الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أنا وقـلمى .. الربيع الإفريقى.. إلى أين؟

أنا وقـلمى .. الربيع الإفريقى.. إلى أين؟

رغم أن ملامح «الربيع الإفريقى» التى تسعى دومًا لفك الارتباط مع الاستعمار الفرنسى منذ قديم الزمن، فإن هناك انقلابات عسكرية متتالية ظهرت الآن ضد الأنظمة الحاكمة المتحالفة مع فرنسا، وبعد إزاحة الرئيس النيجرى محمد بازوم فى يوليو الماضى بعد الانقلاب عليه، جاء الدور اليوم على الرئيس الجابونى على بونجو - الحليف التقليدى لفرنسا- ويبدو أن ما سماه الخبراء «العقل الاستعمارى الفرنسى المتصلب» بدأ ينحسر شيئًا فشيئًا فى البلدان الإفريقية التى ترفض هيمنة فرنسا على الثروات الحيوية الإفريقية، خاصة أن الجابون هى رابع دول غرب إفريقيا فيما يخص إنتاج النفط، كما أنها بلد غنى بالمنجنيز والماس، ولعل بداية التضرر الفرنسى كانت واضحة عندما تراجعت أسهم شركة التعدين الفرنسية «إراميت» بعد إعلانها تعليق أنشطتها فى الجابون بنسبة «18 %» ومنذ اندلاع الانقلاب فى بوركينا فاسو العام الماضى، وظهور أولى مؤشرات فشل «عملية  بورخان» العسكرية، بدأ قصر الإليزيه بفرنسا يشعر بزوال نفوذه فى منطقة الصحراء والساحل، وأصبح هذا الانحسار أمرًا واقعًا لدى الرئيس ماكرون، دفع النخبة السياسية الفرنسية لاتهامه بأنه فشل فى تدبير العديد من الملفات بالقارة الإفريقية، مما أدى إلى إذلال فرنسا وتقهقر أدوارها، خاصة بعد أن خسرت فرنسا - فى وقت قصير جدًا- ثلاث مستعمرات مهمة هى بوركينا فاسو ومالى والنيجر، وأصبحت خريطة النفوذ الفرنسى ليست جيدة، فما كان يُعد حدائق خلفية للفرنسيين، أصبح ملاعب للصين وروسيا وتركيا وإيران، كما أنهم سيكونون طليعة الربيع الإفريقى، ناهيك عن استعداد تشاد الآن للانضمام إلى هذا الحلف، لتدخل الربيع عاجلًا أم آجلاً، ومما لا شك فيه أن النيجر ستنتقل من أحضان فرنسا إلى أحضان روسيا وحلفائها، خاصة بعد أن رفع المتظاهرون المؤيدون للانقلاب فيها، العلم الروسى وإحراق العلم الفرنسى، وبعد أن كانت هذه المستعمرات تُغذى فرنسا باليورانيوم والذهب واحتياطى البنك المركزى، كانت - وبسبب جبروتها- تُجبر قادة بعض الدول الإفريقية، بوضع احتياطات بلدانهم المالية فى البنك المركزى الفرنسى، بدلًا من وضعها فى البنك المركزى الوطنى، وهو ما ساعد فى الحفاظ على وضع العملة الفرنسية، بينما استمر انحدار قيمة العملات الوطنية لتلك الدول، ومن المؤكد أن وقف تصدير اليورانيوم سيؤثر فى إنتاج الكهرباء ومنع تصدير الذهب وسحب المال من البنك المركزى الفرنسى سيُضعف اقتصاد فرنسا، خلاصة القول إن إفريقيا التى تعيش على هامش أحداث العالم، هى التى تنتفض الآن، إلى درجة أنها سرقت الأضواء من الحرب الكونية فى أوكرانيا، وأن انتفاضتها هذه هى لإعلان رفض الأجيال الجديدة فيها من العسكريين - باعتبارهم النخب الطليعية لتلك الشعوب المقهورة- استمرار نفس الأوضاع التى تركها الاستعمار الفرنسى وغيره، وأن ثروات إفريقيا يجب أن تكون فى خدمة الأفارقة وحدهم، والسؤال المطروح هنا: هل مستقبل الدول الإفريقية وأمنها واستقرارها القومى سيبقى مفتوحًا أمام تدخل عسكرى دولى، أم سينتهى إلى حل سلمى توافقى إفريقى؟.  وتحيا مصر.