الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فنون تحديد «اتجاه القبلة» فى الميتاڤيرس: ماذا سيفعل الإله «زيوس» فى عصر الذكاء الاصطنـاعـى؟!

ككل الخائفين من مصيرهم فى عصر الذكاء الاصطناعى. ذهبت لأسأل الشيخ عبدربه التائه:  - ياشيخ.. كيف نواجه مخاطر الذكاء الاصطناعى فى مصر؟



فقال: 

- يا ولدى. الذكاء -فى مصر- أصلا «اصطناعى»!

 

 الذكاء الاصطناعى فى شارع فيصل!

فى الحقيقة كنت أتمنى أن أكتب على طريقة كاتب الخيال العلمى «جول فيرن» الذى تنبأ بمعظم الاختراعات الحديثة فى مؤلفاته. 

لكن بدلًا من الذهاب معه فى «رحلة إلى مركز الأرض» كان الأوقع لنا أن تكون رحلتنا إلى شارع فيصل، حيث الـ80 يومًا التى استغرقها «فيرن» فى رحلته حول العالم، ربما لا تكفى لعبور الشارع من أوله إلى آخره.

على عكس تخوفات العالم كله من الذكاء الاصطناعى والميتاڤيرس والحديث عن سيطرة الآلة على الإنسان؛ كان لدى عم عبده سائق العربية الفولكس تخوفات أخرى، خصوصا عندما قال له أحد الركاب: «تعرف ياعم عبده متر الأرض فى الميتاڤيرس وصل كام دلوقت.. 3000 دولار».

وطبعًا بعد فترة من شرح الرجل طبيعة هذا الميتاڤيرس لـ عم عبده الذى هز رأسه كأنه فهم قصده: «أه.. أراضى فى الهوا يعنى».

لكن عم عبده كانت لديه مشكلة كبيرة فى تلك الصفقة -ليست سعر المتر طبعا لأنه راجل كسيب- وسأل عم عبده زبونه بكل استنكار: «وأنا لما أشترى حتة أرض فى البتاع ده (الميتاڤيرس) هعرف اتجاه القبلة منين بقى عشان أصلى؟!».. وبعد تفكير وأسئلة كثيرة انتهى السائق إلى قناعة باتة ونهائية بأن «دى أرضى كفار بس.. وماله شارع فيصل ياعم».

فقه الميتاڤيرس!

تحيلنا تخوفات سائق فيصل إلى ضرورة استحداث فقه للواقع الافتراضى الجديد. فتخوفات العالم مقصورة على الوظائف الجديدة التى سيتم استحداثها والوظائف التى ستختفى وشكل العالم الجديد. أما فى شارع فيصل فالحديث دائر عن اتجاه القبلة. وتساؤلات عن حكم خلع الحجاب فى شوارع الميتاڤيرس؛ فما هو الزى الشرعى للأفاتار؟

كل تلك الأسئلة وأكثر تحتاج من استحداث فقه جديد يتناسب مع العصر وينظم حياة الذكاء الاصطناعى خصوصا فيما يتعلق بقواعد ممارسة الجنس الافتراضى والخلوة الافتراضية فى غرف الميتاڤيرس. وبالطبع لا بد من الإجابة على سؤال عم عبده عن اتجاه القبلة فى الميتاڤيرس!

ربما يمكنك تصنيف هذه السطور على أنها مجرد كتابة ساخرة وغير حقيقية - هذا أمر يرجع لك- ولكن السخرية الحقيقية أننا نسخر من الذكاء الاصطناعى على ورق، وربما تتعثر فى العثور على لينك لهذا الموضوع!

الإله زيوس.. حائرًا!

بمجرد أن يدور الحديث عن شريحة إيلون ماسك التى يريد زرعها فى أجسادنا؛ فإن النكتة الأولى التى ستسمعها: «آه.. ده عاوز يقلد فيلم اللمبى 8 جيجا».. لكن يبدو أن الحكاية لها جذور أسطورية قديمة ترجع للإله زيوس فى جبال الأولمب.. فما علاقة الراجل الكُبارة «زيوس» بالذكاء الاصطناعى وأيامه؟! 

تقول الأسطورة اليونانية إن الإله زيوس عهد إلى «بروميثيوس» بخلق البشر، وأخيه «أبيمثيوس» بتشكيل الحيوانات، إلا أن بطء «بروميثيوس» الشديد فى إنهاء مهمته، جعل أخاه يستهلك كل الموارد المتاحة من المهارات وأسلحة الدفاع عن النفس من القرون والأنياب، فى تشكيل الحيوانات، ولم يبق شىء للإنسان، ما جعلها تتفوق على البشر، لكن بروميثيوس لم يستسلم، وسرق للبشر الكثير من المهارات الإبداعية والذكاء من آلهة الأوليمب، بما يحفظ للبشر تفوقهم على كل المخلوقات.

ذلك الصراع الأسطورى حدث على أرض الواقع ولكن بصورة مختلفة، ففى العام 2017 بدأ تحد بين اثنين من عمالقة التكنولوجيا فى العالم، إيلون ماسك، مؤسس شركة تسلا، ومارك زوكربيرج، مؤسس الفيس بوك، حول قدرة الروبوتات على التفوق على البشر.

«ماسك» أعلن أن الذكاء الاصطناعى يشكل تهديدًا وجوديًا للجنس البشرى، وهو ما وصفه زوكربيرج بأنها «وجهة نظر غير مسئولة إلى حد كبير».

من خلال تبادل التصريحات بين عملاقى التكنولوجيا، أصبح الصراع بينهما معلنًا، «ماسك» يرى أن تطوير مهارات البشر أهم للسيطرة على تفوق الذكاء الاصطناعى، فيما يرى «زوكربيرج» أن تطوير الروبوتات أكثر منطقية حتى لو على حساب الإنسان، وكل منهما يمضى فى طريقه.

وفى العام 2020 أعلن «ماسك» للمرة الأولى، عن توصل شركته لرقاقة تزرع فى الدماغ تربطه بالكمبيوتر، ويقول إنها ستسمح مستقبلًا بمنح قدرات إضافية خارقة على الرؤية والسمع، وحتى التحكم بالمشاعر وتخزين الأحلام والأفكار، فيما يعتبر الخطوة الأولى فى انتصار رؤيته على «زوكر بيرج».

لكن فى الحقيقة لم تكن Neuralink «شركة ماسك» هى أول من يعتقد أن شرائح الدماغ الذكية يمكن أن توسع أو تعيد القدرات البشرية، إذ بدأ الباحثون وضع مجسات فى أدمغة المصابين بالشلل فى أواخر التسعينيات، لإظهار الإشارات التى تسمح لهم بتحريك أذرع الروبوت أو مؤشرات الكمبيوتر، ولمؤسسة «داربا» التابعة للبنتاجون تجاربها أيضًا فى ذلك المجال منذ سنوات.  

كل تخوفات الإنسانية من الذكاء الاصطناعى مشروعة، خصوصا أننا جميعا نعيش ذلك التطور السريع يوما بيوم. ولم يعد مجرد خيال أن تسحب الآلات البساط من تحت أقدامنا فى لحظة. لكن بينما نحن غارقون فى خوفنا من المصير؛ فإن الفن دائما ما يمتلك رؤية من الضفة الأخرى بعيدًا عن الشائع والمتداول. وهذا ما سجله الشاعر مصطفى إبراهيم فى قصيدة «الكود» من ديوانه الأخير «الزمن»:

«العالم النهارده..

أسهل كتير من امبارح

والمكن حيعمل كلّ حاجة خلاص

هنبرمج الصنعة ونبرمج الإخلاص

هنبرمج..

وحننفّض ايدينا من الحياة..

ونقعد جنبها نتفرّج

إلّا اللى لسّه عنده شيء يتقال..

من حتّة برّه الكود

من حتّة برّه الذاكرة

من حتّة بين الصفر والواحد..

لسّه فيها ارباع وفيها انصاص

آخر حصون الإنسانيّة الفنّ..

والفنّانين حرّاس».