السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
واهم من يظن أنه بعيد عن نيران مصر .. السيادة المصرية ليست مستباحة

واهم من يظن أنه بعيد عن نيران مصر .. السيادة المصرية ليست مستباحة

تشهد القضية الفلسطينية فى الوقت الراهن منعطفًا هو الأخطر فى تاريخها، وللمرة الأولى يتم استخدام إشارات واضحة بأن القضية الفلسطينية تتعرض للتصفية الآن، من خلال تفريغ الأراضى المحتلة من سكانها - أصحاب الأرض -، وتخييرهم إما الموت أو الرحيل. لطالما عكف الاحتلال الإسرائيلى على وضع مثل تلك المخططات على مدار تاريخ الصراع العربى - الإسرائيلى وكانت مصر تتصدى لها - وستتصدى حاليا - رافعة شعار أن الأمن القومى خط أحمر.



فلم يعد هناك مجال لتنفيذ مخططات قديمة فاسدة، فمصر تتحرك بحكمة وتريد أن يغلب صوت العقل لأن المنطقة لا تتحمل سيناريوهات جديدة.

 

قال الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد الطاهرى، رئيس تحرير مجلة روزاليوسف، خلال حواره مع الإعلامى أحمد أبوزيد عبر شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»: إننا تابعنا التصريحات بالغة الأهمية التي جاءت على لسان مصادر أمنية رفيعة المستوى، لعلها هى المرة الأولى التي يتم فيها استخدام «أن القضية الفلسطينية تتعرض للتصفية الآن»، وكان هناك أكثر من إشارة فى هذا التصريح.

وأضاف «الطاهرى»، إن الإشارة الأولى أننا أمام مخطط قديم فاسد سياسيًا وتاريخيًا، وأن هذا المخطط لطالما كان من أطروحات الاحتلال الإسرائيلى على مدار تاريخ الصراع العربى - الإسرائيلى، وكانت مصر تتصدى لهذا المخطط وستتصدى له أيضًا.

وأوضح: «هذا المخطط مبنى على فكرة تفريغ الأراضى الفلسطينية المحتلة من سكانها وأصحاب الأرض، وهذا الأمر ليس سرًا وانتقل من أن يكون قراءات فى غرف مُغلقة إلى أطروحات رسمية ودبلوماسية، وحدث عليه التفاف أكثر من مرة، وبدأ الأمر حين جرى الانسحاب الأحادى من قبل الاحتلال الإسرائيلى وبناء الجدار العازل، وحينها أعلن البعض داخل قطاع غزة أن القطاع حصل على استقلاله، وحرصت مصر حينها على تأكيد ثوابت القضية، وأن هناك دولة احتلال وعليها مسؤولية بألا يتحول هذا القطاع إلى سجن كبير، وكان لمصر دور رئيسى فى حكم محكمة العدل الدولية الخاص بالجدار العنصرى، المعروف باسم الجدار العازل».

مخططات فاسدة

وأكد الكاتب الصحفى أحمد الطاهرى، أن المشهد الحالى كارثى، لأن هناك عمليات تهجير قسرى تتم الآن لسكان قطاع غزة وعائلات بأكملها تركت منازلها فى مناطق متفرقة بغزة، ويتم تخييرهم بين إما أن تموتوا أو تتجهوا لأراضٍ غير أراضيكم.

وأوضح أن القاهرة واعية لهذا الأمر منذ اللحظة الأولى، وجاء ذلك فى إشارات كثيرة خلال تصريحات عن مصادر أمنية مصرية رفيعة المستوى، كان آخرها أن القضية الفلسطينية تشهد الآن مُنعطفًا هو الأخطر فى تاريخها، وأن هناك مخططًا واضحًا لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على تصفية الأراضى الفلسطينية من سكانها، وهناك بعض الأطراف تخدم مخطط الاحتلال وتمهد له مبررات الأمر الواقع لتزكية أطروحات فاسدة تاريخيًا وسياسيًا، عبر سعى الاحتلال لطرحها على مدار الصراع العربى- الإسرائيلى، بتوطين أهالى غزة فى سيناء، وهو الأمر الذي تصدت له مصر وستتصدى له.

هناك لعب بالنار فى الإقليم

ونوه «الطاهرى» بأن هناك بعض الإشارات التي تحتاج إلى تفسيرات، وإذا عدنا بالذاكرة إلى حرب غزة 2008 التي انتهت فى يناير 2009، فالولايات المتحدة حينها قدمت دعمًا مباشرًا لإسرائيل، كان من ضمن هذا الدعم قنابل مُحرم استخدامها دوليًا، وخرج هذا الدعم من إحدى قواعدها العسكرية فى الشرق الأوسط، تحديدًا من قاعدة العديد فى قطر، ولم ينفِ أحد هذا الكلام حينها.

وتساءل «الطاهرى»: «ما الداعى لإدخال منطقة شرق المتوسط الآن كأحد المسارح عندما يقال إن الدعم الأمريكى سيأتى من خلال التمركز فى منطقة شرق المتوسط، وهناك لعب بالنار يتم فى هذا الإقليم، وواهم من يظن أنه سيلعب بالنار مع مصر، وأنه سيكون بعيدًا عن مرمى نيران مصر».

ولفت إلى أن مصر تتحرك بحكمة وتريد أن يغلب صوت العقل هذا الطرح الإقليمى الذي لن يتحمله الأمن القومى العربى، الذي يتسم بقدر عالٍ من السيولة جرّاء اضطرابات وثورات جرت على مدار 10 سنوات، ما لبث أن اتحد مرة أخرى واستعاد مفهوم الدولة الوطنية.

سيناء خط أحمر

أضاف «الطاهرى»، إن الأمر لن يتوقف على قطاع غزة، وكل المؤشرات تقول إن هناك ميادين أخرى للمعارك والمواجهات المسلحة، فمن يرصد الأخبار ويتابع حركة السفر بمطار لبنان وهجوم المواطن اللبنانى على محطات الوقود بالأمس، ومن تابع كلمة مقتدى الصدر، قبل قليل، يدرك أن هناك حالة حراك إقليمى باتجاه سلبى للغاية.

وأكد أن القاهرة تنسق مع كل الأطراف وتريد وقف هذا التصعيد بأى شكل من الأشكال، وهناك تصريح ثابت للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نستعيده، وصدر إبان محاربة مصر للإرهاب فى سيناء، قاله آنذاك: «سيناء إما أن تكون بتاعة المصريين أو أموت»، لأنها قدس الأقداس فى مصر.

وأوضح «الطاهرى» أن المصالح الاستراتيجية المصرية لا يجوز المساس بها من قريب أو بعيد، وهناك موقف مصري ثابت جاء على لسان الرئيس السيسي عند تعطل حركة الملاحة بقناة السويس واستعادة الحركة بسواعد مصرية، إذ قال: «هناك من يلعب بالنار ويظن أنه سيكون بعيدًا عن نيران مصر إذا اشتعلت هذه النيران».

منعطف خطير

قال الكاتب الصحفى أحمد الطاهرى: «نريد تغليب صوت الحكمة والعقل، فالقضية الفلسطينية الآن تمر بأكبر منعطف خطير فى تاريخها».

وأضاف «الطاهرى» إن القضية الفلسطينية قضية عادلة، لكن هناك فرقًا شاسعًا بين الأسباب والمبررات وبين التداعيات والنتائج، فهذا هو درس الصراع العربى- الإسرائيلى من عام 1948 حتى الآن.

وتابع: «فمن قرار التقسيم حتى أول أمس كانت القضية الفلسطينية أمام الأمم المتحدة وأمام مجلس الأمن تُقدر بأنها قضية عادلة، واستخدم مندوب إسرائيل المقاطع المصورة التي تظهر إسرائيل وكأنها ضحية ويتم التعاطف الدولى لأول مرة داخل ساحة الأمم المتحدة مع سلطة الاحتلال، وهذا أمر لا يتحدث عنه أحد».

واستطرد: إن إسرائيل هى التي تحتل غزة ويتعامل البعض كأن مصر الآن هى التي تحتلها، «لما تطلع إحدى الفضائيات العربية أمس وتقول ما الذي يمكن أن تقدمه مصر لغزة»، ولا يتحدث أحد عن المسؤولية القانونية لدولة الاحتلال، ولا يتحدث أحد عن أهمية الضغط الدولى على سلطة الاحتلال لإيجاد ممرات إنسانية لتوصيل الدعم لأهلنا فى فلسطين وقطاع غزة، لكى يصمدوا ويرابطوا على أرضهم، ما يجرى الآن مخطط تهجير قسرى لأهلنا فى قطاع غزة وهو تصفية تامة للقضية الفلسطينية.

خلط الأوراق

قال رئيس تحرير مجلة روزاليوسف: إن الفلسطينيين رهائن الأمر الواقع، وما يجرى هو تهجير قسرى، ويخيرون بين الموت أو الخروج، وهناك تصريحات من قبل الاحتلال الإسرائيلى تم التلاعب بها ثم تم العدول عنها لكى تدفع فى هذا الاتجاه.

وأضاف «الطاهرى» إن مسألة القضية الفلسطينية تستخدمها بعض الجماعات الوظيفية، وهى جماعات الإسلام السياسى - جماعات وظيفية من حيث النشأة منذ أن أنشأ الاحتلال الإنجليزى جماعة الإخوان الإرهابية فى مصر- وتستخدم الشعور القومى الفطرى تجاه القضية الفلسطينية، والمشاعر الدينية ثم تخلط كل الأوراق.

وتابع: «من أكثر المشاهد المزعجة ربط كتائب إلكترونية بهذه الجماعة ما جرى يوم 7 أكتوبر بما حققته مصر يوم 6 أكتوبر 1973، فهذا الأمر يعمد إلى خلق ذاكرة موازية للشارع العربى والمصري، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن نضع فى كفة واحدة جيشًا وطنيًا نظاميًا أمام جماعة أو ميليشيا مسلحة حتى لو كانت تندرج تحت بند المقاومة أو أى بند آخر»، مؤكدًا أن الجيش المصري لا يلقى بخصومه من فوق أسطح المنازل ولا يرفع السلاح فى وجه أهله.

مصر حاضرة دائمًا

قال الكاتب الصحفى أحمد الطاهرى: إن القضية الفلسطينية تعانى والشارع الفلسطينى يعانى إحباطًا حقيقيًا أدركته مصر منذ سنوات، وعمدت الإدارة المصرية الحالية على خلق بارقة أمل للشارع الفلسطينى، وحشدت كل الدعم من أجل إعمار غزة وخلق الأمل لأهالى غزة، ونؤمن أن هناك إحباطًا فلسطينيًا، لكن لا يمكن أن يكون الحل هو تصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف «الطاهرى»، أن تصفية القضية راح أمامها شهداء من مصر ولم يقدم لها أى طرف إقليمى أو دولى ما قدمته مصر لها، ومن المستحيل المزايدة على دور مصر فى هذا الأمر.

وأوضح أن تاريخ مصر وواقعها وحاضرها هو ما يشهد لها على دورها فى القضية الفلسطينية، فمصر هى الطرف الأصيل، فالقضية لا يمكن أن تختزل فى قطاع غزة أو معبر تم تعطيله باستخدام جماعات وظيفية، وتقوم مصر من جانبها - تفهمًا للوضع الإنسانى الصعب - بتنظيم إطار العمل فى هذا المعبر، ولا يمكن لأحد أن يزايد على مصر ودورها، وسعى البعض إلى هذه المزايدة إبان حرب لبنان 2006 وحرب 2008، ونتساءل عن صوتهم الآن أين هو وأين صوت مصر؟

واستطرد: «يحاول البعض الآن تجهيز المشهد الإعلامى العربى وتهيئته لمثل هذه المزايدات، لكننا سنتصدى لها مثلما سنتصدى لأى فكر أو تحرك يسعى إلى تفريغ الأراضى الفلسطينية من سكانها الأصليين، وأن يكون الحل البديل هو الأراضى المصرية».

وقال: «مصر ذات سيادة وأرضها ليست مستباحة»، مضيفًا أن مصر تتعامل بحكمة وصمت وصبر استراتيجى تفهمًا للحالة الدولية والأوضاع الإقليمية، والأحداث فى غزة الآن رسالة للأمن الإقليمى العربى فإذا اشتعلت نيران الفوضى لن تقوم للمنطقة قائمة».

لا لـ«صفقة القرن»

قال «الطاهرى»: إن التلاعب بالقضية الفلسطينية يتم منذ محاولات مصر استعادة أرضها بالجزء الخاص بالتحكيم بعد اتفاقية السلام، وفكرة مبادلة الأراضى وكان الرد المصري قاطعًا وساخرًا.

وأضاف إن هذا الأمر قاطع وكل ما يقوم به المحتل والقوى الداعمة له والقوى التي يستخدمها فى الداخل الفلسطينى والأطراف الإقليمية التي تستخدم الدم الفلسطينى «كارت» للتفاوض مع الأطراف الدولية، وتقدم هذا الأمر مرة أخرى تحت مسمى صفقة القرن، وتعاطت بعض الأصوات العربية مع ما يسمى بـ«صفقة القرن»، وكانت مصر هى الصوت العربى الوحيد الرافض لتلك الصفقة، وفى الوقت نفسه كانت داعمة للسلام وفق ثوابت محددة.