شروط نجاح المقاطعة

 الكرة الآن فى ملعب المصنعين المصريين، فعقب عملية طوفان الأقصى والاعتداء الغاشم على غزة انتشرت دعوات مقاطعة المنتجات والسلع العالمية التى يدعم أصحابها ومنتجوها إسرائيل، ولقيت هذه الدعوات استجابة كبيرة وغير مسبوقة من الشعب المصرى، وبدأ المواطنون فى البحث عن بدائل مصرية لهذه المنتجات.. هذه المقاطعة لها مكاسب كثيرة إذا نجحت، فالحكومة ستستفيد منها لأنها ستقلل الاستيراد إلى حد كبير خاصة فى السلع التى تنتج دون أى مكونات مستوردة من الخارج مثل الصناعات الغذائية ومنتجات الألبان والمشروبات وغيرها، وهو ما يحافظ على الدولار داخل البلد، كما أنه سيزيد من الضرائب المدفوعة على أرباح المصانع نتيجة زيادة المبيعات، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة إذا توسعت المصانع فى إنتاجها ما يعنى حاجتها إلى أيدً عاملة أكثر، أما  أصحاب المصانع المصرية فهم المستفيدون الأوائل لو أحسنوا استغلال الفرصة، فيحققون هدفا وطنيا ويجنون من ورائها أرباحا كبيرة ربما لم يحصلوا عليها من قبل، ولكن هناك شروط لاستمرار ونجاح هذه المقاطعة وحتى لا يضطر المستهلك إلى العودة للمنتج الأجنبى على كره منه ورغما عنه اضطرارا وإجبارا.

أول هذه الشروط هى الجودة ولن أقول أنها تنافس المنتج الأجنبى فى جودته رغم أنه من المفترض أن تكون مثله وتتفوق عليه ولكن على الأقل ألا تكون رديئة تنفر المشترى منها وتجعله يبتعد عنها لذا يجب أن تتحقق فيها الاشتراطات والقواعد المطلوبة، وإذا كانت بعض المنتجات لا تتحقق فيها هذه الشروط فأمام منتجيها فرصة لإصلاح وضعها، مطلوب أيضا أن تكون مكونات المنتج مطابقة للمواصفات الصحية فى الصناعات الغذائية بمنتجاتها المختلفة، وينطبق نفس الكلام على المطاعم التى تبيع الفاست فود وهى الوجبات التى يقبل عليها الشباب بكثرة، ولدينا بالفعل مطاعم مصرية يمكنها أن تنافس محلات الوجبات ذات الاسم العالمى إذا اهتمت بالنظافة والخامات المستخدمة ولنا فى المطاعم السورية مثلا وقدوة، والأخيرة حققت نجاحا كبيرا بسبب اهتمامها بهاتين القاعدتين، ويرتبط ثانى الشروط بالسابق وهى الرقابة على المنتجات وتطبيق المعايير عليها وهو أمر يجب أن يقوم به أصحاب المصانع والمطاعم وكذلك الهيئات الرقابية المختلفة، ويتبع ذلك خدمات ما بعد البيع للسلع المعمرة فكثيرا ما يشكو المستهلك من عدم الاستجابة لشكواه من عيب فى الصناعة.. وهنا يأتى دور جهاز حماية المستهلك فى الرقابة وحماية حقوق المشترى من أى عيوب تظهر فى المنتج ويحقق فى الشكاوى المقدمة إليه بجدية وسرعة ما يجعل المستهلك يشعر بالاطمئنان وهو يشترى المنتج المصرى.

ثالث الشروط أن يكون سعر السلعة أرخص من مثيلها الأجنبى أو على الأقل لا تزيد عليه كما أنه لا يجب أن يفاجأ المستهلك بزيادة فى الأسعار دون سبب مقنع، مع ضرورة وضع السعر ومدة الصلاحية على المنتج بصورة واضحة وظاهرة منعا للغش والتلاعب، وعلى المنتجين أن يضعوا أمام أعينهم قاعدة: ربح قليل دائم خير من كثير منقطع، ويرتبط ما سبق بتوافر المنتجات فى كل الأماكن حتى يجدها المواطن بسهولة ويسر وهو ما يتطلب زيادة الإنتاج لسد حاجة الأسواق.

المقاطعة يمكن أن تكون بداية لوضع خطة تصنيع تشارك فيها الدولة بقوة من خلال تسهيل استيراد المواد الخام اللازمة للإنتاج وتيسير إجراءات التصنيع وإذا حدث ذلك وتحققت الشروط السابقة فستنجح المقاطعة وستؤتى ثمارها الوطنية وتعود بالخير على الحكومة والمصنعين والمواطنين.