الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
للمرة الثانية وزارة الثقافة تتجاهل طه حسين!

للمرة الثانية وزارة الثقافة تتجاهل طه حسين!

كنت أتوقع أن تختار وزارة الثقافة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين شخصية العام فى معرض الكتاب المقرر إقامته فى يناير القادم بمناسبة مرور 50 عامًا على وفاته لتتدارك الخطأ الذى وقعت فيه فى معرض الكتاب الذى أقيم فى يناير الماضى عندما تجاهلته، فقد توفى طه حسين فى أكتوبر 1973، ولذلك كان من المفترض أن يكون شخصية المعرض فى 2023 ولكن الوزارة وإدارة المعرض اختارت الشاعر الكبير صلاح جاهين ليكون شخصية العام، وقلنا ربما تكون الوزارة نسيت أو ستجعله شخصية العام فى المعرض القادم يناير 2024 باعتبار أن ذكرى وفاته تأتى فى شهر أكتوبر أى قبل شهرين من إقامة المعرض ،لكنها تجاهلته مرة أخرى واختارت الدكتور سليم حسن، والحقيقة أن صلاح جاهين وسليم حسن يستحقان التكريم فكلاهما علامة بارزة فى الثقافة المصرية، الأول لما قدمه من إبداع فى شعر العامية وهو واحد من عمالقة هذا المجال، والثانى لريادته فى الدراسات الفرعونية والمصريات، ولكن طه حسين كان الأولى بالاختيار لأن مرور نصف قرن على وفاة مفكر كبير كان ومازال له دور بارز فى الحياة الثقافية المصرية هو فرصة للاحتفاء باسمه وبأعماله، وهو ما يحدث فى كل دول العالم التى تهتم بمفكريها وتنتهز مثل هذه الفرص لتذكير العالم كله بهم وبإنتاجهم وليست هناك مناسبة أفضل من اليوبيل الذهبى للميلاد أو الوفاة للاحتفاء والتذكير، وكان يمكن تكريم صلاح جاهين وسليم حسن فى أى أعوام أخرى طالما أن اختيارهما لم يكن بسبب مناسبة خاصة بهما، لكن وللعام الثانى على التوالى يتم تجاهل طه حسين وتكتفى الوزارة فى المعرض بعدة ندوات عنه، وكأنه لا يستحق التكريم أو أن قيمته الفكرية أقل من تخصيص عام باسمه، لا أعتقد أن الوزارة أو اللجنة التى تختار شخصية العام فى المعرض – وكلهم شخصيات لها اعتبارها- تحتاج لمن يذكرها بقيمة الرجُل ويعرفها دوره فى تجديد الفكر والأدب العربى، لقد كتب كثيرون وكتبت من قبل عن التأثير الكبير لطه حسين فى العقل المصرى والعربى؛ «فقد انحاز فى مؤلفاته وأفكاره دائمًا للعقل رافضًا الانصياع إلى النقل، وسعى إلى التجديد محاربًا الجمود ومتمردًا على الأفكار السائدة، واقتحم المجالات التى خشى الجميع الدخول إليها رافعًا شعار حرية البحث العلمى مُحدثًا هزة كبيرة فى المجتمع بهدف تحريره من القيود التى تكبله، ودفع فى سبيل ذلك الكثير سواء بتكفيره من أدعياء التدين أو فى التحقيق معه أمام النيابة بسبب كتابه «فى الشعر الجاهلى» ولولا وجود محقق مستنير يدرك الفارق بين الدراسة العلمية والكفر - فحفظ التحقيق - لأمضى سنوات من عمره فى السجن، يضاف إلى ذلك إنتاجه القصصى وإبداعه فى النقد والترجمة، بجانب دوره الكبير فى توسيع مجانية التعليم، فهل تغازل الوزارة المتطرفين والمتشددين؟!



لو كنا فى عهد الإخوان لفهمنا السبب لأن لهم موقفًا منه ومن أفكاره الاستنارية، ولكن الآن ما الذى يدفع الوزارة إلى تجاهل عميد الأدب العربى، خاصة أن أفكاره تتوافق مع اتجاهات الدولة فى تجديد الفكر الدينى ومحاربة الجمود والتخلف والتطرف؟، لقد حفظت الهيئة العامة لقصور الثقافة ماء وجه الوزارة فى معرض الكتاب الماضى عندما طبعت 20 كتابًا من مؤلفات طه حسين وأتاحتها للجمهور بأسعار زهيدة حيث لم يتجاوز سعر الكتاب الواحد 5 جنيهات، وهو ما جعل الإقبال عليها كبيرًا، خاصة من الشباب حتى أنها كانت الأكثر مبيعا فى المعرض، وكان وراء هذه المبادرة الشاعر المبدع جرجس شكرى مسئول النشر بالهيئة الذى فكر فى هذا النشر وقام باختيار الكتب وطبعها، وهذا الإقبال على كتب العميد كان يجب أن يلفت نظر وزارة الثقافة ويجعلها تختاره شخصية العام فى المعرض القادم ولكنها لم تفعل.

 يستحق طه حسين أن نحتفى بذكراه بشكل يليق بما قدمه فى الثقافة والفكر وأن نقول للعالم أننا لا نتجاهل مفكرينا ولا ننسى أفضالهم، وقد جاءت الفرصة لوزارة الثقافة مرتين ولكنها أضاعتهما وتجاهلته فى كلتيهما.