طارق الشناوي
كلمة و 1 /2.. الحكاية ليست (سلام)!
تابعت مثلكم ردود الفعل على (السوشيال ميديا) بعد اعتذار الفنان محمد سلام فى اللحظات الأخيرة عن عدم السفر للرياض ضمن موسمها السنوى، للمشاركة فى بطولة مسرحية (زواج اصطناعى)، سلام اختار الحل الذى يتوافق مع قناعاته فهو يرى أن الدور الذى يلعبه فى الحياة، لا يتجاوز نكتة وهزار وفرفشة، وأنه لا يستطيع كإنسان تقديم ذلك بينما يجرى سفك لدماء أهالينا فى غزة، سلام وجد أنه لا يقدم شيئًا أبعد من نكتة، وأنه نفسيًا لا يستطيع أن يفعل ذلك.
قطعًا وجد صدى إيجابيًا، فى الوسائط الاجتماعية، مثلما مثلاً تعلن فنانة أنها تقدم فنًا ملتزمًا وترفض المشاهد الساخنة يؤيدها (السوشيال ميديا)، وهو يذكرنى بهذا النجم الذى كان قبل سنوات قلائل، فى كل رمضان يقدم مسلسلاً ثم يكتب على صفحته طالبًا من الجمهور ألا يشاهد المسلسل، وينصحه بالذهاب لأداء صلاة التراويح فى الجامع، رغم هذا التناقض الواضح، الذى يعلن عن نفسه، فلا أحد يسأله، لماذا يوافق أساسًا على بطولة مسلسل، ثم يحذر الجمهور من مشاهدته؟
تلك الآراء صارت تحتل عادة المركز الأول فى المتابعة، هل هى آراء صائبة أم أنها تعبر عن نظرة تحمل قدرًا لا ينكر من الدونية فى تقييم الفن؟!
ولو اقتربنا أكثر من محمد سلام، سنجد أنه بانسحابه المفاجئ وضع جميع زملائه فى مأزق، وكأنه الوحيد المتعاطف، مع القضية الفلسطينية، رغم أنه تعاطف سلبى، صوت بلا صدى، فما الذى سيجنيه أهلنا فى غزة، من هذا الانسحاب؟!
هل تعتقد عزيزى القارئ أن لا أحد من الفنانين فى اللحظة التى تقرأ فيها أنت هذه الكلمة لا يُشارك فى مسلسل أو فيلم كوميدى سيعرض قريبًا، هل تعتبره بلا مشاعر؟!
أنت شخصيًا، ألم يحدث لك يومًا أن تتلقى نكتة أو تلقى نكتة، ألم تفتح الراديو أو التليفزيون منذ كارثة غزة وشاهدت مسرحية كوميدية وضبطت نفسك تضحك، الدولة رسميًا أقامت الحداد لمدة ثلاثة أيام، وعادت كل الأغنيات والبرامج الخفيفة لكل الإذاعات والشاشات، حتى الحداد له توقيت زمنى لا يتجاوزه.
لو أن سلام اختار الحل الآخر وهو الإيجابية وسافر إلى الرياض وعرض المسرحية، وفى مشهد يرفع العلم الفلسطينى، أو يقف دقيقة حدادًا قبل العرض على أرواح الشهداء أو يتبرع بأجره، أو يتبرع بدمه، أليس هذا أكثر تأثيرًا على أهالى غزة من الانسحاب، ألا يمكن أن يصبح هذا الموقف دافعًا لآخرين لكى يفعلوا مثله ويوجهوا إلى غزة دعمًا بأجورهم أو بدمائهم.
تعودنا أن الفنان له دور، وفى عز الأزمات يلعب هذا الدور، هكذا رأينا مثلاً أم كلثوم وعبدالحليم، كل منهما يبدأ الغناء بأغنية وطنية وذلك فى أعقاب هزيمة 67 والحزن يسكن القلوب، إلا أنهما وفى نفس الوقت كانا يقدمان أغنيات عاطفية، ويوجهان الدخل للمجهود الحربى.
الانسحاب مهما كانت دوافعه أراه هو أسوأ الحلول، فلماذا صار عند البعض هو الحل الأمثل؟!.