الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تحت شعار دولة الحريات: لندنستان مأوى الجماعات الإرهابية والمتطرفين الهاربين من مصر

لم تعد لندن عاصمة الضباب فقط بل والإرهاب أيضًا.. فمنذ أن فتحت أراضيها لتؤوى الهاربين من الأحكام فى مصر وعلى رأسهم ياسر سرى المحكوم عليه فى عدة قضايا فى مصر منها العائدون من ألبانيا، ظهرت العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والاستخبارات البريطانية من جديد للواجهة مع أحداث رابعة العدوية عام 2013، ولتعيد للذاكرة عملية الإخوان ضد النقراشى عام 1948، ومحاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية فى أكتوبر 1954، واغتيال الرئيس الراحل السادات أكتوبر 1981، وعمليات ثأر وانتقام متعددة.



تعتبر المملكة المتحدة مركز الإخوان المسلمين فى العالم، ومنذ الخمسينيات من القرن الماضى استقبلت قادة الإخوان من مصر، وهناك تمددت الجماعة ورسخت حضورها، وبدأت بيئة التطرف تتسع فى بريطانيا منذ بداية تسعينيات القرن الماضى. أقنعت السلطات البريطانية بالتعامل مع منظماتهم باعتبارها ممثلة شرعية للجالية بأكملها بعد استهداف جماعة الإخوان المسلمين الجيلين الأول والثانى بين المهاجرين المسلمين. وأشار تقرير لليورو بول جهاز الشرطة الأوروبية فى مارس 2017 إلى أن التنظيم الدولى لجماعة الإخوان قدم مساعدات للبعض من العناصر من أصول عربية تعيش فى أوروبا ومن ضمنها بريطانيا وهى عناصر حاربت فى صفوف داعش فى مختلف بؤر الصراعات.

وعرفت لندن فى أوساط الأدبيات السياسية باسم لندنستان وهى تسمية ظهرت منذ وقت طويل فى كثير من وسائل الإعلام وتشير إلى سهولة عمل الحركات الإسلامية المتطرفة فى العاصمة البريطانية وتساهل الحكومة البريطانية فى التعامل مع هذه الحركات نظرًا لطبيعة علاقة التعاون القديمة والمريبة بين لندن وجماعات وتنظيمات إسلامية متطرفة فى كل العالم الإسلامى، هذه التسمية التى اشتهرت بها مدينة الضباب لم يتم إطلاقها من قبل وسائل إعلام دول تضررت من الممارسات البريطانية لكنها جاءت من داخل بريطانيا نفسها ومن وسائل إعلامها ونخبتها الفكرية والبحثية والأكاديمية وأصبح هذا المصطلح يتداول فى أكثر الدوريات السياسية والمجلات العلمية فى بريطانيا وخارجها.

صنعت بريطانيا جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم سرى باعتراف چون كولمان وكيل المخابرات البريطانية السابق MI6، وتم إنشاؤها بدعم من مجموعة ضباط فى الجهاز منهم تى إى لورانس، وبرتراند راسيل، وسان چون فيلبى بهدف إبقاء الشرق الأوسط وخاصة مصر تحت السيطرة. ارتبطت بريطانيا بالتنظيم حيث كان يتزعمه حسن البنا، وقامت بريطانيا بتمويل الجماعة وقتها بمبلغ 500 جنيه، بل امتد الأمر إلى المشاركة فى التأسيس والدعم باعتراف حسن البنا نفسه. كان أول اتصال بين الإخوان والإنجليز فى عام 1941 وهو العام الذى ألقى فيه القبض على حسن البنا مؤسس الجماعة ولكن مع إطلاق سراحه سعت بريطانيا للاتصال بجماعته، ووفرت بريطانيا للتنظيم منذ أربعينيات القرن الماضى الدعم والحماية واللجوء السياسى لعناصره وقياداته بل لم تسمح حتى للشرطة الدولية بملاحقة عناصر التنظيم قضائيًا إذا استدعى الأمر.

اندلعت ثورة 23 يوليو عام 1952 فى عهد الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، الذى كان يشكل تهديدًا لبريطانيا خاصة بعد تبنيه سياسة عدم الانحياز، وقد وصفت الخارجية البريطانية وقتها سياسته بڤيروس القومية العربية، وفى محاولة للتصدى له سعت بريطانيا لاستغلال جماعة الإخوان المسلمين للقضاء عليه. وعقدت لقاءات مباشرة فى بداية 1953 بين مسئولين بريطانيين وحسن الهضيبى، ولأن بعض الوثائق لا تزال سرية فإن المناقشات التى دارت بين الطرفين لم يكشف عنها بعد، إلا أن ريتشارد ميتشيل المحلل الشهير لشئون الإخوان أشار إلى أن هدف اللقاءات كان دفع الإخوان للمشاركة فى مفاوضات الجلاء البريطانى عن مصر مع ضمان وقوفهم ضد عبدالناصر.

وواصلت المخابرات البريطانية الدعم والاتصال بقيادات الإخوان المسلمين فى منتصف ستينيات القرن الماضى بعد القبض على قيادات من الإخوان والحكم على بعض منهم غيابيًا بالسجن المؤبد، وإعدام عدد آخر منهم كان من بينهم سيد قطب وهو أحد الشخصيات البارزة فى التنظيم، ولعبت المخابرات الإنجليزية دورًا مهمًا ومؤثرًا فى هروب عدد من قيادات التنظيم بعد القبض على سيد قطب وإعدامه عام 1965. ولعب إبراهيم منير أمين عام التنظيم الدولى دورًا مهمًا مع المخابرات الإنجليزية، حيث كون فريقًا استخباراتيًا من العملاء كان يشرف عليهم وتم تتويج هذه العلاقة مع أحداث ما أسموه بالربيع العربى بدايةً من الدعم الإعلامى الإنجليزى لجماعة الإخوان من الصحف والقنوات الإنجليزية وكان واضحًا تمامًا تحرك الإعلام الإنجليزى لصالح جماعة الإخوان فى مصر قبل تخلى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك عن السلطة فى عام 2011.

وذكرت صحيفة التليجراف وديلى بيست فى يونيو 2017 أن النفوذ الإخوانى متوغل فى بريطانيا من خلال الاستثمارات، وتمتلك جماعة الإخوان فى لندن ثروة مالية ضخمة تقدر بحوالى 10 مليارات دولار بالإضافة إلى استثماراتها فى جزيرة الإنسان الكائنة بالمياه الدولية لبريطانيا وهى مدينة تشبه المدن الحرة، وأن هذه الاستثمارات تمنع الحظر المباشر على جماعة الإخوان، لذا تتجه الحكومة البريطانية للحد من الأذرع والفروع وترك الأصل. ولا يمكن لبريطانيا حظر الجماعة الإرهابية وفروعها حتى فى مسألة الأذرع بسبب توغل المنظمات الفرعية للإخوان فى صورة منظمات خيرية حيث يكفى النظر لشارع هانجر لين وشارع كراون هاوس المتجاورين فى غرب لندن، وهناك توجد مكاتب 25 منظمة تابعة للإخوان أو على صلة بها منها، النداء الإنسانى الدولى، والإغاثة الإسلامية البريطانية، ومؤسسة قرطبة واليد الإسلامية، وأصبحت سياسة بريطانيا معروفة باستخدام جماعة الإخوان ورقة چيوبولتيك ضاغطة على الحكومة فى مصر وربما هذا وراء الدعم الذى حصلت عليه الإخوان على مدى التاريخ.

يتبع الإخوان فى أوروبا منهجًا قديمًا أكدته الوثيقة التى كتبها القيادى الإخوانى محمد أكرم باسم «نحو استراتيجية عالمية للسياسة الإسلامية»، منطلقات وعناصر ومستلزمات إجرائية ومهمات يقوم هذا المنهج لتحقيق هدف عام هو إيجاد كيان اجتماعى موازى للتنافس مع بقية أركان المجتمع الأوروبى ومبادئ وقيم مواطنيه من خلال مناورة تكتيكية بالتكيف مع المجتمع الأوروبى لطمأنة الخطاب الديمقراطى ثم السيطرة التدريجية على الاتجاهات السياسية. ويعتمد تحقيق الهدف على البناء المستمر للقوة اللازمة للدعوة الإسلامية مع دعم الحركات الجهادية فى العالم الإسلامى بنسب متفاوتة. وبررت الوثيقة هذه المناورة بالاعتماد على فقه الأقليات القائم على التماهى مع الجماعة الأكبر مع الحفاظ على وجود مجتمع إسلامى مؤثر. ووجد الإخوان فى بريطانيا ضالتهم المنشودة لتكون نموذجًا لاختراق المجتمعات الأوروبية، وكان تقبل بريطانيا لهم منذ نشأتهم فى مصر وهروبهم إليها فى الخمسينيات من القرن الماضى. وبغض النظر عن دوافع بريطانيا لتقبل الإخوان سواء للاقتناع بالجماعة كما يدعى أو لتوظيفهم سياسيًا فإنهم وجدوا المجال متسعًا للوجود والانتشار والتأثير فى المجتمع البريطانى للانطلاق منه إلى أوروبا كلها وتعزيز قوتهم فى المجتمع العربى.

وتتعدد الكتابات التى توضح قوة الوجود الإخوانى فى بريطانيا، ويشير الواقع أيضًا إلى هذه القوة، ويمكن الاستدلال على ذلك برفض مجلس العموم البريطانى لمشروع قانون يعترف لجماعة الإخوان كجماعة إرهابية وذلك فى عام 2015، وما زال هذا الموقف الرافض سائدًا مع إثارة الموضوع مرة أخرى ورغم أن الحكومة البريطانية وبعض النخب السياسية والثقافية تستوعب وتدرك الخطر الكامن الذى تمثله الجماعة على المجتمع البريطانى والمجتمع الأوروبى بصورة أوسع. الأمر الذى يثير التساؤلات حول سبب اتساع تأثير الإخوان فى بريطانيا، وتظهر شبكات الإخوان المتغلغلة فى المجتمع البريطانى سواء فى المجال الاقتصادى أو الإعلامى أو الاجتماعى والتى تصل لدوائر القرار السياسى، تظهر هذه الشبكات لتفسر سبب تأثير الإخوان فى بريطانيا.

وعلى جانب آخر فإن تطورات بنية التنظيمات الإرهابية خلال المراحل الزمنية المختلفة منذ بدايات التأصيل لظاهرة إرهاب الجماعات مع ظهور جماعة الإخوان عام 1928، وانتقلت من الشكل الهرمى التقليدى إلى البنية اللا مركزية ونمط الخلايا العنقودية إلى أن وصلت هذه البنية إلى الطبيعة الشبكية التى تتلاءم مع تحول الإرهاب إلى ظاهرة عابرة للحدود. فالتحليل الشبكى أكثر ملاءمة للظواهر الحديثة فى العلوم الاجتماعية عامة والاستراتيچية منها خاصة مع انتشار الشبكات العابرة للقوميات النشطة فى قضايا عالمية فى المجالات المختلفة تجاوزت الـ30 ألف شبكة فى بعض التقديرات. 

ففى عام 1989 أعلن الإخوان رسميًا عن إنشاء اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا وذلك فى مدينة ماركڤيلد قرب لستر فى المملكة المتحدة وتم نقله إلى بروكسل عام 2007 فى إطار الاهتمام الكبير بتوسيع وتدعيم مواقعهم فى القارة الأوروبية ولمواكبة النشاطات المتزايدة مع الهيئات الأوروبية، وتشير بعض الأدبيات إلى أن نقل المقر الرئيسى للاتحاد كان تجسيدًا للمرونة التى تبديها الجماعة فى ملاذاتها الآمنة، فقد تم بعد العملية الإرهابية التى شهدتها لندن عام 2005 تفجيرات مترو لندن التى راح ضحيتها 57 شخصًا، فأصبحت علاقة بريطانيا بالإخوان بين شد وجذب فى ذلك التوقيت. يقوم الاتحاد بمهمات كثيرة من بينها توسيع التعاون والتنسيق بين الجماعات الإسلامية فى أوروبا، والتشجيع على المشاركة فى انتخابات البرلمان الأوروبى ووضع خطط واستراتيچيات الإخوان فى أوروبا. ويعتبره بعض الباحثين تطبيقًا معدلًا لنموذج حسن البنا فى أسلمة المجتمع من أسفل إلى أعلى من خلال الدعوة والتعليم.

فى عام 1997 أسس الإخوان الرابطة الإسلامية كمنظمة غير حكومية فى بريطانيا وذلك بإشراف مباشر من الأمين العام للتنظيم الدولى فى ذلك الوقت كمال الهلباوى، وتختلف الكتابات حول حجم التواجد الإخوانى فى بريطانيا، حيث تشير بعضها إلى وجود حوالى أحد عشر فرعًا فى بريطانيا، فيما تشير أخرى إلى ما يزيد على عشرين فرعًا. وهذه الرابطة هى بداية الوجود المؤسسى للجماعة، لكن اعتمدت بعد ذلك على تأسيس مؤسسات مختلفة الأنشطة تجمع بين الأنشطة الخيرية والاقتصادية وتستثمر برأس مال ضخم فى قطاعات مختلفة. 

المجلس الإسلامى البريطانى: أنشئ عام 1997 وهو يشمل منظمات ومؤسسات إسلامية وطنية وإقليمية ومحلية ومتخصصة من مختلف الخلفيات الإثنية والطائفية داخل المجتمع الإسلامى البريطانى، والغرض من تأسيس المجلس زيادة التعليم عن الإسلام، والعمل من أجل القضاء على المساوئ وأشكال التمييز التى يواجهها المسلمون. حصل المجلس على لقب أشهر وأقوى منظمة من بين العديد من المنظمات التى تأسست بين عام 1990 وعام 2000 لتمثيل المسلمين البريطانيين. يدير المجلس عددًا من المشروعات تهتم بإنتاج مواد تعليمية للمدارس الإسلامية، وتدعيم الروابط بين المجتمعات المسلمة فى المملكة المتحدة وتلك الموجودة فى نيچيريا وبنجلاديش والهند. وذلك من خلال عدة برامج منها نحو تفاهم أكبر وهو يهدف لمواجهة العنصرية ضد المسلمين وما يرتبط بها من تهميش وتمييز وتحامل ويبدأ البرنامج فى التنفيذ فى جنوب آسيا. وبرنامج الإسلام هو السلام من خلال حملة دعائية هدفها كسر حواجز الشك والانقسام وتحدى القوالب النمطية ومكافحة التحامل وإتاحة فرصة لتعزيز قيم الاحترام والتسامح والتعايش السلمى.

على جانب آخر تتداخل الحركات الإسلامية فى بريطانيا إلى حد كبير بصرف النظر عن العرقيات أو الإثنيات هناك، وتظهر فى هذا الشأن عدة مجموعات غير مرتبطة بشكل أساسى بالجماعة الإسلامية الباكستانية أو جماعة الإخوان فى الدول العربية إلا أن كل الحركات تتعاون فيما بينها باعتبار أنها تعمل فى إطار أيديولوچى واحد تتداخل فيه الروابط بين المراكز والجمعيات والأفراد لخدمة مصالحها. وتشارك المراكز الإسلامية والجمعيات فى حملات منسقة لإقامة الأنشطة وجمع التبرعات وغيرها رغم أن مديريها ينحدرون من أصول وعرقيات مختلفة، إن جماعة الإخوان يجيدون التكيف مع الظروف المحيطة، ففى بلد المنشأ مصر يمارسون العنف والإرهاب وينكرونه وينكرون معه القانون ويكفرون المجتمع والدولة، وفى بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية يتعايشون فى سلام ويحترمون القانون والمجتمع والدولة وفى نفس الوقت يحرضون على العنف والإرهاب. إن بريطانيا تتعامل بازدواجية مع الإخوان ومعها يجد الإخوان مأمنهم، وكما اعترفت بهم كفاعل سياسى فى المجتمع المصرى قبل ثورة يوليو 1952 وعملت على الضغط بهم على القوى السياسية الأخرى فى ذلك الوقت، وفى نفس الوقت كانت تحذر منهم لقدرتهم على التنظيم والحشد. وفى الوقت الراهن ما زال الموقف البريطانى مزدوجًا ومنقسمًا تجاه الإخوان بين من يرونهم مسالمين وذوى دوافع واهتمامات إنسانية، وبين من يدرك الخطر الكامن فى وجودهم واسع الانتشار فى بريطانيا على المجتمع نفسه أولًا وعلى دورهم فى نشر التطرف وتبرير الإرهاب فى العالم كله.

منذ تأسست الجماعة فى عام 1928 على يد حسن البنا إلا ورعتها المخابرات البريطانية بالدعم المالى وتوظيف الشعار الإسلامى غطاءً لأعمالها لاستقطاب المريدين والأتباع والتغرير بهم لخدمة الأهداف الصهيونية التى تتبناها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان الهدف الرئيسى لبريطانيا وأمريكا مواجهة المد الوطنى والقومى الذى اتخذ شعار الحرية والاستقلال عن الاستعمار وتحرير مصر من القيود الاستعمارية التى فرضها المستعمرون من أجل السيطرة على العالم العربى ونهب ثرواته واستعباد شعوبه لتسخير مقدراتهم فى خدمة المشروع الصهيونى، ولتحقيق تلك المهمة القذرة وجدت المخابرات الأمريكية فى جماعة الإخوان قوة مترابطة وتنظيمًا متماسكًا اعتمد فلسفة الماسونية طريقًا لبناء منظومتهم، فقررت الولايات المتحدة الأمريكية توظيف جماعة الإخوان لتنفيذ أچندتها فى العالم العربى ليتحقق لها السيطرة الكاملة على ثرواته وجندت المخابرات الأمريكية سعيد رمضان نسيب حسن البنا وأحد القيادات الرئيسية لجماعة الإخوان وأطلقت عليه عميلًا فى السى آى إيه، وقد ساعدته أمريكا فى محاولة الانقلاب على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كما تم الاعتماد على الجماعة فى توظيفهم فى الحرب الأمريكية ضد الاتحاد السوڤيتى فى أفغانستان تحت شعار «الجهاد فى مواجهة الشيوعية الملحدة»، وأفرزت عديدًا من الفرق الضالة والإرهابية مثل القاعدة والتكفير والهجرة الذين اتخذوا من الإسلام شعارًا من قتل الأبرياء ترويعًا واستباحة حقوق الناس وأكل الأموال بالباطل، وإثارة الفوضى فى الوطن العربى طريقًا لإسقاط الأنظمة وانهيار الدولة بدعم لا محدود من أجهزة المخابرات الأمريكية التى تصب فى النهاية فى مصلحة دولة إسرائيل ليتحقق حلمها لتمتد من النيل إلى الفرات.

وتم الاتفاق بين جماعة الإخوان وإدارة المخابرات البريطانية فى مصر عند تأسيسها بتنفيذ المهمات التالية: أولًا تنفيذ الأچندة الاستعمارية البريطانية فى مصر ومقاومة كل الوطنيين والقوميين الذين يدفعون الوطن نحو الديمقراطية والحرية وتأسيس دولة المؤسسات والقانون ومطالبة المستعمر البريطانى بالجلاء عن الدولة المصرية. وثانيًا أن تنشئ جهاز مخابرات تحت اسم الجهاز السرى حيث تم تكليفهم من المخابرات البريطانية بجمع المعلومات عن السفارات الأجنبية فى مصر ومعلومات عن المنشآت العسكرية المصرية وكل ما يمت بصلة لتوجهات القوات المسلحة المصرية. وثالثًا تنفيذ عمليات الاغتيال لكل من يقف ضد منهج الإخوان وتصفية القيادات السياسية التى تتعارض مع توجهات سياسة جماعة الإخوان. ورابعًا السيطرة على الاقتصاد والشركات والحركة التجارية والنقابات المهنية والتغلغل فى المناصب الحساسة فى الأجهزة الحكومية لتوجيه سياسة الدولة فى خدمة مصالحهم الدنيئة لإحكام سيطرتهم على القرارات الإدارية الحكومية لتخدم سياستهم فى تنفيذ أچندتهم السياسية. وفى صــيف 1953 اســتقبل الرئيــس أيزنهاور فى البيت الأبيض سعيد رمضان المسئول العسكرى والأيديولوچى، ومنذ تلك اللحظة اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية جماعة الإخوان حليفًا معتمدًا لها فى العالم العربى لتوظيف التناقض الأيديولوچى بين الفكر الإسلامى والنظرية الشيوعية فى خدمة المساعى الأمريكية فى تحطيم الاتحاد السوڤيتى باستخدام فكرها الجهادى ضد الشيوعية وخدمة أهدافها الاستعمارية فى أفغانستان.

على جانب آخر لم تتوقف بريطانيا عند احتضان التنظيم الدولى للإخوان بل وامتدت إلى الجماعات الإسلامية ومنها ياسر سرى الذى عقد اجتماعه فى لندن تحت إشراف إبراهيم منير عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين والأمين العام للتنظيم الدولى والمتحدث باسم الإخوان المسلمين بأوروبا والمشرف العام على موقع رسالة الإخوان، ويعيش فى لندن وأحد مؤسسى منتدى الوحدة الإسلامية بلندن والصادر ضده حكم بالأشغال الشاقة 10 سنوات فى قضية إحياء تنظيم الإخوان المسلمين عام 1965، وعمره كان وقتها 28 سنة، وفى 26 يوليو 2012 أصدر المعزول محمد مرسى عفوًا عامًا عنه نشر فى الجريدة الرسمية العدد 30 لسنة 2012. المفاجأة أن هذا الاجتماع كان للتخطيط لعمليات عنف فى مصر لإفساد فرحة احتفالات السادس من أكتوبر فى حضور ياسر السرى القيادى الجهادى ومدير المرصد الإسلامى بلندن والهارب من مصر منذ سنوات، وطالبت مصر بتسليمه عدة مرات من قبل إلا أن عدم وجود اتفاقية تسليم مجرمين بين البلدين حالت دون ذلك؛ ولم تكن قضية عاطف صدقى هى الوحيدة التى اتهم فيها السرى وإنما اتهم أيضًا فى قضية «العائدون من ألبانيا» عام 1999، كما اتهم فى القضية المعروفة باسم تنظيم السويس وصدر ضده حكم غيابى بالإعدام فى قضية عاطف صدقى، كما صدر ضده حكم بالمؤبد فى قضية ألبانيا، وحكم ثالث بالأشغال الشاقة 51 سنة فى قضية السويس، وكل الأحكام التى صدرت ضده عسكرية وغيابية وتتحدث المعلومات عن اضطلاع ياسر السرى بتأسيس ما عرف باسم تنظيم طلائع الفتح الذى كان محاولة لإعادة بناء تنظيم الجهاد المصرى.

ولم تتوقف بريطانيا عن احتضان الجماعة الإرهابية منذ نشأتها حتى اليوم، ولم تتوقف عن دعم الجماعات المتطرفة سواء فى مصر أو الجزائر ومنهم أنور هدام والذى كان يوصف نفسه بأنه رئيس البعثة البرلمانية لجبهة الإنقاذ فى أوروبا وأمريكا، ولكنها استقبلت أيضًا بعضًا من الجماعة المحظورة الذين تم طردهم من تركيا مؤخرًا وعلى رأسهم معتز مطر ووقف برنامجه على قناة الشرق ومنع ظهوره على شاشتها، وهو نفس ما حدث مع الإخوانى الآخر محمد ناصر بعد أن تم إبلاغهما رسميًا بأنهما غير مرحب بهما على أراضيها ومرفوض تمامًا ظهورهما على أى قناة تبث من أرضها بسبب استمرار تحريضهما على الدولة المصرية؛ وقررا الهروب بعد أنباء تناثرت فى تركيا بأنهما إذ لم يغادرا فسوف يتم تسليمهما لمصر وقررا الهرب إلى بريطانيا ملجأ الإرهاب باسم الحريات حيث مقر التنظيم الدولى للجماعة، وكان مخططًا لهما أن ينضما لقناة العربى أو قناة الحوار المملوكتين للإخوان هناك بقيادة الإخوانى الغامض عزام التميمى. وبتوصية من الخارجية التركية التى أمرت قادة الجماعة بهذا بسبب تحريض الثنائى المستمر على مصر وعدم التزامهما بالقرارات السابقة بوقف أى حديث سياسى عن مصر من شاشات أى قناة تبث من تركيا؛ وبالفعل توجها إلى لندنستان، وبدأ الاثنان البث من هناك فى قناتي الشعوب ومكملين بأموال إخوانية ضد مصر من جديد.