربى - الإسرائيلى .